“>وردتني رسالة «واتس أب» نصها: عندما رأيتها قلت مبهورا ما شاء الله! وعندما استهويتها قلت: إن شاء الله! ولكن عندما عرفتها عن كثب قلت: أستغفر الله. ومع نهاية العلاقة تنهدت قائلا: الحمد لله!
التقيت بصديق في حفل كان يحضره بعض الكتّاب، فطلب مني أن أقدمه لكاتب معروف بمواقفه الشهيرة، فقلت له: لا تجعل كلماته تخدعك، فإن تعرفت عليه فستتغير حتما نظرتك له ولما يكتب، فشخصيته الحقيقية تختلف عن كتاباته، وهناك من تعجب بما يكتب، ولكنك لا تستطيع أن تحترم شخصه لما تعرفه عنه، وهذا يسري على كل الموجودين ضمن دائرة الضوء! فهؤلاء عادة يظهرون بالصورة التي يودون أن يراهم الآخرون عليها، وليس على حقيقتهم، وبالتالي نجدهم يتبنون آراء ويدعون لمواقف قد لا يكونون بالضرورة من المؤمنين بها! فمن المفترض مثلا أن يكون أشد الناس مطالبة بالالتزام بالقوانين هم رجال الأمن والمشرعون مثلا، ولكن الواقع يقول عكس ذلك تماما. وقد كانت الحياة الخاصة للمميزين من ممثلين ومطربين ورسامين وكتاب وموسيقيين وأعضاء الأسر المالكة ومشاهير الأغنياء، مثار اهتمام دائم من وسائل الإعلام، والبعض يطالب بمعرفة كل شيء عن حياتهم الخاصة، وأنها ليست ملكا لهم، بل لمحبيهم والمعجبين بهم! والبعض الآخر يقول إن لنا أعمال هؤلاء فقط وإبداعاتهم، ولهم أن يعيشوا حياتهم بالطريقة التي تلائمهم، مهما كانت غريبة أو شاذة! وبالرغم من إيماني بأن لكل فرد الحق في العيش بما يلائم طبيعته والتصرف بما يمليه عليه ضميره وعقله، فإن هذا لا يمكن قبوله بالمطلق، فمثلا للممثلين، او الفنانين عموما، الحق في الاحتفاظ بحياتهم الخاصة، التي قد لا تكون مثالية، ولنا إبداعاتهم وجميل فنهم، ولكن هذا لا يمكن قبوله ممن لهم دور في التأثير في الرأي العام وتشكيل آرائه، كالسياسيين والكتّاب والمعلقين السياسيين مثلا، فكيف يمكن أن أعجب بما يكتبه كاتب أو يقوله معلق تلفزيوني على خبر ما، وأنا أعرف يقينا فساده وسوء خلقه، وأنه يقول كلاما دفعت جهة له ليقوله أو يكتب عنه؟ وهنا أتذكر ذلك الحكم القاسي الذي أصدره قاض بريطاني قبل عقود بحق ابن الأميرة مارغريت بسبب مخالفة مرور بسيطة، وبرر القاضي شدة الحكم بأن الأمير يمثل قدوة لغيره، ويجب بالتالي أن يكون عقابه أكبر من غيره. كما حكم مؤخرا على وزير بريطاني سابق ومطلقته بالسجن ثمانية أشهر لكل منهما بسبب «كذبهما» في مخالفة سرعة عندما قبلت الزوجة (حينها) أن تتحمّل مخالفة السرعة نيابة عن زوجها لكي لا يخسر حقه في القيادة. وبالتالي فإن من الصعب عليّ شخصيا الإعجاب بأي كاتب «كبير» إن لم يكن يتحلى بحد أدنى من الخلق الطيب، ونقول ذلك مع إيماننا بالمثل الإنكليزي It is easier said than done ومعناه أن من السهل الحديث في المثاليات، ولكن من الصعب التقيد بها، ولست بالشخص المثالي ولا قريبا منه! وهذا ما أفكر به كلما كتبت شيئا يتعلق بالأخلاق والمثل وأصول التعامل مع الآخر، والتصرف بمنطق وعقلانية والدعوة لاتباع القوانين، فإنني أغلق عيني وأنظر لذاتي وأتساءل: هل أنا حقا كذلك، واتبع ما أقول؟ وإن أجبت بنعم مثلا أستمر في التساؤل: هل بإمكاني الاستمرار في ذلك؟ وهل هذه طبيعتي، أم أنني أتجمل؟
أحمد الصراف