مصابة بنزيف داخلي، ويدها اليسرى على خدها الأيسر، وأصابع يدها اليمنى تلعب على الطاولة، وعيناها تنظران إلى اللاشيء بوجوم… تجلس الكويت منتظرة حكم المحكمة الدستورية.
وما يحدث في مجلس الأمة يُبكي "أبو الهول" وجبال الألب وكل ذي قلبٍ من حجر، وما يفعله نواب هذا المجلس (مجلسهم) يُدمي قلوب حتى كارهي الكويت وأعدائها… والسؤال: وماذا بعد كل هذا السقوط؟ والسؤال الأهم: إلى متى؟
وسؤال "وماذا بعد كل هذا السقوط" يمشي ويسحب خلفه أسئلة صغيرة كالبطة التائهة وخلفها بنياتها؛ وماذا بعد سقوط هيبة الاستجوابات؟ وماذا بعد جمعها في كيس أسود والتخلص منها كما تتخلص الجانية من ابنها اللقيط؟ وماذا بعد سقوط هيبة النائب نفسه؟ وماذا بعد سقوط الثقة بمؤسسات الدولة وسلطاتها؟ وماذا بعد سقوط هيبة المال العام؟ وماذا بعد سقوط القانون على وجهه ودخول التراب في أنفه؟ وماذا بعد كل هذا العبث الذي يتم بأيدي الوزراء؟ وماذا بعد كل هذا الخنوع من بعض النواب؟ وماذا بعد كل هذه الدموع على دولة كانت فأصبحت؟ وماذا بعد سقوط الإعلام وتحوله إلى ربطة على خصر راقصة رخيصة؟ وماذا بعد كل هذا البكاء… كل هذا الألم… كل هذا الأنين؟
أما سؤال "إلى متى" فأطول من ليل الشتاء وأبرد، ويمكنك استبدال "وماذا بعد" بـ "إلى متى" وأنت مرتاح الضمير.
ومن يدّعي أن الولاء للوطن ثابت لا يتغير، وأنه في درجة متساوية عند الجميع، ليس كذاباً فقط بل ملعون في الشرائع كلها، وكنت قد طرحت في برنامجي التلفزيوني على ثلاثة من شبان المعارضة هذا السؤال "هل يتغير معدل الولاء للوطن بين فترة وأخرى بناء على ما تقوم به مؤسسات الدولة؟ وهل هو متساوٍ بين الناس صالحهم وطالحهم؟ وأجابوا إجابات مختلفة. ثم عقد تلفزيون الدولة حلقة عن هذا الموضوع عندما وجد السؤال مستحقاً، وبدأت وسائل إعلام أخرى تطرح هذا السؤال، ثم تحدث "تويتر" عنه، وأزعم أن المنصفين اتفقوا على أن الولاء ينخفض ويرتفع، وأنه مختلف بين الناس، كالإيمان، وأنه في أسوأ حالاته هذه الأيام.
ولو كان للكويت شاشة كشاشة البورصة لرأيت فيها اللون الأحمر فقط، ولرأيت الأسهم تتهاوى، سهم الولاء، سهم الثقة بالدولة ومؤسساتها وسلطاتها وقياداتها، سهم الأمل، سهم الابتكار والإبداع، سهم الطمأنينة العامة، وسهم وسهم وسهم… ولو كان للكويت صالة تشبه صالة البورصة لرأيت الشعب يجلس ويداه فوق رأسه، وعيناه في الأرض، لا يتحدث واحد مع الآخر.
وفي بورصات العالم، إذا تهاوت الأسهم بهذه الصورة يتم وقف التداول وإغلاق البورصة إلى حين الخروج من الكارثة، فماذا ننتظر؟