هم شيوخكم "ماكو غيرهم"، وهم السلطة الحاكمة الذين أقروا قانون منع الاختلاط عام ٩٦، ولم يردوا المشروع على المجلس في ذلك الوقت رغم الدموع الساخنة التي ذرفتها السلطة على إقرار القانون، وهم شيوخكم الذين صمتوا، ورضوا، وباركوا منع الحفلات وفرض الضوابط الثلاثة عشر المجلسية (إذا لم أنس الرقم) لإقامة مجالس العزاء التي كانت تسمى حفلات، وخصصوا لكل فندق ضباط مباحث لمراقبة حسن السير والسلوك في أمسيات الغم، وهم شيوخكم الذين حين حلوا مجلس ٧٦، ومهدوا السبل السالكة للقوى الدينية السياسية، وأغلقوا نادي الاستقلال، وفتحوا أبواب الجهاد للقتال في أفغانستان (طبعاً بتحالف مع دول خليجية ودعم أميركي)، وهم شيوخكم الذين شرّعوا الخمس والعشرين دائرة لمجلس ٨١، وكرسوا تقسيم الدولة قبلياً، وعززوا واقع التفرقة في المجتمع بين حضر وقبائل، وبين سنة وشيعة، لتصبح الهويات العائلية والقبلية والطائفية مقدمة على هويات الانتماء للدولة، وكانت حكمتهم في ذلك "فرّق تسُد" وسادوا دون منازع، كي يكونوا الحارس الأوحد على صنبور النفط.
وهم شيوخكم "ماكو غيرهم"، يا سادة التابعين الذين حلوا مجالس الأمة الواحد تلو الآخر، كلما امتعضوا من طرح ذلك النائب أو غيره، تسابقوا ونقضوا المجلس، وأعادوا الانتخابات من جديد مع توظيف "كاش" المال العام برسم ضمان الوصول لكرسي التمثيل من جماعات أهل الهوى السلطوي.
وهم شيوخكم "ماكو غيرهم" الذين يكممون هذه الأيام أفواه المعارضين الشباب، ويضربون عرضَ الحائط بمبادئ حرية الضمير وحق المواطن في نقد الحكم، متذرعين بقوانين "دراكونية" لا دستورية تخالف الحد الأدنى لما أقرته واستقرت عليه الوثائق الدولية لحقوق الإنسان.
هم شيوخكم "ماكو غيرهم" الذين يعترضون على "خلق" (لا تطوير) ديمقراطية حقيقية، بأحزاب وحكومات لها أغلبية في المجلس النيابي، ولها تصوراتها التنموية لمستقبل الدولة وأجيالها… وهم شيوخكم "ماكو غيرهم" الذين تروّجون اليوم لهم ولمشروعهم "التقدمي" المزعوم، من استغلوا وجود أصوات دينية قوية شطت وشطحت بعض الأحيان في المجلس المبطل، فكان ذلك مناسبة عظيمة لهم ولكم، لخلط الحابل بالنابل، ليتم إخراج مثل هذا المجلس المضحك… وهو مضحك بمعنى "شر البلية ما يضحك".
لماذا يريد منظّرو الحرس الحكومي المدافعون لآخِر حرف بائس عن الطرح المشيخي في التفرد بالسلطة أن يوهمونا بأن المعارضة هم "أشخاص" مثل السعدون والبراك والحربش ومسلم وهايف وغيرهم من نواب سابقين أو ناشطين سياسيين، وبالتالي كل نقد لهؤلاء يعني تهاوي "فكرة" المعارضة بحد ذاتها، وكأن روح المعارضة هي هم، ولا غيرهم، ومتى حدث أي خلاف بين شخوص المعارضين فتلك نهاية تلك المعارضة "الفاشلة" – حسب توصيفاتهم ودمغهم للآخرين المختلفين معهم- وتسليم كامل بحق شيوخهم في الحكم المطلق وسياسة الأبخص التي من الواجب الوطني أن نبصم عليها ونظهرها لأبنائنا رغماً عنا ورغم أنوفنا!
لماذا يسكب الحرس المشيخي اليوم المداد والدمع الغالي على واقع الحريات الشخصية، ويروّج بأن العلة في قبرها كانت بسبب مشاريع هايف المطيري أو الوعلان ومَن والاهم ومَن سبقهم، وبالتالي تغدو التضحية بهم وبالمجلس ضرورة، كي تنتعش حرياتنا الشخصية، ولا ضرر إن رحلت للجحيم مقدرات الدولة الاقتصادية بالهدر والفساد الماليين؟
دعوني أهمس لكم بأن شيوخكم لا يهمهم إن لبست الدولة "بدلة رقص" سامية جمال أو وضعت ألف نقاب وألف حجاب ماداموا هم وحدهم السلطة والسلطة هي هم… فارتاحوا يا سادة.
اليوم: 28 مارس، 2013
هل هن ناقصات؟
ورد في دراسة علمية حديثة جدا أن عقل المرأة اصغر حجما بنسبة %15 تقريبا من حجم عقل الرجل! وربما لهذا يؤمن البعض بأن النساء ناقصات عقل.. ودين! ولكن نسي هؤلاء أن الأمور نسبية، فحجم عقلها يتناسب مع حجم بقية اعضائها، من يد ورجل ورأس وغير ذلك، وبالتالي هل يحق لنا أن نستنتج بأن بعض الذكور الأصغر حجما في أجسامهم من المرأة أقل ذكاء أو فهما منها؟ الجديد الذي بينه العلم أن النساء يمكن أن يظهرن القدر نفسه من الذكاء الذي لدى الرجل بالرغم من صغر حجم أدمغتهن. كما بينت دراسة جديدة اشتركت فيها جامعة لوس أنجلوس الأميركية وجامعة مدريد الأسبانية أن حجم الدماغ بالنسبة إلى النساء ليس بذي أهمية، فهن، بشكل عام، يعملن بكفاءة أكبر. وقد أجرى العلماء الذين شاركوا في الدراسة، والتي نُشرت في مجلة الذكاء، سلسلة من اختبارات الذكاء على الرجال والنساء، تبين منها أنه بالرغم من أن دماغ المرأة أصغر من الرجل فانهن كن أفضل في الاستدلال الاستقرائي وفي بعض المهارات العددية، كما أثبتن كفاءة أعلى في مراقبة ومتابعة المواقف المتغيرة، ولكن الرجال كانوا أفضل في الذكاء المكاني. وخلص الباحثون إلى أن دماغ المرأة قادر على إتمام، بل وحتى التفوق، في المهام المعقدة، مع بذل طاقة أقل واستخدام خلايا عصبية أقل مما يحتاج الرجل بذله لأداء المهام نفسها. وجاء في البحث أيضا أنه «على هذا المستوى الهيكلي، فإن الإناث يظهرن عادة كفاءة أكبر ويتطلبن مادة عصبية أقل لإنجاز نتائج سلوكية على قدم المساواة مع الذكور». وقال تريفور روبينز، أستاذ العلوم العصبية بجامعة كامبردج البريطانية، إن نتائج الدراسة تبين أن الحجم لا يهم بالنسبة للمرأة، وأن حجم المخ الأقل يمكن أن يمثل تعبئة أكثر كثافة للخلايا العصبية أو إشارات أكثر نشاطا بينها، وهذا يعني أنها تعمل بكفاءة أكثر. واضاف: تبين لنا أنه كلما كان الحصين في المرأة أصغر حجما كان الأداء أفضل. وحجم البنية لا يشير بالضرورة إلى أي علاقة بمدى كفاءة الأداء.
والعودة لوضع المرأة في مجتمعاتنا نجد أنه قريب من الحضيض وخاصة في المجتمعات شديدة التخلف، وقد ظلمت المرأة من والدها وولي أمرها واخوتها، واستمر الظلم معها في عهدة زوجها ولينتقل الاضطهاد بعده حتى لأبنائها لها، وكل ذلك بحجة أنها كائن ذو حقوق ناقصة وغير متساوية مع الرجل، وهذا مؤلم ومؤسف حقا، فكيف يمكن أن نربي جيلا صلبا ومؤمنا بحقوقه ومعتزا بكرامته إن كانت التي تربيه ناقصة عقل وتربية وخلق ولا كرامة لها؟
أحمد الصراف