يدعو السيد أحمد السعدون ومسلم البراك، ومن معهما من نواب سابقين ونشطاء سياسيين، مدعومين من وسائل إعلام وقوى ضغط إقليمية ودولية، إلى إحداث تغيير في نمط الحكم وطريقة الإدارة، بحيث يمكن أن يصل من هم من خارج الأسرة لرئاسة الوزارة وتصبح محاسبته بالتالي سهلة وخالية من الحساسية. كما يمكن استبداله بغيره، إن اقتضى الأمر ذلك، من دون معاناة! كما يدعو هؤلاء إلى ما يشبه الانقلاب الإيجابي في فلسفة الإدارة من خلال تطبيق حرفي للدستور، وتقليص قدرة السلطة على الحركة، والتي جاوزت في السنوات الأخيرة كثيرا من «الأعراف» التي سبق أن استقرت على مدى العقود الأخيرة! ويعتقد هؤلاء، كما يدعون، أن هذه التغيرات ستصب في مصلحة تحسين اداء الحكومة وتقليل الفساد، والقضاء على بقية العلل التي تشكو منها الإدارة الحكومية بشكل عام. ولكن ما غاب عن بال هؤلاء أن العلة والمشكلة ليستا في أسلوب الإدارة وطبيعة شخوصها وردود افعالهم وفهمهم، أو حتى في آلية استجواب رئيس الحكومة وحكومته، فهذه الأمور بالرغم من أهميتها، إلا أن العلة والمشكلة لا تكمنان فيها بقدر ما هما في طريقة تفكير المواطن، والتي اكتسبها على مدى نصف قرن من نظام تعليمي خرب ومتخلف! وبالتالي ليس هناك امل في نجاح اي حركة تغيير اساسية من دون تغيير لنظام التعليم في الدولة، والإصلاح لا يتم حتما باستبدال فلان بفلان طالما أن الشعب بمجموعه مصر على انتخاب مشرعيه ومراقبي أداء حكومته من خلال زاوية لا علاقة لها لا بالمنطق ولا بالمصلحة الوطنية ولا حتى بالمصلحة الشخصية الضيقة، فالنائب القبلي أو الطائفي، الذي إن أعطى بيد سيأخذ اضعافه من المال العام باليد الأخرى! وبالتالي فإن تسليم، ولو جزءا من مقدرات الدولة للمعارضة، بكل ما تشكو منه مجاميعهم من قدرات إدارية متواضعة وقصور واضح في فهم الأولويات، وخاصة في التعليم وطرق إصلاحه وأهمية التربية والأخلاق، لن يحدث تغييرا جذريا في آلية الحكم، طالما بقيت تركة التعليم المتخلفة من دون تغيير، وبالتالي سيبقى الوضع كما هو عليه، وكما خبرناه Déjà vu. وبالتالي ليس امام السلطة من خيار سوى قطف ثمار المرحلة واستغلال الفرصة النادرة، وخطف شعلة التحدي من المعارضين، من خلال إحداث ثورة تربوية وتعليمية وأخلاقية طال انتظارها واستحقاقها، وهذا ليس بالأمر المستحيل ولا حتى بالصعب، إلا إذا كانت آلية القرار هي المستحيلة والصعبة.
***
ملاحظة: بينت مصادر وزارة التربية وجود أكثر من 30 ألف مواطن لا يعرفون القراءة ولا الكتابة طبعا! ويحدث ذلك بعد مرور أكثر من قرن على التعليم المنتظم! فهل نرجو صلاحا في أي مرفق، ونحن بكل هذه الأمية والتخلف الدراسي، مستوى ونوعية؟
أحمد الصراف