ورد في القبس في 6 مارس أن هيئة اسواق المال، التي يرأسها السيد صالح الفلاح، بمفوضيها ومستشاريها وقانونييها، ومن لف لفهم، احتاجت نحو سنتين لتفهم أنها غير قادرة على خصخصة البورصة، وفق قانونها! وأن سنتين كاملتين مرتا لفهم مواد قليلة جدا، وهذا مؤشر مقلق للغاية! وانتظرت بعدها لعدة أسابيع، بعد كتابة هذا الاتهام الخطير من القبس للهيئة، لأسمع ردا منها، ولكن لا متحدث عنها رد، ولا رئيس مفوضيها شغل نفسه بشرح الوضع، بالرغم من كم «الاتهامات» الصريحة والتقصير الفاضح الذي تضمنه المقال/ التقرير الذي غطى نصف صفحة، من الانتقادات المتعلقة بالاهمال والتجاوز، وما تسببت فيه قراراتها من ضياع ملايين الدنانير من المال العام من دون فائدة، على خبرات وخبراء! وبالتالي يحق لنا الافتراض بان ما ورد في التقرير صحيح، ولو في جزء منه! وهذا يعيدنا للنظر في الطريقة الغريبة التي تقوم فيها الحكومة باختيار كبار إدارييها. فقد عرض منصب رئيس مفوضي أسواق المال على 81 مرشحا من اصحاب الكفاءات، ولكن جميعهم رفضوا المنصب لوجود مثالب كبيرة في العرض! وبدلا من ان تعيد الحكومة النظر في شروط الوظيفة ومتطلباتها، قامت باختيار اسهل الطرق وعرض الوظيفة على من قبلها، وليس بالضرورة على الأكثر كفاءة!
وهنا أقر بأنني احترم الأخ صالح الفلاح، واقدر أفكاره الخاصة وانفتاحه، ويكفي أنه شغل عدة مناصب حساسة ماليا، ومع هذا لم تشب ذمته شائبة في يوم من الأيام. فقد عمل رئيسا، ممثلا للحكومة، في بنك الكويت والشرق الأوسط في الثمانينات، ثم اصبح بعدها، كما اذكر، عضوا منتدبا في الهيئة العامة للاستثمار، ليأتي وزير المالية في حينه (2003)، ويطلب إزاحته، وربما لعدم استلطافه! ليعين بعدها رئيسا للبورصة، وربما كان ذلك عام 2006! ثم تأتي الحكومة، وبعد مخاض طويل وعزوف كثيرين عن قبول المنصب، وتعينه رئيسا لهيئة مجلس مفوضي أسواق المال، لأنه ربما كان الوحيد الذي قبل بشروط العرض، علما بأن هيئة السوق جهة رقابية ذات صلاحيات كبيرة، وتتطلب من رئيسها قدرا كبيرا من الشفافية والأمانة، والبعد عن اي تعامل تجاري أو استثماري، وقدرة عالية على التطوير والتغيير والإبداع. وأستطيع القول، من خلال مواكبة متواضعة لمسيرة الرجل، أنه من كبار المؤمنين بنظرية «لا تعمل، لن تخطئ، لن تحاسب»! فعدم الحركة يؤدي غالبا لعدم لفت أحد له، ويبعد «الحساد»! وبالتالي ستكون الأخطاء الإدارية شبه معدومة! هكذا كانت سيرة السيد الفلاح في البنك، وربما في مختلف المناصب «المهمة» الأخرى التي تقلدها، اي دخول المنصب والبقاء فيه من دون حراك، ثم تركه كما كان دون أي تطوير أو تعديل! وبالتالي لن استغرب إن أعفي مستقبلا من وظيفة كبير مفوضي السوق، وعين وزيرا للمالية.. مثلا!
أحمد الصراف