بينما يبدو أن البعض يتعمد تغييب الحقيقة واختلاق الأعذار ليتهرب من المواجهة والإجابة عن سبب استمرار تردي الحال رغم الادعاء قبل أشهر بأن "الصوت الواحد" سينقذ البلد وسيقودنا إلى التنمية، فيكتفي بالقول إن المقاطعين يجب ألا يتدخلوا بالمجريات السياسية أو يعلقوا عليها. وكلمة الصديق عبدالله بوفتين أمام سمو الأمير في مؤتمر "الكويت تسمع"، هذا المؤتمر المعد والمنظم من الديوان الأميري أزعجت البعض لدرجة جعلتهم يختلقون الأكاذيب ويروجونها في سبيل طمس رسالته الجميلة ونقاطها المهمة التي تعد خارطة طريق للإصلاح، كما أراها شخصياً. وقبل الخوض في غمار الحديث عن الكلمة لابد من الإشارة إلى أمور تعمد البعض كذباً أن يزورها عن شخص عبدالله، فهو أحد الرافضين لمرسوم "الصوت الواحد" شأنه شأن الكثير من الشباب الكويتي، وهو موقف سياسي راق توجه بمقاطعة الانتخابات على أن تكون المحكمة الدستورية هي الفيصل القانوني بين المؤيدين والرافضين للمرسوم، وهو من أكثر الشباب رفضاً للممارسات غير القانونية في التعبير عن الرفض والمعارضة، ولم يكن طوال مدة الحراك تابعاً لطرف دون طرف بدليل استمراره في مشروع "الكويت تسمع"، فلو كان تابعاً لأحد أو لخدمة أهداف المعارضة لما استمر، ولو كان تابعاً لأحد لما اختاره ممثلو "الكويت تسمع" المعد والمنظم من الديوان الأميري ليلقي كلمتهم بالمؤتمر، أما الحديث عن خدمة أطراف المعارضة من خلال خطابه فهو أمر لا علاقة له بالواقع لا من قريب ولا من بعيد. أما على صعيد خطابه فقد تطرق عبدالله إلى معظم المشاكل الأساسية التي لم تحل، ولا أعتقد أنها ستحل في ظل "السيستم" القائم على إدارة الدولة من مجالس وحكومات متعاقبة. فمن منّا لا يرغب في وضع أفضل على الصعد المختلفة؛ تعليم وصحة وإسكان ورياضة وطرق، والاهتمام بالشباب، ووقف العطايا والمنح، والتوجه إلى بناء الدولة بدلاً من شراء الهواتف والسفر، كلها أمور تتطلب معالجة سريعة ولا تخلو لقاءاتنا الاجتماعية من نفس هذا الحديث، فنقله عبدالله إلى رئيس الدولة وبشكل مباشر وأمام الجميع. ولأنه مخلص لوطنه حريص على وحدة الأطياف المختلفة طلب من سمو الأمير الدعوة إلى مؤتمر وطني يجمع كل وجهات النظر تحت مظلة واحدة يكون عنوانها المصارحة وهدفها المصالحة، ومن يرفض هذا الطلب فهو لا يريد التوافق بالكويت، ويصر على عزل الفئات التي لا يرتضيها من المجتمع، وهذا بالطبع تفكير إقصائي لا يحمل رؤية أو حرصا على الكويت، فالحوار مطلوب وتقريب وجهات النظر ضرورة كي لا تتسع الفجوة بين فئات المجتمع. شخصيا أنا من أشد المختلفين مع "الإخوان" والسلف بل كل قوى الإسلام السياسي أو حتى القوى القائمة على الانتماء العرقي العائلي أو القبلي، ولكن هذا لا يعني بأن نلقيهم خارج دائرة المواطنة لمجرد أنهم مختلفون. لقد قدم عبدالله بوفتين نموذجاً جميلاً للشباب الكويتي الصريح الذي لا يجامل أو يخجل من مطالبه دون مصلحة أو حسابات أخرى كما يحاول البعض كاذباً أن يصورها، بل إنه قدم نموذجاً للشباب بألا يكتفوا بالاستياء دون عمل فشارك في مؤتمر الشباب، وقدم للأمير رسالة الكثير من الشباب وأنا أحدهم… فشكراً "بوعبدالرحمن".
اليوم: 18 مارس، 2013
الأمم المتقدمة.. منضبطة وغير فوضوية!
لو تطلعنا إلى خارطة العالم لوجدنا ـ لأسفنا الشديد ـ ان وطننا العربي الإسلامي هو مركز التخلف في الأرض، وكلما ابتعدنا عنه شرقا وغربا وشمالا زادت الأمم تقدما وتطورا وحتى نظافة، فشرق آسيا الأصفر يتشابه في إنجازاته الحضارية وتقدمه الاقتصادي واستقراره السياسي مع غرب أوروبا وشمال اميركا الأبيض، بينما يجمع التخلف الحضاري والاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي العرب السمر مع الأفارقة السود وبعض شعوب غرب شبه القارة الهندية.
***
فالأرقام والمؤشرات التي لا تكذب تظهر ان الثراء والصناعة والزراعة المتطورة وأفضل الجامعات والمراكز الصحية هي إما في دول مثل كوريا والصين واليابان وسنغافورة واستراليا ونيوزيلندا وبلدان الاتحاد الأوروبي أو أميركا الشمالية، والعكس من ذلك ما هو قائم في المنطقة العربية.. فما السر؟!
***
أرى ان الفروقات بيننا وبينهم أو بين التقدم والتخلف هو في شدة الانضباط لديهم والتسيب والفوضى لدينا، وهو ما جعل تاريخهم مليئا بالإنجازات الحضارية والانتصارات العسكرية التي لا تتم إلا بالانضباط، بينما تسبب تسيبنا وفوضانا العارمة في الهزائم العسكرية والتخلف الحضاري.
***
ومن أسباب تقدمهم برود الأعصاب والصبر والجلد واتقان العمل وتفشي ثقافة الصدق والنزاهة وعدم تقديس المال، ومعها ازدراء من لا يعمل أو من يغش ويسرق، بالمقابل يسود على شعوبنا سرعة الانفعال وفقدان الصبر والجلد وعدم اتقان الصنعة رغم وفرة الشهادات العلمية الزائفة أو عديمة الجدوى التي لا تؤدي الى الاحتراف، ولا ترى الثقافة السائدة لدى شعوبنا غضاضة من عدم المهنية والغش والكذب والخداع للوصول للأهداف وعلى رأسها حيازة المال الذي يعشق لذاته ولا يمانع من الوصول اليه بأي طريقة مشروعة أو غير مشروعة مثل (السرقة، الغش، الغزو والرشوة.. الخ).
***
ان متابعة سريعة لكيفية جلوسهم في معاهد العلم أو المصانع او إبان استعراضاتهم العسكرية وألعابهم الرياضية في الاحتفالات تظهر انضباطا شديدا لا يوجد حتى شيء قريب منه في منطقتنا، فالمشية العسكرية العربية مشتتة ومتفرقة وليست على نوتة واحدة، والاستعراضات الرياضية للطلبة تحفل بتصادم البعض بالبعض، وعليه فلن يصلح حال الأمتين العربية والإسلامية إلا إذا بدأنا الاهتمام الشديد باستعراضات رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية وحرصنا على الانضباط الشديد فيها حتى لو تمت إعادة التمارين مئات المرات.. من هذا الانضباط ستبدأ الأمتان العربية والإسلامية الخطوة الأولى في طريق الألف ميل للوصول الى الحضارة والانتصار.
أنا وشوقي.. والفريق غازي!
يقول شوقي:
«وطني لو شغلت بالخلد عنه
لنازعتني إليه في الخلد نفسي»!
ولو حدث وانتقلت للكتابة في صحيفة اخرى، مقابل مبلغ كبير – وهذا ما سبق وأن عرضه صديق عزيز وكريم – لنازعتني نفسي للعودة والكتابة في القبس من دون مقابل، وبكل ما تعنيه الكتابة فيها من منغّصات، وما تضعه أحيانا من قيود، ورفض نشر مقال هنا وآخر هناك! مناسبة هذا الحديث هو مواقف القبس التي تجعلها مميزة عن غيرها، مع الاحترام للجميع! فقبولها نشر مقال «الطب والخلق المفقود» المتعلق بأخلاقيات المهنة وإصرار البعض على الترويج لأنفسهم، وكأنهم «بائعو خضار»، وليسوا رسل رحمة لمهنة حماها القانون وحمىالعاملين بها من الابتذال، والذي شارك في تعميمه أكثر من «طبيب وزير»! أولا بأن قبولها النشر دليل واضح على مواقف القبس الكبيرة، فلو طبق القانون لتصبح القبس على رأس المتضررين «إعلانيا»! ولو كان القانون غير سائب، في وطن «كويتي وافتخر» لما حدثت القصة التالية: ففي صباح يوم نشر مقال «كويتي وافتخر» وقفت مركبة أحد ابنائي امام بيت والدي، في منطقة سكنية مطروقة، لتوصيل غرض! وخلال دقيقة واحدة ترجل شخصان من مركبة، تبين لاحقا أنها مسروقة، وقاما بسرقة سيارة ابني، التي كانت من النوع الذي يدار بزر، ويسهل تشغيلها ان كان مفتاحها في جيب مالكها ولا يقف بعيدا عنها كثيرا! وقد صورت كاميرات مراقبة في الشارع تفاصيل حادث السرقة! المعاناة بدأت، في وطن «كويتي وافتخر»، عندما ذهب ابني الى المخفر للإبلاغ عن السرقة، حيث اضطر هناك الى انتظار «حضرة» المحقق ليأتي، وعندما حضر، انتظروه لفترة أطول ليفرغ، وعندما فرغ، «أخد يلت ويعجن في المشكلة» من دون اتخاذ اي إجراء حاسم، ومرت خمس ساعات قبل ان «يسمح» له بالمغادرة، وكأنه متهم، وليس مبلغا عن سرقة مركبة، يزيد ثمنها على 18 ألف دينار! علما أن الساعات الخمس تكفي لتفكيك كل قطع المركبة وبيعها، او الخروج بها من البلد، وهذا ليس بالأمر الصعب، كما نعرف، فقد تم تهريب عتاه المجرمين والسجناء من «حدودنا الآمنة»، بتعاون خير وجميل من أحبة، طالما خالفوا القانون، ولم يطل عقابُ أحدٍ منهم كثيرا!
إن المشكلة الأمنية في تفاقم، ولا يود أحد من كبار المسؤولين – كما يبدو – أن يقلق نفسه بها، ربما لأن الأمر يحتاج الى ثورة أمنية، قد يكون وكيل وزارة الداخلية الفريق غازي العمر جديرا بها، ولكن يقال إن هناك أطرافا لا يريدون له أن يعمل! وأخبرني صديق أثق به أن الحملات الأمنية التي اصبحت رائجة هذه الأيام، دليل على ما وصل اليه الوضع من تسيب وخراب، فوجود كل هذا العدد الهائل من العمالة العاطلة ضمن مساحات مسكونة لا تتعدى بضعة كيلو مترات، وفي بلد لا أنفاق ولا غابات ولا أحراش ولا جبال فيه، يعني أن وراء الأكمة ما وراءها، وان هناك من «يتعمد» الإضرار بالأمن! وقال إن الآلاف الذين يتم القبض عليهم يطلق سراح غالبيتهم في اليوم التالي عندما يتقدم أي «كويتي ويفتخر»! ليكفلهم، ولا يتم ذلك من بعضهم – طبعا – من دون قبض المقسوم من العامل المسكين!
أحمد الصراف