قام الملياردير الاميركي وارن بافيت، وشركة برازيلية عملاقة بشراء كامل أسهم شركة «هاينز»، الشهيرة التي تصنع الكاتشاب وآلاف المواد الغذائية الأخرى بمبلغ 28 مليار دولار، وهي الصفقة الأكبر في تاريخ شركات الأغذية! بدأت قصة نجاح هاينز عندما قام أتش جي هاينز بتأسيس شركته عام 1869، في شاربزبيرغ، بولاية بنسلفينيا، وأعاد تأسيسها باسم مختلف بعدها بـ 6 سنوات، بمشاركة أخيه وابن عمه، قبل أن يشتري حصصهما عام 1888، ولتصبح خلال سنوات واحدة من أكبر شركات الأغذية، بحيث وصلت حصتها في السنوات الأخيرة وفي الكاتشاب فقط %50 من سوق اميركا. وكغالبية الشركات العالمية الحديثة بقيت حصة كبيرة من أسهم الشركة بيد عائلة المؤسس، وهذا ما حصل مع شركات ومصارف عالمية، حيث ان نظام التركات الغربي، وفي غالبية دول العالم، يعطي صاحب المال توريث من يشاء، وبذلك تبقى التركات من دون تفتيت. ومن أسباب اسبقية بريطانيا على غيرها من الدول الغربية في التقدم الصناعي نظام الوراثة الذي كان يتيح انتقال الاقطاعيات والثروات من الأب للابن الأكبر، وهكذا من دون أن تفتت الارض أو توزع الأسهم أو تباع الاقطاعية أو يغلق المصنع! وبالرغم من الاجحاف الذي يطول عادة بقية الورثة نتيجة هذا النظام، الا أن الفوائد على الدولة ككل أكبر بكثير، فالمسألة ليست شخصية، ولو كانت كذلك لما اتبعتها كل دول العالم، عدانا! وبالتالي من الصعب أن نجد قصة نجاح «عائلية» كـ «هاينز» أو فورد في مصر مثلا، وهي الأقدم صناعيا بين الدول العربية، فما ان يموت مؤسس اي امبراطورية صناعية أو مالية حتى تتفتت تركته، ويخسر اقتصاد الدولة الكثير. ومن أجل ذلك قامت عدة بيوتات مالية بتطوير نظمها الداخلية، لتتلاءم أكثر مع أنظمة التركة في الدول الأخرى، والغربية بالذات من خلال تأسيس شركات غير قابلة للتصفية، أو صناديق ومحافظ مالية موقوفة لغرض معين لا تنتهي آجالها بموت مؤسسيها أو اي من المستفيدين من ريعها تاليا، وبذلك تبقى هذه المحافظ المالكة لأسهم شركات صناعية أو تجارية أو استثمارية الى الأبد، ولا تتعرض للتفتيت، بحيث يحصل كل وريث على حصة سنوية قليلة مستمرة ترتفع مع الوقت بدلا من حصول الورثة الاصليين على حصة كبيرة لمرة واحدة، نتيجة تجزئة التركة، وقد تضيع هذه الثروات مع الوقت. وليس سرا ان أفرادا وشركات تنتمي لمجاميع «اسلامية» تأتي على راس متبعي هذه الطرق في الحفاظ على ثرواتهم من التفتت، واطالة أمد استفادة أبنائهم وأحفاد احفادهم من تركاتهم.
والسلام ختام.
أحمد الصراف