احمد الصراف

إلا الكولاجين

لأسباب دينية بحتة، لا يتناول المسلمون لحم الخنزير، وقبلهم بألف سنة تقريباً حرمت الشريعة الموسوية اليهود من تناوله، أو حتى الاقتراب منه. كما لا يتناوله آخرون لدواعٍ إما عقائدية أو لكونهم نباتيين، ومن «أصدقاء الطبيعة أو الحيوان»! وعلى الرغم من شعبية الخنزير في الفلكلور الغربي، فإن اسمه يستخدم لإهانة الآخر والسخرية منه. وللخنزير شعبية هائلة في المجتمعات غير الإسلامية الكثيفة السكان، لرخصه وسهولة تربيته واكتنازه باللحم وكثرة نسله، كما أنه مصدر لا غنى عنه للبروتين، ويُستفاد من جلده وعظامه وشعره في أغراض أخرى! واكتشفت مؤخرا أنه ربما يكون الحيوان الوحيد الذي لا يرمى أو يضيع منه شيء، فالخنزير الذي يبلغ وزنه 100 كلغ مثلاً يحتوي على 3 كلغ جلداً، 54 كلغ لحماً، وأعضاؤه الداخلية يبلغ وزنها 14 كلغ تقريباً، ودمه 5 كلغ، وشحمه 5.5 كلغ، وأظلافه وبقية اعضائه 6.5 كلغ. وكل جزء فيه يُستفاد منه في استخدامات متعددة، ففي أي حمام خاص، أو في حمامات الفنادق الفخمة وصالونات التجميل نجد أن جميع المواد المستخدمة من صابون وشامبو وكونديشينر وكريمات ومواد تجميل ومعاجين أسنان وغيرها الكثير، تحتوي على مواد مستخلصة من شحوم ولحوم الخنزير. كما يُستخدم شعره في أنواع عديدة من عجائن الخبز والكعك. وتضاف مواد منه للزبدة قليلة الدسم. كما أن كل أنواع كيكات الجبنة والتريماسو تحتوي على جيلاتين مستخلص من الخنزير. كما له استخدامات مهمة جدا وعديدة في عمليات القلب، وفي صناعة مكابح القطارات وفي لصق حبات الرمل بورق الصنفرة، وفي فلاتر السجائر، ويضاف إلى مختلف أنواع المشروبات، كالبيرة والنبيذ وعصائر الفواكه. كما يستخدم في صناعة بعض أنواع رصاص البنادق، وله استخدامات كبيرة في صناعة الطلاء وفراشي الدهان وصقل التماثيل «الصينية»، ولا ننسى بالطبع أن المواد المستخلصة من الخنزير تشكّل العامل الأهم في حقن التخلّص من التجاعيد وعمليات التجميل، أو الكولاجين. وبالتالي من الصعب تخيّل حياة البشر اليوم، وبالذات في الدول التي تعتمد على «الرزق» السهل، والتي لا تمتلك أية مقومات صناعة نصف متقدمة، من دونه، فلا قدرة لها على أن تحمي نفسها من استخدامات المنتجات المحرّمة دينياً، وبالتالي ليس أمامها غير خيارين: إما أن تقوم بتطوير صناعات لا تحتوي على مواد «مخنزرة»، وهذا يتطلب الانتظار لـ300 سنة من العمل الجاد! أو التغاضي عن الأمر، والإقرار بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات، خاصة إن كان بين المحظورات مادة الكولاجين collagen، التي تخفي حقنها تجاعيد السنين الحاكية.

أحمد الصراف
[email protected] 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *