مبارك الدويلة

المسترزقة

لم أشعر بأن الكويتيين مجمعون على قضية، كإجماعهم اليوم على أن البلد في انحدار غير مسبوق على جميع المستويات!

المعارضة السياسية شيء طبيعي تنتقد الأوضاع بكل أشكالها، والتيار الداعم للحكومة يلوم الحكومة على هذا التردي، والشيوخ زعلانين من الحالة اللي تمر فيها الديرة، حتى الأغلبية الصامتة بدأ اليأس من إصلاح الأوضاع يدبّ في نفوسها، والصحف المعارضة والداعمة، سواء بسواء، غير راضية عن الحال! فقط بعض زعماء القبائل وعدد من المسترزقة هم الذين ما زالوا يرددون مقولة «الله لا يغيّر علينا»!

والمسترزقة هي فئة جديدة ظهرت في المجتمع في السنوات الأخيرة، ومهمتها الدفاع عن الباطل مقابل استرزاقها من صاحب الشأن! وقد يقول قائل إن هذه المجموعة موجودة من زمان، فأقول صحيح، ولكن في الزمانات كان الواحد منهم يؤيد على استحياء، وقد يضطر إلى الاختباء في دورات المياه إن لزم الأمر، المهم أنه يتخذ الموقف وهو خجل من نفسه! أما مسترزقة اليوم، فإنها تدافع عن الباطل من دون حياء أو خجل، بل وتتصدى لمواجهة أهل الحق، لعلمها أنه بقدر «التفصخ» يكون الرزق الحرام!

شاهدنا هذا واضحاً في كتابات الصحف المسترزقة، وفي مواقف معلنة لبعض السياسيين والمفكرين، وقد فضحوا أنفسهم باختيار الألفاظ نفسها والتوقيت نفسه! وكأنهم كانوا ينتظرون التوجيهات تصلهم من طرف ما! والمسترزق هو الذي يدافع عن الباطل بحجة، ومن دون حجة، ومستعد لأن يخسر الناس وسمعته وسمته وتاريخه من أجل المقابل الذي يجنيه من عملية الاسترزاق هذه! وكم شاهدنا زملاء لنا كانوا في يوم من الأيام معنا في صفوف المعارضة المتزنة العاقلة، فإذا بهم يتحولون بقدرة قادر إلى مسترزقين يدافعون عن الباطل بكل قوة وبكل بجاحة، ومن دون حياء!

وظاهرة الاسترزاق غير محصورة بالكويت أو الخليج فقط، بل المسترزق موجود في كل مكان يوجد فيه من يدفع للباطل وينافح عنه، وأوضح مثال ما حدث أخيراً في القاهرة، عندما حكم قاض على أكثر من خمسمائة مواطن مصري بالإعدام لتسببهم في قتل أربعة أشخاص، بينما يصدر حكم آخر بالسجن عشر سنوات فقط على ضابط تسبب في قتل سبعة وثلاثين شخصاً وحرقهم! فقد شاهدنا كيف برزت أقلام وتصريحات تؤيد الإعدام الجماعي وتبرر له، في سابقة أنكرتها كل المنظمات الإنسانية في معظم دول العالم! إنهم المسترزقون… يدورون حيثما دار الدرهم والدينار!

***

سمعت أن نبيل الفضل يرقد في المستشفى بعد أن أجرى عملية زراعة كلى، أخذها من ابنه! وتذكرت ما علّمنا المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما زار جاره اليهودي في مرضه، وقد كان يؤذيه أشد الإيذاء، فكيف إن كان مسلماً؟ فدعوت الله أن يشفيه ويعافيه وابنه، وأن يهدينا وإياه إلى ما يحبه ويرضاه، فالدنيا فانية، والإنسان ضعيف، ولن يبقى لنا منها إلا الذكر الطيب، وفي الآخرة العمل الصالح، أسأل الله لنا وله أن يختم لنا بالهداية والصلاح، وما يشوف شر بإذن الله.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *