علي محمود خاجه

«لخبطة»

كنت أنوي التعليق على المشروع السياسي لما يسمى بائتلاف المعارضة، إلا أن تسارع الأحداث في الأسبوع الأخير بدءاً من أزمة الشريط مروراً بمشروع الائتلاف وانتهاءً بتصريح النائب التميمي جعلني أؤجل الحديث عن مشروع ما يسمى بائتلاف المعارضة والتركيز على تصريح النائب التميمي.
فقد أقدم السيد التميمي ومن خلال إحدى الوسائل الإعلامية على اعتراف بأنه تلقى أموالاً من سمو رئيس مجلس الوزراء لتقديمها إلى حسينية، وقد سبق ذلك انتشار صورة ظرف موجه إلى تلك الحسينية يحمل ختم النائب وبطاقة من رئيس مجلس الوزراء، وبناءً على ما سبق أعلن بعض النواب نيتهم استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء واستنكر الرأي العام ما قيل وحدث.
سأصدق ما قاله النائب التميمي بأن ما تلقاه هو مساعدة مالية لحسينية قام بإرسالها لهم ممهورة بختمه من باب أن تعرف الحسينية من قام بإيصال صوتها لرئيس مجلس الوزراء، وبالتالي ترد له الجميل عندما يحتاجها مستقبلا.
فكرت مليا بحثا عن سبب استياء الناس وتصعيد النواب حول ما جرى فلم أجد سببا سوى أن الموضوع مرتبط بأموال نقدية فقط، بمعنى لو أن الظرف الذي يحمل اسم الحسينية لم يكن يحوي أموالا بل معاملة ورقية، ولو أن تصريح التميمي لم يتحدث عن مساعدات مالية بل تخليص معاملة فهل كانت ستحدث هذه الضجة وهذا التصعيد؟
أستبعد ذلك جداً، بل إن الأمر سيمر مرور الكرام وقد يقال أيضا إن التميمي "رايته بيضه وما قصّر"، بل إن كل النواب ولا أستثني منهم أحداً في هذا المجلس أو المجالس السابقة يقوم يوميا بمحاولة تخليص معاملات المواطنين في مختلف الدوائر الحكومية، وتخليص المعاملة من النائب لا بد أن يكون له ثمن كما هي الحال مع تلقي الأموال، وأغلبية الشعب في السنوات الأخيرة على الأقل تحدد اختيارها للمرشحين بناءً على قدرتهم على إنجاز المعاملات.
لكي تتضح الصورة أكثر فقد نجحت الحكومة وعبر السنوات الطوال بأن تجعل كل الحقوق لا تمر إلا عن طريقها وبأسلوب "الواسطة" تحديداً، وقد استسلم النواب بدلا من تقويم هذا السلوك الأعوج لهذا الأمر، وباتوا مناديب تخليص معاملات، والمقابل طبعاً اتخاذ مواقف تصب في مصلحة الحكومة، وقد راق للناس أسلوب تخليص المعاملات فأصبح معياراً أساسيا لاختيارهم.
هذه الدائرة المترابطة لن تنقطع ما دمنا نرتضي هذا الأمر ونرحب به، وشراء الذمم غير مقتصر على المقابل المادي النقدي، بل يتعلق بكل مصلحة يمكن أن تؤديها الحكومة تجاه من يفترض أن يراقبها؛ مما يضعف دوره الرقابي لتشابك مصالحه وبقائه واستمراره مع حدة رقابته.
فإن كنا سنغضب ونصعد فلا بد أن نغضب من كل ما تقدمه الحكومة للنواب ولا نكتفي بالمبالغ النقدية فقط، بل لا بد من قطع اليد التي تحاول أن تلويها الحكومة بتحكمها في تخليص الإجراءات من خلال إقرار قوانين، بل أجهزة مستقلة تعنى بالرقابة على الأداء الخدماتي للحكومة بشكل خاص والفساد الحكومي بشكل عام.

خارج نطاق التغطية:

لو أننا كنا ندفع من أموالنا للدولة تجاه تقديم الخدمات الصحية أو التعليمية أو المتعلقة بالبنى التحتية، فهل كنا سنرتضي وضع الكويت الحالي، أعتقد أن الضرائب ستشعرنا بمسؤولية أكبر تجاه ما يقدم لنا.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *