علي محمود خاجه

غير محسوم

موضوع أفكر فيه كثيراً ولم أصل بعد إلى قناعة راسخة أو ثابتة، بل ما زال الأمر قيد التداول في عقلي، وقد لا يحسم أبدا، وقد تساهم مشاركتكم فيه في تكوين قناعة.

باختصار، هل تصلح الديمقراطية بشكلها الحالي لنا اليوم؟

لا أتحدث عن الصعيد العالمي بل على النطاق المحلي فقط، ولا أروّج لأي نظام سياسي آخر قائم أو منتشر لأني أعتقد أن الديمقراطية هي النظام الأفضل ما بين الأنظمة القائمة، ولكني لا أجد أنه مثالي على الأقل في مجتمعنا، ولو أن هناك شواهد في بلدان متقدمة تثبت عدم مثالية النظام الديمقراطي.

ولكن لنأخذ الكويت كأساس للموضوع دون تشعب، فكم من كفاءة سياسية خسرتها الكويت بسبب الديمقراطية القائمة التي لا معايير في الاختيار لها سوى أن لكل من بلغ الـ21 عاما حق التصويت دون تأهيل فعلي للاختيار الموضوعي.

وكم من قضية تضر الكويت قام غالبية ممثلي الأمة بالتصويت لمصلحتها كالزيادات والكوادر دون الالتفات إلى أصحاب الرأي المختص والمحذر من مغبة تلك الأمور، واليوم نقطف ثمار ذلك التخبط دون إغفال للدور الحكومي في صنع التخبط أيضا.

أكرر بأن ما أكتبه ليس بقناعة راسخة إلى الآن، وقد أكون مخطئا، لكنها فكرة أشارككم بها لعلني أجد إجابة شافية. وأكرر أيضا أنني لا أروّج لأي نظام قائم ولا حل أفضل أقدمه لأني لا أملكه أصلا.

ولكن السؤال الذي يترتب على سؤالي حول صلاحية الديمقراطية: كم ستتحمل الكويت من إخفاقات الديمقراطية قبل زوال الوضع الاقتصادي المريح نسبيا للناس حاليا؟ وماذا لو أوصت كل المنظمات الاقتصادية في العالم بضرورة فرض الضرائب على الكويتيين بل حتميتها، وطرح هذا الموضوع على المجلس، فهل سيتجه المجلس لتنفيذ هذه التوصية الملحة أم سيتجه لإبقاء الوضع كما هو عليه؟

إن النظام الديمقراطي لم يراعِ سوى فكرة حكم الأغلبية دون النظر بشكل هذه الأغلبية إلا من حيث السن فقط، وهو ما قد يقدم لنا نتائج تكون تعيسة في حالات كثيرة، ويجب على الجميع الالتزام بها حتى إن كانت غير منطقية رغم سلامتها القانونية، فلا يوجد ما يمنع مثلا من اقتراح يمنح للموظفين رصيد إجازات يتجاوز المئة يوم، وقد يحظى بالقبول رغم سخافة الفكرة، وهو ما حدث عندما طرحت فكرة إسقاط القروض غير المنطقية إلا أنها لاقت قبولا واسعا وتحولت إلى قضية تصدرت الرأي العام الكويتي لسنوات.

لا أملك حلا ولكم أن تعتبروا هذا المقال بمثابة التفكير بصوت عال.

ضمن نطاق التغطية:

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكذلك انتخاب متطرف عرف بالرعونة كرئيس للولايات المتحدة الأميركية نموذجان يعززان ما أطرحه في هذا المقال، فقد اتفق الكثير من المختصين في معرض تعليقهم على هذين الحدثين بأنهما سيعودان بالضرر على بلدانهم، ولكن هذا لم يمنع الأغلبية من هذا الاختيار رغم عراقة تجربتهم الديمقراطية إذا ما قورنت بتجربتنا، وهو ما يثبت أن المسألة ليست مسألة أن الديمقراطية تصلح نفسها، بل إن هذا النظام يحتاج إلى مراجعة وتجديد قد يصل به الأمر إلى نسف هذا المفهوم وتقديم مفهوم جديد.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *