علي محمود خاجه

المليفي… اسمعني

  في كل مدرسة هناك مجموعة من المشاغبين غير المبالين بالدراسة لطبيعة تكوينهم ونشأتهم أحياناً، ولصغر سنهم وعدم إدراكهم ما يتطلبه المستقبل، وما يوفره التعليم لهم من ضمانة جيدة نسبياً في الحالة الكويتية لمستقبل أفضل.
عموماً، لنأخذ حالة طالب مشاغب افتراضي، ونتدرج في مستقبلها للوصول إلى ما أهدف إليه، فهذا الطالب يبدأ دوامه المدرسي متأخراً عن بقية الطلبة، فقبل الذهاب إلى المدرسة يكون في الجمعية القريبة منها لتناول الإفطار ومجالسة الأصدقاء، ليذهب إلى المدرسة بعدها متجولاً بين الفصول يحضر في بعض القاعات وينام في أخرى، يفتعل المشاجرات وبعض المقالب مع الطلبة والمعلمين أحياناً.
 وحين انتهاء اليوم الدراسي يستكمل التسلية والترفيه، خارج المنزل أو داخله لا يهم، بشرط ألا يلمس الكتب المدرسية، وعندما يحين موعد الاختبارات تبزغ عبقريته من خلال ابتكار وسائل الغش أو الاستمرار في الوسائل التقليدية السابقة، وفي نهاية العام الدراسي قد يتجاوز سنته بنسبة نجاح متدنية أو يعيد السنة ويكرر أنشطته، وتستمر هذه المسألة مع طالبنا المشاغب الافتراضي إلى أن يتخرج في الثانوية بنسبة نجاح متدنية.
بعد تخرج الثانوية تبدأ رحلة البحث مع طالبنا المشاغب عن مؤسسة تعليمية ينوي استكمال تعليمه فيها للحصول على وظيفة أفضل وراتب أكبر، ولأن نسبة نجاحه متدنية فالخيارات المتاحة له هي التالية: كلية التربية الأساسية التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والنسب الدنيا للقبول فيها 65% للذكور، وكليات الآداب والشريعة والعلوم وتبدأ نسب القبول فيها من 75%.
يُقبل طالبنا المشاغب ذو التحصيل العلمي المتواضع في كلية التربية الأساسية ليتخرج في تلك الكلية بعد سنوات حاصلاً على شهادة البكالوريوس، ويكون سوق العمل الأساسي له هو وزارة التربية، وتحديداً العمل في مجال التعليم، ليعود بذلك طالبنا المشاغب إلى قاعات المدرسة وأسوارها مجدداً، ولكن من باب آخر وهو باب تعليم الأجيال وتربيتهم وغرس العلم والمعرفة في نفوسهم.
وفقاً للعقل فإن قصة طالبنا المشاغب لا تعد إلا نكتة طريفة في الدول المتحضرة التي تسعى إلى التقدم والازدهار في جانبها البشري على الأقل، ولكنها واقع نعيشه في الكويت ونتأمل من خلاله أن تتحسن الأوضاع.
 تلك الحكاية هي جزء أساسي من تخلف التعليم وهروب الكويتيين من التعليم العام واللجوء إلى التعليم الخاص أملاً في تعليم أفضل للأبناء ومستقبل أفضل لهم.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنني لا أعمم حالة طالبنا المشاغب على جميع المعلمين، فهناك من يجتهد منهم ويعمل بإخلاص منذ الصغر للوصول إلى تلك المكانة الرفيعة وهي مكانة المعلم، كما أن بعض الطلبة المشاغبين سابقاً يقوِّمون مسارهم مع مرور الأيام ويحاولون تجنيب الأجيال القادمة السير في المسار الخطأ.
لكن أن يكون السلك التعليمي تحديداً هو ضمن النسب الأقل قبولاً في مؤسساتنا التعليمية العليا فهو بكل تأكيد سيؤدي إلى تردي المستوى لأنه سيرحب بالجيد والرديء والنتيجة تكون مستقبلاً أسوأ.

خارج نطاق التغطية:
لفت انتباهي مؤتمر صحافي عقد أخيراً للرئيس التنفيذي للشركة الكويتية لنفط الخليج تضمن الحديث عن بعض المشاريع المستقبلية والوعود النفطية في منطقة الوفرة دون تبيان آلية تحقيق تلك الوعود وكيفية الوصول إليها، وهو مثال للأسف على كلام معظم مسؤولينا الإنشائي الخاوي، دون تحديد سبل الوصول إلى ما يعدون به.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *