سامي النصف

وآه يا قمم!

اشتهر الراحل توفيق الدقن بلزمة يقولها بحسرة وألم هي «آه يا أمم»، واعتقد أن شعوبنا العربية ملت وهي تصرخ بألم «آه يا قمم» حيث لم تحل قمة عربية قط منذ انشاص عام 45 حتى يومنا هذا مشكلة ما، بل اقتصر دورها على المسكنات التي ينتهي مفعولها سريعا، والصور والبيانات التي تنقض قبل أن يجف حبرها.

***

وجميل ألا يقتصر عمل القمم على محاولة حل الإشكالات السياسية العربية المزمنة والطارئة التي لن تنتهي حتى قيام الساعة على ألا يزيد ما يخصص لتلك الإشكالات على 20% من وقت القادة، ويصرف الوقت الباقي لتعزيز مجالات التعاون الأخرى التي تهم الشعوب العربية بالدرجة الأولى كي تشعرها بالجديةو وان هناك تغييرا بعد القمة عما كان قائما قبلها.

***

أغلب الإشكالات العربية مرتبط بشكل أو آخر بجيران الأمة العربية، لذا وددت لو دعت قمة الكويت رؤساء إيران وتركيا وإثيوبيا الى حضور القمة والمشاركة في أعمالها كوسيلة لتعزيز العلاقة معهم، والاستماع لوجهة نظرهم حول ما يثار ضدهم، ومن ثم محاولة كسبهم لصفنا، فـ«كلنا في الهم شرق»، وعدا ذلك سنضل ندور في حلقة مفرغة من قمم لا تحل إشكالات الأمم!

***

المشاريع الاقتصادية التي ستعرض على القمة يجب أن تكون واقعية لا حالمة كحال مشروع ربط الوطن العربي بمشروع سكك حديد تمتد من الخليج إلى نواكشوط، ومن اربيل إلى الصومال، مما سيزيد طول السكك من 11 ألف كم إلى 44 ألف كم دون أن يذكر أحد من سيقوم بتمويل ذلك المشروع الحلم أو الوهم وعوائده الاقتصادية، والذي كان بإمكانه أن يستبدل بمشروع واقعي قابل للتطبيق هو ربط الوطن العربي بشبكة طرق لا يحتاج من أي دولة ألا تعزيز ما لديها وتحويلها إلى طرق سريعة، ووضع بوابات تحصيل الرسوم عليها، كالحال في دول العالم أجمع.

***

آخر محطة: 1 – نقولها بصراحة، كلما سمع المواطن الكويتي بمشروع اقتصادي سيقدم للقمة وضع يده على جيبه، كونه يشعر أنه الوحيد الذي سيمول مشاريع لا عائد ماليا لها، نرجو أن تقدم مشاريع ذات عائد اقتصادي كالتي يتبناها الصندوق الكويتي، وان تشرك الشعوب والقطاع الخاص في تمويلها، وألا يقتصر الأمر على الحكومات.

2 – نرجو أن تكون المصالحة العربية عبر جهد عربي مؤسسي مشترك يقوم على المصارحة قبل المصالحة، فنهج الفزعة العربية ثبت مرارا وتكرارا في الماضي أنه لا يحل شيئا، بل يبقى تحت الرماد، بدلالة بقاء المشاكل العربية المزمنة، وحل ما هو أصعب منها في أوروبا.

3 ـ الى القائمين على امتنا المجيدة، دخلت القوات الروسية القرم وخرجت القوات الاوكرانية ولم تسفك قطرة دم واحدة او تسقط طوبة من منزل، في منطقتنا خلاف الاشقاء والجيران تجز له الف رقبة ويهدم له الف بيت.

احمد الصراف

طفلة للبيع

“>أوردت «الجريدة» الكويتية، على صفحتها الأولى في 3/9، نسخة عن تقرير سري يتعلق بالأوضاع المأساوية في دور الحضانة العائلية، التي تشرف عليها وزارة الشؤون، وكيف أن السلوكيات في تلك الدور وصلت الى الحضيض، إن من خلال ما يرتكب فيها – كما يتردد إعلامياً – من أفعال «إجرامية» كتعاطي المخدرات والمسكرات وحيازة الأسلحة، او بتصرفات بعض النزلاء وممارساتهم الغريبة! وحدد التقرير أماكن وقوع تلك الجرائم ونوعيتها، وحذر من انفجار متوقع بسبب تزايد وتيرتها، مع استمرار حالات الوفاة بين نزلاء الدار نتيجة الأوضاع غير السوية للبعض منهم.
ما لا تعرفه الغالبية هو أن نزلاء هذه الدور هم غالبا من مجهولي الاب أو الوالدين، وما يتعرضون له من إجرام، أو ما يقدمون عليه من فعل إجرامي هو نتيجة حتمية لتجاهل المجتمع لهم، وفشلنا في مواجهة الحقيقة المتعلقة بعجزنا عن حل مشكلتهم، ومشاكل من سيأتي بعدهم، بسبب رفضنا الاعتراف بوجود «لقطاء» في مجتمعنا، علما بأنه لو نشر ما يرتكب ضمن بعض جدران بيوت هذا المجتمع لأدى ذلك الى أسى كبير. مما يجعل مأساة هؤلاء جديرة بالاهتمام هو ذلك التبدل الذي حصل في المجتمع في العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، وما أحدثته من تخريب في كيانه وسلخ في اوصاله، فمشكلة اللقطاء في الكويت أزلية، وكان يتم استيعاب نتائجها بهدوء من خلال قيام الأسر الموسرة، أو التي لا أطفال لديها، على تبني هؤلاء ومنحهم كامل حقوقهم، وكثير من هؤلاء اللقطاء يعيشون اليوم بيننا، كرجال ونساء شرفاء فعالين في المجتمع، وغالبيتهم لا تعرف شيئا عن سابق ماضيها، أو لا يهمها ان تعرف! ولكن جحافل التخلف خربت على تلك العادة وأغلقت باب التبني، تاركة ثغرات صغيرة فيه، لا تسمح إلا لأفراد معدودين كل عام بالتبني، ولكنه عدد لا يتناسب أبدا مع الزيادة «العادية» في أعداد هؤلاء. والمشكلة لا تكمن في وزارة الشؤون بقدر ما تكمن في ندرة المشرعين الشجعان، القادرين على التصدي للقضايا الخلافية، من أمثال أولئك الذين سبق وأن أقروا مثلا «قانون الوصية الواجبة»، وهو القانون الإنساني بامتياز، والمخالف في جانب منه لبعض النصوص، وإصدار قانون مماثل بقوته يفتح الباب أمام المجتمع لتبني هؤلاء بطريقة إنسانية وعصرية، بدلا من ترك مصيرهم لموظفين حكوميين مقيدين بجملة قوانين غير إنسانية. وإلى أن يأتي ذلك اليوم فإن بإمكان وزارة الشؤون، بوزيرتها المستنيرة، ووكيلها الإنسان، تخفيف شروط طلبات التبني، فالتصدي لما يحدث في هذه الدور من جرائم ليس حلا، فمجرمو اليوم في هذه الدور هم الذين رفضنا طلبات تبنيهم قبل عشرين عاما!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com