مبارك الدويلة

إلى الأستاذة الفاضلة سعاد المعجل(4)

فندنا في الاجزاء الثلاثة الماضية عددا من اتهامات خصوم الاخوان للجماعة باستخدام العنف والتصفيات ضد خصومها السياسيين، رغم ما عانته الجماعة من اتباع انظمة الحكم التي عاصرتها لاساليب يندى لها الجبين من القسوة وشدة التعذيب وانتهاك ابسط حقوق الآدميين. فقد تمت تصفية قيادتها، ابتداء من الامام الشهيد 1949، مرورا بالستة الاخيار 1956، الى سيد قطب وزملائه 1966، ومن كتبت له الحياة ظل قابعا في السجون عشرات السنين، فان حدث وخرج في عهد السادات عاد اليها في عهد مبارك، حتى ان القاضي الذي كان يحاكم المرشد واخوانه بعد الانقلاب الدموي عندما قال ليعلم الجميع انني خبير في ممارسة عملي في هذه القاعة منذ ثلاثين عاما، رد عليه المرشد بقوله وارجو ان تعلم انني خبير في الظلم الذي يمارس في هذه القاعة منذ اكثر من ستين عاما! ومع هذا يأتي اليوم من يعتدي على الحقيقة والتاريخ، ليقول لنا ان الاخوان كانوا يمارسون العنف!

تستمر الزميلة الفاضلة بالاستشهاد ببعض الحوادث، وتتهم فيها الاخوان المسلمين من دون سند من التاريخ او دليل علمي يعتد به، فقد ذكرت فيما ذكرت مقتل رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب المصري الاسبق على يد الاخوان، ولا اعرف مصدرا قال بهذا في قديم او حديث سوى الكاتبة الكريمة التي جمعت المتناقضات لتلقيها في سلة واحدة، واقول لها ان محكمة امن الدولة العليا – طوارئ – انتهت بتاريخ 10 يونيو 1993 بعد عقد اكثر من مائة جلسة استعرضت فيها 27 متهما ليس من بينهم واحد من الاخوان المسلمين..!

ولمزيد من التشويه للحقيقة تدعي الكاتبة الفاضلة ان الاخوان هم من قام بمحاولة اغتيال حسني مبارك في اديس بابا (!) وقد اجتهدت بالبحث عن مصدر يقول بذلك، فلم اجد غير خيالها الواسع الذي تتمتع به عند قراءتها للتاريخ! لقد كان حسني مبارك اكثر انصافا للتاريخ رغم حالة العداء بينه وبين الاخوان، فقد صرح لجريدة اللوموند الفرنسية 1993 ما نصه «ان هناك حركة اسلامية في مصر تفضل النضال السياسي على العنف، واستطاعت النجاح في انتخابات النقابات المهنية مثل الاطباء والمهندسين والمحامين» (جريدة الاهرام 1نوفمبر 1993)، كما ذكر وزير خارجيته في جريدة الاهرام في 14 ابريل 1994 «ان الاخوان المسلمين لا يرتكب افرادها اعمال عنف».

وآخر ما جادت به قريحة الكاتبة الكريمة من اتهامات خلت من المصداقية والواقعية ما ذكرته من محاولة اغتيال وزير داخلية الانقلاب محمد ابراهيم! رغم ما اعلنته جماعة «انصار بيت المقدس» عن مسؤوليتها عن الحادث، والغريب ان سلطة الانقلاب اتخذت من هذا الحادث ذريعة لحل الجماعة واعتبارها «جماعة ارهابية» في الوقت الذي لم تدرج الجهة التي اعلنت مسؤوليتها عن الحادث على قائمة الارهاب!

عزيزتي الفاضلة.. كم كنت اتمنى، وانت تنتقدين العنف الذي وصمت به الاخوان ان تقولي كلمة حق في جرائم القتل والسحل وحرق الجثث التي سطرتها تقارير حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية، وكم تمنيت لو ان رموز التيار الوطني الكويتي تكلموا منتقدين سلطة الانقلاب بتكميم الافواه واغلاق منابر الرأي الآخر، واعتقال المعارضين السياسيين، بدلا من الدفاع عن افعالهم وايجاد التبرير لها بالحق وبالباطل! لقد اعتمدت كثيرا على حديث الشيخ سعود الناصر في التشكيك بولاء اخوان الكويت، ثم تبين لنا مدى مصداقية حديثه رحمه الله في ثلاثة مواقع: شهادة ابنته امام الكونغرس الاميركي، والاحكام القضائية التي اصدرتها المحاكم الكويتية في المواضيع التي اثارها، ورأي وزارة الخارجية الكويتية في كلامه عنها امام لجنة تقصي الحقائق البرلمانية في احداث الغزو، مما ينسف كل ادعاء، ولو اسعفنا الوقت لابحرنا معك، ومع القراء في كشف الحقائق التي طمست. ولتعلمي انه من السهل علينا توجيه اتهام عدم الولاء للكويت للقوميين واليساريين وأدعياء العمل الوطني، مستندين لموقف زملائهم العرب من الغزو العراقي للكويت، لكنه بحر لن نخوضه كما خضتموه انتم، وتلطختم بوحله حتى ركبكم!

(انتهى)

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *