سامي النصف

الشمال اختطاف والجنوب انتحار!

تبقى حادثة الماليزية الأكثر غموضا في التاريخ مع وجود الأقمار الصناعية والرادارات الحديثة وتقدم وسائل البحث والإنقاذ، خاصة مع السرية التامة التي تتبعها السلطات الماليزية حول قضايا مهمة مثل هل طلب الكابتن كميات زائدة من الوقود؟ ومن كان المتحدث الأخير مع برج المراقبة؟ أي هل كان الكابتن أم المساعد أم شخصا ثالثا؟ خاصة ان المكالمة تمت بعد إطفاء أجهزة الطائرة الدالة على بدء الخطف، وماذا كان يحتوي جهاز الطيران التشبيهي الموجود في منزل الكابتن ومتى حاز عليه؟ واضح أن العالم يشهد عملية اختفاء فريدة شديدة الاحتراف والمهنية بدلالة عجز العالم أجمع معرفة ما جرى ـ وقد لا يعلم قط ـ لذا فما سنذكره هو سيناريوهات افتراضية لما حدث أو قد تأتي الأيام بحقائق جديدة لا يتصورها أحد.

***

توجه الطائرة بعد اختفائها الى الشمال أي الى غرب الصين والجمهوريات الإسلامية شاسعة الأرجاء يعني «الاختطاف» لأسباب سياسية خاصة أن الكابتن مؤيد شديد لزعيم المعارضة أنور إبراهيم وقد وعد بحضور محاكمته التي تمت قبل ساعات من الرحلة، وضمن هذا السيناريو تكون الطائرة قد حطت أو تحطمت أثناء عملية النزول في أحد تلك البلدان دون علمها لضعف القدرات الرادارية لديها.. سيناريو ضعيف إلا أنه محتمل في عالمنا المجنون ويفترض أن تتكشف حقائقه سريعا.

***

توجه الطائرة الى الغرب فوق المحيط الهندي، حيث لا توجد رادارات تتعقبها يعني مشروع «انتحار» مخطط له بشكل جيد وضمنه تم اختيار رحلة بكين بدلا من الرحلات المتجهة غربا فوق المحيط الهندي بقصد القضاء على عدد كبير من الصينيين أو ذوي الأصول الصينية (على الطائرة 160 صينيا) للحساسية المعروفة بين الملاويين والصينيين، وضمن ذلك السيناريو الانتحاري يكون الكابتن قد أغلق الباب على نفسه بعد خروج المساعد أو قضي عليه باستخدام فأس الحريق الموجود في الكابينة.

***

بعدها يقوم بإغلاق أجهزة «الايكار» و«الترانسبوندر» ويلقي بالتحية الأخيرة على مركز المراقبة الجوية ويلقم جهاز الملاحة المرتبط بالطيار الآلي خارطة جوية صممها بالموليتر تأخذ الطائرة الى مقصدها الأخير وهو أكثر نقاط المحيط الهندي عمقا كي لا يصل أحد للطائرة ولا يستطيع التقاط إشارات الصندوق الأسود في تلك الأعماق السحيقة وبذا تتحقق بنظره الجريمة الكاملة.

***

وضمن ذلك السيناريو المرعب سيقوم الكابتن بلبس قناع الأوكسجين والارتفاع بالطائرة الى أقصى ارتفاع ممكن (45 ألف قدم أو ما يقاربها) ثم سيفضي الطائرة من الهواء مما سيقضي على الركاب في ثوان، فكلما ارتفعت الطائرة قلت فرصة النجاة وسيتلو ذلك انحدار سريع الى عشرين ألف قدم كي يحفظ ذاته لإكمال رحلته وإن كان الطيار الآلي سيتكفل بتلك المهمة حتى لو فقد الطيار وعيه.

***

آخر محطة: (1) الانتحار ليس عملا عاقلا حتى يناقش بالعقل والمنطق والتساؤل ولماذا يأخذ الركاب الأبرياء معه، كما أن الانتحار كحال القتل إما أن يتم بشكل جنون مفاجئ أو مع سبق إصرار وتخطيط مسبق (حالات بعض الركاب الأميركيين تفجير الطائرة التي تقلهم لوصول مبالغ التأمين لأهلهم).

(2) مع الندرة الشديد جدا جدا لانتحار الطيارين مقارنة بأصحاب المهن الأخرى، علينا أن نتذكر أن المنتحر يستخدم بالعادة الطريق الأسهل لديه فالعسكري ينتحر بالسلاح والطبيب بالأدوية والطيار بالطيارة كحالة استثنائية، وقد حدثت سابقا في اليابان وسنغافورة والمغرب.. إلخ.

(3) «مصائب قوم عند قوم فوائد»، بسبب حادثة «الماليزية» سيفرض على جميع الطائرات في العالم شراء أجهزة تدل على أماكنها طوال الوقت لا يمكن إيقافها.

(4) الصندوق الأسود يثبت إشارات لمدة 30 يوما ثم يتوقف، انقضى منها 10 أيام، وكلما زاد العمق ضعفت الإشارة.

5) لو كان الأمر بيدي لأصدرت التعليمات بالتوجه فورا لأكثر مناطق المحيط الهندي عمقا للبحث فيها قبل أن تفقد الإشارة وتضيع تلك الطائرة وأسرارها معها الى الأبد.

 

احمد الصراف

صاحب البسطة والقطامي

ولد جاسم القطامي عام 1927 ودرس في الشرقية والمباركية قبل أن يرسل إلى القاهرة عام 1948، التحق هناك بكلية الشرطة وتخرج ضابطاً عام 1952، وأرسل بعدها إلى إنكلترا لدراسة التحقيقات الجنائية، ثم عاد إلى الكويت وعين مديراً للشرطة. كان له موقف لافت عام 1956 عندما رفض أوامر التصدي لتظاهرات الأهالي، واستقال من الشرطة.
عمل بعدها مديراً لشركة السينما، ولكن نشاطاته السياسية أثّرت في عمله فاستقال منه، وبقي بلا عمل لبضع سنوات، إلى أن استدعاه الشيخ عبدالله السالم وعيّنه مستشاراً له. وبعد الاستقلال عيّنه الشيخ صباح السالم، عام 1962، كأول وكيل لوزارة الخارجية، ولكنه استقال من منصبه لاختلافه مع الوزير. اختير بعدها عضواً في المجلس التأسيسي، وانتخب عضواً في مجلس الأمة. وفي بداية السبعينات أسس حركة التجمع الوطني، بعد خلافه مع حركة القوميين العرب. وخاض انتخابات مجلس الأمة الكويتي بعدها، وحلّ بالمركز الأول، واستقال، وشارك في انتخابات مجلس 1967 وخسرها، وشارك في انتخابات عديدة تالية فاز في أغلبيتها. وكانت آخر محاولاته عام 1992، التي خسرها، ليصبح بعدها رئيساً للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ورئيس الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، قبل أن يتركها، ويقعده المرض، ويغادر دنيانا عام 2012 تاركاً وراءه إرثاً كبيراً، وسمعة طيبة ومواقف مشهودة، فقد رفض رغد العيش وعاف جلال المنصب، وضحى بالكثير ليبقى على مبادئه، وبالتالي حورب في عمله وتجارته ومنع من السفر، ولكنه بقي صامداً وفياً لما كان يؤمن به. وكان كلما التقى بي يثني على كتاباتي ويحثني على الاستمرار.
شخصية المقال الثانية هي «س.م.ال..»، والتي لا يجمعها بجاسم القطامي غير سنة الميلاد والوفاة، برزت هذه الشخصية للعلن عندما طلبت لجنة حكومية تفاصيل عن حياته، وكان هذا ما تم تزويدها به: حصل والدنا «س.م» على إجازة القيادة عام 1959، واستخرج جنسيته عام 1962. وعمل في بسطة والده في سوق الخضار. درس في المدرسة الجعفرية، وتركها ليعمل سائقاً في وزارة الصحة، عاد ليدرس في المعهد الديني، ولكنه ترك الدراسة وعاد إلى الصحة مسؤولاً عن كراج النقليات، قبل أن يتقاعد ويعمل في سوق الأسهم. كوّن ثروة من المضاربة في شراء وبيع الجنسيات، وفتح ديوانية كانت تشتهر بسخاء ما يقدم بها.
وهنا قبلت اللجنة المختصة طلب أسرته بإطلاق اسمه على الشارع الذي تقع فيه «ديوانيته»! وما زال محبو جاسم القطامي بانتظار إطلاق اسمه على شارع آخر قريب منه!

أحمد الصراف