حسن العيسى

المشكلة هي أنتم

طبيعي لا أحد يرضى بالاعتداء على مخافر(نا) ورجال شرطة (نا)، هذا كان الرد المفروض على التساؤل الاستغرابي لوزير داخلية (نا) عندما سأله بعض نواب مجلس أمة (هم) حول التعسف في اعتقالات وحبس البدون المتظاهرين على بحبوحتهم المعيشية، واستقرار مراكزهم القانونية في دولة الوعد والتنفيذ الحازمة. لكن أيضا، يمكن لأي مواطن مهموم بقضايا الدولة المزمنة (وما أكثرها) أن يتساءل ما إذا كان شيخ (نا) وزير الداخلية محمد الخالد يرضى بسلطة هو أحد أركانها تَعِد ثم تخلف، تتعهد و"طق الصدر" ثم تتنكل، وحساب الوعود بحل قضية البدون وإن كان له بداية من أول سبعينيات القرن الماضي، مثلما ذكرت الزميلة ابتهال الخطيب قبل ثلاثة أيام بمقال (تربية) فليس له نهاية، طالما هذه السلطة هي ذاتها لم تتغير منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.
كم مرة وعدت السلطة بحل قضية البدون بحلول قانونية او إنسانية، تم تنكلت، وكم مرة قرأنا أخباراً عن "محاولة" حل أزمة البدون! كي تطوى في ما بعد في أدراج الإهمال والنسيان.
 خذوا مثالاً على تلك الوعود… في يناير 2012، نقلت "بي بي سي" خبراً على لسان  وزير الداخلية السابق أحمد الحمود أن "أوامر عليا" بتجنيس عدد البدون من العسكريين، ومن حملة إحصاء 65 ومن لهم أقارب كويتيون… ماذا حدث بعد مضي أكثر من سنتين من الأوامر العليا، لا شيء، ولن يحدث شيء، لا في معضلة البدون ولا في أي قضية أخرى أدمت وتدمي هذا الوطن.
 العنف كتعيبر اجتماعي لواقع مزرٍ مرفوض، لكن كيف يمكن للسلطة أن تقنع آلاف المحبطين من البدون بأنها جادة في حل ازمة هوياتهم! فقد مضى أكثر من أربعة عقود على الوعود الفارغة، والتي تؤكد عدم جدية السلطة في إنهاء معاناة بدون الكويت، مادامت هناك قناعة بأن معظم البدون يحملون جنسيات أخرى وأن انتماءهم للوطن مشكوك فيه، مهيمنة على أفئدة أهل القرار وعلى من حولهم من أصحاب الذكر الكريم… هذا لا يبرر العنف ولكن قد يفسره، وتوهم السلطة نفسها متى اعتقدت أن عصيها وقسوتها هي الحل، المشكلة ليست في البدون، المشكلة هي أنتم من البداية للنهاية.

احمد الصراف

فريق «سما» الإنساني

أن تكون متدينا فالأغلب أنك ستكون طيبا ورحيما مع من ينتمي لدينك، أو بصورة أدق لمذهبك وطائفتك، وبصورة أكثر تحديدا، لمن ينتمي لعرقك نفسه أو وطنك ذاته، وليس ذلك بغريب، فهذا ما ارتاح له المتدينون! ولكن أن تكون إنسانيا فهذا يعني أنك ستكون طيبا ورحيما مع شريحة اكبر بكثير، بصرف النظر عن عرقها، دينها أو لون بشرتها! وبالتالي نحن بحاجة لأن نكون إنسانيين أكثر، ومتشددين دينيا أقل.

***
اعتاد ابناؤنا منذ سنوات القيام بعدة نشاطات خيرية لمساعدة هذه الجهة أو تلك، ومن ضمن أنشطتهم المشاركة، مع منتمين لجنسيات وديانات مختلفة أخرى، في بناء أو ترميم بيوت الفقراء في مناطق منكوبة أو فقيرة في أفريقيا وآسيا. وقد سألتهم مؤخرا، مع ازدياد مشاركاتهم في تلك الأعمال الخيرية «الحقيقية» عما يدفعهم للسفر بالطائرة لعدة ساعات، والغياب لأيام طويلة، والانتقال من مطار لآخر ومن سيارة لحافلة للوصول لأهدافهم، وهنا في الكويت من هم بحاجة، ربما اكثر، لجهودهم؟ فقالوا بأن الأمر ليس بتلك البساطة، فما يقومون به لا يتعلق فقط بالجانب الخيري، بل بجوانب إنسانية عميقة تتعلق بالتواصل مع المشاركين الآخرين، الذين يأتون من عدة دول وينتمون لعشرات الجنسيات، ويمتلكون مختلف المهارات المطلوبة والذين لا نوازع جنسية او عرقية أو دينية تدفعهم لتجشم كل ذلك العناء غير محبتهم لإخوتهم البشر، واستعدادهم للتطوع من دون منة ولا ابتغاء أجر! وتقول سما الوسمي، زوجة ابننا محمد، وهي إحدى المشاركات في مثل هذه الأنشطة، بأن وجودها وزوجها ورفاقها في تلك المناطق المحرومة، لا يعني مد يد العون لبناء بضعة منازل، أو ترتيب قروض صغيرة، بغير فوائد لتجهيزها، بل يهدفون أيضا لخلق روح التعاون بين ابناء القرية نفسها، فعندما يرى هؤلاء من جاء من بعد آلاف الأميال لمساعدتهم في الحصول على بيت، لا يكلف بناؤه عادة 3000 دولار، فإن هذا يخلق فيهم حب الخير والعمل الجماعي والتطوع من دون مقابل. وتقول انها ورفاقها على استعداد للقيام بمثل هذه المشاريع في الكويت وغيرها من الدول العربية، متى ما توافرت لهم البرامج اللائقة وتسهيلات الدخول والإقامة، وتحديد الأماكن المطلوب العناية بها، وكل هذه الأمور تحتاج لجهود كبيرة من مؤسسات غير حكومية، ومتطوعين «إنسانيين»، وهذا ما تفتقده مجمعاتنا بشكل صارخ!
وتستطرد سما قائلة بأن فريقها مكون من 24 فردا، غالبيتهم غربيون، وأنها اختارت هذه المرة التطوع لبناء بيوت في الهند لرد الجميل لمئات الآلاف منهم الذين سبق أن ساهموا، ولا يزالون، في بناء الكويت!

أحمد الصراف