محمد الوشيحي

«لو هو خروف ما عشاكم»

الحمد لله، تأجلت الاتفاقية الأمنية، أو مناقشة القضية الأمنية. هذا يعني حسابياً نحو ملياري دينار. كيف؟ ستتحول الاتفاقية إلى “سبّوبة” ومصدر رزق لتجار الأزمات. هات صفقة، وهات توقيع معاليك على هذه المعاملة المالية المشبوهة، وهات منصب وكيل وزارة لصاحبنا فلان، ووكيل مساعد لقريبنا علان، وهات شاي الوزة بالياسمين. متابعة قراءة «لو هو خروف ما عشاكم»

سامي النصف

الحكومة الغائبة

لا أعتقد كمراقب ان الكويت مرت بتاريخها الممتد لقرون بما تمر به هذه الأيام، فلأول مرة يرتعب الشعب وتبدأ الشكوك القاتلة بالمستقبل ومصير البلد وسط الأحداث الجسام القائمة في المنطقة، ولأول مرة يصيب الناس احباط شديد من الفساد وسوء الأداء يشمل الجميع وتتكون رغبة لدى كثيرين في الهجرة وإيجاد بيت آخر خارج الكويت حتى اصبحنا محجا للمشاريع العقارية المقامة في العالم.

***

كل هذا والحكومة صامتة صمتا لا حكمة فيه فلا وزير يظهر ولا مستشار او مسؤول حكومي يتكلم ويشرح للخلق خطط الحكومة المستقبلية بما يطمئنهم ويبدد مخاوفهم، وهو امر معاكس تماما لما يحدث في جميع الديموقراطيات المتقدم والمتخلف منها، ولو زرت فضائيات الدول الاخرى او قرأت جرائدها لوجدت انها لا تخلو قط مع كل يوم يمر من وزير يتكلم او مسؤول يتحدث للناس.

***

في الكويت القضية الاسخن هذه الأيام هي الاتفاقية الأمنية التي كتبت حولها عشرات المقالات وعقد لأجلها العديد من الندوات واستمع المراقبون للآراء المختلفة عدا رأي عريس الحفل اي الحكومة الذي بقي غائبا بالكامل، فلا شرح لبنود الاتفاقية ولا مقاصدها او الهدف منها خاصة أنها دون مذكرة تفسيرية ولا اجابة عما يطرح من ملاحظات حول مساسها بسيادة الدول او بعض مواد دساتيرها… إلخ، فهل هناك حكمة لا يعلم بها احد من هذا الصمت المريب؟!

***

آخر محطة: حذرنا ولانزال نحذر من مفهوم سياسي خاطئ جدا يروج له بعض العباقرة القريبين من مطبخ الحكومة وهو الاكتفاء بحصد تأييد بعض ممثلي الشعب عن حصد دعم الشعب كافة عن طريق الاقناع عبر وسائل الاعلام المختلفة، مذكرين بأن الربيع العربي قام في تونس ومصر وليبيا وسورية… إلخ ومجالس الشعب فيها مسيطر عليها من قبل حكومات بلدانهم بنسب تقارب الـ 90% دون ان يوقف ذلك الغضب الشعبي حتى انفجر!

حسن العيسى

غدي

سيكون الغد أجمل وأروع حين تتفتح أنوار الفجر مع مجموعة "نست"، هم مجموعة من الشباب والشابات تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاماً، اختمرت الفكرة بوجدان إنساني كبير لكل من نور البودي وإبراهيم السهلي ود. عبدالله عبدالجليل ومعهم مجموعة من أصدقائهم – ويا ليت أتذكرهم – بضرورة التعليم لبؤساء اللاجئين السوريين، بعد أن زاروا مخيم "الزعتري" في الأردن، وفكروا في وسيلة تمد يد العون لمئات الأطفال المحرومين من التعليم، كانت البداية تقديم شنط مدرسية وأدواتها، وكتب لأبناء المنكوبين في المخيمات، قاموا بتوزيع تلك السلال المتواضعة لوسائل التعليم تحت مظلة الهلال الأحمر الكويتي، وحين عادت "نور"، وهي اسم على مسمى، مع زملائها للكويت اسسوا مجموعة "نست"، بعد أن أدركوا أن حاجة اللاجئين لن تنتهي عند الشنط والكتب، وإنما الدراسة النظامية كأجلّ عمل خيري يفتح أبواب الأمل لأطفال حرب البؤس في سورية هي الغاية الكبرى، وبعد زيارات لمخيمات اللاجئين في لبنان، بدأت مجموعة "نست" حملة "غدي" التي تقوم على حقيقة أن التبرع بمبلغ مئة دينار يكفل دورة دراسية (كورس) لكل لاجئ، وبعون عدد من الأفراد والمؤسسات التجارية، تم تخصيص مساحة بسيطة لهم في مجمع 360 استطاعت حملة "غدي" أن تنقل للزائر صورة مشابهة لواقع العذاب في مخيمات اللاجئين، المكان بمجمع تجاري فخم ليس هو خيم الشقاء المبعثرة في الأردن ولبنان، إنما مجرد محاولة نقل صورة محزنة لنتائج حروب الظلم للكويت، محاولة تستحق كل تقدير لأبناء "نست".
خلال يومين من حملة "غدي" تم تغطية التكلفة الدراسية لـ400 طالب وطالبة، للتعلم في مدارس لبنانية، كلمة "شكر" يجب أن تقال لكواكب "نست" وحملة مشاعل "غدي" الذين يريدون اليوم أن يواصلوا مسيرة العطاء بتقديم دعم المواصلات والحاجات الأساسية من ملابس وغير ذلك لأبناء اللاجئين، عبر تبرعات الخيرين، فلهم ولكل من ساهم معهم تحية تقدير… ولربما يكون في جهود حملة "غدي" عبرة تعلم غيرهم من شباب الوطن – وما أكثر الغرقى عندنا في مستنقعات الاستهلاك والفراغ القاتل – معنى العمل الإنساني الجاد، ومعنى تحقيق وحمل هم الوجود الإنساني الكبير.

احمد الصراف

شفافية الحرس

“>”>ورد في الصحف قبل ايام خبر نتمنى أن يتكرر ما يماثله مع الجهات المدنية والعسكرية الأخرى. فقد أعلن الحرس الوطني عن إنشاء لجنة تهدف لتعزيز قيم الشفافية والنزاهة والمساءلة والعدالة، في الحرس الوطني، وتكريس الإدارة النزيهة ومكافحة الفساد. وأن اللجنة ستعمل على حماية (أو بالأحرى منع) منتسبي الحرس من استغلال المنصب، أو تحقيق منافع شخصية لأنفسهم، ومنع الوساطة والمحسوبية، وأن هذا القرار جاء تتويجا لحصول الحرس الوطني على جائزة الشفافية لعام 2013، ويتماشى مع الرغبة في مواصلة مسيرة الإصلاح المنشودة في الحرس. وأن اللجنة سيرأسها، بموجب القرار، وكيل الحرس الوطني الفريق ناصر الدعي، وعضوية ضباط كبار آخرين. وحدد القرار اختصاصات اللجنة، وصلاحياتها ومن بينها فسخ أي عقد أو ارتباط يكون الحرس طرفا فيه، إذا تبين أن هذا العقد أو الارتباط قد أبرم بمخالفة للأنظمة والقرارات المعمول بها في الحرس. كما تختص اللجنة بالمراجعة الدورية لمؤشر مدركات الإصلاح وتطويرها والإشراف على تنفيذها، وتلقي التقارير والشكاوى والمعلومات بخصوص حالات الفساد المقدمة إليها ودراستها، واستطلاع رأي منتسبي الحرس الوطني وآراء المراجعين له بشأن مؤشر مدركات الإصلاح، كما حدد القرار التزامات اللجنة وضوابط الاستدعاء والإبلاغ وجمع المعلومات.
كل هذا كلام إنشائي، في غالبه، ولكن نتمنى أن نكون مخطئين في وصفنا، ونتمنى كذلك أن تقتدي الجهات الحكومية الأخرى بهذه الخطوة، ولا شيء يمنعها طبعا من الحصول على شهادة الشفافية، لنصبح، ولو قليلا، قريبين من الدول الإسكندنافية، والعبرة هنا ليست بالكلام، بل بالتنفيذ. فمن السهل تشكيل لجان وتحديد مهامها ووضع الضوابط لها وإعطاؤها الصلاحيات، ولكن ما يأتي بعد ذلك هو المهم!
لقد قمت شخصيا بدوري، كمواطن، بالاتصال مرتين بالحرس الوطني، وكتبت مقالا في الموضوع نفسه، للفت نظرهم لحقيقة أن من الصعب أن نطلب من المنتسب للحرس أن يكون منضبطا في عمله، دع عنك شفافا، طالما أنه يجبر يوميا على مخالفة القانون، باضطراره للوقوف في الأماكن الخطأ، أمام غالبية منشآت ومكاتب الحرس، وإغلاق فتحات المواقف والممرات وتخريب الأرصفة، والوقوف حتى في منتصف الشارع، من دون مبالغة! ويحدث ذلك يوما بعد يوم بحيث أصبحت المخالفة أمرا مقبولا. وبالتالي على مسؤولي هذه اللجنة الاهتمام أولا بالمخالفات الصغيرة، ومحاولة حلها، قبل الاهتمام بما هو أخطر، فمرتكبو المخالفات الصغيرة اليوم هم مجرمو المستقبل، هكذا يقول علم النفس وتقول سجلات وزارة الداخلية وتجاربها، وفهمكم كاف.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

المسألة المصرية وترشح السيسي!

  كتب الزميلان الكبيران عبد الرحمن الراشد وصالح الشايجي وكتبنا ندعو المشير السيسي لعدم الترشح خوفا عليه وخوفا على مصر، داعين إلى أن يبقى محافظا على جيش مصر الطاهر المانع للفوضى وللحرب الأهلية ولتفتيت أرض الكنانة، وأن يقوم بالترشح بعد 4 سنوات بعد أن تهدأ الأحوال وقد يكون الحكيم السيسي واعيا لذلك كله بدلالة تأخر قراره بالترشح وأن ما يدفعه بالمقابل للعب دور الملك بدلا من صانع الملك وحاميه في هذه الحقبة، الخشية من تكرار سيناريو مرسي مع طنطاوي أي أن يأتي رئيس مصاحب بأجندات سرية فيعزل المشير وتضيع مصر بالتبعية.

***

لقد حكم زعماء وطنيون محبوبون مصر عندما كان عدد سكانها لا يزيد على 5 ملايين في عهد عرابي و11 مليونا في عهد زغلول و20 مليونا إبان حقبة عبدالناصر، وكانت مساحتها تزيد على 3.5 ملايين كم2 من الأراضي الخضراء (مليون مصر + 2.5 مليون السودان) ومع ذلك لم يستطيعوا حل مشاكلها فكيف ستحل في السنوات الأربع المقبلة التي سيتجاوز عدد سكان مصر الحبيبة فيها حاجز المائة مليون نسمة على أرض 95% صحراء والباقي ذاهب للتصحر مع النقص المتزايد للمياه وابتعاد المستثمرين والسائحين عن القدوم وتفشي الإرهاب والمصاعب الاقتصادية؟

وأكبر التحديات التي سيواجهها الرئيس السيسي ما سيحدث بعد عامين من حكمه أي بدايات عام 2016 عندما يبدأ سد النهضة في إثيوبيا بتجميع المياه خلفه، حيث يذكر وزير الري الأسبق المختص د.محمد علام ويؤيده بذلك جمع من دكاترة كلية الهندسة، أن منسوب المياه سينخفض حينها في السد العالي حتى يتوقف تماما عن العمل بعد 56 عاما على إنشائه وأن الطاقة الكهربائية ستنخفض نتيجة لذلك بمقدار 40% لتعيش مصر في ظلام دامس.

***

وضمن ذلك السيناريو الكوارثي ستستفز المشاعر الوطنية وستطالب الناس العطشى بالقصاص والرد العسكري ومن ثم ضرب سد النهضة بالطائرات الحربية (هناك من المفكرين من يسوق هذه الأيام لذلك ويقول لو كان السادات لفعلها)، ما لم يقله أحد إن ضرب سد النهضة لن يضر كثيرا بالحبشة لمحدودية المياه المحجوزة خلفه أما رد الحبشة المتوقع بضرب السد العالي فسيغرق مصر في مياه بحيرة ناصر المتجمعة خلال نصف قرن في وضع اسوأ كثيرا من نكسة 67 التي خلفتها العواطف الجياشة.

***

آخر محطة: ينسى كثيرون أن المرشح حمدين صباحي ظهر اسمه في كشوف النفط مقابل الغذاء الصدامية ومن يبع نفسه مرة يبعها كل مرة والأكيد أنه مرشح سيعطيه الإخوان أصواتهم ومعهم قوى اليسار.. ياليل!

احمد الصراف

كويتي وما أشتغل

“>خدعت أخبار استعدادات الكويت للاحتفال بأعياد فبراير زوجتي، فقررت أن يشاركنا ابن أختها، المهندس في قطر، الفرحة في شهر التحرير والتسوّق. وهنا تقدّمت، بكل براءة، بطلب لإدارة هجرة حولي للموافقة على طلب الزيارة العائلية، فطلبوا مني طباعة نماذج وتقديم مستندات، ودفع ما علي من مخالفات، إن وجدت! وفي اليوم الثاني، وبعد «التدقيق»، طلبوا مني تقديم صورة عن وثيقة زواجي، مع صورة عن بطاقة الزوجة المدنية، هذا غير صورة بطاقتي المدنية. كما طلبوا صورة شهادة الهندسة الخاصة بالقريب المطلوب زيارته، وصورة صفحة الجواز التي تحمل ختم الإقامة في قطر. ثم طلبوا شهادة ميلاد القريب، للتأكد من أنه ابن أخت الزوجة، وليس مهندساً مشرداً في قطر، لا صلة لنا به!
وهكذا، قمنا بإجراء الاتصالات، بعد جهد، وروح وتعال وشد وجذب وكر وفر وإقبال وإدبار وإرخاء، حصلنا على توقيع رئيس القسم وبعده نائب المدير، وأختامهما، ولكن الموظفة «الكويتية» المصونة رفضت الطلب، لأن شهادة الميلاد لم يرد بها اسم الشخص المطلوب دعوته، فبينا لها أنها مؤقتة، كما هو مدون عليها، وتعطى للوالدين اللذين لم يختارا، عند إصدارها، اسم المولود، وان اسم الوالدة والوالد وتاريخ ميلاد الطفل مطابقان تماما لما ورد في جواز السفر، وأن القريب يحمل شهادة هندسة ولديه إقامة صالحة في قطر، ولكن الموظفة أصرت على رأيها! قمت هنا بتمزيق أوراق الطلب أمامها ورميها في سلة الزبالة، وقلت لها بكل هدوء: «الشرهة مو عليك، ولكن علي أنا الذي قبلت أن أضع نفسي في هذا الموقف، وأضيع ثلاثة أيام في مراجعات عقيمة»!
عدت لمكتبي، وأخبرت صديقا، يعمل في أحد الفنادق، بالقضية فطلب مني إرسال خمسين دينارا، رسم غرفة في فندق، وصورة الجواز، وبعد 6 ساعات كانت فيزا الزيارة على مكتبي! وعلمت بعدها من ضابط كبير بأن المقيم في دولة خليجية ويحمل شهادة عالية، لا يحتاج إلى فيزا أصلا، فهو معفى منها! وهنا تذكرت، وأنا أسترجع كل ما عانيته خلال الأيام الماضية من الإرهاق على باب رئيس القسم، وبعدها مساعد المدير، ومراجعة هنا وشرح هناك وطباعة مستندات وتصوير جوازات، والقيام بعشرات الاتصالات الخارجية، والوقوف في طابور، تذكرت أغنية أو شعار «كويتي وأفتخر»، وبدأت بالتساؤل عما يستحق أن نفتخر به ونحن بمثل هذه الخيبة، التي لم نكن عليها قبل سنوات قليلة، ولماذا كويتي وأفتخر وإنتاجية الموظف بهذا التدني؟ وهل نفتخر بتزايد وتيرة السرقات، التي أصبحت خبرا يوميا، أم بقدرتنا على تعطيل مصالح المواطنين، أم بكل هذا الإهمال الإداري والفساد الحكومي؟

ملاحظة: تتبع الكثير من الديموقراطيات العريقة أسلوب الاستفتاء لتقرير مصير أي قرار يمس الأمة أجمعها، ولا تكتفي برأي نواب الشعب. وبالتالي لماذا لا تلجأ الحكومة والمجلس إلى طرح موضوع الاتفاقية على الاستفتاء العام للتصويت عليها بنعم أو لا؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

دبي… هلمَّ سحراً

من مرحلة الإبل التي تحمل الزبد، في صحراء ملأى بـ”الذيابة”، يسوقها راعٍ يغني على الربابة، انتقلت دبي إلى مرحلة وضعت فيها كلَّ قدم في سحابة. كل ذلك في غضون سبع ساعات، وقيل بل أربع ساعات، واختلف الرواة والمستشرقون.
هي حديقتنا، نحن أهل الخليج، نجلس فيها كل “عصرية” مع عوائلنا وأطفالنا وكبارنا وصغارنا نشرب الشاي، ونقضي فيها أعيادنا، وما أكثر الأعياد، وما أكثر لقاءاتنا. هي مدينتنا التي نتحدى بها أعتى عواصم العالم، ومدنه الخيالية، وهي متنزه العالم وموطن انبهاره. متابعة قراءة دبي… هلمَّ سحراً

سامي النصف

الوطنية الزائدة أو الزائفة

  الكويت لديها «أوفردوز» أو جرعة زائدة من الوطنية تعكسها الأغاني الوطنية التي تذاع آناء الليل وأطراف النهار وكأننا في حرب دائمة مع أعداء غير منظورين، ومن يسمع تلك القصائد التي تتغزل بحب الوطن والرغبة بالتضحية لأجله بالنفس والنفيس والغالي والرخيص، لا يصدق بحق أن من تدمع عينه، وهو يسمع تلك الأناشيد المعبرة، يقوم بذلك ويده تنهب وتسرق وتخرب وتدمر وطنه.

***

ولا أذكر في هذا المقام أن هناك شبيها لتلك الأغاني الوطنية في الدول المتقدمة ذات الوطنية الحقة، فلا نسمع على سبيل المثال أغاني على شاكلة «أنا بريطاني أنا، أنا قول وفعل وعزومي قوية، أنا بريطاني أنا تشهد لي واترلو والشعوب الفرنسية»، أو نشهد أميركاني أو ياباني تتخدر أنامله وأطرافه عند سماع الأغاني الوطنية، إلا أنه مع وصول ساعة الحقيقية يولي الأدبار مع أول رصاصة توجه للوطن الذي يتغنى به.

***

ورغم أن أمم الأرض غزيت وتحررت مرات عديدة في تاريخها، إلا أنها تختار «يوما واحدا» لأعيادها الوطنية قد لا يكون حتى يوم تحررها كحال احتفالات فرنسا بيوم سقوط الباستيل، وأميركا بعيد الشكر، وكثير من دول المنطقة بيوم تغيير نظام الحكم فيها لا استقلالها أو تحررها، في بلد الوطنية الزائدة، إذا لم نقل الزائفة التي لا تمنع السرقة أو التخريب، تم اختيار يومين لا واحد للاحتفالات الوطنية، ولو كان لي من الأمر شيء لألغيت احتفاليات يومي 25 و26 فبراير واستبدلت بهما يوم «إطفاء حرائق النفط» لألف سبب وسبب!

***

آخر محطة: تعقيبا على ما ذكره الزميل الفاضل د.وائل الحساوي ضمن مقاله الأخير في الزميلة «الراي»، والذي تطرق فيه إلى حوارات مست سلامة الطيران مؤخرا، ومتسائلا: لماذا تستخدم طائرات شديدة القدم؟ نذكّر بأن تلك الطائرات يفترض أن تكون قد استبدلت، ومنذ مدة بطائرات «الجيت ايرويز» التي لا يزيد عمرها على 5 سنوات، والتي ستستخدم «مؤقتا» حتى وصول الطائرات الجديدة.

حسن العيسى

كأن هذا ما ينقصنا!

يكفي لمعرفة خطر الاتفاقية الأمنية على حريات البشر قراءة تبرير "مصدر حكومي مطلع لها" بأن "هناك ضرورات ومقتضيات تستدعي تمرير الاتفاقية التي أجازتها كل دول مجلس التعاون الخليجي ولم يتبقَّ منها سوى الكويت، وعدم المصادقة عليها سيوقع البلاد في حرج مع أشقائها الخليجيين" "الوطن عدد الجمعة"، فهي اتفاقية توحيد النهج القمعي للحريات بين دول الخليج، والكويت حسب "المصدر المطلع" التي لم تصدق على الاتفاقية تغرد خارج السرب الخليجي، ويتعين حسب رغبات سلطة "البخاصة" أن تصطف الكويت مع شقيقاتها الخليجيات، بمعنى أن يتم تفصيل جلباب الدولة بمقاس واحد متناسب مع بقية دول الخليج، بصرف النظر عن تفاوت حجم التطورات الدستورية والتشريعية والقضائية بين الكويت والدول الخليجية، رغم كل ما مضى من انتكاسات دستورية أصابت الكويت منذ ولادة دستورها وحتى اليوم.
المادة 16 من الاتفاقية التي تنص على تسليم المتهمين "وليس المدانين فقط بأحكام نهائية لسلطات قضائية مستقلة" واضحة في تعارضها مع مواد الدستور، وتبرير السلطة وأعيانها التابعين بأن المادة الأولى من الاتفاقية تنص على "تعاون الدول الأطراف… وفقاً لتشريعاتها الوطنية" مضحك، وشر البلية ما يضحك، فما معنى تعطيل بعض نصوص الاتفاقية متى "تعارضت مع التشريعات الوطنية"؟! فهنا إقرار مسبق مفترض بأن نصوص الاتفاقية تتعارض مع التشريع الداخلي، الذي يجب أن يُقدَّم على الاتفاقية! إذاً لماذا إقرار مثل هذه الاتفاقية إذا كان التشريع الداخلي أسمى منها ومقدماً عليها؟ وما جدواها، ما لم تكن هناك قناعة مسبقة بأن فقهاء السلطة سيكون لهم سلطة تفسير التشريع الداخلي بما لا يتعارض مع الاتفاقية، أي تأويل النصوص التشريعية، بحكم عادة الترزية المتأصلة عندنا! وهنا لا يبقى من الاتفاقية غير كلمات فضفاضة، تمت صياغتها تحت هواجس أمنية لأنظمة دول المنطقة، ويبقى الإقرار آخر الأمر بأن هذه الاتفاقية ليست سوى ردة فعل أمنية لأنظمة المنطقة على تغيرات الربيع العربي وتأثيراتها على المنطقة، وهي مكرسة لجرائم الرأي والحريات السياسية الغائبة لا غير، ومد مظلة "عدم المساس بالسلطة الحاكمة" كي يهيمن قمعها في كل نقطة من خليج البترودولار، وهي بالتالي وجه آخر من وجوه الثورة المضادة لا أكثر، وكأن هذا ما ينقصنا في الكويت!

احمد الصراف

البنا والبناء

أنا الآن في مصر، وسعيد حقا أن أكون هنا.
عرفت مصر لأول مرة قبل نصف قرن تقريبا، ومن يومها وأحوالها في ترد، مع طفرات تحسن بسيطة هنا وهناك، ثم يتبعه انحدار، ووصل القهر والتخلف مداهما، ونتيجة لسنوات طويلة من الدكتاتورية، تمكن الإخوان من الوصول الى الحكم، وتنصيبهم محمد مرسي العياط رئيسا للجمهورية، ليستمر مشوار السخرية والتجهيل، ولكن وصوله كان أيضا هدية القدر لمصر! فمصر، التي أعطى حسن البنا العالم من خلالها آفة الإخوان، كان لا بد، بحكم الواقع، أن تنتهي اسطورتهم فيها على يد «بناء» آخر. وكانت بداية الزوال تعيين محمد العياط رئيسا، ولو كان أحد غيره، اكثر حنكة ودهاء، لربما اختلفت الحال، ولكن ماذا تتوقع أن تكون خيارات أصحاب الفكر المتخلف؟ ويكفي أن ننظر للفاسدين من أغلب مؤيديهم، من اصحاب المقالات والحناجر وضاربي الطناجر، لنعرف مدى بؤس حكم الإخوان، ذلك الحكم الذي تطلب خروج ملايين المصريين إلى الشارع، في أكبر تظاهرة عرفها العالم، للتخلص منهم، ربما إلى الأبد.
ولكن لماذا كل هذا العداء للإخوان؟
الجواب بسيط، لأنهم سرطان، والسرطان يجب أن يزال، فوصولهم الى الحكم يعني بقاءهم فيه إلى الأبد، وهذا ما كانوا يخططون له، وهذا ما كان متوقعا من حزب يؤمن بأنه الخليفة في الأرض، وزعامتهم هي الناطقة باسم الله والمفسرة لكلامه، والممثلة لإرادته، وبالتالي كان من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، مقارعتهم الحجة بالحجة، ومنافستهم ديموقراطيا، أو الدخول معهم في نقاش، وهم الذين يصفون كل من لا يتفق مع منطقهم، الديني أو السياسي، بالكافر والضال! وبالتالي كان من الطبيعي أن يفزع الإنسان السوي من مدعي احتكار الصلة بالله، ومعرفة ما يريد، وما يقبل به ولا يرضى عنه! فإن قالوا لا للكنائس في مصر، فمن الذي سيقول لهم «لا»؟ وإن طالبوا المسيحيين بدفع الجزية، المختلف اصلا على مقدارها، فمن الذي سيوقفهم؟ وإن قالوا إن الحجاب أو النقاب من الدين، ولا تخرج امرأة بغيره، فمن الذي سيعارضهم؟ وإن ألغوا النظام الديموقراطي واستبدلوه بالشورى فمن الذي سيقول إن ذلك ليس من الدين في شيء، وهم الذين يفسرون نصوصه؟ وما ينطبق على الإخوان ينطبق على أي نظام ديني سواء كان في إيران أو أفغانستان طالبان!
نعم، لو لم يكن العياط في الحكم لما تحرك «البناء» ليزيل حكم البنا، ويقوم بذلك باسم الشعب الذي فوضه، في سابقة فريدة في التاريخ، ويتخلص من حكم طغمة فاشلة، وهم كذلك، فبعد ثمانين عاما من العمل السياسي، فشلوا، ليس في حكم مصر فحسب، بل وحتى في اختيار رئيس جمهورية رصين، وبالتالي كان اختيار العياط بداية «عياط الإخوان»، وعودة الابتسامة للوجه المصري الطيب.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com