محمد الوشيحي

الدول على أشكالها تقع

أربعة كنا، ضمن طلبة ضباط الكلية الفنية العسكرية في القاهرة، الكاتبجي بقامتي الطويلة النحيلة التي توحي بأن أصل الإنسان ماسورة… و”ويللو”، واسمه “الوليد”، وهو من “العرب” كما يسميهم المصريون، باعتبار أن أصولهم من الجزيرة العربية، ويساويني طولاً، بيد أن المسافة بين كتفيه تتوه فيها القوافل، ففي الجزء الشمالي الشرقي من صدره يمكنك أن تزرع حشائش لملعب غولف، وفي جزئه الجنوبي يمكنك “تشبيك محمية”، أما الجزء الغربي فمنطقة متنازع عليها بفعل الاستعمار! وعلى أطراف كتفيه يتدلى ذراعان سميكتان، لن تكون في يوم سعدك إن هبدك بإحداهما من باب المزاح، ولن تكون في التعداد السكاني القادم إن ركلك برجله. متابعة قراءة الدول على أشكالها تقع

سامي النصف

الرئيس مرسي كوميديا بالحكم وبالمحكمة!

تقول نكتة مصرية إن أول رئيس لجمهورية مصر هو محمد نجيب والثاني جمال عبدالناصر والثالث السادات والرابع مبارك، فاصل كوميدي، والخامس عدلي منصور. ونشرت جريدة مصرية كاريكاتير يظهر الممثل سعيد صالح وهو يخاطب الرئيس السابق محمد مرسي قائلا «مرسي الزناتي يبقى جنبك ولا حاجة يا ريس» بعد العرض الكوميدي الفاقع إبان الجلسة الأخيرة لمحاكمته عندما صرخ مرسي على القاضي «انت مين واحنا فين؟»، قد يكتشف المصريون لاحقا أن القاضي  عدلي منصور بعلمه ورزانته وثقافته الدستورية قد يكون أحد أفضل الحكام الذين مروا بتاريخ مصر.

***

وقطعا يملك الإخوان من العقول من ينبئهم بأن الدفاع عن الرئيس المخلوع محمد مرسي العياط قضية خاسرة حتى النخاع ولا تستحق خسارة الشعب المصري أو حرق أرض الكنانة لأجلها، وأن خطأ التمسك بحكم مرسي أكثر فداحة وضررا من التحالف مع الملك فاروق ثم اغتيال رؤساء وزاراته، والتحالف مع ناصر ثم محاولة اغتياله، والتحالف مع السادات واغتياله، والتحالف مع مبارك والانقلاب عليه، والحال كذلك مع القوى السلفية والوطنية واليسارية والليبراليية المصرية التي تحالفوا معها ثم انقلبوا عليها بعد فوز مرسي بقصد احتكار الحكم.

***

ونشر المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية دراسة أوضحت أن اعتدال وتعقل سلف مصر يرجع إلى كونهم مرتبطين تنظيميا بسلف الكويت، وفي دراسة نشرتها إحدى الصحف المصرية مؤخرا ان هناك قوى اخوانية فاعلة تخطط لاستبدال القيادة المصرية للتنظيم الدولي والمصري بقيادات غير مصرية بعد الاخفاقات الشديدة لحكم المرشد والشاطر ومرسي الذي عادى القضاة ثم قيادات الجيش والقوى السياسية والفعاليات الاقتصادية والإعلاميين والأزهر والسلف وقطاع السياحة، وكل ذلك في أقل من عام من الأخطاء الكبرى، ما مهد لأن يخرج الشعب المصري عن بكرة أبيه في أكبر تظاهرة في تاريخ مصر منذ نشأتها مطالبا بإسقاطه.

***

وأعتقد أن قيادة الإخوان في الكويت هي المؤهل الحقيقي لقيادة التنظيم العالمي للإخوان واحتلال منصب المرشد العام كونها قيادة لم تعانِ كحال القيادات العربية للاخوان من القتل والتعذيب والتهجير والمعتقلات الرهيبة التي تخرج أسوأ ما في الإنسان من أحقاد ورغبة في الانتقام وعدم التسامح والغدر، إضافة إلى أن السجل القهري والتهجير القسري يسهلان عملية التجنيد، ومن ثم الاستخدام لاحقا لتدمير الأوطان وحتى لربما تدمير تنظيم الإخوان تحت رايات ظاهرها رحمة وباطنها عذاب.

***

لقد أثبتت قيادات الإخوان في الكويت وخلال مسار الأربعين عاما الماضية نجاحات كبرى على مستوى الكويت والإقليم بعكس إخفاقات الإخوان في المنطقة العربية (مصر، سورية، الجزائر… إلخ) كما عرفت القيادة الكويتية للاخوان بالبرغماتية الشديدة من حيث علاقتها بالقوى الوطنية والليبرالية واليسارية وحتى السلفية وأكبر الدلائل على تلك المرونة ما حدث مع الحكومة الكويتية الحالية من عداء شديد لها قبل عام تمثل في النزول للشوارع للمطالبة بالحكومة الشعبية ثم دخول الاخوان في الحكومة الحالية بأكثر من وزير هذه الأيام.

***

آخر محطة: قد يكون المانع الحقيقي لتولي إخوان الكويت- رغم أهليتهم الشديدة لمنصب المرشد العام للاخوان المسلمين في العالم- هو.. إعلانهم المتكرر، أي إخوان الكويت، عدم وجود اخوان مسلمين.. في الكويت!

 

 

حسن العيسى

تعالوا إلى كلمة سواء

بصرف النظر عن مآل دعوى حل جمعية الإصلاح الاجتماعي، التي أقامها أحد المحامين بحجة ممارسة الجمعية للعمل السياسي -وهي لا تتفرد بتلك الممارسة- فالقدر المتيقن الذي يفترض الاتفاق عليه، هو رفض كل عمل ينطوي على استبعاد الآخر المختلف معنا، والقول بغير ذلك لا يعني غير الاستبداد، وفرض الرأي الواحد، ونفي للحرية والديمقراطية، ولا معنى أن يتحجج البعض بمقولة لا حرية لأعداء الحرية، وهي بالمناسبة مقولة روسبير، أحد رواد الثورة الفرنسية في بداياتها، وزعيم من زعماء سنوات الإرهاب، تحت مظلة مثل هذا الشعار يمكن ممارسة شتى أشكال القمع بحجة بناء الحريات والديمقراطية، وهذا ما يحدث اليوم في مصر بعد الانقلاب الأخير، وقيام العسكر هناك بقمع الإخوان ومن يناصرهم، ووصم الجميع بتهم الإرهاب، والنتيجة المؤكدة خلق الإرهاب على أرض الواقع، وهذا ما يحدث الآن في مصر.
ليس سراً أن جمعية الإصلاح الاجتماعي هي الإطار الرسمي "غير المعلن" لحزب الإخوان المسلمين في الكويت، ولم يكن موقف الجمعية مبدئياً لقضية الحريات والديمقراطية حين حلت السلطة "نادي الاستقلال" القومي – اليساري بعد حل برلمان 76، وفضلت الجمعية حينها مهادنة السلطة والسير في ركابها، لكن ذلك لا يعني أن نبقى أسرى التاريخ، ونبحث عن أسباب للثأر من مواقف قديمة، أو التشفي مما حدث في زمن مضى. تلك مسألة مبدئية، ولا يصح الحياد فيها، فالزمن يتبدل، ويمضي معه التاريخ للأمام والمواقف تتغير تبعاً له.
في المقابل، من غير المقبول أن تصدر تصريحات متشنجة منسوبة للجمعية ومن يناصرها كرد فعل على الدعوى القضائية لحل الجمعية، تصم الآخرين دون تمييز بالعلمانية والليبرالية، وكأنها جرائم لا تغتفر، فمن غير المفهوم أن تؤيد حركة الإخوان إقرار الدستور التونسي، الذي يؤكد مدنية الدولة، بما يعني رفض الدولة الدينية المتسلطة من جهة أو الهيمنة العسكرية من الجهة الأخرى، بينما نجد في ردود الفعل على الدعوى القضائية مما لا يتوافق مع الرأي التقدمي لبعض أنصار حدس المناصر للدستور التونسي، فليكن مثل هذا الدستور نموذجاً يقتدى به سواء للإخوان أو لغيرهم، مثل ذلك الدستور الرائع يبقى القدر الثابت والأصيل نحو عالم التقدم والديمقراطية في دنيا التعاسة العربية، لنتفق عليه، ولنتوافق على مضامينه، فحزب النهضة بتونس ضرب مثالاً رائعاً في مفهوم التسامح والتنازل عن هيمنة الأكثرية، لتسير السفينة التونسية نحو الأمام، ولتظل تونس نبراساً للربيع العربي بعد انتكاسات محزنة في معظم أقطار هذه الأمة، لنتفق على ذلك ولننته.

احمد الصراف

المحافظ الذي لم يحافظ

“>أبدى الكثيرون إعجابهم بالشيخ سالم عبدالعزيز الصباح، عندما أقدم على الاستقالة من منصبه المرموق كمحافظ للبنك المركزي. ودلت استقالته وقتها على تمسك الرجل بموقفه الواضح من الكثير من القرارات الحكومية، واعتراضه على جملة من القرارات الحكومية المالية، خصوصاً ما تعلّق منها بالهدر الرهيب في بند زيادات الرواتب التي افتقرت الى الحصافة، والتي سيدفع الجميع، حتى الذين زيدت رواتبهم، ثمنها لاحقاً في تضخم فاحش، وغلاء في كل مجال.
ولكن هذا الإعجاب تلاشى عندما قبل الشيخ سالم بتعيينه في حكومة سبق أن رفض قرارات رئيسها، وقبل منصب وزير المالية، وهي الجهة التي سبق أن اشتكى من سوء قراراتها؟ ولكن البعض الآخر استبشر خيراً بقبوله التكليف، وأنه ربما عيّن أو جاء ليصلح ما سبق أن اشتكى منه، أو ما كان عاجزاً عن إصلاحه، عندما كان يأتمر بأمر وزير المالية، وأن البلاد ستشهد لجماً قوياً للصرف غير المبرر في عهده.
ولكن الرجل فاجأنا، أو ربما خيّب آمالنا، عندما قضى جل وقته في وزارة المالية، التي تهيمن على جميع الأجهزة المالية والاقتصادية، ولم يتمكن من القيام بأي إصلاح يذكر.
ثم جاء التعديل الوزاري الأخير، ولم تبدر من الشيخ سالم أي مبادرة تشير إلى اعتكافه، سوى خبر مقتضب عن اعتذاره عن المنصب لأسباب صحية(!) وهنا أيضاً، كان مفاجئاً، كبقية المفاجآت الأخرى التي زخرت بها الحكومة الأخيرة، خلو التشكيل الوزاري من اسمه! ثم جاءت الصدمة عندما أجرى الشيخ، والوزير السابق، سالم الصباح، مقابلة صحفية حذّر فيها من المخاطر الاقتصادية المتوقعة، في حال استمرار انفلات الصرف الحكومي غير الطبيعي، والهدر المالي المتسارع والذي سيتسبب حتماً في خلخلة وضع الدولة المالي في المستقبل القريب، وما سيؤدي اليه من عجز كبير. وطالب بترشيد الدعم وقصره على المستحقين الحقيقيين، وإيقاف الإنفاق عند مستوياته الحالية. وقال إن العجز المتراكم في الفترة من 2016 وإلى 2030 سيصل إلى مائة مليار دينار تقريباً! وتضمنت المقابلة تحذيرات كثيرة أخرى.
والسؤال هنا، لماذا لم يشترط، قبل دخوله الوزارة، أن تكون مهمته إصلاح ما يعتقد باعوجاجه؟ ولماذا لم تبدر منه أي مبادرة إصلاحية، وهو أهم وزير في الوزارة؟ وما الذي فعله «معاليه» أثناء توليه الوزارة المختصة بموازنة الدولة وصحتها المالية؟ ولماذا قبل تولي المنصب أساساً، وهو العالم بعجز من يتولاه عن فعل شيء بوجود «حكومة ظل»؟ ولماذا لم يستقل من الوزارة، وهو الذي امتلك ما يكفي من قوة الشخصية والإرادة للاستقالة من منصب محافظ البنك المركزي، عندما اكتشف عجزه التام؟
نحن هنا لسنا بصدد مهاجمة الرجل، فربما كانت له «أسبابه» الخاصة، بل لنبين مدى العجز الذي وصلنا إليه. فإذا كانت مشاكلنا وقضايانا المالية، الأكثر سهولة في الحل، بمثل هذا السوء، فما هو وضع القضايا الأكثر صعوبة؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com