يبدو وكأن العالمين العربي والإسلامي أصيبا بجنون سفك الدماء والتخريب، نتيجة التعصب الديني والغلو المؤذي للنفس وللغير، بشكل أصبح فيه المسلم يشكل خطراً على نفسه وعلى الغير أينما وجد! فالمطارات تتحسب له والمخابرات تراقبه والجيوش تلاحقه والعيون تتابعه، يحدث ذلك وشعوب العالم، كما يقول المفكر السعودي إبراهيم البليهي: لا هم لها غير ثقافة التنمية، وشعوبنا لا هم لها غير ثقافة الموت والتدمير! فما يحدث الآن وقبلها في سوريا والعراق وباكستان ونيجيريا وكينيا والصومال ومالي وتشاد ومصر وغيرها، من احداث عنف وتدمير شبه يومية تملأ القلب رعبا والنفس حزنا والفكر انشغالا وحسرة، لا يمكن تصور مدى سوء تبعاتها علينا جميعا لسنين طويلة مقبلة، شئنا أم أبينا! فلمَ كل هذا الموت وكل هذه الدماء والخسائر المادية الهائلة والتدمير المستمر لمستقبل اجيال كاملة، وهدم البنى التحتية، وتعريض أمن المواطن والوطن لليتم والفقر والمرض، والإصرار على القتل على الهوية السياسية والدينية والمذهبية؟ وهو أمر لم يحدث ما يماثله في التاريخ الحديث بمثل هذا التوسع والتنوع! فلم يسبق أن تورط كل هذا العدد الكبير من الدول، في وقت واحد، في صراع دموي ديني داخلي، حصد وما زال يحصد أرواح الملايين من دون هدف، غير اختلاف على تفسير هنا وحديث هناك، وفتوى بين هذه وتلك! ومن المؤسف أن نلاحظ أن العالم أجمع توقف عن الضحك علينا، واصبح يشعر الآن بالشماتة وربما الرثاء، بعد أن اصبح المسلمون بحاجة الى علاج نفسي، فلا أحد قادر على فهم سبب كل هذا الجنون، وهذه الرغبة التي اصبحت تكتنف صدور الكثيرين منهم لتدمير النفس وتدمير الغير، اينما كانوا ومن كانوا!
لقد اصبحنا جميعا، بسبب التعصب الديني، وكأننا صم بكم، غير قادرين على فعل ما نراه أمامنا من جنون، وفقدت غالبيتنا بصيرتها، وأصبح بعضنا أعداء بعض حتى لو كانوا من اقرب المقربين لنا.
وجوابا على عنوان المقال، فإننا نقولها بملء الفم: لا، لا يوجد منقذ، ولا حتى عدد كاف من أطباء النفس لعلاج مئات ملايين المخبولين منا!
يقول القارئ بسام مسعود: لقد هربت جموع المسلمين من أوطانهم وإلى الغرب، فرارا من البطالة والظلم والاضطهاد! ويسعون الآن جاهدين الى تغيير مجتمعاتهم الجديدة، وجعلها مشابهة لتلك التي تركوها وراءهم. ونسوا أنهم بعملهم هذا يقضون على آخر امل بوجود ملجأ آمن يمكن اللجوء اليه مستقبلا، إن رغبوا في الفرار من ظلم واضطهاد مجتمعاتهم «الغربية» الحالية، لما هو أفضل منها!
أحمد الصراف