علي محمود خاجه

مسألة إدارة

مدينة المطلاع ومدينة صباح الأحمد ومنطقة علي صباح السالم (أم الهيمان)، وفي المستقبل لن أستبعد إنشاء مناطق بالسالمي والعبدلي أيضاً، طبعاً إنشاء تلك المناطق من الحكومة أو كما تحلو لهم تسميتها بالمدن هو لحل المشكلة السكانية في بلد لا يقطن كل المقيمين فيه إلا على ما لا يتجاوز الـ10% من إجمالي المساحة، وتكفي فوائض ميزانيته سنويا ما يكفي لإنشاء دول أخرى كاملة!
وبالطبع فإن كل ما يسمى بالمدن المزمع إنشاؤها سيقطنها الكويتيون ممن يحتاج معظمهم للذهاب إلى مدينة الكويت يوميا للعمل سواء في الوزارة أو في البنك أو الشركة، فكل تلك المؤسسات متكدسة في نطاق الطريق الدائري الأول، ولا تستطيع شركات القطاع الخاص الخروج من تلك المنطقة لأنها المنطقة التجارية الوحيدة التي تقع بالقرب من مؤسسات الدولة التي يحتاجونها في تعاملاتهم اليومية.
بمعنى أن الدولة تقوم بإنشاء مناطق لمواطنين سيحتاجون إلى قضاء ما لا يقل عن ساعتين يوميا على الأقل من حياتهم في الطرقات لمجرد الوصول إلى مواقع أعمالهم، ناهيكم عن حاجتهم للترفيه أو التسوق المتكدس أيضا في نطاق محدود من الدولة، وهو ما يتطلب ساعتين إضافيتين أيضا على الأقل.
وبدلاً من أن تحل أزمة المرور تتضاعف وتصبح مكتظة من جميع الجهات، لأننا في دولة لا تفكر بل تجعل من الحلول المؤقته والوهمية سبيلاً للخلاص، ولن يتحقق هذا الخلاص طبعا.
المسألة باختصار مسألة إدارة ولا تحتاج لعبقرية أو ابتكار جديد بل كل ما تحتاجه هو التفكير فحسب، فعندما تم إنشاء منطقة الصباح الصحية أو ثانوية الشويخ مثلا كانت الإدارة في ذلك الوقت تفكر في المستقبل أكثر من الحاضر بدليل أن هذين الكيانين الصحي والتعليمي ما زالا يستوعبان الطلبة والمرضى رغم مرور أكثر من 50 عاماً على إنشائهما. وهي الحال نفسها مع ما قامت عليه مدينة الأحمدي بحيث تحتضن كل المؤسسات بجانب السكن إلا أن هذا المشروع لم يكتمل بشكله المفروض لتخبط الإدارة طبعا.
الحل باختصار هو إنشاء مدن فعلية وليس مسمى المدن كما هي الحال اليوم، وأعني بذلك أن تكون المدينة كياناً قائماً بذاته لا يحتاج من يسكن فيه إلى الخروج منه يوميا للعمل أو الدراسة أو العلاج، بمعنى أن يكون للمدينة وزاراتها وقطاعها الخاص ومستشفياتها وأنديتها ومجمعاتها التجارية ومؤسساتها التعليمية كلها وأهمها الجامعة.
في تلك الحالة لن يحتاج من يسكن في الخيران أو المطلاع أن يقضي حياته في سيارته بل يستطيع قضاء حياته اليومية بكل أريحية في مدينته، وهو كما قلت ليس ابتكارا بل واقعا مطبقا حتى في دول الجوار، وسيحل مشاكل كثيرة كعدم قدرة بعض المستشفيات على استيعاب أعداد المرضى وعدم قدرة الجامعة على استيعاب خريجي الثانوية وبطالة موظفي الوزارات، وتخفيف العبء الواقع على الطرقات، وتحرير القطاع الخاص من أزمة التكدس في منطقة واحدة.
نملك المال للقيام بذلك ونملك العنصر البشري لتشييد ذلك، ونملك الشغف لتحقيق ذلك كل ما نفتقده هو العقل الذي يفكر لإدارة هذا الأمر بشكله الطبيعي المعقول.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *