محمد الوشيحي

للكويت يا محسنين

مازالت في ذهني صورة ذلك الشايب البخيل، الذي يقتّر على أبنائه وبيته وأهله، حتى إنه لم يدفع فلساً أحمر لابنه في حفلة زواجه، وليته اكتفى بذلك، بل طلب من ابنه أن يعطيه جزءاً من الأموال التي حصل عليها من أصحابه (هي عادة اجتماعية بحيث يساهم أصدقاء العريس في تكاليف الحفل)، وبالفعل أعطاه ابنه المبلغ، فاشترى الأب لنفسه سيارة جديدة واستأنف حياة البذخ على نفسه، تاركاً بيته وأهله يتدبرون أمورهم الصعبة بطريقتهم، وكأنهم في تدريب للصاعقة لا ينتهي.
وكذا تفعل حكومتنا اللطيفة معنا كشعب، فتهمل خدماتنا واحتياجاتنا، فلا هي تدعمنا ولا تتركنا، بل تأخذ من مصاريف أفراحنا لتشتري لنفسها سيارة جديدة وتستأنف حياة البذخ، وترتدي بشت حاتم الطائي فتبعزق مصاريف البيت على الجيران والخلان هنا وهناك.
وأجزم أن الأوروبيين لا يمكن أن يوافقوا على دفن كلابهم أو قططهم في مقبرة بحال ومستوى "مقبرة صبحان"، حيث التكييف المتعطل، والمكان الضيق، والسيارات التي تقف تحت شمس عمودية منزوعة الرحمة، والفوضى العارمة، والعرق الذي يمكن أن يتحول إلى "طاقة بديلة" في حال نضوب النفط، والتراب العاري من البلاط، الذي يستقبل عينيك وأنفك بترحاب وأحضان، ووو…
لذا، سننتهج ككويتيين نهجاً جديداً في تعديل وتحسين مستوى مرافق الدولة ومبانيها العامة، وسنبدأ بحملة جمع تبرعات لمقبرة صبحان، ومقبرة الجهراء أيضاً بعد أن طلب سكان الجهراء ذلك، وإذا قدّر الله لنا النجاح في حملتنا، فسنلتفت لقاعات المحاكم ونجمع تبرعات لتزويدها بالتكييف ونظام التهوية (الاختناق في بعض القاعات يجعلك تتمنى سرعة صدور الحكم عليك حتى لو بالسجن كي تخرج من القاعة قبل أن تموت)، وبعد قاعات المحاكم سنبدأ حملة ثالثة لبناء مواقف مظللة للسيارات في "مجمع الوزارات"، وهكذا، ومن يدري لعل الحماس يأخذنا فنجمع تبرعات لتطوير أسطول الخطوط الجوية، وبقية الخدمات، ونعيد تأهيل الكويت كدولة يمكن للقطط أن تقبل العيش فيها.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *