حسن العيسى

دون كيخوتات السياسة الكويتية

لا يمكن أن نحمل الحالة السياسية اليوم محمل الجد، فلا الاستجوابات الخاوية من هذا المجلس، ولا الردود الحكومية "الزعلانة" من عقوق الابن المجلسي تستحقان أن نقرأهما بجدية، وأنهما يمثلان ما يجري على أرض الحقيقة. وليد الطبطبائي النائب السابق وصف الحالة السياسية بأنها "فصل من مسرحية"، أما خالد السلطان فقد قال عن الوضع إنه "شيوخ يطقون بعضهم"، ووصفها الزميل بدر الديحاني في مقالته بالأمس بأنها "مسرحية سمجة". كلها أوصاف، برأيي، معبرة عن مهزلة الوضع الكويتي، فأي عاقل سيصدق أن تحميل وزير النفط وزر "الداو" هو عمل وطني مستحق، وأن النواب الذين يقدمونه يريدون فعلاً حماية المال العام، ولا يختلف الأمر عن الاستجواب الأجوف المقدم لوزير الداخلية، الذي ربما يستحق الاستجواب، لكن ليس للأسباب التي تقدم بها نواب "العرضة" البرلمانية.
من جديد، أسأل إن كان علينا أن نحمل ما يجري اليوم محمل الجد، ونكتب عنه، ونقلق من أجله، أم إن الأمر كله لا يعدو عن إضاعة وقت في بلد، لا تعرف إدارته معنى الوقت. هي مسرحية كاملة، وليست فصلاً من مسرحية، هي مسرحية تجري فصولها في روضة أطفال، لا ينقصها غير كلمات تشجيع من الفاضلة "ماما أنيسة" الله يذكرها بالخير، وهي تقول لأبطالها "شاطرين يا أطفال يا حلوين"! لكن أطفال اليوم الذين يعتلون المسرح السياسي لا يشبع نهمهم أن يقال لهم "يا أطفال يا حلوين"، يريدون أكثر بكثير من كلمة "الحلوين" تخرج من فم الماما، يريدون أن يكونوا أبطالاً من دون ساحة قتال وقضية يناضلون من أجلها، يريدون حصصهم في اللمعان السياسي في مكان محاصر بالصدأ، يريدون "المعلوم" من الكعكة الوطنية حالهم حال غيرهم الذين سبقوهم، والذين سيأتون بعدهم، بإذن الله.
كيف تدار هذه الدولة، وهل هناك منهج، ورؤية للمسقبل وتحدياته؟! وهل توجد لدينا "مؤسسات حقيقية" تضع حدوداً وإجراءات ملزمة لإدارة الخلافات والصراعات السياسية بين الأقطاب الكبار من جهة، وتثبت اليقين القانوني في وجدان الناس؟! هل يرى هؤلاء الأقطاب أن هذه دولة، تواجهها تحديات وجودية، ليست من الخارج، كما يروجون، وإنما من الداخل، ومن فوضويتهم وأطماعهم في السلطة، أم إنهم يرون أنها مزرعة و"ياخور" كبير خاص بهم، اختلفوا على ملكيته…؟!
أم آن الوقت كي نصرخ: بأننا سئمنا هذا العبث في إدارة الدولة، ومللنا إعادة قراءة فصول رواية "دون كيخوتات" الكويت… بعد ذلك أسألكم: هل تأخذون ما يحدث اليوم مأخذ الجد؟

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *