محمد الوشيحي

الأكلبي قالها…

هو سعد بن جدلان الأكلبي، الشاعر السعودي الأمي المعاصر، الذي يجمع لك فواكه الحكمة، ويضربها في خلاط، ويقدم لك، في بيت واحد، عصيرها بارداً لتشربه بالهناء والشفاء… يقول: "ديار الوبا من طبّها راح متوبّي / وقرابة الجربا على الحول مجروبة"، وشرح البيت: ديار الوباء من سكن فيها سيصيبه الوباء، والناقة التي تقترب من الناقة المصابة بالجرب سيصيبها الجرب هي أيضاً.
وفي الكويت تحول مجلس الأمة إلى "دار وباء" من دخل قاعته "راح متوبّي"، وفقدان الناس ثقتهم ببرلمانهم بسبب إدراكهم أنه ليس برلمانهم من الأساس… وكنا نخشى على الدولة وأموالها من الحكومة وأقربائها من الدرجة الأولى، فإذا بنا نترحم عليها وعلى أقربائها كلما شاهدنا أعضاء "دار الوباء"، وبات كل من يمر بجانب البرلمان "حامي المال العام" يتفقد محفظته وموبايله وعدد أصابعه.
ويذهب الخباز الألماني إلى مخبزه من دون أن يعرف تفاصيل نواب البرلمان وأعضاء الحكومة، لثقته المطلقة بمؤسسات دولته، ويمسك البلجيكيون (أو البلاجكة كما يسميهم أحد الأصدقاء) صحفهم، ويفتحون صفحات الفن والرياضة والموضة ولا يمرّون على الصفحات البرلمانية، هذا إذا كانت هناك صفحات برلمانية من الأساس، ويسأل المذيع الأميركي ملكات جمال أميركا المثقفات عن اسم نائب الرئيس الأميركي فتصيبهن لخمة، ويضربن أسداساً في أسباع، وقيل بل أثماناً في أتساع، وتحك كل منهن جبهتها الناعمة، وتعض شفتيها المنتفختين، وتطرق بعينيها الناعستين، ووو، فتعجز عن الإجابة… ليش؟ لأن الألمان والطليان والبلاجكة واليابانيين وغيرهم يثقون بمؤسسات دولهم، ويثقون بسياسييهم، فأمنوا على رزقهم وعلى حاضرهم ومستقبلهم وأمنهم.
هي الثقة بمؤسسات دولتهم وسلطاتها وقيادييها غابت عن الكويتيين، فانتشر الفساد والرشى، وأصبحنا نسمع كل يوم عن نائب اشترى بنايات وعقارات في المنطقة الفلانية، وآخر استحوذ على المشروع الفلاني، وأضحينا نسمع كل يوم عن المسؤول فلان يرتشي لتمرير معاملة أو تعطيل أخرى، وأمسينا نشاهد مؤسسات الدولة تتخلخل وتهتز وتقع في أذهان الناس وعيونهم، وتحولت الكويت إلى "ديار وباء وفساد".

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *