سامي النصف

في المسألة العراقية

لم يكتف أحبتنا في الخليج بتخطينا في أمور التنمية والصحة والتعليم والرياضة والإعمار..الخ بسبب انشغالنا الدائم بالصراعات السياسية
ونسياننا ما عداها، بل اصبحوا يتقدمون علينا فيما كانت تتميز به الكويت صغيرة الحجم والكبيرة بدورها السياسي في المنطقة والذي جلب احترام العالم لنا وهو ما ادى في النهاية لحشد قوى الشرق والغرب للمرة الاولى في التاريخ الحديث لتحريرنا.

فبعد ان استضافت الشقيقة السعودية حوار «المصالحة الفلسطينية» والشقيقة قطر حوار «المصالحة اللبنانية» ومصر حوار «المصالحة العراقية» وحصدت الثناء من الاعلام الدولي على ادوارها الخيرة تلك، وكنا فيما مضى السباقين للعب مثل تلك الادوار، اتى الدور على الشقيقة الامارات للقيام بمبادرة سياسية مهمة هي اسقاط ديونها عن العراق وارسال سفير لها في بغداد وهو قرار تصدر كذلك وسائط الإعلام العربية والدولية وحاز، وهو الاهم، تقدير الاخوة العراقيين.

والعلاقة مع العراق هي علاقة استراتيجية مهمة جدا لحاضر ومستقبل الكويت التي يجب الا تكتفي بحماية الدول الكبرى لها، والتي يمكن ان تتغير مصالحها وقراراتها كحال قرار بريطانيا في الماضي بالانسحاب من شرق السويس، والواجب ان نستغل اللحظة التاريخية الحاضرة لخلق علاقة ود وصداقة متميزة مع الشعب العراقي تبقى باقية بقاء الدهر وتشمل معاهدات وبروتوكولات ثنائية تودع لدى المنظمات الدولية لها شقان سري ومعلن تتضمن ديمومة السلام وحصد المكاسب للطرفين وتجعل العراق يخسر كثيرا حال تغييره تلك العلاقة من الود الى العداء.

من الاخطاء الفادحة محاولة بعض اعضاء البرلمان تقييد حركة السياسة الخارجية الكويتية ومن ذلك ما نسمعه من تهديد اجوف بمساءلة رئيس الوزراء حال اسقاط الديون الكويتية (المعدومة) عن العراق، لقد اسقطت روسيا ديونها وهي احوج منا للمال واقل حاجة منا للأمن مع العراق، كما لم نسمع قط بمن يقول بمثل ذلك الطرح ليحد من مسار المساعدات الخارجية الاميركية او الاوروبية او اليابانية او الصينية بحجة ان هناك قروضا او حاجيات اخرى داخل تلك البلدان تحتاج لمثل ذلك المال.

ان مصلحة الكويت واجيالها المقبلة تفرض علينا فتح باب مفاوضات فورية وسرية مع العراق نبدي فيها استعدادنا لإسقاط الديون الكويتية ومعها ارسال سفير كويتي لبغداد، على ان يربط ذلك بتوقيع بروتوكولات تمنع الى الابد المطالبة العراقية بالكويت او اعادة فتح ملف الحدود بين البلدين حتى ان اقتضى ذلك الامر ان يتم تضمينه الدستور العراقي وفرض عدم التطرق له في المناهج الدراسية العراقية بنصوص ملزمة غير قابلة للنقض.

ونحتاج ضمن مثل ذلك النوع من المفاوضات الى الاستعانة بخبراء دوليين في القانون ومستشارين من متقاعدي الخارجية الاميركية والبريطانية والمصرية، حيث علينا ان نقر بأننا لا نملك قدرات كالتي يملكها العراق هذه الايام وفي هذا السياق نحتاج الى سفير وطاقم متميز جدا للعمل في بغداد خلال المرحلة المقبلة وهي مرحلة تأسيس للعلاقة الكويتية – العراقية الجديدة، كما يجب ان يصاحب ذلك فتح بلاد الرافدين ارضها للاستثمار الكويتي واستخدام العراق الكويت كمركز مالي لتلبية حاجياتها المستقبلية، فالعلاقة الاقتصادية – لا السياسية – هي ما منع الحروب بين الدول الاوروبية.

آخر محطة:
دعاني الرئيس اليمني ذات مرة للقصر الجمهوري وامضيت معه ما يقارب 45 دقيقة في حديث قال فيه ان لديهم برلمانا منتخبا ومعارضة قوية كالحال في الكويت الا ان برلمانهم ومعارضتهم لا يتسببان في إساءة علاقة اليمن بالدول الاخرى، كما لا يتدخلان في اعمال تختص بها الخارجية اليمنية.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *