سامي النصف

رجال الدين ورجال السياسة

تمتاز اللعبة السياسية العربية، ولربما بعكس الألعاب السياسية في الدول الأخرى، بتواجد رجال الدين ضمن لاعبيها من منظور حقيقي هو ان الإسلام «دين ودولة»، وهو أمر نافع ومفيد لأخلاقيات تلك اللعبة متى ارتفع رجل الدين بالسياسية لمستواه بدلا من أن ينزل هو لمستوى ومتطلبات اللعبة السياسية التي تحتاج في بعض الأحيان إلى كثير من الغش والكذب والخداع وهي أمور لا تصح ولا تصلح أبدا لرجل الدين الذي لا يمثل كحال رجل السياسة نفسه بل يمثل العقيدة التي يتدثر بردائها الكريم وينعكس بالتالي أداؤه على نظرة الناس لها.

لذا فمن بديهيات القول ان على رجال الدين وهم يمارسون السياسة ألا يضعوا «إعادة الانتخاب» أو خدمة الناخب، ظالما أو مظلوما، هدفا لتحركاتهم وممارستهم بل عليهم تحكيم الضمير، وان يكونوا القدوة الحسنة في أخلاقهم وتصرفاتهم فلا يشتموا أو يفحشوا أو يغضبوا أو يفجروا في الخصومة عند الاختلاف حتى تصبح الممارسة الخليجية والعربية والإسلامية مثالا يرفع أمام الأمم الديموقراطية الأخرى.

وفي المقابل، على الناخبين ان يجلوا ويحترموا رجال الدين من الساسة فلا يتعاملوا معهم كما يتعاملون مع بقية النواب أي ان يستغلوهم في حروبهم وخصوماتهم وأكاذيبهم وافتراءاتهم حتى لا تتسبب تلك الأفعال الدنيئة في الضرر لرجال يفترض ان يكونوا فوق تلك الترهات والادعاءات، وان يكون الناخب أول الحريصين على عدم إيذاء سمعتهم وكرامتهم ومن ثم زجهم في تعدياتهم على الأبرياء.

أما رجال السياسة من أهل الدين فنذكرهم ونذكر أنفسنا ونذكر بقية النواب بحديث رسول الأمة ( صلى الله عليه وسلم ) «أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» فمطلوب من النواب وخصوصا رجال الدين منهم ان يحفظوا الأمانة ويصدقوا في القول ويحفظوا ما عاهدوا الأمة عليه في قسمهم وألا يفجروا في الخصومة كأن ينحرفوا بالأدوات الدستورية عن مقاصدها الخيرة وغيرها من ممارسات سالبة.

آخر محطة:
أتى في صحيح الكافي عن أبي جعفر ( رضي الله عنه ) «إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار، فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره» الى آخر الحديث الذي يدل على ما للغضب من ضرر على الناس فلنسمع ولنتعلم ولنتعظ.

احمد الصراف

أنا والمخدرات

احتفل العالم قبل أيام باليوم العالمي للمخدرات، وكان الافضل تسميته اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، لكن هذه قضية أخرى.
وبهذه المناسبة اعلنت ادارة مكافحة المخدرات عن مصرع 32 شخصاً عام 2007 نتيجة التعاطي، 25 منهم مواطنون (!!)، كما بلغ اجمالي قضايا المخدرات 1290 قضية من تعاط واتجار وجلب ووفاة، كانت نسبة الكويتيين منهم اكثر من النصف بكثير.
من الواضح ان الادارة المعنية تبذل جهودا ضخمة في عملها، كما ان هناك زيادة كبيرة في قضايا المخدرات بمختلف انواعها، ومعروف ان اي زيادة في عمليات الكشف عن جرائم التهريب تعني ان كميات اكبر تنجح في الدخول الى البلاد من غير ضبط، والعكس ليس بالضرورة صحيحا.
لا نود هنا التقليل من دور مسؤولي الادارة العامة لمكافحة المخدرات، او الادارة العامة للجمارك، فهؤلاء يعملون في بيئة صعبة، كما انهم معرضون لضغوط نفسية ومادية وامنية كبيرة بسبب خطورة مهامهم وضخامة الاموال المستثمرة في عمليات التهريب.
من اكثر طرق تهريب المخدرات شيوعاً تلك التي تتم فيها الاستعانة بمهربين سذج من الحالمين بالثراء السريع، ولكن متى ما دخلت المخدرات للبلاد فان عمليات توزيعها وبيعها تتطلب مهارات وشراسة اكبر.
ومن الحقائق المعروفة كذلك ان المخدرات تخرج من دول فقيرة وذات كثافة سكانية عالية، الى دول مستهلكة اكثر ثراء، فمخدرات الكويت تأتي من باكستان وايران وافغانستان وبعض دول شرق آسيا، واحيانا الهند، ويكون المهرب عادة شابا جاهلاً تماما بالمصير المميت الذي ينتظره ان القي القبض عليه بتهمة التهريب، علما بان المخدرات لا تعامل بالخطورة نفسها في بلد الانتاج او المصدر، فكل ما يراه هؤلاء المهربون السذج ذلك الثراء الهائل الذي اصاب البعض نتيجة قيامهم بعملية تهريب ناجحة.
ومطلوب هنا من الادارة العامة لمكافحة المخدرات والجمارك التعاون على طبع اقرارات، بعدد لغات الدول التي تأتي منها المخدرات الى الكويت، تبين فيها خطورة هذه المواد على صحة الانسان والمصير المميت الذي ينتظر مهربيها، مع إيراد صور وأرقام عن أحكام الاعدام التي صدرت بحق بعض مواطني تلك الدول.
إن الوقاية خير من العلاج، وتوعية المسافر القادم للكويت، سواء عن طريق البحر أو الجو، من خطورة هذا العمل كفيلة بردع الكثيرين. ويمكن في المرحلة الأولى الاكتفاء بتوزيع الإقرارات على ركاب «الكويتية» و«الجزيرة» قبل تعميم الإجراء ذاته على ركاب شركات الطيران الأخرى القادمة الى الكويت، وهذا حق سيادي للدولة لا ينازعها أحد عليه.
نبدي استعدادنا لتمويل عملية إنتاج وإخراج وطباعة هذه الإقرارات أو الكتيبات بعدة لغات، إن وافقت الجهات المعنية على التكفل بتوزيعها على القادمين الى الكويت، ونود ان نذكر هنا ان قرارا صدر قبل أشهر يتعلق بضرورة توقيع القادمين الى الكويت على إقرارات إدخال عملات نقدية للبلاد، ولكن لم يوضع القرار موضع التنفيذ بشكل فعال حتى الآن!

أحمد الصراف
habibi [email protected]