علي محمود خاجه

مخها وصخ!

قد يكون الأمر طريفاً في بعض الأحيان لو كان بيننا مَن يفكر بعقلية «المخ الوصخ» إن كان على سبيل الدعابة القصيرة المدى، لكن أن يكون هذا حال مجتمع بأكمله من خلال مخرجاته التي تنوب عنه في «قاعة عبدالله السالم»، فتلك المصيبة حقاً.

سأشرح وبإيجاز ما أعني، على مر الاثني عشر عاماً الماضية قدّم لنا مجلس الأمة الكويتي اقتراحات وتشريعات تثبت ما أعني، إليكم جزء منها: فصل التعليم المشترك بالجامعة لتجنب المشاكل الأخلاقية بين الجنسين؛ كالإيدز والزهري واللقطاء، كما قالت «جمعية الإصلاح» قبل فترة، ومنع الخيم الرمضانية التي كان يرتادها كثيرون لقضاء أجوائهم الرمضانية كل على حسب طريقته وللتواصل الاجتماعي وتناول وجبة الإفطار أو السحور، ومنع الشباب الذكور من دخول المجمعات التجارية خوفاً من الفساد الأخلاقي، ومراقبة الحدائق العامة وخصوصاً في منطقة كيفان، ومنع الشباب الذكور من حجز شاليه في المتنزهات العامة، وأخيراً منع الأندية الصحية الرياضية المشتركة خوفاً من الفساد الأخلاقي والقادم أخطر.

من خلال بعض هذه الاقتراحات والتشريعات نستشف بأن مجلسنا الموقر يعتقد أن مَن يسعى الى العلم ويكمل تحصيله العلمي سيكون عرضة للفساد الأخلاقي والتواصل الجنسي، ومَن يذهب ليتواصل اجتماعيا ويتناول وجبة الإفطار أو السحور وهي عادات إسلامية يكون، وفق رأي كثيرين من نواب المجلس المنتخبين من شعب الكويت، عرضة أيضاً للفساد الأخلاقي، ومَن يذهب للتسوق في المجمعات التجارية سيكون مهدداً كذلك بالفساد الأخلاقي! ومَن يرتاد المتنزهات العامة سيكون معرضاً أيضاً للانحلال الأخلاقي، ومَن يذهب لممارسة الرياضة والمحافظة على صحته سيكون عرضة أيضاً للفساد الأخلاقي، ومَن يجوب العالم من خلال صفحات الإنترنت أيضاً سيكون معرضا للفساد الأخلاقي.

باختصار، فإن مجلسنا الموقر والمنتخب من قبل الشعب يعتقد أننا إن سعينا إلى علم، أو رياضة، أو ترفيه، فإن طرقنا كلها تؤدي إلى المفاسد، وهو تحليل نوابنا الموقرين لتصرفاتنا اليومية كلها.

المصيبة هو أن كل مَن ينتخب أصحاب هذه العقول من النواب يعترف ضمنياً بأنه يحتاج إلى تقويم للسلوك، وأنه لم يحظ بتربية جيدة لذا فهو يحتاج إلى الوقاية التشريعية!

ملاحظة أخيرة:

بما أننا نملك مجلساً بهذا المخ فأنا أطالب بإلغاء اسم منطقة «جنوب السرة» من جميع الأدبيات والإصدارات، لأننا في ديرة «مخها وصخ».

خارج نطاق التغطية:

سكرتير لترتيب المواعيد، وآخر للبحث والحصول على المعلومات، وثالث للدواوين والزيارات الاجتماعية، وثلاثة آخرون لتخليص المعاملات بالوزارات، وسابع لتوصيل الأبناء وقضاء أمور المنزل، ويتبقى 8 من السكرتارية بلا عمل سوى أنهم يتلقون أموال الدولة فقط… عاش مجلس الأمة المحارب للهدر.

سامي النصف

إغلاق المضايق والخيار النووي

عندما تهدد ايران باغلاق مضيق هرمز يتبادر للأذهان اغلاق مصر لقناة السويس عامي 56 و67، والواقع ان هناك فارقا كبيرا بين الاثنين، فالقناة تمر وسط الأراضي المصرية وهي ملك لها بينما يعتبر مضيق هرمز قانونا من «أعالي البحار» فلا تملك ايران حق اغلاقه او حتى وضع شروط او حصد رسوم للمرور فيه، كذلك فعرض قناة السويس لا يزيد على 190 مترا مما يجعل من السهولة اغلاقها عبر اغراق سفينة او سفينتين فيها بينما يبلغ عرض مضيق هرمز 34 كم ولو أغرقت ايران جميع سفنها فيه لما نجحت في عرقلة الملاحة فيه.

ولو حاولت ايران اغلاق المضيق بالصواريخ والسفن السريعة فسيمكن خلال ساعات او أيام قليلة تدمير جميع مواقع الصواريخ واغراق السفن المغيرة، وللمعلومة لو كانت لإيران القدرة على اغلاق مضيق هرمز لقامت بذلك الامر ابان الحرب العراقية – الايرانية عندما توقف تصدير نفطها تماما وكانت لديها رغبة ملحة آنذاك في إيقاف تصدير النفط الخليجي الا انها لم تنجح الا في زرع الألغام البحرية في مياه الخليج، وللمعلومة ايضا تصدر هذه الايام ايران 4.2 ملايين برميل تدر عليها ما يقارب 750 مليون دولار يوميا وبذلك تصبح هي المتضرر الأكبر من اغلاق مضيق هرمز.

واذا ما علمنا باستحالة اغلاق المضيق يصبح من غير الحكمة بالتبعية محاولة مد انابيب لـ 1200 كم حتى نصدر نفطنا عن طريق البحر الأحمر أو بحر العرب والأفضل من ذلك ان نفكر في بدائل رخيصة قصيرة المدى كتخزين النفط في ناقلات خارج المضيق لفترة محدودة عند وقوع الأزمات او عقد اتفاقات مع السعودية والامارات لبيع نفطهما باسمنا عن طريق «الإعارة» ثم نقوم برده في وقت لاحق مع الفائدة، او ان نتقبل العيش دون تصدير نفط لأيام قليلة حتى تقوم الدول الكبرى بتأمين الملاحة الحرة عبر المضيق.

وتتحدث الجارة ايران عن تخصيب اليورانيوم، والحقيقة الجلية انه لا فائدة على الاطلاق لايران من ذلك التخصيب في جانبيه العسكري والمدني ومن ثم لا يستحق تعريض الشعب الايراني لمخاطر الحصار والحرب لأجله، ففي الجانب العسكري والاستراتيجي لن تتملك ايران أسلحة نووية وصواريخ متطورة أكثر مما تملّكه الاتحاد السوفييتي في السابق والذي لم تفده ترسانته تلك بشيء حيث انهار وانفصلت عنه أراضيه على شكل جمهوريات مستقلة واضطر للانسحاب من أوروبا الشرقية وسقط فكره الايديولوجي ومحاولته تصدير ثورته لخارج أرضه، كما تملك ايران مخزونا هائلا من النفط والغاز ومن ثم لا تحتاج للمفاعلات لانتاج الطاقة النووية التي توقفت الدول الصناعية عنها بسبب مخاطرها الكبرى على البيئة والسكان.

لقد قام النظام الايراني بممارسة خطرة لسياسة «حافة الهاوية» واستفاد خلال السنين الماضية من تلك السياسة حيث ارتفعت اسعار البترول من 50 الى 150 دولارا وحصل على اعتراف دولي بدوره الاقليمي كما حصد الحوافز من الاتحاد الأوروبي، وجميع تلك المكاسب ستذهب هباء حال سقوط النظام الايراني في الهاوية بدلا من التوقف على حافتها كما حدث في الماضي مع جميع الأنظمة الثورية في المنطقة حيث ان قدرات ايران العسكرية لن تمكنها من الصمود في حال نشوب الحرب بسبب تعنتها ولن يفيدها حلفاؤها في المنطقة حيث تسيطر الحكومة العراقية الحليفة لأميركا على الأوضاع في الجنوب ولن يخاطر حزب الله بادخال لبنان مرة اخرى في حرب مدمرة لصالح ايران تقضي على ما تم تعميره في السنتين الماضيتين كما ان سورية مشغولة بالمفاوضات مع اسرائيل والحال كذلك مع حركة حماس.

آخر محطة:

(1) أي مواجهة أميركية – ايرانية سينتج عنها خسارة ايران عسكريا واميركا سياسيا ومن ثم لا فائدة للطرفين من الحرب.

(2) لا تحتاج القوى الدولية لأي قواعد خليجية لضرب ايران حيث تتكفل بذلك ناقلات الطائرات الموجودة بكثافة في المنطقة، هذه الحقيقة لن تمنع ايران من توجيه غضبها نحو دول الخليج مهما فعلت، كونها لن تستطيع بالقطع ضرب العمق الأميركي او حتى الاقتراب من بوارجها الحربية لذا فلنعض بالنواجذ على تحالفنا مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي فالنتيجة واحدة وقفنا مع أميركا أو لم نقف.

(3) ان نضرب لشيء عملناه خير ألف مرة من أن نضرب لشيء لم نعمله.

احمد الصراف

جذبة جبيرة

نعيش، حكومة ومجلسا وشعبا، جذبة جبيرة، او اكذوبة كبيرة منذ نحو 15 عاما، وتتمثل في وجود «اللجنة الدائمة العليا لاعادة النظر في القوانين والعمل على أسلمتها»!
قمنا، بعد مرور سنة تقريبا على انشاء اللجنة، بانتقاد عملها لخلو قانون تأسيسها من موعد محدد تنهي فيه مهمتها ضمن اطار عمل محدد. وقلنا وقتها، وكررنا القول في مقالات تالية، ان هذا يعني عدم جدواها بالمطلق كوننا نعيش في مجتمع مدني محكوم بقوانين موضوعة ومتفق عليها من قبل اطراف الدولة والمجتمع، وان اي مس بمجمل القوانين المدنية الراسخة، والسائد مما يماثلها في جميع دول العالم يعني خلخلة اسس المجتمع وهز العلاقة بين مجاميعه لمصلحة قوى الردة والتخلف.. والفوضى!
كتاباتنا عن اللجنة لم تجد اي تجاوب من المعنيين منذ اليوم الاول، ولكننا، وحتى اللحظة، لم نسأم الكتابة في هذا الموضوع، على الرغم من شكنا في ان الحكومة تقرأ، وان فعلت، فغالبية اعضائها لعدم الفهم اقرب، وان كانوا غير هذا وذاك فهم، حسب الظاهر، غير مبالين!
وقد قيل، في معرض تبرير تأسيس اللجنة وبقائها واستمرار وجودها كل هذا الوقت، انها صمام الامان «الحكومي» امام اي مطالبة نيابية تهدف الى تعديل اي من مواد الدستور او محاولة «اسلمة» القوانين، وليس العكس! ولكننا نعرف والحكومة تعلم والنواب يدركون ان هذا تبرير واهٍ ولا يستند الى أي منطق، وغير كاف اصلا لوجود وبقاء لجنة كل هذا الوقت وبهذه الكلفة المالية الباهظة! علما بأن وجودها لم يمنع مشرعينا الاشاوس من اقتراح واقرار الكثير من القوانين واللوائح والانظمة المقيدة للحريات الكاتمة للانفاس الضاغطة على القلوب الكارهة للبسمة والفرحة. كما ان اللجنة، وبشهادة كبار القائمين عليها، لم تقم بأكثر من الانشغال بمكافآت ورواتب ومنح العاملين في لجانها، ودراسة مخططات مبناها الجديد والفخم والاتفاق على كيفية توزيع مكاتب كبار اعضائها وموظفيها ونوعية اثاث مكاتبهم، وغير ذلك من الامور الروتينية، وقامت بذلك بعد ان انتهت «تماما» من تدبيج نصوص عدة مشاريع ورقية تتعلق بكيفية التصدي لعلاج المشكلة الاقتصادية، وطرق مواجهة ظاهرة الاطباق اللاقطة للقنوات الفضائية، وغير ذلك المسائل اللامصيرية!
نعم، لم نسأم الكتابة عن لجنة جعلت الدولة برمتها تعيش كذبة كبيرة كلفتها حتى الآن اكثر من مائة مليون دولار، ومع هذا لم تقدم شيئا يذكر، ولم تمنع تأسيس البائس من اللجان، والكئيب من الانظمة والقوانين الضاغطة على الحناجر والصدور!
هل سنجد يا ترى ما يكفي من الشجاعة والمنطق في قلب وعقل سمو رئيس مجلس الوزراء، وفي قلب وزير الديوان الاميري ليوقفا هذه المهزلة مرة واحدة.. والى الابد؟ ولا نخالهما الا مالكين لها.

أحمد الصراف
habibi [email protected]