محمد الوشيحي

كوت وبلوت

والأمن مستتب، والناس تلعب الجنجفة، الورق بلغة الضاد… في المناطق الداخلية يلعبون «الكوت بو ستة» وهي لعبة تشع غباء سميكا يتقاسمه اللاعبون الستة بالتساوي المريح، غباء لن تجد له مثيلا لا في الصين ولا في النويصيب. وفي المناطق الخارجية يلعبون «البلوت» وهي لعبة يقال بأن مصدرها السعودية، وقيل بل فرنسا، واختلف الرواة. أما الكوت بو ستة فمصدرها البقر. والبلوت أقل غباء من شقيقتها الكوت، لكن لاعبيها هم أنفسهم الأغبياء، فهم يبتسمون في بداية الأمر ويتقاتلون بعد نصف ساعة على أحسن الأحوال: «وين غلام السبيت يا الحرامي؟»/ «الحرامي أبوك»/ «طلّق أختي منت كفو نسب»… ويحتدم النقاش، فيتدخل «العقلاء» بعد أسبوع لإصلاح ذات البين، وتذبح الذبائح وتعود المياه إلى مجاريها، وتعود المرأة المسكينة إلى عش الغراب، ويعود اللاعبان إلى التحدي مرة أخرى، ويبتسمون، وبعد نصف ساعة: «وين غلام السبيت يا الحرامي؟»/ «الحرامي أبوك»/ «طلّق أختي»… ويتدخل العقلاء. متابعة قراءة كوت وبلوت

د. شفيق ناظم الغبرا

إيران والولايات المتحدة: حالة حرب أم حل وسط؟

تتعمق حال الخوف وحال الضغط في منطقتنا. فصواريخ إيران الجديدة موجهة إلى إسرائيل والمواقع الأميركية في منطقة الخليج في البحر وعلى الأرض وفي العراق وفي دول الخليج. يقابل ذلك القواعد الأميركية المنتشرة في المنطقة وحاملات الطائرات الأميركية والوجود العسكري المكثف للجيش الأميركي المنتشر في العراق ومنطقة الخليج ودول آسيا الوسطى. لقد اصبحت الولايات المتحدة واحده من دول المنطقة بفضل انتشارها العسكري وتواجدها المكثف. في الوقت نفسه تمثل منطقتنا التي تتصاعد وسطها الآن لهب التصريحات المتبادلة والاستعدادات للحرب واحدة من أكثر مناطق العالم في القيمة الاستراتيجية بسبب النفط. النفط ووجوده في باطن الأرض في منطقة الخليج: إيران والعراق ودول مجلس التعاون بنسبة تتجاوز 60 في المئة من احتياط العالم (وقد تبين أخيراً أن العراق على سبيل المثال لديه احتياطي كبير لا يقل عن ذلك الذي تمتلكه إيران التي تعتبر الثانية في الاحتياط النفطي العراقي في العالم بعد المملكة العربية السعودية). متابعة قراءة إيران والولايات المتحدة: حالة حرب أم حل وسط؟

سامي النصف

الانهيار الكبير

في الولايات المتحدة أغنى دول العالم وذات الـ 300 مليون نسمة أزمة عقارية خانقة باتت تهدد أكبر اقتصاد في التاريخ بالركود بسبب المضاربات التي تمت على العقار في الفترة الماضية، وفي أوروبا تعاني اسبانيا ذات الـ 40 مليون نسمة والتي يزورها نفس العدد من السائحين أزمة مماثلة على معطى مبالغتهم في بناء العقار مما خلق فائضا تسبب في انخفاض حاد في الأسعار.

شهد عالمنا العربي خلال السنوات الخمس الماضية ارتفاعا كبيرا في أسعار النفط وشهد معه تحويل عوائد البترودولار الى أعمال إعمار وبناء غير مسبوقة امتدت من ساحل المحيط الأطلسي غربا إلى الخليج العربي شرقا حيث خلقت في بعض دول المنطقة العربية أكبر الشركات العقارية في العالم وانفردت بعض دولنا بعمل ثلث رافعات العالم فيها.

وضمن تلك العملية أصبحت بعض دولنا قليلة السكان تحوي «أكبر» الأسواق و«أطول» العمارات و«أضخم» المدن الترفيهية.. الخ في وقت يفترض فيه أن تكون تلك المنشآت قائمة في البلدان شديدة الثراء كأوروبا وأميركا واليابان أو وافرة السكان كالهند والصين واندونيسيا.

ويمتد ذلك التمدد العمراني لدول عربية محدودة الدخل مما يعني ان أي هزة عقارية بها ستعرض بنوكها للخطر الشديد، والغريب أن أحدا لا يتحدث عن الزبائن المنتظرين لذلك العمران الباهر، فبعض دولنا لا يؤهلها عدد سكانها القليل لملئه، كما ان الفقر السائد في دول أخرى يمنع الشريحة الكبرى من الشراء والاستمتاع بملاعب الغولف وغيرها من وسائل الترفيه في غياب واضح لعمليات نزوح أثرياء العالم لمنطقتنا بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة فيها.

وقد نشكر في يوم ما بيروقراطيتنا العتيدة وأزمات مجلس الأمة المتكررة كونها حدت دون قصد من قيام الكويت بمثل تلك المشاريع الضخمة عالية المخاطر فأصبحت منشآتنا بالتبعية وأسواقنا وأماكننا الترفيهية متناسبة تماما مع حاجتنا المحلية دون بهرجة أو مبالغة أو انتظار ملايين الأثرياء الأجانب ممن قد لا يحضرون.

ان الاستخدام الأمثل لعوائد نفطنا هو في جعلها تجلب الموارد المالية لنا مستقبلا كحال وضعها في استثمارات عالمية ثابتة مدرة للعوائد بدلا من الخسارة الثلاثية المضاعفة لها عبر وضعها في مشاريع ندفع المليارات على انشائها ثم ندفع المليارات اللاحقة لصيانتها وتشغيلها ولربما مليارات ثالثة لانهيارها.

آخر محطة:
الموارد الخليجية والعربية هي انعكاس لفرصة تاريخية نادرة ونرجو ان نرى عملا جماعيا على مستوى الجامعة العربية أو مجلس التعاون الخليجي لعمل دراسة واقعية ووافية لمستقبل التمدد الانشائي القائم، فجميعنا في قارب واحد وما سيضر بمشاريع رقعة جغرافية معينة سيمتد بالضرورة للأماكن الأخرى.

احمد الصراف

كيف تكون متحضراً!

في نشرة صادرة عن «مركز الحوار للثقافة، (تنوير) الذي تشرف عليه مجموعة من المثقفين الكويتيين، وردت النصوص المترجمة التالية بقلم تزفيان تودوروف، اما ما بين القوسين فتعليقاتنا:
ماذا يعني ان يكون المرء متحضرا؟ لا شك ان تحصيل مستوى رفيع من العلم وارتداء ربطة عنق انيقة او تناول الطعام باستخدام الشوكة والسكين او تقليم الاظافر اسبوعيا ليست من المظاهر الكافية لكي تجعل من انسان ما متحضراً! فكلنا نعلم ان الظهور على هذا النحو لا يمنع مثل هذا الشخص من التصرف بأسلوب بربري ووحشي!! (وقد شاهدنا ما يماثل ذلك الى حد كبير خلال الحرب الاهلية اللبنانية عندما تخندق الطبيب المتخرج في اعلى الجامعات الفرنسية خلف متراس حربي وباشر قصف الاحياء السكنية دون تمييز وقتل الابرياء والاشقياء على الهوية!! وحدث الامر ذاته في بوسنيا وكوسوفو وغيرها).
ويستطرد تودوروف بالقول: ان السلوك الحضاري يعني ان يكون الانسان، في اي زمان ومكان، قادرا على الاعتراف بالآخرين وقبول انسانيتهم على الرغم من اختلاف اسلوب حياتهم عنه!! (ولكن يبدو، بالرغم من بداهة هذا المبدأ، انه لا يجد القبول لدى الكثيرين من المسلمين واعداد كبيرة من اليهود والمسيحيين المتعصبين لمعتقداتهم التي تمنعهم من قبول الآخر كما هو).
ويختتم تودوروف مقاله بالقول: لذا علينا بالحوار من خلال التقدم بمبادرات بسيطة ومتواضعة. وفي هذا الاطار نحن بحاجة لترجمة المزيد من افكار وآداب البلدان الاخرى، وللمزيد من السفر للخارج وتعلم اللغات الاجنبية من اجل الاطلاع على ثقافات الآخرين… وان افضل وسيلة لبدء الحوار تكمن في التخلص من الافكار المسبقة والتعميم «الخطير» ومن ثم العمل على تشجيع التواصل واللقاءات بين البشر. وفي الوقت الراهن لا تزال السياسة هي المهيمنة، ولكن يبقى الحوار هو السائد والمنتصر على الحرب، لسبب بسيط، هو ان الحوار يثير فينا الشعور بالانسانية.
وعندما قيل لحكيم لماذا يصف الناس طائر اللقلق، الذي يعتبره البعض حنونا جدا، بانه غير نظيف، قال لانه يمنح حبه فقط لابناء جنسه!
(والآن هل بامكاننا تعلم شيء من كلام «تزفيان تودوروف» وان نصبح اكثر تسامحا ومحبة وقبولا للحوار مع الآخر، ولو مجرد حوار؟ اشك في ذلك، فنحن لسنا على حضارة كافية)!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

أقبح صور الطائفية

 

يبدو أن توجيهات جلالة عاهل البلاد وما تركته من آثار ذات صدى طيب في المجتمع البحريني، لم ترق للبعض ولم تمسح على قلبه بما يرضى! فوجد في نفسه الغضب الشديد والحنق والمرارة وكأنه فقد الشريان الذي يمده بالحياة، وهو شريان «الطائفية البغيض».

كلنا يعلم، بأن تلك الممارسات المؤدلجة حينا والمنظمة حينا آخر والمفتعلة أحيان أخرى والساذجة في بعضها، تصدر من أناس كثيرين، وتصنيفاتهم كثيرة، ولكنهم اليوم، أيا كان انتماؤهم المذهبي، لا يجب أن يكونوا في حل من المساءلة حال إثبات تهمة تأجيج الطائفية عليهم…

ومن المبشر أيضا أن يكون هناك من الناس، من يصدق مع نفسه ومع غيره في التصدي لممارسات الطائفية…لكن، هل تريدون قصة حدثت في الصباح الباكر بأحد المستشفيات المرموقة لتعرفوا حقيقة العلاقة بين أهل البلد مع بعضهم من جهة، ووجود مرضى الطائفية من جهة أخرى؟ حسنا تفضلوا لنتعرف على صنف من الناس لا يزال يعتقد بأنه يمتلك مهارات لإثارة الطائفية بأسلوب «مقنن»…

في صباح يوم الأربعاء الماضي، أوقف حراس المستشفى سيارة «مواطن» قبل الدخول، فما كان من أحد «المدنيين» إلا أن طلب من السائق تسليم الصور المتدلية من المرآة العاكسة، وكانت عبارة عن مجسم صغير يحمل صور عدد من الرموز الدينية التي اعتاد البعض أن يعلقها في كل مكان… تساءل المواطن :»لماذا تريد الصور؟»، فأبلغه الشخص بأن هذا ممنوع! وعليه تسليم الصور ثم العودة لتسلمها حال خروجه من المستشفى وهذا ما حدث… دخل المواطن المستشفى ليوصل صديقه ووالدته المريضة، وبعد المراجعة عاد الجميع إلى السيارة وانطلقوا ليقفوا بالقرب من البوابة إذ أراد السائق استعادة الصور، فرفض «المدني المذكور» تسليم تلك الصور رفضا قاطعا! الشاهد هنا، أن السائق كان من طائفة، أما صديقه ووالدته فكانا من الطائفة الأخرى وهم جيران يعيشون في حي واحد بمدينة حمد، فما كان من الشاب إلا أن استشاط غضبا على ما فعله ذلك «المدني» باعتبار أن ليس في الأمر خطأ وأن هذا (مذهب صديقه ومعتقده) ولا شأن لذلك الشخص في التدخل في معتقده… وقعت مشادة كلامية بين الجميع، لكن في اليوم التالي، ذهب الشاب صاحب القضية ليشكي إلى المسئول ما حدث، فاستقبله برحابة صدر واعتذر له مؤكدا أن ما حدث تصرف شخصي من «المدني» الذي أحضره المسئول ليعتذر إلى المواطن على فعلته التي لا غاية من ورائها إلا إثارة الفتنة.

شخصيا، أنا ضد رفع صور الرموز الدينية (غير البحرينية) بمناسبة وبغير مناسبة، وضد استخدام البعض لهذه الصور من أجل إثارة واستفزاز الطرف الآخر بعقلية صبيانية صغيرة… وهذا الأمر تناولته على مدى سنوات طويلة، ليس لأنه يعكس انتماء لدولة أخرى فهذا الكلام من «الهراء»، فالمرجعية الدينية شيء والولاء والمواطنة شيء آخر! لكن، أنا مؤمن بأن من حق أي إنسان أن يعلق في بيته وفي سيارته ما يشاء من صور على ألا يتعدى ذلك للأماكن العامة والشوارع! فالقانون قانون يجب أن يسري على الجميع… أما أن يفتعل البعض المشكلات الطائفية ويتصيد ليثير النزاع، فهذه ممارسة لا تنتهي بالاعتذار، بل بمحاسبة من قام بالفعل محاسبة تردعه عن تكرار ما فعل…