محمد الوشيحي

… أو فليعتزل النساء

يتحدثون بحماسة فائقة، يشرحون مآساتهم الوظيفية بقهر متضخم وحزن يخجل الثكلى، وبو سلمان يستمع ويحدق في العيون والشفاه، لكن لا يفقه قولهم، فعقله لم يكن معه، أبدا. يتحدثون عن حقوقهم في الترقيات فيسافر بي خيالي إلى الأرجنتين، أثناء حديثهم، لأرقص التانجو على ضفاف الأنهار هناك… إطلاقا لم يكن الأمر استهانة بهم ولا بقضيتهم، وإنما العقل ولله الحمد وصل إلى مرحلة لم يعد فيها هرش الجبهة يجدي لتنشيطه.
أحيانا أشعر بأن العقل له روح وكيان مثلنا تماما، وله ساعات عمل محددة، فإذا ما شغّلته أكثر من الساعات المتفق عليها، بعث إليك وصولات الإنذار، فإن لم ترتدع حمل ما خف وزنه وغلا ثمنه ورفع ذراع الوداع وغادر بالسلامة، وحلّني على ما يرجع… تتأسف له، تستجديه، تعتذر، تقسم بخالقك وخالقه بحاجتك الماسة إليه في هذه الفترة الحرجة، ولا فائدة. فتشتمه وتشتم أهله وتنام ملوما محسورا. متابعة قراءة … أو فليعتزل النساء

د. شفيق ناظم الغبرا

قضية السودان… قضية انتهاك الحقوق في العالم العربي

تتطور الأوضاع بين العرب وغير العرب، كما حصل في السودان أخيراً لتتحول إلى قنبلة كبيرة تعصف بأوضاعنا. ما وقع في دارفور منذ عام 2003، ذلك الإقليم الذي يقع في الجانب الغربي من السودان كان كبيراً. هذا الوضع لم يكن من نتاج خيال الإعلام، بل من واقع مقتل ما يقارب من 300 إلى 400 ألف قتيل وأكثر من مليوني مشرد من الإقليم. إن ما وقع في دارفور كان مؤسفاً بحق شعب تلك المنطقة غير العربي، بسبب ما قامت به ميليشيات عربية تدعمها الحكومة السودانية. والنزاع في درافور، كما هو النزاع في كل مكان، يصبح مشكلة أكبر عندما تمعن الأطراف الأقوى والرسمية بإطلاق العنان لقدراتها العسكرية ضد المدنيين بهدف تهجيرهم وكسرهم، هكذا تخرج الأمور عن السيطرة، وتتحول السلوكيات العسكرية إلى ذبح على الهوية، وإبادة جماعية. لهذا فعندما تأتي الاتهامات الدولية، فهي تأتي من مكان ما ومن واقع على الأرض، وليس كل ما يحصل تجنياً علينا وعلى دولنا. متابعة قراءة قضية السودان… قضية انتهاك الحقوق في العالم العربي

احمد الصراف

ليذهب الاتهام الأميركي إلى الجحيم

مر حتى الآن شهر تقريبا على صدور الاتهام الاميركي بحق «جمعية إحياء التراث» والذي نتج عنه تجميد اموالها في الخارج وحظر انشطتها للاشتباه بدورها في تمويل العمليات الارهابية حول العالم. وبالرغم من طول الفترة الا ان الجمعية، او أيّاً من فروعها، لم تبد اي استعداد لفتح مكاتبها او سجلاتها امام مفتشي وزارة الشؤون «الكويتية» للتأكد من «كيدية» الاتهام الاميركي، والذي يبقى صحيحا وساريا ما لم يثبت عكسه!! فالمتهم في حالتنا هذه هو الطرف الاضعف وهو المشكوك في امره، وعليه تقع كامل مسؤولية تبرئة نفسه، خصوصاً وان عدة دول سبق وقامت باغلاق مكاتب هذه الجمعية للاسباب نفسها، ولا يعتبر القرار الاميركي، الذي تأخر صدوره قليلا، الا تأكيدا اضافيا على صحة قرارات تلك الدول بحق جمعيتنا العتيدة.
لقد سبق وان صدر تصريح رسمي من وزارة الشؤون «الكويتية» (القبس 15ــ6ــ2008) ذكر فيه ان الوزارة عاجزة عن كشف مصروفات الجمعية المالية بشكل كامل، وان هناك «خللا» في آلية المراقبة، وان الوزارة كررت مطالباتها للجمعية بضرورة تزويدها بالبيانات المالية بشكل كامل للتأكد من عدم استخدام اي من ارصدتها بصورة غير مشروعة، ولكن لم تردها اية معلومات من الجمعية، ربما حتى تاريخ اليوم!! واكد المصدر الرسمي في حينه ان المشكلة تكمن في عشرات اللجان التابعة للجنة الام والتي تكاد تنعدم الرقابة عليها جميعا!!.
نشارك «الجميع» القول بأن تذهب اتهامات اميركا بحق جمعياتنا الى الجحيم فهي متحاملة علينا كارهة لنا متعاونة مع اعدائنا، وهذا كله مفهوم، وبالتالي نطالب جمعياتنا الخيرية المباركة بعدم الالتفات إلى تلك الاتهامات!! ولكن أليس من حقنا، نحن المواطنون العاديون، ان نطالب جمعياتنا تحري الشفافية التامة في اعمالها؟ فما يلحق بها من سمعة سيئة ينعكس على وطننا وما يمس وطننا يمسنا، وهنا يصبح الرد على مسؤولي وزارة شؤوننا، وهم مواطنون عرب ومسلمون وأتقياء، أمرا أكثر من هام وضروري، وهذا كل ما نطلبه من رئيس جمعية إحياء التراث وأمينها العام وممثليها في مجلس الامة من المنشغلين اكثر بمصالحهم المالية مع المصفاة الرابعة.
كما نتمنى على السادة المحامين الذين تبرعوا بالدفاع عن الجميعة أمام المحاكم الاميركية، نتمنى عليهم إقناع مسؤولي الجمعية بالرد أولا على اتهامات وزارة شؤوننا الاجتماعية قبل المباشرة بالترافع عن الجمعية أمام المحافل الدولية، هذا إن لم يكن حماسهم، بعد كل هذا، قد فتر قليلا!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حوار ديني يرعاه الملك

 

سيكون علماء الدين من الطائفتين الكريمتين في البلاد أمام امتحان صعب… لا خيار آخر أمامهم جميعا غير النجاح في ذلك اللقاء الذي أعلن رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة الترتيب لعقده قريبا برعاية جلالة عاهل البلاد، ولابد من إعداد العدة من الآن لهذا الحدث الذي لا أعتقد أن أحدا يريده محاطا بالمجاملات والتنميق وإطلاق التوصيات التي تذهب أدراج الرياح، أو الاكتفاء بمظهرية الشعارات التي شبعنا منها كثيرا إلى درجة أن المواطن البسيط صار ينفر منها، لأنها لا تغني ولا تسمن من جوع.

طوال سنوات مضت، بعد مرحلة الإصلاح في البلاد وقبلها، لم يجلس علماء الدين في البلاد مع بعضهم بعضا… حتى عندما نشطت «خفافيش الظلام» في تنفيذ محاولات تفكيكية أخذت من الطائفية والتفريق والتأليب شعارا لها، لم تكن للعلماء العاملين ذوي الحضور المقبول في المجتمع أية مبادرة أو تحرك لصد الأفكار السلبية المؤثرة على حياة الناس من الطائفتين الكريمتين في البلد، بل كانت خطابات الشحن وكتابات النزاع هي التي ظهرت وانتشرت، وإن كانت قليلة محدودة، لكن لا يمكن إنكار تأثيرها السيئ.

والحمد لله، أن المبادرة جاءت من جلالة الملك، وكأن العلماء الأفاضل لا يمكنهم أن يمارسوا مسئوليتهم الدينية والاجتماعية والوطنية إلا من خلال التوجيهات الملكية! بلاشك، نحن نحترم المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ونحترم كذلك المجلس العلمائي، ونكن التقدير لكل العلماء والمشايخ الذين يحملون هموم الوطن، لكننا في الوقت ذاته، لا يمكننا القبول بحال التباعد التي لا تخفيها اللقاءات الرسمية أو المنتديات الفكرية والدينية، فكثيرا ما وجدنا تلك اللقاءات في جانب، والقضايا الملحة والحساسة على مستوى الهم الوطني في جانب آخر، والكل يعلم أن تأثير ودور علماء الدين في نفوس الناس، له الأثر البالغ والتجاوب الأكبر، لكن لو سألت أي مواطن: كيف ترى دور علماء الدين؟ فإن إجابته لن تتجاوز عبارة: كثر الله خيرهم، وجزاهم الله خير الجزاء، لكن ننتظر منهم المزيد، غير خطب الجمعة، والمحاضرات والبيانات والدروس الفقهية.

كنت قد كتبت ذات يوم، أن حال التباعد والجفاء بين علماء الدين، وخصوصا من الطائفة الجعفرية، وبين الديوان الملكي هي حال سلبية يجب ألا تستمر، لكن بعض الإخوة الأفاضل من القراء الكرام، ادعى أنني لا أرى الصورة واضحة، وهي صورة حصروها في المناسبات كعاشوراء والزيجات الجماعية واللقاءات الدورية في مجالس الشيوخ، لكن لم يستطع أحدا أن يقنعني بأن هناك تواصلا وطنيا للتباحث بشأن قضايا الوطن الحساسة، قد وجدت المبادرة من العلماء، واكتفى البعض بالقول إن العلماء يمدون يدهم لكنهم لا يجدون التجاوب المطلوب!

إن الدعوة التي أعلنها رئيس المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة لعدد من المعنيين بالشأن الديني في البلاد، إلى لقاء ودي تحت سقف المصارحة والتحاور الحر المباشر وطرح أمور الدين الحنيف بشفافية وصدق ورؤية قائمة على العلم والبحث النزيه، تتجه نحو خطاب وطني في المجالس والمنابر والجمعيات والصحافة، وفي الحياة العامة عموما كما ورد في البيان، لكننا نتمنى أن يكون هذا اللقاء المرتقب، جسرا نعبر من خلاله إلى ما يشبه «لقاءات الحوار الوطني»، يبدأ بعلماء الدين والرموز الدينية الفاعلة في الساحة، ولا ينتهي إلا بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني مستقبلا، لوضع النقاط على الحروف وبشكل واضح… لإنهاء كل ملفاتنا المؤرقة.