طارق العلوي

«بشت» الرئيس

قبل عشرة أيام من انتخابات ديسمبر 2012، صرح المرشح علي الراشد بأن «الحكومة الحالية لم تثبت نجاحها، وأقول هذا الكلام، على الرغم من العلاقة الطيبة التي تربطني بسمو الشيخ جابر المبارك.. لكن نتمنى ان تكون الحكومة القادمة على مستوى تطلعات الشعب. ومن جانبنا سنعطيها فرصة كافية لتعمل، وسندعمها.. ومتفائلون بأن تكون هناك نية صادقة من الجانب الحكومي للانجاز».
بعد الانتخابات بأسبوعين، نقلت الصحف عن سمو رئيس مجلس الوزراء قوله: «انتظروا نقلة نوعية في التنمية والمشاريع الكبرى»، وذلك استجابة لأمر صاحب السمو أمير البلاد للحكومة بأن تصبح حكومة انجاز حقيقي، وليس حكومة.. وعود على الورق.
الراشد في بداية رئاسته عبَّر عن أمله ان تكون فترة رئاسته «نهاية التأزيم، وصفحة جديدة من التعاون»، لكنه شدد، في مقابلة مع احدى الصحف، بأن التعاون مع الحكومة ليس «شيكا على بياض»، وأن المطلوب من رئيس الحكومة ان يفي بما وعد به صاحب السمو أمير البلاد من انجازات حقيقية، وأن المجلس ينتظر من الحكومة خطة تنموية «واقعية» خلال الأشهر القادمة، وإلا فإن «الوجه من الوجه أبيض».
ومع مرور الوقت أخذت نبرة التنبيه في تصريحات الرئيس الراشد ترتفع بأن الحكومة عاجزة عن الانجاز، وبأن سمو الرئيس هو المسؤول الأول والأخير، عن عدم وجود رؤية واضحة لمستقبل الكويت، وعن اختيار وزراء لا فائدة ترتجى من وجودهم في الفريق الحكومي.
هذه التصريحات كانت جرس انذار لسمو الشيخ جابر المبارك، الذي أدرك ان تقلد الراشد رئاسة المجلس القادم قد يعني نهاية مستقبل الحكومة ورئيسها.. سياسيا.
ولذا، وبعد ابطال مجلس 2012 «الثاني»، تحركت حكومة سموه، بأقصى طاقتها، بالتعاون مع الأطراف الأخرى في مجلس الأمة، لضمان وصول مرشحها «المناسب» للرئاسة.. وقد كان ما كان.
ومع ان الراشد حاول الزام سمو الرئيس في مستهل المجلس الحالي، بتقديم خطة التنمية، التي وعد بها، الا ان وجود الراشد ضمن الأقلية، جعل الحكومة لا تلقي لوعودها بالا، واستعانت بالرئاسة الجديدة، وبالأغلبية في المجلس، لـ«تصفير العداد».
شرع سمو رئيس حكومة بتنفيذ «نهج جديد»، حيث قرر التشبث، سياسيا، بـ«بشت» رئيس مجلس الأمة بكل ما أوتي من قوة. وكان رئيس المجلس سعيدا بهذه العلاقة الجديدة، ولسان حاله: «دع لنا القيادة يا سمو الرئيس.. وتمتع بالرحلة».
وفعلا، لم يفوّت رئيس مجلس الأمة فرصة لتولي زمام أمور الدولة، فبدأها باستبيان «سري» يحدد أولويات الانجاز للمرحلة القادمة، وبذلك أراح سمو رئيس الحكومة من عناء تقديم خطة «واقعية» للتنمية.
ثم أتبعها بـ«السنة الحميدة»، والتي جعلت الذات «السياسية» لسمو رئيس الحكومة شبه مصونة ولا تمس بأي استجواب.
وبعدها انطلق رئيس مجلس الأمة يعاين مشاريع الدولة الكبرى، ويطمئن على سير العمل، ويقابل وفودا رسمية، داخل البلاد وخارجها، ويتكلم معها باسم الدولة.
وختمها أخيرا بـ«المؤتمر الاسكاني»، ليضع الحلول والتصورات لمستقبل الرعاية السكنية في الكويت، وقد حضر سمو رئيس الحكومة هذا المؤتمر، وجلس منصتا، حاله كبقية المستمعين من الضيوف.
ولم يكدر علاقة «السمن بالعسل» التي جمعت الرئيسين، الا وجود نواب أمثال علي الراشد ورياض العدساني وصفاء الهاشم في المجلس.. فأصبحت الضرورة تستدعي.. «تحييدهم».
كانت استراتيجية التعامل مع العدساني بإظهاره أخضر العود وحديث عهد بالسياسة ودهاليزها، ومنها ظهرت حكاية «وكلته كاكاو وطلع وهو راضي».. أو «رياض يعيد تقديم استجوابه.. باستهتار».
وأما النائب صفاء الهاشم، فقد كان، وما زال، التكتيك باستفزازها واظهارها بأنها انسانة انفعالية، وليس ببعيد عنا سالفة «استريحي.. أقعدك وغصبا عنك»، أو سالفة «آنا اللي أدير الجلسة.. بكيفي.. ليش خايفة من اللي بيقوله عبدالله؟!».
وبقي الخصم الأهم.. النائب علي الراشد. فبدأت حملة «حرّة.. الكرسي» ضده، وحاولت بعض الأطراف تصوير استيائه من «فشل» الأداء الحكومي بأنه ردة فعل على خسارة الكرسي.
ولما باءت تلك الحملة بالفشل الذريع شعبيا، لم تجد هذه الأطراف سوى محاولة تشويه سمعة الراشد، فبدأت الاتصالات مع شخص يُعرف بأنه «خيشة فحم»، ليظهر في وسائل الاعلام ويقول بأنه مدعوم من الراشد!
ومع ان هذا الشخص لا يملك مستندات أو أدلة تدعم مزاعمه، الا ان الأطراف التي تقف خلفه تأمل في ان يُحدث اتهامه زوبعة من الاشاعات تلهي الناس عن المطالبة بما يثبت صحة ما يدعي.
وقد سألْنا أحد العارفين ببواطن الأمور: «كيف ترى الوضع حاليا؟»، فأجاب: «بشت يلحق بشت.. ولا عزاء للكويت».

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *