عبدالله غازي المضف

لهذا نجح المؤتمر الإسكاني!

طغى الرأي السياسي على الرأيي الفني! ربما كانت ابلغ عبارة خرجت من فم الرئيس مرزوق الغانم طوال حياته البرلمانية وهو يصف حال الشارع اليوم مع القضية الاسكانية! ماذا نقول؟ اراضٍ كثيرة؟ يجب تحريرها؟ قضية مفتعلة؟ ما يبون يحلونها؟ التجار اغلبهم حرامية؟ ملينا وتعبنا وزهقنا وهلكنا: قد تكون جميعها مصطلحات شعبية مشروعه..لكن وين الحل؟ وكيف الحل ان كان معظمنا هنا يعشق الكلام النظري والعاطفي؟كيف الحل ان كنا شعب يظن دائما وابدا ان هناك مؤامرات تحاك في الخفاء والظلام! فان خرج احد ابنائنا بمبادرة ما تربصنا به وشطحنا بخيالنا الواسع الى الافق ونحن نتفنن بفك الشفرات والاسرار ونغوص الى حيث النوايا والضمائر: فان وجدنا بعضاً من الشك صرخنا وهددنا وتوعدنا وشرشحنا وقلبنا عليه الدنيا على عقب: بالله عليكم شلون يشتغلون الناس؟

اليوم يعتقد الكثيرون بان القضية الاسكانية هي نتاج فشل ادارة الحكومات المتعاقبه، وربما يقول البعض الاخر انها مفتعلة بفعل فاعل عبر كل تلك السنوات: بيد ان الجميع بات متفقا تماما بان قضية قد استحالت الى قنبلة موقوتة ستدمر البلد وتشعله ان لم نجد لها حلا حاسما وفوريا! هل ستحل القضية بالتهديد والانتقام؟ طبعا لا! وهل ستنفرج الازمة الاسكانية بتحرير الاراضي؟ ربما.. لكن من سيبني لنا هذه البيوت؟ هل لدينا في الكويت قوى عاملة تستطيع بناء مئات ألوف من البيوت والمساكن؟ وان اتينا بهذا الجيش العمّالي من الخارج فهل لدينا مدن عمالية تستوعب هذه الافواج؟ ماذا عن احمال الكهرباء؟ هل نسيتم النشيد الوطني الصيفي: من حبنا لها بنوفر لها؟ اذن كيف ستغطي الدولة حجم الكهرباء المبذولة مع مئات ألوف البيوت الجديدة لو وجدت؟ كم بيت بات جاهزا اليوم ولا يستطيع صاحبه ان يسكنه لعدم توفر الكهرباء؟ ومن قال ان البيوت هي وحدها المعضلة اصلاً! الا تحتاج تلك البيوت الجديدة الى مدن حقيقية تحتوي على مدارس ومستشفيات ومخافر وجمعيات والخ….. اليس من المفترض ان توظف الدولة آلافا من البشر لتشغيل تلك الخدمات؟ انزين وماذا عن عجز الرواتب الذي ستشهده الكويت عام 2017! كيف ستدفع الدولة رواتب الموظفين في المدن الاسكانية الجديدة وهي عاجزة بالاساس عن دفعها للجيل الحالي؟ هذا السيناريو نرويه لكم الآن وفق السعر الحالي للنفط الكويتي فتخيلوا لو انخفض سعر البرميل كما لو كان بمنتصف التسعينات: جان علوم!!

أيها السيدات والسادة: ان شرارة حل الازمة الاسكانية تنطلق بتوعية الشارع لابعاد هذه القضية وخطورتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وايجاد فلسفة جديدة في حل القضية كاعادة النظر بمساحة البيوت الجديدة واستهلاك الكهرباء ومواد البناء والاستعانة بنماذج اجنبية عالمية بعيدا كل البعد عن الكلام النظري والعاطفي والسلبي الذي زهقنا منه: وهذا بالضبط ما نجح به الفريق القائم على مؤتمر الاسكان وعلى رأسهم النائب الشاب «راكان النصف» عندما قرعوا ناقوس الخطر بكشفهم للحقائق والارقام والجدول الزمني الذي بدأ يداهمنا ثم طرح سبل احتواء الازمة.. هؤلاء الشباب الوطنيون لم يدخروا جهدا ولا سبيلا لحل هذه الازمة الخطيرة وتحمل جهل وعجز الحكومة في تعاطيها مع الملف الاسكاني: واليوم بات واجبا علينا ان نمد لهؤلاء الشباب يد العون والكف عن دغدغه المشاعر واحلام الورق، وان نُصّوب عقولنا وقلوبنا وعيوننا الى ارض الواقع: نحن اليوم امام تحدي بناء كويت جديدة!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *