احمد الصراف

اليوم العالمي للمُضطهَدات!

“>يحتفل العالم منذ 8 مارس 1908 باليوم العالمي للمرأة، حيث تتوقف النساء عن العمل فيه، ويخرجن من بيوتهن للاحتفال بهذه المناسبة، وليظهرن للعالم مدى أهمية دورهن المتعاظم في أهميته، في حياتنا جميعا. وقد اعترفت الأمم المتحدة بهذا اليوم وحثت دول العالم للاحتفال به في 8 مارس، وتعطيل المصالح والمؤسسات الرسمية والتجارية. ولكن لسبب معروف لم يلق هذا اليوم أي اهمية في الدول العربية والإسلامية، لأنها اعتبرته، وبكل بساطة منافيا لــ «تقاليدنا وعاداتنا وأعرافنا!»، وفضلت قلة منها «تمييع» المناسبة وجعلها عيداً للأم بدلاً من المرأة، والفرق كبير جدا، ففي الحالة الأولى تختفي حقوق المرأة المسلوبة خلف غطاء الرحمة بالأم، وبذلك تضيع قضية ما تلقاه المرأة من معاملة غير عادلة، لأنه في نظر هؤلاء لا يجوز إعطاؤها الحق في الاحتفال بيومها، فهذا سيشجعها على المطالبة ببقية حقوقها، التي أُنكرت عليها طويلا، إنْ لأسباب دينية أو ذكورية.
إن أهمية الاحتفال بهذا اليوم تتضمن تذكيرا بما عانته المرأة عبر التاريخ من تهميش وظلم شمل مجتمعات العالم أجمع. كما أن الاحتفال بالمناسبة سنويا يمثل جرس انذار لمن يفكر في إعادتها الى القفص الذي اختاروه لها. ولو نظرنا الى أحوال المرأة في مدن عربية كثيرة وفي إيران وأفغانستان بالذات، لرأينا أن وضعها الاجتماعي قد تردى عما كانت عليه حتى قبل ثلاثين عاما فقط! فالصور التي تبين المناسبات الاجتماعية خير شاهد على درجة تحرر المرأة ومكانتها الرفيعة في المجتمع. ونجد ذلك بصورة أكثر وضوحا في الصور التي تبين تلك المناسبات في مصر وإيران وأفغانستان، والعراق. حيث نجد ذلك الفارق الكبير بين وضعها البائس الحالي وما كانت عليه أيامها. كما نرى مدى ما طرأ على أزيائها من تغير، فهل كانت نساء ذلك العصر فاجرات مثلا، أم هي السياسة الدينية التي أصبحت تختصر أخلاق المجتمع ما بما ترتديه نساؤه من ملابس؟! واعتقد أنه لو كانت لدينا مؤسسات مدنية تذكر باستمرار بالحقوق المهضومة للمرأة، لما تراجعت مكانتها لهذا الدرك المحزن، وخير دليل على ذلك، الفارق الكبير في مكانة المرأة بين المجتمعات المتقدمة التي توجد فيها مؤسسات نسائية قوية وفعالة وبين غيرها، ولو كانت في إيران جمعيات نسائية قوية لما أقدمت السلطات الدينية فيها مثلا على حرمان طالبات الجامعة من دراسة تخصصات كثيرة، بحجة أنها للذكور فقط! وبهذه المناسبة نتمنى على الجمعية الثقافية النسائية، رائدة العمل النسائي في الكويت، والمؤهلة لفعل شيء لاسترجاع حقوق المرأة، إقامة احتفالية سنوية بهذا اليوم، لتعيد اليها حقوقها المغتصبة، فلا تزال المرأة في مجتمعاتنا تعاني الكثير، كما أن قضاياها ومشاكلها لم تنته مع نيلها لحقوقها السياسية، بل تلك كانت البداية فقط!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *