عادل عبدالله المطيري

سورية.. بوسنة العرب

ما يحدث في سورية منذ ما يقارب 3 سنوات لا يمكن أن يتخيله عقل إنسان فضلا عن أن يرضاه ضميره.

تراكمت المآسي الإنسانية في سورية والتي تنقل مباشرة للعالم كله بالصوت والصورة، ومع ذلك لا يتحرك المجتمع الدولي ولا منظماته لوقف تلك الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية والمتمثلة بحرب الإبادة الجماعية وحصار المدن السورية وقصفها العشوائي بالبراميل المتفجرة وصواريخ سكود قبل ان تدخلها قوات النظام حيث تقتل وتغتصب ما تبقى من نساء وأطفال.

من كثرة عدد المذابح الجماعية للأطفال وليس للرجال والنساء فحسب، لم نعد نتذكر الأسماء التي أطلقت عليها ولكنها بلاشك وبالمحصلة النهائية هي أعنف أو على الأقل تماثل بوحشيتها مذابح الحرب في البوسنة والتي ارتكبها الصرب بل ربما تكون مأساة سورية قد فاقت ما جرى في البوسنة والهرسك من جرائم، فلو قارنا بين ما يحدث في سورية وما حدث في البوسنة فسنجد أن في سورية قتل إلى الآن أكثر من 100 ألف، وهناك حوالي 10 آلاف معتقل سوري في ظروف غير إنسانية، واكثر من مليوني لاجئ سوري خارج الوطن، و4 ملايين نازح داخل الأراضي السورية.

أما في مذابح البوسنة والهرسك التي دامت أيضا قرابة الثلاث سنوات، فقد قتل فيها اكثر من 97 ألف بوسني ونزح حوالي 1.8 مليون بوسني عن مناطقهم، وكان عدد اللاجئين حوالي 10 آلاف.

أنا هنا لا أحاول التهاون في جرائم الحرب التي ارتكبت في البوسنة ولكنني احاول توضيح حجم الكارثة الانسانية في سورية.

هل تعلم عزيزي القارئ .. أن الحرب في سورية مثل الحرب في البوسنة او أشد سوء منها؟، ولكن الفرق بينهما كان في الموقع الجغرافي وتأثيره في سلوك القوى العظمى..حيث كان الموقع الاستراتيجي للبوسنة في أوروبا وبجانب دول حلف الناتو، حيث تتنازع روسيا وأميركا النفوذ في تلك المنطقة بعد الحرب الباردة، فكان يجب حسم النزاع لصالح الغرب أولا والبوسنة ثانيا، بينما الموقع الجغرافي لسورية للأسف لم يخدمها بل ربما أضرها، حيث تقع سورية بالقرب من إسرائيل الحليف الاستراتيجي لأميركا والغرب، وليس من مصلحة إسرائيل سقوط بشار ونظامه الموالي لها سريعا حتى لا يأتي بدلا عنه نظام وطني قوي ومتماسك فربما يهدد أمن إسرائيل أو يغير ميزان القوى في المنطقة لغير صالحها.

إذن من الضروري للغرب وإسرائيل إطالة مدى النزاع في سورية حتى وان ابيدت اغلب المدن السورية على غرار الخراب الذي وقع في مدينة حمص حيث تمت تسويتها مع الأرض، وعلى أمل ان تتحول الحرب في سورية مع مرور الوقت إلى نزاع طائفي ومناطقي يؤدي إلى تقسيم سورية إلى دويلات طائفية صغيرة وضعيفة وحاقدة على بعضها البعض، يسهل على إسرائيل التعامل معها، وحتما لن تشكل تهديدا لامنها.

ختاما .. العلاقات الدولية تقوم على أساس المصالح فقط، وأحيانا تتقاطع المصلحة مع الإنسانية وأحيانا أخرى تكون ضدها، في البوسنة كانت الإنسانية تتقاطع مع مصالح الغرب، أما في سورية فللأسف تنافرت مصالح الدول العظمى مع الإنسانية.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عادل عبدالله المطيري

twitter: @almutairiadel
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *