عادل عبدالله المطيري

الدور الإيراني والفراغ العربي

تجبر الدول المسالمة أحيانا على خوض الحروب، عندما لا يترك لها خصومها أو منافسوها مجالا للعمل السياسي.

كذلك حين أجبرت المملكة العربية السعودية على دخول حرب مباشرة في اليمن وعلى حروب أخرى غير مباشرة في مناطق أخرى، لأن «الإيرانيين» لم يتركوا مجالا للتعاون أو العمل الديبلوماسي.

منذ الحرب الأميركية لتحرير العراق من حكم صدام حسين عام 2003، أخذ الدور الإيراني في المنطقة العربية في التوسع، خصوصا بعد تحول العراق من احد ركائز الأمن القومي العربي إلى أحد محاور النفوذ الإيراني بالمنطقة.

فبعد سيطرة الأحزاب الموالية لإيران على السلطة في العراق، عملوا على مساعدة نظام طهران للخروج من عزلته السياسية فسعوا جاهدين الى ادخال إيران في التحالفات العسكرية الغربية في العراق لمكافحة الإرهاب وغيره – ونجحوا في ذلك – لدرجة أن الحرس الجمهوري الإيراني والحشد الطائفي العراقي هم بمنزلة القوة البرية للولايات المتحدة في محاربة الإرهاب بالعراق حيث تمدهم بالأسلحة والمستشارين والغطاء الجوي!

ربما نتفهم عدم مشاركة أغلب العرب في عملية تغيير الحكم بالعراق عام 2003، لاحترامهم مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعدم تأجيج الطائفية ولكم مالا نفهمه هو عدم إصرارهم على المشاركة في تشكيل مستقبل عراق ما بعد صدام.

ان تراجع الدور العربي والخليجي في دعم واستقرار العراق وحفظ التوازنات السياسية، أدى إلى أن تلعب إيران واتباعها في الساحة العراقية وبنجاح!

اما الدور الإيراني في لبنان والمتمثل بتحالفها مع حزب الله الذي احتكر السلاح بحجة المقاومة في لبنان، فأثبت بعد ثورات الربيع مدى النفوذ الإيراني في لبنان، والذي تعدى سيطرة حزب الله على السلاح وقرار الحرب مع إسرائيل الى السعي لتعطيل كل مؤسسات الدولة اللبنانية، ليصبح لبنان بلا حكومة ولا رئيس ولا برلمان، والأخطر من ذلك إصرار حزب الله على الزج بلبنان في الصراع السوري بجانب الطاغية بشار خدمة لمصالح ايران.

وفي الشأن الخليجي حاولت ايران استغلال الاحتجاجات الشعبية الخليجية ذات المطالب المعيشية لتحويلها الى حركة مناهضة تسعى الى الاضرار بأمن دول الخليج ولكنها فشلت في ذلك الى الآن.

وفي «اليمن» نجحت ايران في استغلال حب السلطة للرئيس المخلوع علي صالح ليتحالف معه أتباعها من الحوثيين، محاولين تأسيس دولة طائفية تابعة لإيران، تسعى من خلالها إيران الى زعزعة أمن السعودية في الجنوب.

ختاما: أدرك الخليجيون ان عليهم اعادة ترميم الصدع الكبير الذي خلفته رياح ثورات الربيع في النظام العربي والاختلال الكبير الذي أحدثته في ميزان القوى، فانشغل الخليجيون بالأوضاع في مصر في محاولة لانتشالها من الفوضى، بينما كان الإيرانيون يكثفون من أدوراهم السياسية في بعض الدول العربية، وفي نهاية الأمر نجح الإيرانيون في بسط نفوذهم والتغلغل في المنطقة العربية وأجبروا العرب على مقاومة تمددهم بالقوة.

الخلاصة: كما أن للحرب عباقرة تحقق النصر – أيضا – للسلام عباقرة تصنعه وتنجحه.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عادل عبدالله المطيري

twitter: @almutairiadel
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *