احمد الصراف

قرن المرأة

لم تمر البشرية بقرن اكثر صخبا ودموية وتطورا وتقدما وازدهارا، اقتصاديا وصحيا وثقافيا، وانهيارا وموتا كالقرن العشرين. ففيه خاض العالم حربين عالميتين حصدتا ارواح عشرات الملايين، غير اضعافهم من الجرحى والمشردين، هذا عدا الحروب الثنائية الدامية، وآخرها حرب العراق وإيران التي حصدت أرواح أكثر من مليون «بريء»، بسبب جهل زعامات دموية فاشلة. وفي القرن الــ 20 نجح الأطباء في التوصل لأدوية وطرق علاج لعشرات الأمراض التي كان العالم يعتقد باستحالة شفاء المصاب منها. كما شهد القرن أكبر عدد من الانقلابات العسكرية، إضافة للانقلابات البشرية على قيم قديمة ومسلمات وأعراف لم تمس منذ قرون، وذلك بسبب انتشار الثقافة والعلم الذي بين الأسباب المناخية والطبيعية والعلمية وراء الكثير من الظواهر التي كان الإنسان يعتقد ان تفسيرها في علم الغيب، ولا يعرفه غيرعلام الغيوب.
وقد ارتفع دخل الفرد في ذلك القرن لمستويات قياسية مقارنة بما قبله، وشمل الرخاء أجزاء كبيرة من العالم، قابله صرف كبير على التعليم والسكن والسيارة والترفيه. كما زاد فيه عدد من يمتلكون مساكنهم، وزاد معدل عمرالإنسان بنسبة %30 وحتى %50 في بعض المناطق. كما زاد عدد سكان الأرض بشكل كبير نتيجة توقف الحروب وزيادة العناية الطبية. كما اصبح الجميع تقريبا يتذوق طعام الآخر، وأصبح أي مطبخ نادرا ما يخلو من مواد طبخ أو «بهارات» لم تكن معروفة لديه.
وأخذت الموسيقى، والعالمية بالذات، تأخذ دورها في التثقيف والترفيه، وهي التي كانت في القرن السابق له مقتصرة على صالونات استماع قليلة. كما شهد القرن انتشارا هائلا لاستخدام اللغة الإنكليزية التي اكتسحت اللغات الرئيسية الحية الأخرى، وكل ذلك بفضل ما قدمته اميركا للعالم في مجال الكمبيوتر والطب والفضاء. كما شهد القرن تغيرا في مفهوم الغنى والثراء، فبعد أن كان مرتبطا بتملك العقار ثم بالمصانع وغيرها، اصبح الثراء يتمثل في ما لدى الفرد من أوراق مالية، كأسهم وسندات. كما اصبحت الأسهم الأكثر قيمة والأعلى دخلا، تلك التي لا تمتلك شركاتها أي أصول محسوسة كالأراضي والسلع، بل شركات ورقية كالالكترونية أوالاتصالات وبرامج الكمبيوتر، وأصبح بيل غيتس، على سبيل المثال، مثال الغنى والثراء والكرم، وهو الذي لا يملك ربما عقارا غير بيته الذي يسكن فيه.
كما يمكن وصف القرن بأنه قرن المرأة لما حققت فيه من طفرات غير مسبوقة عبر نيلها كامل حقوقها كإنسانة لا تقل عن الرجل، إن لم تكن أفضل منه. ومن المحزن أن نجد أن وضعها في دولنا، وحتى في القرن 21، ليس سيئا فقط بل أصبح يميل في العقود الأخيرة للتردي عن بقية نساء الأرض، وما أصبح عليه وضع المرأة في افغانستان وإيران ومصروليبيا وتونس وغيرها خير مثال!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الكفر بالديموقراطية

إذا سقط النظام في مصر بسبب غير السبب الذي وصل به إلى الحكم – وهو الانتخابات الحرة النزيهة – فهذا ستكون له انعكاسات خطرة ليس على مصر فقط بل على المنطقة العربية والاسلامية والعالمية كذلك. واول هذه الانعكاسات سيكون كفر الناس بالديموقراطية كاسلوب حياة وبالانتخابات كوسيلة لها! لان الناس لا يزالون يذكرون ما حدث في الجزائر قبل عشرين عاما عندما اجريت اول انتخابات تشريعية عامة في البلاد بعد حكم دكتاتوري متسلط استمر لعقود طويلة من الزمان ونجح فيها حزب اسلامي، هو جبهة الانقاذ، بقيادة الشيخ عباسي مدني، غير أن العسكر لم يمكنوه من الحكم، حيث اتهموه بتهم باطلة وانقلبوا عليه وزجوا بجميع قيادات الجبهة بالسجون وزوروا الانتخابات بعد اعادتها واعادوا الحكم الدكتاتوري من جديد.
اليوم يكاد التاريخ ان يعيد نفسه! فبعد ان وصل محمد مرسي الى الحكم في انتخابات لم تشهد لها مصر مثيلاً في نزاهتها وشفافيتها، وبعد ان اعطى للحرية معنى وشعر المواطن المصري للمرة الاولى انه آمن في بيته من زوار الفجر وزبانية النظام، وبعد ان خسر فلول النظام البائد كل الامتيازات الحرام التي كانوا يتمتعون بها والتي بسببها استولوا على مقدرات الشعب وجعلوه من افقر شعوب العالم، اليوم يتباشر المعارضون للرئيس المنتخب ببيان القوات المسلحة ويطالبون الجيش بالتدخل والانقلاب على الشرعية! وطبعا لو حدث ذلك لا قدّر الله فاننا لن نُفاجأ اذا سمعنا الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي تبارك هذا التحول اللاديموقراطي وتدعمه، لان هذا بالضبط ما حدث بعد الانقلاب على الشرعية في الجزائر، حيث انكشفت الديموقراطية الغربية وظهر زيفها للعالم اجمع.
إن الانقلاب على الشرعية الدستورية، سواء بالعسكر او بالبلطجة والثورة المضادة، سيؤدي بالناس الى الكفر بالممارسة السياسية التي لم تعد تصلح كاسلوب حياة من خلالها يرتب الناس امور دنياهم، لان الذي يفشل في الوصول الى الحكم من خلال صناديق الاقتراع لن يهدأ له بال الا بالانقضاض على الحكم بالقوة واثارة البلبلة والفتن في الشوارع واستجداء العسكر لالغاء المكتسبات الدستورية للشعب! واخطر ما في الامر ان الوسطية الاسلامية لن تجد لها مكانا في نفوس اتباع المنهج الاسلامي بل سيحل مكانها التطرف والعنف والقوة كوسائل لاغتصاب الحقوق المهدرة. وسيقول اتباع هذا المنهج لقد تبعناكم في الاسلوب الديموقراطي الهادئ لكن الايام اثبتت انه اسلوب فاشل، حيث البقاء في هذا الزمان للاقوى! (وبلا ديموقراطية وبلا بطيخ)، وسينتشر الفكر الذي نسميه اليوم بالمتطرف، وسيمارس اسلوب اقصاء الآخر كما مارسه دعاة الديموقراطية وحماتها عندما اقصوا الاسلاميين مع انهم هم الذين وصلوا إلى الحكم!
اللافت للنظر اننا لم نسمع من أدعياء الديموقراطية وحماة حقوق الانسان في الكويت تأييدا للشرعية الدستورية في مصر ولم نشاهد أياً منهم من طالب في كتاباته باحترام الارادة الشعبية والانتظار لحين انتهاء المدة الدستورية للرئيس المنتخب ثم اسقاطه بالارادة الشعبية! طبعاً نحن نعلم ان هذا لن يحدث لان أي لجوء للصناديق اليوم سيأتي بنتائج لا تناسبهم ولا تحقق حلمهم ومرادهم، لذلك لسان حالهم يقول اما ان تأتي الانتخابات بمن نريد واما «بلاش انتخابات ومرحى بالجيش!»، بقي ان ندلل على سوء التصرف ورداءة الموقف للمعارضين للشرعية عندما طالبوا بأمرين غريبين: الاول عمل استفتاء على الدستور بعد الغاء المواد التي لا تتوافق مع هواهم! وهم يعلمون جيدا ان الشعب المصري بكل فئاته قال كلمته في الاستفتاء على الدستور الجديد وباركه باغلبية واضحة! والامر الآخر انهم طالبوا بان يتولى رئيس المحكمة الدستورية ادارة شؤون البلاد الى حين انتخاب رئيس جديد! وهم يعلمون ان المحكمة الدستورية هي التي كانت تعطي حسني مبارك نتيجة %99.99 في كل انتخابات! لذلك لا نستغرب عندما تكون عودة النائب العام السابق احد مطالب المعارضة، كما ان مطالبتهم باقصاء جماعة الاخوان المسلمين من العمل السياسي امر يدلل على مدى ايمانهم بالديموقراطية واحترام حرية الرأي!
حفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.

حسن العيسى

غشوا تصلوا

ضرب وزير التربية نايف الحجرف بقسوة على من تسبب في ممارسات الغش من المسؤولين الكبار في وزارة التربية، عندما تواطأوا بالجريمة أو شاركوا فيها عبر إهمالهم في الامتحانات العامة. قسوة الوزير مستحقة، ويا ليت عصا العقوبة تطول وتردع الغير، ليس في هذه الوزارة فحسب بل في جل مؤسسات الدولة التي تراوح في قضايا الغش، إلا أنها عصا قصيرة في مكانها، أي وزارة التربية، ولا تمتد إلى بقية وزارات ومؤسسات الدولة الخاصة والعامة، ولا تصل إلى سلوك الأفراد، وهي أيضاً عصا محدودة الأثر في زمانها، أي فترة الامتحانات، أما في عمر الدولة الممتد فلا توجد هذه العصا للضرب على أيدي الغشاشين، وإنما هناك الجزرة أو الكعكة التي يكافأون بها، وتقتصر مهام عصا التأديب والزجر على المخلصين، الصادقين من حزب المنسيين.
عرفت ويكيبيديا الغش Cheating بأنه ممارسة نهج لا أخلاقي للحصول على أهداف معينة، وعادة ما يستغل للحصول على ميزة معينة في وضع تنافسي محدد، إذن –حسب ويكيبيديا الإنكليزية- يصبح الغش أداة للحصول على مكاسب ومنافع بوسائل لا أخلاقية، ويكسر القواعد المعروفة.
حدث غش في امتحانات الطلبة، وضرب الوزير، وقد يتعلم وقد لا يتعلم الغير الذين تضج من كثرتهم ساحة الوطن من صفعة الوزير. فمثلاً، كيف يمكن أن يتعلم "الأخلاق" هؤلاء الذين حصلوا على شهادات عالية من جامعات وكليات وضيعة، الشهادة لها سعر مادي معلوم، والطريق إليها سهل وممهد، ووزارة التربية قد تضع بعض العراقيل لخريجي جامعات وكليات "أي كلام"، لكنها في النهاية ترضخ للضغوطات الشعبية وغير الشعبية لأمراء ومافيات الغش.
أيضاً بقية الوزارات تجد نفسها ملزمة بقبول المتخرجين من جامعات الغش للأسباب السابقة، وما دامت الأرض الكويتية تنز نفطاً وريعاً، فلا يعني شيئاً أن تكون حاصلاً على الدكتوراه في القانون من هارفرد، أو حاصلاً على شهادة قانونية من كلية أو جامعة الثلاث ورقات، فكلها عند مسؤولي السلطة "صابون"، فالغش حلال، طالما أنه لا يلامس أمن النظام الحاكم.
الغش هو عمل انتهازي، هو اغتنام الفرصة دون وجه حق كي يكسب الغشاش على حساب الضحية، وهو الأمين الذي لم يغش، وعلى حساب مستقبل وطنه وأمته حين يزوّر الغشاش واقعه، ويظهره بصورة غير حقيقية ويصعد سلالم الغش، عتبة بعد أخرى، يتلو في صعوده الهابط كلمات النفاق والدجل، ويصبها في آذان أولياء النعم "لزوم الفرفشة" والرضى عندهم، حتى يصل إلى الأعلى، أي قمم المال والسلطة.
الغش، هو عمل أناني صرف. حين يستبعد الغشاش الآخرين غير الغشاشين من مضمار المنافسة الشريفة، وينصب عليهم، ويفتك بهم نفسياً، عندما تزين قلادة النجاح الكاذب صدره، بينما يبقى المنسيون تائهين في صحاري اللاجدوى من الجهد والعمل الجاد والإخلاص، يعملون تحت مظلة نظام سياسي محدود الفكر، تتمحور ثقافته بكلمتي "كله صابون".
كم نظلم هذا أو ذاك الطالب أو الطالبة اللذين غشا في الامتحان، وكم نقسو على هذا أو ذاك المدرس أو الموجه حين يسهلان منهج الغش، فليسوا هم وحدهم من يغش، فالدولة برمتها، ومن ألفها إلى يائها تقوم على ثقافة الغش وتوأمها أخلاق الرشوة، فالموظف الذي لا يعمل، ويعتمد على غيره في إنجاز واجبه يغش، وفي التجارة يصبح الغش سلوكاً عادياً، ولو حاربته القوانين التجارية، لأنه بغير الغش والرشوة يستحيل على هذا التاجر أن يحيا بتجارة النزاهة والشرف في عالم التجار الغشاشين. والنائب الذي وصل إلى مجلس الأمة من خلال غياب الشرعية الدستورية، وعبر المال السياسي هو غشاش.
والمسؤول الذي يداهن رؤساءه، ويسكت عن الخطأ في مهام عمله، حتى يطول به البقاء في منصب النعم، هو غشاش، فهو يردد، دائماً، عبارات، أضحت جزءاً من اللاوعي الاجتماعي العام مثل: "حالي من حال غيري" أو يقنع نفسه بحكمة "إن لم تكن ذئباً غشاشاً فستأكلك ذئاب الغشاشين". والوزير الذي "يصهين" على الخطأ ويجاري الوضع العام، ويفتح أبواب المحسوبية والواسطة على حساب حكم القانون والأخلاق يعد غشاشاً…! من أين نبدأ وأين ننتهي بالحديث عن الغش في عصر الغش الكبير، فالدولة اليوم تحيا في مستنقع الغش، ولا يبدو أن أهلها يشعرون بلسعات بعوضه القاتلة.

احمد الصراف

نوبل لوجيهة وزميلاتها

تعتبر وجيهة الحويدر أنشط كاتبة حقوقية سعودية في مجال حقوق الإنسان عموماً وحقوق المرأة السعودية خصوصاً، وهي تعمل، حسب آخر المعلومات المتوافرة، في شركة أرامكو. وبسبب انشطتها منعت عام 2003 من الكتابة في الصحف، وفي 2006 اُعت.قلت إثر رفعها لافتة تطالب بحقوق المرأة على جسر الملك فهد، الذي يربط بين السعودية والبحرين، وأفرج عنها بعد أن تعهدت بعدم تكرار الفعل. وفي السنة نفسها استدعتها المباحث وحققت معها ووقعتها على تعهد خطي آخر، بعد القيام بأي نشاطات ميدانية أو إلكترونية حقوقية، ومنعت حينها من السفر لفترة. ومنذ عام 2004، ووجيهة تقوم بكتابة مقال شبه اسبوعي، كما أن مقالاتها نشرت في عدة مواقع، ومنها موقع «الحوار المتمدن»، وغالبية مقالاتها دارت حول حقوق المرأة السعودية ودورها في الحياة.
ومن واقع متابعتي، اعتقد أن الوقت لن يطول لكي نسمع بترشيح السعودية وجيهة الحويدر لجائزة نوبل للسلام! قد يطول الأمر قليلا، ولكني اشعر بانه مقبل لا محالة! فما تقوم به هذه السيدة، وزميلاتها، من نضال منذ سنوات لحصول بنات جنسها على حقوقهن، مستخدمة الوسائل السلمية وقلمها السيال، يجب ألا يستهان به ولا نمر به غير عابئين. وبالرغم من أن وجيهة مكروهة من قبل طبقة معينة في وطنها فإنها تنال تشجيعا وإعجابا أكبر وأكثر إخلاصا من غيرهم من مواطنيها، وعملها يشرف وطنها حتما، وحربها المستمرة ضد الظلام والتمييز الجنسي والتطرّف الديني المبالغ به يستحق الإشادة، من دون تحفظ!
تقول عنها الزميلة اللبنانية جمانة حداد انها غير محبوبة في وطنها، لأنها تستخدم قلمها لتفضح، وتهاجم، وتنتقد، في منطقة تعوّدت شراء الأقلام، وأدمنت التملق والمديح الكاذب! كيف لها أن تحبّها، وهي ترفع رأسها عالياً، في ثقافة النعامات التي تدفن رؤوسها في رمال الصحراء وتنكر الواقع والحداثة والحرية؟ ويقولون انها غير محبوبة لأنها لا تستطيع أن تربّي ذقناً توحي بتديّنها، ولا تُسكرها رائحة النفط، ولا يُسكنها الخوف. ولا تحبّها، لأنها تخافها، وخوفها تسبب في أن يصدر بحقها قبل ايام حكما، شملها والناشطة الأخرى فوزية العيوني، بالسجن لمدة 10 أشهر، ومنعهما من مغادرة البلاد لعامين، بتهمة «تخبيب» سيدة كندية! وكلمة تخبيب تعني «إفساد امرأة أخرى بأن تزيّن لها كراهية زوجها»!
نتمنى لنضال وجيهة والسعوديات التوفيق، وأن تتبوأ المرأة في السعودية المكانة التي تستحقها، والأمل وطيد في جهود الملك عبدالله.

أحمد الصراف

سامي النصف

أن تشتكي الفساد وتنتخب فاسداً!

يوم 27/7/2013 قادم سريعا، وقد أتاح مرسوم الصوت الواحد تسهيل عملية الانتخاب، فلم يعد الأمر يحتاج الى تفكير كثير، بل يكفي ان تختار مرشحا واحدا أول شروطه ألا يتناقض مع ما تدعو إليه من رغبة في تطور البلد وتقدمه وتقديم النزاهة والكفاءة والأمانة على أعمال نوابه.

***

ان المسار الديموقراطي في كل البلدان يمنح المجالس البرلمانية الممثلة للشعوب سلطات واسعة في إدارة البلدان، لذا فتلك المجالس هي احد أسباب تقدم او تخلف الدول، فحتى لو أحضرنا أفضل وأكفأ الحكومات والوزراء والمسؤولين يبقى عملهم مقيدا بمقدار كفاءة ونزاهة النواب الذين ان صلحوا صلح حال البلد وان فسدوا تسببوا في فساد السلطات الأخرى كونهم الرقباء عليهم.

***

وعليه ندعو الناخبين والناخبات ولأجل بلدنا ومستقبل أبنائنا الى التروي والتمحص والقيام بالفحص النافي للجهالة قبل قرار من سينتخبون من المرشحين، فلا يجوز ان تنتخب من يمتلئ ملفه بقضايا الفساد ومن لا يعرف مصدر ثرواته، وكل ذلك بحجة المعرفة او القرابة الشخصية وغيرها من قياسات خاطئة، حيث لا يعرف احد قط مدى حاجته للنواب ومن منهم سيقوم بها، وكم من قريب خذل معارفه وكم من غريب قام بالواجب وأكثر.

***

ويرى بعض المواطنين المحتاجين فيمن يدفع المال من المرشحين المنقذ لهم من ضائقتهم المالية، ولهؤلاء نقول ان كنتم مضطرين خذوا أموالهم ولا تصوتوا لهم، فلا يوجد رقيب عليكم في صناديق الانتخاب إلا ضمائركم بل ان من يدفع يظهر أمامكم بشكل واضح انه ينتوي السرقة وتخريب البلد مما يضر بأبنائكم ومستقبلكم قبل غيركم من المرتاحين ماديا.

***

وبشكل عام لنصوت للدماء الجديدة وللنساء ـ عدا من تثبت سيرتهم سوء القول والفعل ـ وللحكماء ولو كبرت سنهم، فما أحوجنا للحكمة هذه الأيام، ولنجعل مجلسنا القادم مجلس النزاهة والحلم الذي طال انتظاره، ولنفاجئ المراقبين والمتصيدين عبر إسقاط أصحاب الضمائر الفاسدة حتى لو أعجبنا قولهم، فما أسهل وضع عقولنا في آذاننا وتصديق كل ما يقال لنا، وما أحمقنا عندما نفرط في الأوطان ومستقبل الأبناء لأجل «فشة خلق» اي اختيار المرشح الذي يعجبنا منه انه «يفش خلقنا» في الآخرين من أبناء الوطن على حساب دمارنا وضياع بلدنا.. ويا لها من فشة خلق!

آخر محطة: كل الدلائل تظهر ان المجلس القادم سيتم أعوامه الأربعة، لذا فلنحسن الاختيار كي لا يضار البلد باختيارنا الخطأ، فلن تسلم الجرة في كل مرة، ولن يكون هناك حكم محكمة دستورية منقذ آخر.

احمد الصراف

العلمانية الجميلة والطائفية الكريهة

عندما كنا نكتب وننادي بالعلمانية حلاً لجميع مشاكلنا، ونقول ان في اتباعها، دون المساس باية عقيدة، يكمن الترياق الذي نحن بحاجة اليه لتغيير الكثير من أوضاعنا المهترئة ومفاهيمنا البالية كان الكثيرون ينتقدون دعوتنا ويرفضون التصديق بأن في اتباع العلمانية الحل للتخلص من أطنان الحقد الكامن في نفوس الكثيرين منا، وكان هؤلاء يزيدون باتهامنا بالكفر والردة والزندقة والعمل لمصلحة النظام الصفوي الفارسي، هذا غير تهم الانتماء للمجوسية والعمل لمصلحة الاستعمار والصهيونية، وكل هذا خير دليل وشاهد على مدى الحاجة لاتباع العلمانية طريقا وسياسة، فأنا لا يمكن أن أكون كل هذه الأمور في الوقت نفسه، وبالتالي سوقها في حقي ناتج عن كم الجهل والحقد الديني أو المذهبي الكامن في النفوس، وليس مثل العلمانية مادة لتنظيف النفوس من هذه الاتهامات السخيفة والأحقاد البغيضة، التي عادة ما تعمي القلوب وتمنع رؤية الأمور بشكل واضح! فطالما أن الدين والوطن ليسا للجميع بل لطائفة أو لأتباع دين محدد، فإن الخراب سيستمر ويشملنا جميعا، وفي هذا تقول وفاء سلمى الكاتبة السورية الأميركية، في مقال إلكتروني: قام أبناء ملتي، الاسلاميون السنة طبعا، بحوالي 3272 عملية ارهابية، بلغ عدد القتلى فيها 18562، والجرحى 39445، كان نصيب العراق منها 866 عملية ارهابية، الهند 565، باكستان 197، أفغانستان 235، الجزائر 169، الشيشان 92، روسيا 25، تايلند 133، بنغلادش 34، السعودية 26، السودان 32، لبنان 19، اسرائيل 234، نيجيريا 30، أندونيسيا 66، الفلبين 83، الصومال 7، اليمن 10، الاردن 5، طاجيكستان 16، سوريا 5، البلقان 3، مصر 9، بريطانيا 7، فرنسا 4، الولايات المتحدة 14، وأخيرا قطر عملية ارهابية واحدة، وهذا فقط حتى عام 2005، حسب قولها. ويمكنكم تخيل العدد اليوم، بعد استمرار وازدياد العنف الطائفي والمذهبي في العراق وسوريا ولبنان وباكستان، واشتراك ابناء المذاهب كافة فيه، ليعم «خير التطرف» الجميع! وتقول ان أرقامها تبين أن عدد القتلى في العام الواحد في اربع سنوات بلغ 4640 قتيلا، وهذا يفوق كل قتلى محاكم التفتيش الاسباني، بين القرنين 12 و15. كما أن عدد القتلى في 11 سبتمبر 2001 يفوق كل القتلى خلال 36 عاما من الحرب في شمال ايرلندا، ويفوق الاعدامات التي تمت في الولايات المتحدة في 65 عاما الماضية. كما أن عدد القتلى على يد الاسلاميين المتشددين السنة في العام الواحد يفوق عدد القتلى على يد جماعة «كوكلوكس كلان» العنصرية في أميركا في خمسين عاما!
لا أدري مدى صحة ما اوردته الزميلة من أرقام، ولكني لا استبعدها أبدا واكره فكرة معرفة ما هي عليه الآن، او ما ستكون هذه الأرقام بعد عشر سنوات من الآن، فالعنف الطائفي الجاهل سيستمر والقتل الديني سيشملنا جميعا، شئنا أم ابينا، ولا ادري هل سيكون حال الأمة أفضل لو اختفى الشيعة وزالت إيران عن خارطة الشرق الأوسط؟ هل سنتفرغ حينها لمحو إسرائيل والقضاء على الفقر والجهل والمرض، لأن الشيعة كانوا العائق أمام إنجاز هذه الأمور! اين ذهبت أيها المنطق؟

أحمد الصراف