سامي النصف

أخطاء قاتلة!

في 2013/4/13 سقطت طائرة ليون اير الاندونيسية ب – 737 الرحلة 904 في بحر جزيرة بالي، وكتبنا في 2013/4/15 ان السبب الاول المرجح للحادث هو خطأ الكابتن «غزولي» أو مساعده، وقد أتى التقرير الاولي لذلك الحادث ليوضح أن الحادث سببه خطأ الاثنين، حيث قام المساعد الذي كان يقود الطائرة بتسليمها للكابتن على ارتفاع 45 مترا فوق سطح البحر بسبب عدم رؤيته للممر بسبب الامطار الغزيرة، وكان الاجراء الصحيح الذي تفرضه أنظمة السلامة أن يعاود الارتفاع «Go Around» وهو ما حاول الكابتن متأخرا القيام به، إلا أن الطائرة اصطدمت آنذاك بالبحر وتحطمت في غياب وجود أنظمة النزول الآلي في مطار دينبسار «ILS» الذي كان سيساعدهم في استخدام أفضل لأجهزة الطائرة المتطورة.

***

في 2013/7/6 تحطمت في حادث مماثل طائرة شركة «اشيانا» الكورية الجنوبية ب – 777 الرحلة 214 قبيل هبوطها في مطار سان فرانسيسكو قادمة من انشون في كوريا وعلى متنها 291 راكبا، ومرة أخرى تؤدي أخطاء بشرية فادحة لذلك الحادث، فقد كان على المقعد الشمال محلقا بالطائرة الكابتن لي كانغ كوك الجديد على الطائرة، والذي مازال تحت التدريب ولديه 43 ساعة فقط خبرة على نوع الطائرة المنكوبة، وعلى الكرسي اليمين جلس الكابتن المدرب لي جونغ من وهو مدرب جديد كذلك، وكانت تلك رحلته الاولى كمدرب، بينما جلس على المقعد الاحتياط بالكابينة مساعد الكابتن.

***

كان الجو جميلا والساعة تقارب 11.30 صباحا، إلا أن نظام النزول الآلي في المطار «ILS» لم يكن يعمل بشكل كامل، حيث ان الجزء الخاص بالحفاظ على الارتفاع الآمن «Glide Slope» كان معطلا، وقد عوض عن ذلك بتشغيل نظام إضاءة على جانب الممر يدعى «PAPI» يقوم بنفس الدور، فظهور أربعة أضواء حمراء تعني الانخفاض الشديد وأربعة أضواء بيضاء الارتفاع الشديد وظهور اثنين حمر واثنين بيض يعني الارتفاع الصحيح.

***

واضح أن الاجهاد وقلة الخبرة بالتدريب والطائرة والمطار ومعهما عطل محتمل أصاب الجهاز الاتوماتيكي للحفاظ على السرعة «AUTO THROTTLE»، وما قاله الكابتن كوك ولم يؤكده زملاؤه من أن ضوءا باهرا أعمى عينيه وجعله لا يرى الممر (كحال حادث الاندونيسية!) تسبب بانخفاضه الشديد عن الارتفاع المقرر مع انخفاض شديد في سرعة الطائرة من 137 عقدة كما يفترض الى 106 عقد «Too Slow وToo Low»، وقد تأخر الكابتنان في تصحيح الوضع والارتفاع مرة ثانية بالطائرة «Go Around» تماما كحال الاندونيسية، فاصطدمت الطائرة بالحواجز التي تفصل الممر عن البحر وانشطرت الطائرة وتوفي اثنان من الركاب وذهب 180 للعلاج و…

احمد الصراف

أنا والخميني

وصلتني على التويتر صورة قديمة للسيد روح الله الخميني (1902/1989)، وهو يتوضأ استعدادا للصلاة. وذكر تحت الصورة أنها التقطت على الحدود الكويتية أثناء انتظاره موافقة سلطاتها على الدخول قادما من العراق! وقد أعادتني الصورة لأكثر من 40 عاماً إلى الوراء، عندما قمت، من دون ان ادري أو أرغب، بدور هامشي في محاولة السيد الخميني دخول الكويت، وطلب الإقامة فيها.
بدأ صراع الخميني مع نظام بلاده الملكي الفاسد مع نهاية الحرب العالمية الثانية، وفي عهد الشاه رضا. واستمر الصراع مع الابن محمد رضا، الذي وعد شعبه بإصلاحات دستورية ومحاربة الفساد، إلا أنه لم يفعل ما يكفي لإرضاء القوى الدينية. وقد بذل الشاه جهودا كبيرة لتحجيم الخميني، ولكنه فشل، واضطر عام 1963 لسجنه لعدة أشهر، بعد أن ألقى هذا خطاباً هاجم فيه النظام وأميركا وإسرائيل، ولكن أفرج عنه تحت ضغطٍ جماهيري، ليعود الخميني ويطلب من رجال الدين ترك التقية والكشف عن مواقفهم، وعدم مهادنة النظام، فاعتقل ثانية ونفي إلى تركيا، لينتقل عام 1965 للعيش في العراق. وبقي من دون نشاط لبضع سنين، إلى أن وصل البعث وصدام للحكم، فالتقت مصالح أو عداء الاثنين للشاه، فبدأ الخميني نشاطه مرة أخرى وبزخم ودعم كبيرين. ولكن التسويات السياسية بين البلدين تاليا دفعت صدام للضغط على الخميني لوقف نشاطه السياسي، ولكن الخميني رفض، فطلب منه مغادرة العراق، فاختار الذهاب إلى الكويت، وهنا بدأت علاقتي غير المباشرة بالخميني، فقد اتصل بي قبلها بيومين محمد ابن المرحوم رئيس غلوم أشكناني، وطلب مني استخدام الخط الدولي في بيتنا للاتصال بهاتف في العراق، والسؤال عن موعد وصول السيد، وكان الجواب الذي تلقيته بأن علينا الانتظار قليلا. اتصلت ثانية، وفق طلب محمد، فأخبرونا بأن السيد غادر وفي طريقه للكويت، واستمر الاتصال بعدها كل ساعة تقريبا، وعندما تأخر وصوله اتصلت للمرة العاشرة، فكان الجواب مقلقا بأن اخباره قد انقطعت عن أهله في النجف. وبعد عشر مكالمات دولية أخرى، تبين أن السلطات في الكويت رفضت استقبال السيد الذي عاد ادراجه! وهنا فقط سألت من هو السيد؟ فقيل لي بأنه الخميني، المعارض الكبير لنظام الشاه، وأن الكويت رفضت استقباله لعدم التورط في صراع الكبار، وفرضت عليه شروطا لم يقبلها فرفض وعاد إلى العراق ليبقى فيها بضع سنين قبل أن يغادرها في اكتوبر 1978 إلى باريس، ليبدأ منها ثورة «الكاسيت» التي أطاحت في نهاية الأمر بنظام الشاه الفاسد في فبراير 1979!
لقد فكرت، بعد نجاح الثورة الإيرانية، في إرسال فاتورة بالمكالمات الدولية التي أجريتها للعراق إلى سفارة إيران في الكويت، لكي تعوضني عما دفعت! الطريف، أو المحزن، في الأمر أن السيد الخميني صرح وهو في باريس لغالبية تلفزيونات صحف أوروبا، وهو يرى نظام الشاه يتهاوى، أنه سيعود ليؤسس جمهورية إسلامية ديموقراطية، وأنه لن يتدخل في إدارتها، بل سيكتفي بالتوجيه! وأن الجميع، حتى الشيوعيين، سيكون لهم الحق في التعبير عن آرائهم! وأن الصحافة ستكون «حرة»! وسيكون لكل فرد حق التعبير عن آرائه وعقائده، وأنه لن يفرض آراءه على الشعب. ورجال الدين لن يحكموا، فوظيفتهم شيء آخر! وأنه يؤمن بان الضغط والقمع لن يكونا سببا للتنمية والتطور!
والآن، ألا تذكرنا تلك الوعود بوعود الإخوان، ومحمد مرسي، ومحمد بديع، قبل تسلمهم الحكم؟ لا أدري لماذا يصر بعضهم على تكرار الأجزاء السخيفة من التاريخ، وببلادة، المرة تلو الأخرى!
للاطلاع على الصورة يمكن الضغط على الرابط التالي:
https://twitter.com/najla_alhomaizi/status/343168465030492162/photo/1 

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

مشايخ «الطين» حين يبكون!

 

أشد علامات القبح التي تبدو على وجوه أولئك الذين لا علاقة لهم بالدين الإسلامي، هي تلك التي يحاولون فيها تغيير ملامحهم وهم يتظاهرون بالبكاء حرصاً وقهراً وكمداً وغيرةً على الدين الإسلامي!

عشرات اللحى والعيون الحمراء والوجنات المنتفخة والقبضات تتوالى على رؤوس المشاهدين المساكين، وخصوصاً أولئك الذين يصدقون، طبقاً لعقولهم الصغيرة، كل ما يصدر من ألسنة وعقول وبطون وصدور وآذان وجباه من اعتقدوا فيهم أنها أولياء الله الصالحين… حتى أن بعض المجتمعات الخليجية، شهدت في الآونة الأخيرة، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، حملات ضد مجموعة من كبار (مشايخ الطين) الذين يحلف برؤوسهم الملايين بعد أن اكتشفوا سوءات فتاواهم التحريضية والتخريفية والتجارية التي يضحكون بها على أبناء المجتمع الإسلامي.

وعلى أي حال، فإن المد الإعلامي التقني الهائل، جعل الناس في تواصل دائم مع كل حركة تمرد ضد الأفكار الرجعية، أو تلك التي يحاول أصحابها المتاجرة وجمع الثروات من خلال إثارة الفتن الطائفية، ولم تعد مهمتهم محصورةً في الخطب والمحاضرات الفتنوية الطائفية، بل أصبحوا يتحدثون عن دعوات الجهاد والخروج على «ولاة أمر» ليسوا هم ولاة أمرهم لأنهم من أمصار أخرى. والعجب العجاب، حين تجد أساتذة جامعيين ومثقفين وشباباً في مستويات متقدمة من التعليم يصدّقون أولئك الجهلة! وحين تصدمهم بالحقائق، فإن أول ردة فعل لهم هي اتهامك بالزندقة! وهم بالطبع يقولون ذلك حين يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة لا سيما في شأن ما يتم كشفه من حسابات بنكية وعلاقات وتجارة وشيكات من تحت الطاولات يتم دفعها لمشايخ الطين من أجل أن يتحدثوا حديثاً قبيحاً سيئاً بالملايين. لا هم لهم سوى إشعال الفتن والطائفية من جهة، وكيل المديح للمستبدين والمستكبرين والظلمة من جهة أخرى كونهم ولاة أمر، حتى نظرية ولي الأمر لديهم، تختلف حسب من يدفع أكثر.

البعض من الزملاء الإعلاميين، كان قبل أشهر عدة، حين ناقشنا مع مجموعة من الإعلاميين الخليجيين والعرب موضوع أسلوب ومنهج وخطاب بعض القنوات الفضائية الدينية، كان بعضهم يرى في ازدياد تلك القنوات فائدة للأمة، بينما لم أرى في غالبها إلا منطلقاً لشن حملات العداء المشحونة بالكراهية. وليس من الضرورة بمكان إجراء استطلاع ميداني لتثبيت الفكرة، فيكفي أن تقرأ لمدة ساعة زمن الشريط الذي يتحرك في أسفل الشاشة لتعلم أن هناك مشاركة فاعلة من قبل مجموعات من المتشددين، من الطائفتين، ولابد من التأكيد على أنهم من الطائفتين، كل يدعي حاكميته على الأمة.

ذلك الخطاب هو الأسوأ على الإطلاق، ولعل الكثير من الناس لا يعلمون أن مثل هذه النزاعات تصبح أجمل وأروع عندما يزداد عدد المشاركين فيها عبر خدمة الرسائل الإلكترونية التي تدر مالاً وفيراً يملأ بطون القائمين على القناة، ممن يدّعون «صدق الدعوة لله والدفاع عن الدين الإسلامي».

كثيرة هي الصور القاسية التي تسود المجتمعات الإسلامية اليوم، في مقدمتها الظلم والتخلف والأمراض السياسية والثقافية والاجتماعية، ونزعات التعصب الطائفي والعرقي المقيتة، وتطغى عليها مشاكل وصراعات متعددة في مختلف ميادينه ومجالاته بما في ذلك ميدان الثقافة والفنون، وتبرز صورها المؤسفة في التضييق على حرية الفكر والنشر ومحاصرة الثقافة ومصادرة الرأي الآخر، وشن الحملات العدائية المشحونة بالكراهية والحقد الطائفي.

لا يمكن أبداً التغاضي عن تهاون الحكومات، وفي أغلب حالات تلك التهاون، يظهر الاتهام واضحاً بلا تبطين في أن بعض الدول تغذّي هذا النوع من الحملات لإشغال الناس، ولذلك، ليس عجيباً أن يتفرغ ذوو النزعات العدائية، سواءً كانوا مشايخ وعلماء أم برلمانيين أم وعاظ سلاطين، ومعهم أولياء نعمهم من المستبدين أرباب الرأي الواحد والنفوذ والمال، ليضيفوا إلى الأمراض الاجتماعية ما يسهم في مضاعفة الداء والمرض في جسد الأمة.

وأخطر ما في الأمر هو استهداف الثقافات الحرة النيرة ومجالات العلوم والفنون الرائدة لضربها بأفكارهم ونزعاتهم ومشاريعهم المشبوهة، منتزعين من تلك الجوانب وأنشطة الإبداع الفني طابعها وعطاءها الإنساني، والأهداف التي يمكن أن تخدم أمم وشعوب المعمورة على اختلاف دياناتها وطوائفها وانتساباتها العرقية.

أعجبتني حملة جميلة أطلقها بعض الشباب الذين قطعوا شوطاً طويلاً في التحاور مع «مشايخ الطين»، فلم يجدوا منهم إلا إسفافاً وسقوطاً في معالجة الكثير من القضايا. ووجدوا منهم فناً وإبداعاً وجهداً عظيماً في المتاجرة بالدين ونشر العداء الطائفي والتحريض العقائدي، فتلك الحملة وقعت تحت مسمى (الشرق_الأوسط_للأمراض_العقلية_) وبالفعل، نجد أن تلك العبارة القصيرة، هي التلخيص الدقيق لما يعاني منه وعاظ السلاطين ومشايخ الطين المتاجرين في القنوات ومن لف لفهم… مستودع أمراض عقلية ونفسية.