علي محمود خاجه

بسيط

يصحو من النوم ليعمل ويتقاضى الأموال ليصرفها على احتياجات الحياة الضرورية وغير الضرورية. لا يعنيه شيء فكل أموره روتينية؛ نوم، عمل، أكل، ديوانية، سوق لا أكثر، لا يهتم بالمؤثرات حوله ولا يشاهد الأخبار ولا يقرأ الصحف، كل ما يهمه هو استمرار روتينه كما هو دون تغيير. لكن نومه بات صعباً لأنه لا يجد المسكن الذي يسعه ويتحمل تكاليفه، وأكله بات خطراً فإما أن يكون فاسداً دون أن يخبره أحد وإما مكلفاً دون أن ينصف سعره أحد، وعمل سيفصله لأنه يحتاج أن يستغني عن موظفيه لشح السوق، والديوانية أصبحت مزعجة لأن بعض روادها بات يخشى من صفويته أو ازدواجيته. يضطر مرغماً إلى أن يشترك في المجتمع ليغير هذا الواقع، ليعيد روتينه اليومي فقط لنصابه الطبيعي لا أكثر، لا لمصلحة ولا جاه أو منصب، روتينه هو كل ما يطلب. فيكتشف الغابة ويدخلها مضطراً، فهذا يسرق وهذا يكفّر وهذا يكذب وهذا ينافق، يبحث عن العقل فيراه وحيداً منزوياً إن تكلم يشتم، فنحن بين معسكرين يرفضان وجود ثالث، فإما الرضا بالأمر الواقع وإما الشكر أو الصراخ والرفض واستبدال السيئ بمثله، أو بما هو أسوأ منه، كل أموره باتت خيارات صعبة يشارك أم يقاطع، يندد أم يبارك، يمتدح أم يذم… لا يعلم كل ما يريده هو روتينه البسيط. يستوعب الخلل ويعجز عن الحل، فمن يدير وطنه حكومة ضعيفة بلا رؤية أو إدارة، وإن كانت تدير فريق كرة قدم لحل بالمركز الأخير، قطعاً كل ما يعنيها هو أن تعين شيوخاً وقبائل وطوائف في إدارتها بصرف النظر عن المؤهلات والكفاءة، وتستقطب بل تشتري الولاءات من أجل استمرارها، فهي لا تملك سوى النفوذ والنقود. ومعظم من يصرخ معارضاً لها لا همّ له سوى الإقصاء والتقييد والعيش وحيداً دون غيره في هذه الأرض، لا يفهم أبسط قواعد التعايش، ويعامل الوطن كأنه ملكه الخاص، يقبل من يشاء وينبذ من يشاء. مجدداً لا يريد سوى روتينه البسيط دون أن يقيده أو يخونه أحد، يريد أن يحضر حفلاً موسيقياً دون تكفير، يود أن يكون المنزل حلماً يستطيع تحقيقه، يريد أن يزور المستشفى ويتلقى العلاج لا المرض، يريد تعليماً يمنحه أفقاً أوسع يجعله يبدع، يريد أن يعيش فقط، يريد أن يشاهد مباراة بالتلفاز وليس حضور الشيوخ للمباراة، يريد أن يقطع مسافة ١٠ كيلومترات من مسكنه لعمله بعشر دقائق، تلك هي طموحاته لا أكثر ولا يعرف إليها سبيلاً. خارج نطاق التغطية: هل سيقاطع "الإخوان المسلمون" الانتخابات الرئاسية المصرية أم سيشاركون؟ وإن شاركوا… هل يعتبر ذلك انبطاحاً؟

احمد الصراف

روزفلت ومرسي

يختار شعب أميركا رئيسا كل 4 سنوات، وله أن يترشح مرة ثانية فقط، الاستثناء الوحيد في تاريخها ربما كان في اختيار فرانكلين روزفلت، أعظم رؤسائها، لولاية ثالثة، بعد أن نجح في إخراجها من الكساد العظيم، وقاد التحالف في معركته ضد المحور في الحرب العالمية الثانية. كما أن مؤسسة الحكم فيها، لم تتردد في الطلب من الرئيس ريتشارد نيكسون التخلي عن الحكم قبل انتهاء ولايته، بالرغم من أنه منتخب شرعيا لأربع سنوات. وكاد الكونغرس فيها أن يخلع الرئيس كلينتون قبل انتهاء ولايته «الشرعية»، وبالتالي فإن التخلص من رئيس، سلميا أو عسكريا، بقوى داخلية أو خارجية، ليس بالأمر المستغرب او غير المسبوق في عالم السياسة، والأمثلة هنا لا تعد ولا تحصى من صدام العراق إلى نوريجا بناما، إلى بينوتشه شيلي وفرانكو في اسبانيا وعسكر الارجنتين واليونان وتركيا، وغيرهم. وبالتالي فإن ما حدث اخيرا في مصر من «انقلاب» على حكم الإخوان المسلمين كان أمرا لا مفر منه، والجيش كان الجهة الوحيدة التي كان بإمكانها إزالة حكمهم ووقف سيطرتهم، غير الشرعية ولا الديموقراطية، على مفاصل الدولة وضعضعة نظامها المدني وتحويله الى ديني يخدم بقاءهم في الحكم إلى الأبد، كما حصل مع نظام المرشد الآخر في إيران، التي يحكمها رئيس ديني بصورة مطلقة وهو المرجع الأعلى ومصدر كل السلطات والموحي لكل القوانين والمانع والمانح الأوحد، وله أن ينهي حياة اي سياسي بكلمة منه، ولا يخضع لمساءلة أي جهة ولا تجوز إزاحته، وبالتالي لا يمكن وصف حكمه بالديموقراطي! وكان مرشد الإخوان المصري يود الاقتداء بالنظام الإيراني، لولا أنه وبطانته كانوا أقل دهاء وحصافة من الخميني، مؤسس النظام الإيراني، الذي ضمن الحكم في إيران لمرشد معمم، وما لم يتحرك الجيش فيها لإنهاء حكمه او تتدخل قوى خارجية، فإنه سيبقى لسلطة الدكتاتورية الدينية على مذهب محدد، إلى الأبد!! المهم أن حظ مصر والمصريين كان أفضل من حظ الإيرانيين، فقد أفقد تعطش إخوان مصر للسلطة صوابهم، ودفعهم للاستعجال في توطيد ركائز حكمهم بقرارات عشوائية وغير شرعية أو شعبية، بدءا من عض يد قائد الجيش الذي سلمهم الحكم، واصطدامهم بالقضاء الذي سبق ان سكت عن إزاحتهم للنائب العام، وعادوا للاستعانة به لحل مجلس الشعب، ولم يطل بهم الوقت طويلا قبل أن يصطدموا بالقضاء نفسه وبعدها بمؤسسة الأزهر، التي من المفتر ض أن تكون معهم، كما عادوا الكنيسة بشراسة أكبر، وضيقوا على الإعلام، ثم كانت النهاية في ما اصدره مرسي التعبان من «قوانين» الإعلان الدستوري، الذي صاغوا مواده على عجالة، وبغباء، لكي يكون مفصلا على مقاسهم، وأخيرا لم يتركوا جهة غيرهم لم يكسبوا عداوتها، هذا غير الذين انشقوا عنهم وفضحوا مخططاتهم التآمرية. كما أطلقوا العنان لكل قليلي الأدب من دعاتهم لتكفير كل من عاداهم أو حاول التخفيف من غلوائهم، وبالتالي لم يكن امام الجيش، في ظل تخبطهم وفشلهم الذريع، وفي ظل غياب أي آلية إزالة أخرى، للتدخل للتخلص من حكمهم الثيولوجي الدكتاتوري الغريب!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الحقد الأعمى

من اكثر الامور غرابة ان يكذب الانسان امام الناس والاعلام وهو يعلم انه يكذب! بل ويكرر كذبته في كل مناسبة إعلامية! هذا النوع احياناً يكذب بقصد تضليل الآخرين وتشويه الخصوم، واحيانا هو يكرر كلاماً سمعه من غيره وصدقه من دون التثبت من صحته! ومن امثلة ذلك ما ذكره احد المحاضرين بالامس في ندوة مركز دراسات الخليج والجزيرة عندما قال منتقداً الحركة الدستورية الاسلامية انها كانت مسيطرة على وزارة التربية في الكويت طوال العقود الماضية! ومما يؤسف له ان بعض المثقفين يكرر هذه المقولة في كتاباته رغم اننا اثبتنا بطلان هذا الافتراء واكدنا ان كل المسؤولين الذين تناوبوا على وزارة التربية من وزراء ووكلاء لا ينتمون الى الحركة الدستورية بصلة، لا من قريب ولا من بعيد! بل واثبتنا ان معظم الوزراء والوكلاء هم من التيار الليبرالي والذي نعتقد انه سبب تخلف مهنة التعليم والتربية. ومع هذا تجد من يكرر هذا الافتراء الى اليوم، ومن بعض مثقفينا!
ما حدث عندنا يحدث منذ فترة في مصر ام الدنيا، فمنذ اليوم الاول لتسلم محمد مرسي الحكم فيها اتهموه بأخونة الدولة! ومرت هذه الاكذوبة على كثير من الناس، بل وعلى المثقفين منهم، وكان آخرهم الزميل د. محمد المقاطع في مقالته امس في القبس! وأي منصف يعلم جيداً ان مرسي لم يمارس هذا الاسلوب – ولعل هذا كان خطأه الذي قتله – لانه أراد منذ اليوم الاول مشاركة الجميع في بناء الدولة، لذلك عرض المشاركة في مجلس الوزراء على المعارضة التي رفضت، ثم شكل اول مجلس وزراء مكون من ثلاثين وزيراً منهم ثلاثة من الاخوان المسلمين، واعاد تعيين المحافظين السبعة عشر وكان منهم ثلاثة فقط من «الاخوان»، وجاء مجلس الشورى وشكل رؤساء تحرير الصحف الأربع عشرة وليس بينهم واحد من «الاخوان»، حتى انني قرأت «الأهرام» ووجدت فيها عشر مقالات، تسعة منها تشتم الرئيس مرسي! ويكفي للتدليل على ما اقول ان وزارات السيادة تركها للآخرين مثل وزارة الدفاع ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية!
والحقيقة ان هذا التجرد من الانتماء بدعوى ان رئيس مصر لكل المصريين هو الذي ضيّع الرئيس وجعله عارياً أمام خصومه وفي مرمى نيرانهم! بينما المعلوم في الديموقراطيات الحديثة ان اي حزب يفوز بالحكم هو الذي يشكل الحكومة منفردا ما لم يضطر الى تشكيل ائتلاف مع الآخرين في حالة عدم حصوله على اغلبية كافية، وذلك حتى يدير الدولة بانسجام واريحية من دون عرقلة من الآخرين، لكن ما حدث ان خصوم الرئيس اتهموه بهذه التهمة منذ اليوم الاول الى ان تم الانقلاب عليه من العسكر!
الغريب ان التيارات الليبرالية والعلمانية في العالم العربي كشفت عن سوءتها عندما هللت للانقلاب على الشرعية، ويبدو ان الحقد الدفين للاخوان اخرجهم عن اتزانهم وانساهم مبادئهم التي كانوا يخدعون الناس بها، بل وصل بهم العمى السياسي الى ان برروا للعسكر انقلابه وأخذوا يمارسون الكذب السياسي بكل وقاحة، حتى قال قائلهم ان الجيش اعاد الثورة الى اهلها! وتحججوا بالملايين التي أُخرجت للميادين يوم الثلاثين من يونيو والتي فضحهم صاحبهم عكاشة عندما قال ان ستة مليارات من الدولارات صرفت في ذلك اليوم! والدليل على صدقه، وهو كذوب، ان الدعوة الثانية للمليونية للمحافظة على الثورة يوم الاحد الماضي احرجتهم وبينت ان الناس الذين خرجوا بالملايين في ذلك اليوم لن يخرجوا مرة ثانية!
وحتى تزداد جراح التيار الليبرالي عندنا طالبت حركة تمرد الرئيس المؤقت بحل حزب الحرية والعدالة ومنع منتسبيه من ممارسة العمل السياسي مستقبلا! ومع هذا لم ينكر عليهم احد، بالضبط كما حدث عندما اغلق الحاكم العسكري محطات القنوات الفضائية للاسلاميين وزج بالقيادات الاسلامية في السجون منذ اليوم الاول للانقلاب! ولعل ما احرج اتباع بني علمان ان سنة كاملة هي فترة الرئيس مرسي بالحكم لم يتم سجن واحد من خصومه ولم تغلق محطة تلفزيونية واحدة!
***
• بمناسبة شهر رمضان المبارك نتقدم بالتهنئة الى القراء الكرام وعموم الشعب الكويتي والمقيمين بان يجعل الله هذا الشهر شهر خير وبركة ونصرة للامة على اعدائها، وحقن دماء الشعب السوري واعادة كرامته له.. وكل عام وانتم بخير.