سامي النصف

الصلاة والصيام في سفن الفضاء (1)

في كل عام تطرح قضية الصلاة والصيام في القطبين الشمالي والجنوبي والدول القريبة منهما ذات الأوقات غير المنتظمة التي عادة ما يمتد النهار بها الى ما يقارب الـ 24 ساعة او الليل لنفس المدة، والأمر ذاته ينطبق على كيفية صلاة وصيام رواد الفضاء وزوار الكواكب السيارة مستقبلا، حيث لا شموس ولا اقمار او في المقابل عدة شموس واقمار.

***

يفتي البعض بأن على ساكني تلك الدول الصلاة والصيام بناء على مواقيت اقرب بلد إسلامي، وهناك عدة إشكالات في تلك الفتوى، أولها ما هو تعريف اقرب بلد اسلامي، اي هل الذي يسكنه المسلمون حتى لو كان علمانيا، ام الذي يحكم بالإسلام؟

وثانيها، ماذا إذا كان البلد ذو الاوقات غير المنتظمة هو بلدا إسلاميا اي مدينة او قرية جلها من المسلمين تقع في شمال النرويج او جنوب الأرجنتين، أي انها البلد الاسلامي الاقرب لنفسها، والإشكال الثالث يختص برواد الفضاء والكواكب السيارة وكيفية معرفتهم بأقرب الدول الاسلامية لهم!

وهناك إشكال أجده في الفتاوى السابقة وكأنها تفترض ان رب العزة لم يعلم بوجود تلك البلدان عندما انزل فروض الاسلام فلم ينزل لها احكاما خاصة بها او يعلن ضرورة التزامها بمواقيت الدول الاسلامية الأقرب لها وانهم يعلمون ما يعلمه رب الخلق، وهذا خطأ جسيم، الأصح وعبر اجتهادنا الشخصي الذي نبحث خلاله عن الصواب والاجرين أن امام سكان تلك الدول من المسلمين امرين افضّل شخصيا ثانيهما، الأول ان تسقط الفروض بسقوط شرط الاستطاعة كونه غير متوافر لحكمة من رب العباد الذي فرض شرط الاستطاعة على العباد، فالصلاة تسقط عن غير العاقل، والصيام عن المريض، والحج عن غير القادر، والزكاة عن الفقير.. إلخ، وبما ان مواقيت الصلاة المرتبطة بالشمس، والصيام المرتبط بالخيط الأبيض والأسود غير متوافرين تستبدل الفروض بالصلاة والصيام

التطوعي حسبما يقرره رجال الدين في تلك الدول.

***

الخيار الثاني الذي أراه اصح وأفضل هو ان يفهم «مغزى» توزيع الصلوات الخمس على حراك الأرض حول الشمس من الفجر حتى العشاء، والصيام في النهار والإفطار في الليل.

***

آخر محطة: قررنا تقصير المقالات في رمضان كي يسهل قراءتها وهضمها، لذا فإلى استكمال باقي المقال غدا.

حسن العيسى

احلبوا لبنكم المر

"معظم دول الخليج النفطية التي تعهدت بدفع 12 مليار دولار للنظام العسكري في مصر كانت ترى في حكم الرئيس مرسي المخلوع أنه يمثل تهديداً وجودياً لدولها. في مصر اليوم يعود العسكر إلى دورهم السابق بعون جماعات ليبرالية ويسارية، وهذه مناسبة للتقدم للخلف بعيداً عن التعددية السياسية وعن الليبرالية الديمقراطية".
الفقرة السابقة ترجمت معناها من مقال متميز لرولا خلف في "فايننشال تايمز" عدد أمس، ويا ليت القوى التقدمية نادرة الوجود من يساريين وليبراليين يضعون مثل الكلام السابق حلقة في آذانهم بدلاً من أن يغرقوا في أحلام اليقظة والوهم عن الأيام الجميلة القادمة حين تنتصر قواهم بعون الجنرالات، وتفتح أبواب الرخاء والحريات السياسية والاجتماعية على مصاريعها، وتنتهي الحكاية بالمشاهد السعيدة بزواج البطل من البطلة على طريقة الأفلام العربية بإخراج حسن الإمام أو نيازي مصطفى، والله يرحم الاثنين ويرحم حرياتنا معهما.
"حدوتة" أفلام الثورة العربية في مصر لن تنتهي بمثل ما يشتهي رفاقنا السارحون في دنيا الخيالات الوردية، فما حدث في مصر بالانقلاب "الثوري" الأخير، ورغم الإدارة السياسية والاقتصادية السيئة في سنة حكم الرئيس مرسي، لن يقدم أطباق اللحمة والكنافة لملايين الفقراء في مصر، ولن يفتح شباك الحريات السياسية والاجتماعية للشباب هناك، ففاقد الشيء لن يعطيه، والعسكر ليسوا الحل، فلا أحد منهم يحمل في رأسه دماغ مصطفى أتاتورك لدفع الدولة نحو عوالم الحداثة والتقدم، ولن تجد فيهم "سوار الذهب" قائد الجيش السوداني السابق الذي سلّم الحكم للمدنيين قبل ثورة الإنقاذ البائسة، ولن تجد عندهم من يحمل مشروعاً تنموياً متكاملاً لمصر، وليس قاصراً فقط وكالعادة على دولتهم ذات السيادة على الأرض المصرية، هم فقط نماذج تعيد إنتاج ذاتها مراوحة بين الشكل البشيري (نسبة للرئيس عمر البشير السوداني في أحسن صورها) وأشكال متقدمة وربما مشوهة أخرى للسادات وحسني مبارك.
"التقدم للخلف" كلمتان تبدوان متناقضتين، لكن هذا التناقض سيزول حتماً متى أدركنا أن البترو- دولار لا يهرول عبثاً في أريحته وسخائه "لثورة ٣٠ يونيو" التقدمية التي اقتلعت حكم الإخوان الرجعي، كما يحب أن يصفه ثوار الوهم، فأنا بينما أكتب هذا المقال قبل النشر بساعات وقعت عيناي على خبر في مانشيت "الجريدة" حرره الزميل حسين عبدالله، وجاء فيه "في وقت تعمدت الحكومة (الكويتية) وقف تعيين ٦٢ وكيلاً للنيابة، لأن من بينهم 22 امرأة، متذرعة بأسباب واهية، منها البحث عن فتاوى شرعية تسمح للمرأة بالانخراط في هذا المجال…!".
هي حكومتنا التقدمية التي تقدم العون المادي الكبير لثورة التقدميين في مصر اليوم تبحث الآن عن فتوى شرعية لتعيين وكلاء نيابة من الجنس المقهور… أتمنى أن يدرك الواهمون الآن مفارقة "التقدم للخلف"، أو ربما يتذكرون المثل الكويتي "ناظر (أو شوف) وجه العنز واحلب لبن"، فاحلبوا لبنكم من ضرع أنظمة الردة الثورية.
احمد الصراف

تجربة الحجرف مع السلطة

تعتبر عملية الغش الواسعة، في نوعيتها وتوزيعها الجغرافي، التي رافقت الاختبارات المدرسية الأخيرة، والتي تضمنت تسريب الأسئلة من قبل موظفين ومربين ومعلمين كويتيين، مسلمين مؤمنين، وبمشاركة من وافدين، وحتى تزويد الطلبة بالإجابات النموذجية، تعتبر في حكم الجريمة الأخلاقية غير المسبوقة بوقاحتها، وستكون لها تأثيرات وخيمة على كل من شارك بها، خاصة عندما نكشف الكم الكبير والمستوى الإداري الذي شارك في هذه الجريمة الأخلاقية، التي أجبرت الوزير على إحالة عدد من كبار إداريي الوزارة للتقاعد. كما أعلن الوزير الحجرف قبول استقالة الوكيل المساعد للتعليم العام محمد الكندري، ومدير عام منطقة العاصمة التعليمية يسرى العمر، كما قرر إقالة جميع الموجهين العامين للمواد الدراسية الأساسية، وإحالة مدير ثانوية أحمد بن بشر الرومي، التي شهدت تسريبا للاجابات النموذجية لامتحان اللغة العربية للصف الحادي عشر. كما أوقف مديرين مساعدَين، وأقال مشرف الجناح في لجنة الامتحان وملاحظَين اثنين.
واتصف تصرف الوزير السريع بحزم طالما افتقدناه، كما كان شجاعا عندما اعتذر للشعب الكويتي وللمعلمين المتميزين وللطلبة المتفوقين، مما شهده الميدان التربوي من أحداث وصفها بالمؤسفة، قائلا بأنه لن يسمح بتشويه سمعة نظامنا التعليمي واستمرار الشغب في مدارسنا! علما بأن ما حدث لم يكن شغبا بل جريمة أخلاقية، ودليلا على المستوى الهابط للواقع التعليمي في البلاد.
وبالرغم من حجم الكارثة الأخلاقية الكبير، فإن الوزير لم يود، وهذا يمكن تفهمه، التطرق لمن كان السبب وراء هذا الانحدار الأخلاقي في مدارسنا، وكيف أصبحت الكويت في الدرك الـ127 في سلم الدول الفاشلة عالميا في التعليم وغيره، وكيف أن سبب ذلك، لمن لا يعرف أو يعرف وينكر، كما فعل «الأخ» المهندس، يعود لسنوات هيمنة القوى الدينية المسيسة على مقدرات وزارة التربية، بعد أن تحالف معهم رئيس وزراء سابق وسلمهم مقدرات الوزارة التي لم يطالبوا بغيرها! ولا يزال «فلول» الأحزاب الدينية يملؤون أروقة الوزارة، ويمسكون بالكثير من مفاصلها الحساسة، وزيارة واحدة لمكاتبها والنظر الى أشكال من يشغلونها كاف لمعرفة انتماءاتهم. ولا ننسى أن جمعية المعلمين لا تزال ومنذ ثلاثة عقود تئن عظامها من ضغط الإخوان وسيطرتهم على مقدراتها، فالغش الذي نراه الآن هو وليد سنوات سيطرة القوى الدينية المسيسة على التعليم، واسماء أولئك الحزبيين الذين وضعوا المناهج الدراسية معروفة، ويعلم كل ناكر للحقيقة من السلف والإخوان والتلف أن وزراء التربية من حسن الإبراهيم الى أحمد الربعي، مرورا بنورية الصبيح وموضي الحمود، مع الاحترام الشديد لهم، ولسيرهم، لم يكن بمقدورهم الاقتراب من واضعي المناهج، وبالتالي بقي هؤلاء شوكة في حلق كل وزير، سمي بليبرالي، إلى أن غيرت السلطة «جزءا» من فكرتها عن الإخوان في الأشهر القليلة الماضية! ومن قرأ تحقيقات القبس الواسعة والقوية، في مايو الماضي، وعلى مدى أيام، والتي تعلقت بمناهج التربية يعرف جيدا اين بدأ التخريب، وكيف دفعت المناهج غير العملية الكثير من الطلبة لانتهاج الغش سبيلا للنجاح. وبالتالي لا يمكن توقع أي إصلاح حقيقي في التعليم، وغير التعليم، بغير تخلي السلطة عن جميع المنتمين للأحزاب الدينية، فقد تمت تجربة هؤلاء في كل مجال، وكانت النتائج أكثر من كارثية.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

فضحتونا

قال لنناقش بهدوء موضوع دعم دول الخليج للانقلاب العسكري في مصر بهذه المبالغ الضخمة وبهذه العجالة..! فالحجة التي سمعناها من الطرف المؤيد للانقلاب انه دعم مستحق لدولة شقيقة بأمسّ الحاجة الى تحسين اقتصادها المتعثر..! خاصة ان الدول الخليجية المانحة لديها وفرة مالية نتيجة ارتفاع اسعار النفط في السنوات الاخيرة! وسنأخذ الكويت ذات الوفرة المالية لنرى حقيقة وضعها الاقتصادي من زاوية ما يراه المسؤولون الاقتصاديون فيها.
لا أكون متجنياً ان قلت ان الكويت تعاني تردي الخدمات الصحية والتربوية، وتوقف عجلة التنمية نتيجة سوء ادارة الحكومات المتعاقبة التي كانت ترفض معظم المشاريع النيابية الهادفة الى تحسين الوضع المعيشي للمواطن الكويتي، بحجة كلفتها المالية العالية التي غالبا ما تكون بضعة مئات من ملايين الدنانير! كما ان معظم الخبراء الماليين كانوا يحذرون من انتكاسة في اسعار النفط تستلزم منا ان نحتاط عند اصدار أي تشريع فيه كلفة مالية على المال العام، حتى ولو كان منحة اميرية للاسرة الكويتية او زيادة البطاقة التموينية! ثم كانت المفاجأة هذا التبرع السخي بهذه المليارات لنظام انقلابي عسكري قبل ان يتم الاعتراف به من أي دولة عربية ولا حتى اجنبية!
الا يحق للمواطن ان يتساءل: أين هي التحذيرات من انتكاسة اقتصادية مقبلة؟ بل أين هم الخبراء الاكتوارييون الذين يرفضون أي زيادة او منحة في رواتب المتقاعدين، وهل يعقل ان بضعة ملايين تؤثر في الميزانية وتدمر الاقتصاد الوطني وتتسبب في عجز قد يؤدي الى توقف بعض الخدمات والمشاريع التنموية، بينما التبرع بهذه المليارات يتم دفعها بمباركة المسؤولين وتأييدهم؟!
كنا أيام حكم مرسي نسمع ان بعض دول الخليج تعمل على اجهاض ثورة يناير وتدعم فلول النظام السابق! وكنا نرفض هذه المقولة ونصفها بالاشاعات المغرضة لتوريط دول الخليج المسالمة والداعمة لارادة الشعوب! لكن اقولها بكل صراحة اننا صدمنا بهذا التصرف غير المسؤول والخارج عن اصول اللباقة والدبلوماسية اولا بهذا الحجم من المليارات، وثانياً بهذا التوقيت بالذات، وكأن لسان حالهم يقول «بسرعة بسرعة قبل لا يهونون العسكر عن انقلابهم..!».
ان هذه الخطوة غير المدروسة التي تمت نتيجة الخوف غير المبرر من انتقال رياح الربيع العربي للخليج، وهو خوف لامجال له، ستكشف للمواطن زيف حجج الحكومة التي كانت ترددها عند رفض كل مشروع يهدف الى تحسين الاوضاع المعيشية أو يخفف من الاعباء المالية على المواطن! كما انها خطوة تؤكد قصر نظر في عالم السياسة وعدم فهم لمصلحة البلد، حيث ان الملايين المؤيدة لعودة الرئيس الشرعي، التي تحتشد اليوم في جميع ميادين مصر من شمالها الى جنوبها، ستحمل دول الخليج مسؤولية ما يحدث على الأرض من اراقة دماء وسقوط شهداء لانها الداعمة لنظام بوليسي استبدادي مغتصب للسلطة! هكذا ينظر هذا الشعب الى الامور اليوم وهو يسمع دول الخليج تقف ضد رغبته في احترام ارادته!
أنا افهم ان أميركا وراء هذه الخطوة الخليجية والسبب ان المبادئ المعلنة للأميركان تمنع دعم انقلاب عسكري على سلطة منتخبة شعبيا وديموقراطياً، لذلك جعلت من هذه الدول «ممشاشة زفر» لتحقيق هدف طالما كانت أميركا تسعى اليه وهو افشال حكم الاخوان المسلمين لمصر..! وقد يقول قائل ان الأميركان مازالوا يتمنعون عن دعم الانقلاب، وأؤكد هنا ان أميركا ستدعم الانقلاب قريباً جداً، ولكنها تحرص على تجميل مواقفها والتسويق لها حتى يأتي الوقت المناسب لتعلنها بكل صراحة!
الخلاصة ان دول الخليج «فضحتنا» بهذا الموقف المتعجل حالها حال التيار الليبرالي الذي تناسى مبادئه واعلن ابتهاجه بالانقلاب ودعم اسقاط حكم شرعي ليحل محله حكم استبدادي بدأ اول عهده بسجن خصومه واغلاق محطات التلفزة لهؤلاء الخصوم السياسيين! وصدق من قال «عش رجبا تر عجباً».