محمد الوشيحي

مقلّم بحدود…

"الكاذبون في الأرض"، كان هذا عنوان المقالة قبل أن أستبدله بالعنوان المرزوع أعلاه، والكاذبون في الأرض للأسف هم بعض الزملاء من أبناء الإعلام في الصحافة والتلفزيون والإذاعة.
ليس المطلوب منك ككاتب أو مذيع أو حتى مالك وسيلة إعلامية أن تكون مخلوقاً من خشب، لا تستقبل الكهرباء ولا ترسلها، ولا المطلوب منك أن تكون حيادياً لا تميل مع رأي معين، ولا أن تكون بلا لون ولا رائحة ولا نكهة، سادة… لا، لا تكن "سادة" يا سيد، بل لك أن ترتدي القمصان الملونة، ترتدي قميص الفريق الذي تفضله، أو الذي تُشكله، أو أي قميص مقلّم، وبالألوان التي تفضلها، لكن ليكن قميصك مقلماً بخطوط وحدود.
آنساتي سيداتي سادتي الإعلاميين العرب، أو بعض إعلاميينا العرب، أغرقتمونا بالكذب البراق اللماع، وخنقتمونا بالغباء وعدم احترام عقول الناس، ومازلت أضحك بكاءً وأنا أسترجع، على سبيل المثال، ما قاله أحد المذيعين العرب: "القبض على خيرت الشاطر (نائب مرشد الإخوان المسلمين في مصر) مختبئاً في بيته"! مختبئاً فين يا أستاذ؟ في بيته؟ يا سلام!… كان يمكن أن يقول: "القبض على خيرت الشاطر هانئاً في بيته بين أولاده وزوجته، بينما كوادر الإخوان المسلمين وشبان الجماعة يتلقون الغازات المسيلة للدموع والرصاص في الشوارع"، كنا سنتفهم ذلك، بل وقد نتأثر بذلك، أما حكاية "مختبئاً في بيته" فكفيلة بدفع الناس للتعاطف مع خيرت الشاطر نكاية في الإعلامي الكذاب الغبي.
والله يحفظ توفيق عكاشة، المذيع المصري، الذي تحاربه الولايات المتحدة (ما غيرها الأميركية)! ليش يا بو عكشة؟ لأنني كشفت مخططاتهم وفككت شفراتهم… معلش يا بو عكشة، أنت الكبير، كبّر دماغك ولا تضع رأسك برأس الأميركان.
وبمناسبة الحديث عن الأميركان، تذكرت كلام الكاتب الأميركي الذي قال قبل عقود، عند اختراع الفيديو، ما معناه: "أصبح موقف السياسيين الذين اعتادوا الكذب صعباً للغاية في وجود هذا الجهاز (يقصد الفيديو) الذي يوثق الحدث بالصوت والصورة فيتداوله الناس" ولا أدري كيف سيعلق صاحبنا الأميركي على كذب بعض الإعلاميين ووسائل إعلامهم في أيامنا هذه، وفي ظل انتشار كل وسائل الاتصال الحالية.
* * *
أقول قولي هذا وأستأذنكم وإدارة التحرير لقضاء إجازتي السنوية، على أن أعود إلى الكتابة بعد العيد إن كنت حياً… وكل عام وأنتم بخير.

سامي النصف

تهتك الأستار وسقوط الأقنعة!

كم هو محزن أن نقرأ أن الشيخ الجليل د.خالد المذكور قد دعا لبدء العمل في نظام الحكومة الشعبية وقيام الأحزاب وهي مطالب جماعة الإخوان المسلمين التي بها خروج مطلق على نصوص الدستور الكويتي والعقد الاجتماعي المتفق عليه بين الحاكم والمحكوم، مما يمهد الأرض لخلق فوضى عارمة وقد يكون الأمر مفهوما ـ او غير مفهوم ـ لو ان ذلك الطلب قد تم قبل أشهر عندما خدع بعض البسطاء به، اما الآن فهو بالقطع حج لأمر انصرف عنه الناس ولم يعد احد غير المتحزبين يقول به.

***

ودعوة خطيرة ذات مغزى ومعنى وجهها الشيخ د.عجيل النشمي للإخوان في مصر طالبا منهم ان يتغلغلوا في الجيش وسلك القضاء للتمكن والسيطرة على الشعب والمجتمع المصري بأسره، البداهة والمنطق يفرضان فهم تلك الدعوة على انها قابلة للتطبيق في جميع البلدان، لذا على الكويت ودولنا الخليجية الانتباه واليقظة والتمحيص والتدقيق فيمن يدخل الجيش والسلك القضائي وحتى وسائل الإعلام وهو أمر معمول به في أرقى وأعرق دول العالم كي لا نصحو ذات صباح في دولنا الخليجية على مارشات عسكرية وصدور.. البيان رقم (1).

***

الشيخ المصري أبو إسلام ظهر بدشداشته البيضاء ولحيته البيضاء التي تظهر الهدوء والوقار قبل أشهر قليلة على قناة الأمة شاتما بأقبح الألفاظ وأقدح الكلمات الدكتور محمد البرادعي ومن معه من قيادات وطنية معارضة، ومع سقوط حكم الإخوان ظهر الشيخ قبل ايام بنفس اللباس واللحية البيضاء ليقدم الاعتذار تلو الاعتذار وبشكل مذل جدا لمن شتمهم بالأمس وليعلن انه مستعد لتقبيل رؤوس من أسماهم بالعملاء والخونة كي يعفوا عنه.

***

الدكتور الإخواني الشهير وجدي غنيم الذي بدلا من ان ينصر الشعب الكويتي المظلوم في محنته الكبرى عام 1990 قال إن الله جعل عذابهم آية لباقي خلقه على حسب قوله مما تسبب بطرده لاحقا من البحرين الشقيقة بأمر من الملك حمد حفظه الله، د.الغنيم وجه هذه الأيام رسالة شديدة البذاءة لحزب النور السلفي ومثلها لشيخ الأزهر وكل الزعامات الوطنية المصرية، حيث اتهمهم بالعمالة والخيانة وغيرها من تهم معلبة جاهزة للتصدير.. من هذا ممثله لا يحتاج للأعداء أبدا.

حسن العيسى

بينوشيهات بني يعرب

أذكر أنه قبل خمس سنوات أو أكثر، عندما زار رئيس وزراء سنغافورة الأسبق "لي كوان هو" الكويت بدعوة من بنك الكويت الوطني وألقى محاضرة عن التجربة السنغافورية، سأله أحد الحاضرين عن الديمقراطية وعلاقتها بالتنمية في مثل الحالة الكويتية، كان رد "هو" بما معناه (إن لم أنس) بأنه ليس المهم وجود المجلس البرلماني من عدمه، بل المهم أن تكون لديك إدارة "فعالة" يمكنها أن تضع الدولة على سلم التنمية الاقتصادية.
تذكرت هذا اللقاء بعد قراءة مقال توني بلير في "الأوبزرفر"، الذي علق فيه على الوضع المحزن في مصر، ويستعرض "مستشارنا المالي السابق" بمقاله مجمل الأوضاع الملتهبة في الشرق الأوسط، ولا يخفي مساندته لحركة تمرد أو الانقلاب العسكري في مصر، ويستشهد مدللاً على فشل إدارة الرئيس مرسي بأنه حدث وأن التقى قبل أيام وزير السياحة المصري الذي كانت له أحلامه الكبيرة لعودة النشاط السياحي لمصر، بعد أن هبط المدخول السياحي لمعدلات قياسية بعد ثورة يناير، وأنه (الوزير المصري) بعدها قدم استقالته احتجاحاً حين عين الرئيس المصري أحد كبار الجماعة الإسلامية كمسؤول السياحة بالأقصر، وهي الجماعة التي ارتكبت مجزرة السياح هناك في النصف الثاني من التسعينيات.
ويستطرد مستشارنا "المالي" بلير ليؤكد حاجة مصر الثورة إلى الإدارة "الفعالة"، فالديمقراطية هي الطريق لاختيار أصحاب القرار السياسي، ولكنها ليست عوضاً عن "القرار السياسي" ذاته…!
كلام جميل لمستشار الدولة الكويتية المالي، ويصعب مجادلته… لكن أيضاً في الجريدة الشقيقة لـ"الأوبزرفر" وهي "الغارديان" يسخر الكاتب مارتن بنغلي بمرأة من مقال لجريدة "وول ستريت" تقول فيه إن مصر بحاجة اليوم إلى بينوشيه، وهو الدكتاتور الذي قتل آلاف التشيليين بانقلاب 73 ضد سلفادور أليندي الرئيس المنتخب، وسجن وشرد مئات الألوف، حتى يضع تشيلي على قطار التنمية الصحيح، كما تريده الولايات المتحدة وجهاز مخابراتها الذي احتضن الدكتاتور ذلك الوقت…!
هنا نسأل هل صحيح أن مصر أو أي من الدول العربية بحاجة إلى الجنرال بينوشيه حتى يضع "الجمل" العربي -وليس القطار الاتيني- على دربه الصحيح! في تشيلي كان هناك بينوشيه واحد دفع بتشيلي إلى مسار التنمية مع بعض الفساد، ليعمل "كزيت" يدير محركات التنمية وبعون كبير من الولايات المتحدة، لكن في عالمنا عندنا بينوشيهات عدة وليس واحداً، استطاعوا تحقيق بعض التنمية المختلة حين أثروا جماعة العسكر والمقربين منهم من الطبقة الوسطى، بينما بقيت الأغلبية مسحوقة ومهمشة تدور في حلقات مغلقة في عوالم الإهمال والاستغلال، ولنا في حسني مبارك وقبله أنور السادات بمصر، وفي سورية الأسدان الأب والابن، وعراق صدام، خير أمثلة على بينوشيهات الشرق العربي، كلهم حققوا تنمية محدودة لمجتمعاتهم إلا أنها تنمية لم تصل إلى مرحلة "الإقلاع" Take off، وتصبح تنمية مستدامة، مثل الصين ودول جنوب شرق آسيا، وسرعان ما تنعكس تلك التنمية القهرية في ما بعد لأي سبب بعد تغير شخص بينوشيه العربي، ليحل مكانه بينوشيه آخر بطموح مختلف وبفساد بلون آخر.
مستشار الدولة الكويتية (السابق وهي، بالمناسبة، دولة تزخر بالمستشارين الذين يقدمون استشارات بمقابل مادي جزيل تدخل في الأذن اليمنى للسلطة لتخرج من اليسرى) لم يختلف في رأيه عن مقال "وول ستريت" وحاجة مصر لبينوشيه جديد، مع أن بينوشيه مصر حاضر الآن ويتكلم بلسان عربي، ولم يقل العم بلير كلمة واحدة في مقاله عن "مؤسسات الفساد" الضاربة بأعماق الدولة المصرية تحت ظلال حكم "بينوشيهات" بلاد النيل، ولم يسأل مستشارنا السابق ما إذا كان بينوشيهات مصر لهم القدرة والإرادة لخلق "حكومة فعالة" تنقذ مصر من واقعها الاقتصادي، وهل يستطيع شخص محترم مثل محمد البرادعي أو غيره أن يرتدي بدلة "لي كوان هو" سنغافورة أو مهاتير محمد ماليزيا، ويشرع أبواب الإصلاح المالي، ويقطع دابر الفساد صاحب السيادة، لتضع مصر قدميها على الدرب الصحيح، وتظل المؤسسة العسكرية تتأمله متفرجة…! يا ليت لكني أشك كثيراً.

احمد الصراف

التفكير خارج الصندوق

عنوان المقال ترجمة للتعبير الإنكليزي Thinking outside of the box، أي أن نفكر بطريقة غير تقليدية وألا نحصر تفكيرنا ضمن حدود معينة سبق أن اعتدنا عليها، بل نحاول قلب الأمور والنظر إليها من زوايا غير عادية. ففي سؤال قدم لــ200 شخص تقدموا لشغل وظيفة مهمة، طلبوا من كل ممتحن التفكير خارج الصندوق، وكان السؤال يتعلق بما سيقدم عليه أي منهم إن وجد نفسه فجأة، وفي ليلة ممطرة وشديدة البرود، أمام موقف حافلات غير مغطى، وثلاثة أشخاص ينتظرون، أحدهم صديق قديم سبق أن كان له دور مهم في إنقاذ حياته، وسيدة طاعنة في السن تبدو في حالة صحية سيئة، وهي ترتجف من البرد، وامرأة طالما حلم بأن يقضي بقية حياته برفقتها! فمن سيختار منهم إن كانت السيارة التي يقودها لا تتسع لغير شخص واحد؟ من الواضح أن السؤال يتضمن جانبا أخلاقيا يصعب تجاهله، فتقديم يد العون لسيدة كبيرة على وشك الموت بردا أمر غاية في الأهمية ولكن ماذا عن ذلك الرجل الذي سبق أن أنقذ حياته، ولم يتمكن يوما من رد المعروف له؟ أو تلك السيدة الحلم التي تقف بانتظاره.. وهكذا. وهنا بدا التحدي بين المتقدمين للوظيفة وفاز بها من فكر خارج الصندوق، وقال إنه سيتخلى عن سيارته ويعطي مفاتيحها للصديق الذي سبق أن أنقذ حياته، ويطلب منه إيصال السيدة العجوز لبيتها أو لأقرب مستشفى، ويقوم هو بانتظار الحافلة برفقة من حلم طوال حياته بأن يكون بجانبها.
السؤال الثاني، موجه لمجموعة من الفتيات اللاتي تقدمن لشغل وظيفة عالية الأجر: ما الذي ستفعله أي واحدة إن أفاقت من النوم في صباح أحد الأيام واكتشفت أنها «حامل»؟ وهنا فازت بالوظيفة من كانت إجابتها إيجابية أكثر من غيرها، والتي قالت: سأتصل برئيسي وأعلمه بالخبر السار، وأطلب السماح لي بالتغيب عن العمل في ذلك اليوم لكي اتمكن من الاحتفال بالمناسبة الرائعة مع زوجي! الإيجابية في جوابها أن جميع المتقدمات كن «عازبات» والفائزة اختارت أن تكون أكثر إيجابية من غيرها، وتفكر بطريقة غير كلاسيكية و«خارج الصندوق».
وفي التجربة الثالثة، قال المدير لآخر المتقدمين للوظيفة، بعد أن فشل البقية في التجربة: هذا آخر سؤال أوجهه لك: أين هو مركز هذه الطاولة التي أمامنا؟ فأشار المتقدم، وبكل ثقة، لنقطة محددة على أحد أطراف الطاولة ووضع اصبعه عليها. فسأله المدير الممتحن عما يجعله يشعر بكل تلك الثقة بأن إجابته صحيحة: فجاءه الجواب سريعا: معذرة يا سيدي، لقد قلت في البداية إن هذا آخر سؤال توجهه! وبالتالي لا أعتقد أنه يحق لك توجيه سؤال ثان! وهكذا حصل المتقدم على الوظيفة، بتلك الإجابة الحادة والسريعة، لأنه فكر خارج الصندوق!
وقد يسأل البعض عن الكيفية التي يمكن بها التفكير خارج الصندوق، وأن نكون غير تقليديين في تفكيرنا! والجواب ليس بتلك السهولة، ويتعلق غالبا بالموروث الثقافي والتحصيل العلمي والتربية المنزلية لأي إنسان، إضافة لقراءات هذا الفرد وتعدد مهاراته وعلاقاته الاجتماعية ونسبة معقولة من الخبرة العملية والذكاء. ويزخر الإنترنت بالكثير عن هذا الموضوع، ولكن التطبيق ليس سهلا، فنحن غالبا ما نعارض كل جديد ولا نميل للتغيير، وخاصة إن تعلق الأمر بالموروث الثقافي والديني.

أحمد الصراف