سامي النصف

الانقسام الحقيقي هو بين ثقافتين (1 ـ 2)

  الانقسام الأخطر في الكويت ليس انقساما فئويا (قبائل، حضر) أو طائفيا (سنة، شيعة) بل هو انقسام في حقيقته بين ثقافتين تضم الأولى قبائل وحضرا، سنة وشيعة، و«بدون» ومقيمين، وتضم الثانية كذلك قبائل وحضرا، سنة وشيعة، و«بدون» ومقيمين، وحل اشكال الكويت يكمن في تحديد وكشف الثقافتين ثم توحدنا جميعا على احداهما ومحاربة الأخرى حتى تختفي ويتوقف تفرقنا.

***

فانقسامنا هو بين ثقافة ترى ان الكويت وطن باق بقاء الدهر لنا ولأجيالنا من بعدنا، وثقافة ترى ان الكويت بلد زائل وطارئ ومؤقت ومن ثم علينا ان نتصرف معه على هذا الأساس فنأخذ منه كل ما يمكن اخذه وحمله ولا مانع ان ندمر في طريقنا كل شيء جميل فيه!

***

ثقافة ترى ان الولاء الأول والأخير للكويت فهي الأصل وكل ما عداها فروع، وثقافة ترى ان ولاءها الأول والأخير لعائلتها أو قبيلتها أو طائفتها وكل ما عداهم بما في ذلك الوطن هم.. فروع!

***

بين ثقافة ترى ضرورة تنمية الثروة كي تحافظ لنا على بقائنا وكينونتنا كما حدث عام 1990 وان دينارنا الأبيض يجب ان نحتفظ به للأيام السوداء القادمة ـ وما أكثرها ـ وثقافة ترى تبديد واقتسام الثروة الحاضرة على منهاجية «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب» ولا شيء يهم بعد ذلك.

***

ثقافة تؤمن بأن الكويت دولة وقانون ومؤسسات يجب توقيرها واحترامها وان الجميع تحت طائلة القانون، وثقافة ترى ان الكويت هي دولة شريعة الغاب فلا احترام للمؤسسات والمباني ولا للتشريعات وان الجميع فوق القانون!

***

ثقافة تحرص على وحدتنا الوطنية ومصلحة الكويت حتى لو ضحت وبذلت، وثقافة يقوم حراكها كل صباح على ضرب الوحدة الوطنية وإشعال الحرائق بالنسيج الوطني تحت ألف ذريعة ومسمى.

***

ثقافة ترى ان الكويت هي للجميع من أبنائها والحائزين جنسيتها، وثقافة ترى ان الكويت هي للقلة من أبنائها وان الباقين هم من الطارئين الذين يجب طردهم وسحب جنسياتهم!

***

ثقافة ترفض ان تغش بلدها لحرمة ذلك دينيا ووطنيا، وثقافة ترى ان الغاية تبرر الوسيلة، فكل شيء مسموح به للحصول على أكبر قدر من كعكة المال العام الحرام، فالمشاريع الكبرى هي سرقات كبرى للكبار، وللصغار بالمقابل ان يواصلوا نهب الكعكة عبر ادعاء الإعاقة والأمراض النفسية (الكويت الأولى عالميا ما شاء الله في المعاقين والمرضى النفسيين الكاذبين) حتى لا يبقى شيء من الدولة.. الكعكة!

***

ثقافة تقوم على الصدق في الرأي واحترام الرأي الآخر فلا تستخدم إلا أرقى الكلمات عند الخلاف، وثقافة بالمقابل تقوم على الشتم والقدح والسب واختلاق الأكاذيب ضد الخصم عند أول بادرة تباين في الرأي.

***

ثقافة تقوم على توقير وتقديم المصلحين والخيرين والمخلصين للكويت، وثقافة تقوم على الطعن بهم وتقديم كل من يجمع ما بين.. الحرمنة والحمرنة من المخادعين والمضللين والمغررين.

***

ثقافة ترى ان الدستور والوطنية والتدين هي إيمان خالص واستحقاق واجب لخدمة الكويت وشعبها ومصالحها العليا، وثقافة ترى ان الدستور والوطنية والتدين هي لباس خارجي دون مضمون يحق استخدامه لحصد المكاسب والمغانم المالية والشخصية.

***

ثقافة تغتم وتهتم وتحزن على ما آل اليه حال البلد، وثقافة تنعم وتسر كلما زاد الضرر في أرجاء الوطن.. ونستكمل في الغد الفرق بين الثقافتين!

***

آخر محطة:

 إذا كان هناك ولاء حقيقي للكويت ومواطنيها وناخبيها، فالواجب ان تتوقف المناكفات «الطفولية» القائمة بين الأكثرية والأقلية، وان تتوقف معها الاستجوابات «الكيدية» لرئيس ووزراء الحكومة الحالية وضرورة إعطائهم الفرصة للعمل، فالمتضرر الأكبر من المناكفات والاستجوابات القائمة هو الشعب الكويتي كافة، وأجزم أنه لو حل المجلس وجرت انتخابات نيابية اليوم أو بعد شهر أو سنة لغير الشعب الكويتي 40 ـ 50% على الأقل من نوابه الحاليين بسبب سوء الأداء وخيبة الأمل.. وكفى!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *