سامي النصف

تنبلستان وغبائستان و.. بقية البلدان!

  حكمت الدولتان الصفوية والعثمانية بعض بلداننا العربية إلا انهما لم تفرضا أو تنشرا تعليم لغتيهما بين أبناء لغة الضاد كحال الفرنسيين والإنجليز، بل ما حدث هو انهما تعلمتا اللغة العربية التي نجدها واسعة الانتشار في عواصم البلدين الجارين، وبقيت بعض الكلمات التركية مثل «أفندم» و«ستان» الفارسية التي تعني «بلدا» كالقول: كردستان وبلوشستان.

***

عقب د.وائل الحساوي في مقاله الشائق الأسبوع الماضي بجريدة «الراي» على مقال «الشعب الكويتي أصله يوناني» وأظهر ان الأمور أسوأ بكثير مما توقعنا، فأحوالنا حسب ما جاء في المقال هي أقرب لقصة «التنبلان» اللذين طلب أولهما ان يتحقق له كل ما يريد لا بالجد والعمل، بل عبر الدوس على أحد الأزرة، فتمنى رفيقه التنبل الثاني أن يوفر لهما شخص ثالث يدوس الأزرار بدلا منهما توفيرا للجهد!

***

لدي صديق رجل أعمال ناجح جدا إلا انه تنبل جدا في حياته الخاصة وقد تزوج ذات مرة من فتاة لبنانية (نسي انها تربية تنبلستان لا لبنان) لعل وعسى يعوض نشاطها تنبلته وكسله، يقول انهما شعرا في يوم صبحيتهما وهما في احد الفنادق الفخمة بالعطش وكانت قنينة الماء على الطاولة المقابلة لهما فطلب منها بكل رقة ان تحضرها ليشربا فأجابته «سوري شيري فيك تجيبها لأني كسلانة وتعبانة». بقيا على حالهما مدة ثم اتفقا على ان يطلبا قنينة ماء من خدمة الغرف إلا انهما اختلفا قبل الاتصال على من سيفتح الباب للجرسون، نهاية القصة الحقيقية عودتهما للنوم وهما في عطش شديد حتى حل موعد الغداء فاضطرهما الجوع والعطش لفتح الباب كي لا ينتهي شهر عسلهما بمأساة موت جماعي، وبالطبع لم تستمر حياتهما الزوجية طويلا.

***

في دولة «تنبلستان» نفسها آنفة الذكر أبعدنا الله عنها، اعتاد رجال الأمن وبذكاء شديد يحسدون عليه ان ينشروا في وسائل الإعلام أدق تفاصيل كيفية قبضهم على المجرمين كي يساعدوهم ـ جزاهم الله خيرا ـ على تفادي الأخطاء في المرات المقبلة والقيام بسرقات ناجحة، وضمن التحرك الطيب نفسه يقومون بنشر أسماء وصور رجال الأمن الذين قاموا بالعملية كي يصبحوا هدفا للمجرمين حال صدور حكم البراءة «المعتاد» عليهم، آخر الأمثلة كشف تفاصيل كيفية القبض على سراق محل الذهب عبر الاستعانة بكاميرات المحلات الأخرى وشركات الاتصالات التي كشفت أرقام الهواتف التي استخدمت في تلك المنطقة إبان السرقة، وهي دعوة مفتوحة لحرامية المستقبل لأن يتلثموا أو يعطلوا كاميرات المحلات الأخرى وألا يستخدموا هواتفهم إبان السرقة.. عفارم!

***

إحدى عجائب برلمان «غبائستان» وهي دولة بعيدة عنا ولله الحمد والمنة، إصراره على ألا يلجأ المسؤول المستجوب للمحكمة الدستورية أو اللجنة التشريعية أو التأجيل أو السرية (جميعها للعلم أدوات دستورية مشروعة كحال تقديم الاستجواب) حال تقديم الاستجواب له، كمثال ان يستجوب وزير الأوقاف عن أخطاء جراح يعمل في أحد مستشفيات وزارة الصحة، بل على الوزير حسب ذلك المنطق ان يقف على المنصة في جلسة علنية تغطيها الصحافة والفضائيات المحلية والعربية والدولية ليرد بالتفاصيل الدقيقة والمملة على محاور ذلك الاستجواب المتعلقة بخطأ الجراح في عملية زرع الكلى أو القلب المفتوح، ولا مانع حسب ذلك الفهم النادر في ان يذكر وزير الأوقاف بأن رده على ذلك الاستجواب غير دستوري دون ان يتوقف الكرنفال أو العرض القائم.. وعفارم!

***

آخر محطة: يمكن استخدام كلمة «ستان» لوصف أحوال بعض البلدان كالقول «تنبلستان» و«غبائستان» ومثلها «حسدستان» و«حقدستان» و«مخاززستان» وما يتبعها من «مهاوشستان» و«أزمتستان» و«شهادستان» (نسبة للولع بالشهادات المزورة)، و«قروضستان» و«زحمتستان» و«حشستان» (نسبة لحب الحش والنميمة) و«حشيشستان» (نسبة للحشيش)، و«مطاعمستان» و«مقاهيستان» و«نفاقستان» و«سرقستان» و«شقاقستان» و«عراكستان» و«عنصريتستان» و«طائفيتستان» و«قبيلتستان».. و«جكرستان».. الخ، وبالطبع الجميع يعمل لتخريب وتدمير والإساءة لـ «كويتستان» ثم لا يخجل من «نكرانستان» وعجبي!

احمد الصراف

كيف نأخذ حقوقنا من المعتدى عليهم؟

لزميل منزلة خاصة لدي، وأحرص على قراءة ما يكتب، ومنها مقال الثلاثاء الماضي الذي اشتكى فيه من وضع المواطن الكويتي في وطنه، وكم هو مسكين ومظلوم لأنه غير عدواني وطيب، وبالتالي يتعرض للإهانة حتى من بعض غير الكويتيين، الذين يملأ الحسد والحقد قلوبهم! فالهندي يخانقه، والبنغالي يحاكيه بنزر، والعربي «ينفت عليه»، وهذا يشعرهم بالرضا!
وقد شعرت بالفعل بالحزن والأسى على حالنا، كمواطنين، فهذه أول مرة منذ نصف قرن اعلم فيها بأنني مهان ومظلوم في وطني، وبالتالي فكرت في الاتصال بالزميل لتكوين ما يشبه الرابطة للدفاع عن حقوقنا ضد هؤلاء (الهنود والبنغال والعرب)! ولكن بعد يومين فقط، جاء خبر انتشلني من أحلامي، وقضى كليا على فكرة تأسيس الرابطة، وأعاد لي ثقتي بوطني وبحريتي وكرامتي فيه، حيث قام أحد نواب المجلس، والذي ربما كان في حالة غير عادية، بشتم صاحب شركة مطاعم شهيرة، تصادف وجوده في أحد فروعه، عندما لم تعجب السيد النائب طعم «السندويشة» التي طلبها، فحاول المالك تهدئة النائب، إلا أن هذا زاد من غضبه، ويقال إنه كال له عدة شتائم مقذعة، طالت المقيم ووطنه وقيادته، وقيل أيضا إنه وجه التهمة حتى لمسؤولي «الداخلية» في الكويت، عندما سمع من صاحب الشركة أنه سيشتكيه في المخفر.
وأثناء تقديم المعتدى عليه لشكواه في مخفر الجابرية ضد النائب الذي هدده، بموجب عاداتنا وتقاليدنا، بتسفيره فورا، قام طرف ما بالاتصال بالمشكو بحقه (المخمر) ليعلمه بما يجري، فوصل هذا إلى المخفر، وكان في حالة غضب غير عادية، ووجه تهمة للشاكي بأنه تعرض لمقام عال بالسب، وليبدأ مسلسل آخر من الشتائم بحق جميع من في المخفر ورؤسائهم، وهذا كلام سهل التثبت منه، لوجود عدد كبير من الشهود، أثناء حفلة الشتائم المقذعة تلك، وامتدت الحال حتى ساعات الصباح الأولى، وهنا قرر ضابط المخفر، بارك الله فيه وبمن سانده، إطلاق سراح المشتكى بحقه، أو المعتدي، وحبس الشاكي، المعتدى عليه، من أجل تهدئة النائب، ليذهب إلى بيته لينام قرير العين، ويبقى صاحب الشركة، المعتدى عليه، وبعد 40 سنة من الإقامة والعمل في الكويت بسجل نظيف خال من اي شائبة، لينام على بلاط المخفر القذر مع المجرمين والمدمنين، ولم يتم إخلاء سبيله إلا بعد ظهر اليوم التالي!
وهنا انتابتني نشوة عارمة، لقيام مخفر الجابرية، بضباطه الكرام، بأخذ حقوقنا نحن المواطنين الطيبين والغلابة، من هؤلاء الهنود والبنغال والعرب، وحتى الأميركيين، لكونها جنسية «المعتدى عليه»، صاحب شركة المطاعم.
وهنا أطالب كل كويتي بالتوقف عن الخنوع والاستسلام، وأن نأخذ حقوقنا من «المعتدى عليهم» بأيدينا، وإن لم يكن فبعقلنا، أو حتى بأرجلنا، والبذالي ليس أحسن منا!

أحمد الصراف