سامي النصف

عصفور على الشجرة

  بعد ان شاركت أنا والأخ عبدالوهاب الهارون زميلنا الاعلامي البارز يوسف الجاسم زرعه لشجرة على الطريق الموازي لكورنيش المعادي والتي اراد منها أبوخالد اظهار حبه وحرصه الشديد على البيئة، ولعكس رغبته في الحضور كل 3 أشهر إلى مصر لسقي تلك الشجرة الوارفة والعناية بها، اتجهت بسيارتي وكعادتي كل عام لزيارة مدينة شرم الشيخ وشبه جزيرة سيناء الساحرة.

***

أول ما لاحظته على الطريق لشرم خلو محطات الوقود من البنزين رغم ان سيناء هي مصدر البترول والغاز في مصر، واثناء التوقف في احدى الاستراحات وجدت باصا وحيدا به سواح من الهند يصحبهم 4 وانيتات محملة بالعسكر لحمايته كما ان نقاط التفتيش مليئة بالجنود المدججين بالسلاح لا الشرطة، وللعلم الجند ألطف معشرا بسبب العسكرية التي تعلمهم الضبط والربط والاحترام، والواجب على مصر واعلام مصر اظهار الاعتزاز بجيش مصر، تلك المؤسسة العسكرية العريقة التي تضمن حدود مصر ووحدة أراضيها واستبباب الأمن بين ربوعها، عبر اجلال واحترام المجلس العسكري الذي يمثل ذلك الجيش الذي يعتبر ضمانة الاستقرار الوحيدة في البلاد بعد اختلاف وتصارع الساسة على الغنائم.

***

الوضع في مدينة شرم الشيخ عاصمة السياحة في مصر والمورد الرئيسي للعملة الصعبة التي تحافظ على استقرار سعر الجنيه، مأساوي بحق، فالفنادق الفخمة والضخمة التي توظف عشرات الآلاف وتستهلك الماء والكهرباء باهظة الاثمان شبه خالية، ولا يعلم احد الى متى يمكن لها الاستمرار على هذا الحال، والشوارع الهادئة التي كانت تمتلئ بالمشاة من السائحين استبدلت بطوابير تمتد لعدة كيلومترات للسيارات وباصات السائحين التي تنتظر دورها عند محطات الوقود لعدة ساعات ثم تكتشف ان الوقود قد نفد فتبقى في مكانها حفاظا على دورها لعل وعسى.

***

ويرجع البعض سبب المأساة الوقودية إلى الحرائق المتعددة، وقد تكون المتعمدة، في منشآت البترول بالسويس، والتي كان بإمكان الكويت ان تساهم في اطفائها لو بنت على خبرتها في اطفاء الحرائق عام 91، وهناك عدة نظريات حول من يقف خلف تلك الحرائق ان لم تكن قد تمت بسبب الاهمال، أولاها رجال «الفلول» الذين اصبحوا الشماعة التي يعلق عليها كل خطأ يحدث في مصر، وثانيتها المتشددون من رجال بائع الاحلام حازم ابواسماعيل ممن لا يودون ـ حسب تلك النظرية ـ بقاء بؤرة الفساد (في نظرهم) المسماة شرم الشيخ وكونها مرتبطة بالنظام السابق، والثالثة هي قوى دولية تود ايصال الوضع في سيناء إلى حد الانفجار ومن ثم الانفصال بعد ان استبدلوا مسمى الشعب المصري هذه الايام بشعب سيناء، شعب مرسى مطروح، شعب النوبة، الشعب القبطي ..الخ.

***

آخر محطة:

1 ـ يرى اتباع بائع الكلام والاحلام حازم ابواسماعيل الذي صرف حتى اليوم 150 مليون جنيه على حملته الرئاسية الفاشلة (من أين لك هذا؟!) وبحكمة بالغة، ضرورة اطلاق 15 مليون عصفور (سائح) من اليد بأمل الحصول على عصفور السياحة العلاجية الجالس بعيدا في أعلى الشجرة، ويا لها من حكمة!

(2) نصائح أخوية للحفاظ على البهية مصر ومنعا لها من الصوملة والعرقنة والسودنة واللبننة التي بدأت اعلامها تظهر في الافق:

أ ـ التوقف عن مهاجمة المجلس العسكري والاساءة بالتبعية لسمعة الجيش.

ب ـ البدء بمصالحة وطنية تشمل «الجميع» والتوقف عن استخدام مصطلح «الفلول» المطاط والمستفز وتشريعات «العزل»، واسألوا اهل العراق ولبنان عن حل الجيش (منعه من القيام بدوره في لبنان عام 75) واجتثاث البعث (عزل الكتائب عام 75) وما انتهى اليه الحال في البلدين العريقين من حروب اهلية وتفجيرات آثمة، فهل هذا المراد لشعب مصر؟!

احمد الصراف

سعداء وتعساء مسلمي الغرب

يقول صديقي (حسين) إنه لاحظ أن المسلمين عموما غير سعداء، وهذا ما نراه مثلا في غزة، كما أنهم غير سعداء في مصر أو تونس ولا في الجزائر ولا المغرب ولا في موريتانيا، وحتما في إيران والعراق، وطبعا هم أبعد ما يكونون عن السعادة في الصومال، أو السودان، دع عنك اندونيسيا، أو ليبيا. كما أن من المؤكد أنهم غير سعداء في اليمن، بخلاف أوقات قيلولة القات! أما في أفغانستان وباكستان وسوريا، فهم مشغولون بالموت أكثر من انشغالهم بالسعادة! ولكن في جانب آخر نجد أن أقرباء واصحاب هؤلاء، من مسلمي أستراليا وانكلترا وفرنسا والولايات المتحدة يشعرون بالسعادة، ولا يريدون العودة إلى أوطانهم السابقة، ولو بالقوة، وهم بالتالي سعداء حيث هم، والأمر ذاته يسري على مسلمي إيطاليا والمانيا والدانمرك والسويد والنرويج وغيرها من الدول الغربية، اي أنهم سعداء في كل بلد غير إسلامي وتعساء في بلادهم! ويقول حسين إنه كان يعتقد أن في الأمر مؤامرة غربية لتفريغ دولنا من خبراتها، ولكنه غيرّ رأيه بعد ان اكتشف أن غالبية هؤلاء المهاجرين، السعداء، هم من بسيطي التعليم والتدريب. ويقول حسين إن كل ذلك كان يبدو له في البداية طبيعيا، فهناك شعوب سعيدة وأخرى تعيسة، ولأسباب معقدة لا علاقة لها بالمستوى الاقتصادي، فمعدلات الانتحار والكآبة في الدول الغنية أكثر منها في الدول الفقيرة! ولكن ما هو غير الطبيعي برأيه هو أن مسلمي الدول الإسلامية والغربية لا يلقون بمسؤولية شعورهم بالتعاسة على أنفسهم أو دولهم، بل يعتقدون أن الغرب هو السبب في كل ما يشعرون به من تعاسة! ويقول إن هذا، مع غرابته لا يزال مقبولا، ولكن يتحول الوضع إلى ما يقارب التراجيديا، ويصبح أكثر مدعاة للحيرة، عندما نجد أن غالبية مسلمي الغرب السعداء، يسعون بكل ما امتلكوا من قوة وحيلة، حتى بالعنف المسلح، لتغيير أوضاع الدول الغربية التي يعيشون فيها سعداء، لتصبح مماثلة تماما لأوضاع وطريقة عيش الدول التي سبق وأن هجروها، والتي لا يبدو أن أحدا يشعر فيها بالسعادة! وهنا يسألني الصديق حسين، الذي يقول إن رسالة انترنت هي التي لفتت نظره إلى هذا الوضع المضحك المبكي، عن تفسير لهذه الظاهرة البشرية الغريبة! وكيف يعمل السعداء بالغ جهدهم لتغيير طريقة المعيشة في دولهم، لتصبح مماثلة للدول التعيسة! وهل هناك من تفسير لهذا التصرف الأخرق؟ وهنا اعترف بعجزي عن الإجابة، فهل من متبرع؟

أحمد الصراف