سامي النصف

محاولة لإطفاء حرائقنا السياسية

  حريق «أمغرة» الهائل يثبت نظرية مورفي القائلة «إذا كنت تخشى من حدوث شيء ما، فتأكد أنه سيحدث»، ملايين الإطارات مهملة في الخلاء دون أسوار أو حراسة وقبل ذلك دون إعادة تدوير، وقد كتبنا قبل سنوات نطلب تقليد تجربة ناجحة في الولايات المتحدة تم خلالها تذويب الاطارات وإضافتها إلى «زفتة» الطرق فتسببت في تقويتها والمساعدة على تمددها وانكماشها في الصيف والشتاء مما يمنع تشققها وتوفير الملايين التي تصرف لصيانتها ويحمي البيئة في الوقت ذاته.

***

ضمن تقرير مهم لقناة «العربية» تم تسليط الضوء خلاله على «أكاديمية التغيير» التي تقوم بتدريب الشباب العربي «فقط» على أعمال الشغب والتظاهر واستخدام التويتر والفيسبوك ومواقع الإنترنت للتحريض والتأجيج ثم الحشد وتحريك الجموع، ويظهر التقرير ان هناك شبابا كويتيا يتم تدريبهم ضمن تلك الممارسات التي ان قبلت في دول تحكمها أنظمة ديكتاتورية استبدادية وقمعية فإنها لا تقبل على الإطلاق في دولة ديموقراطية كالكويت التي يعني التغيير فيها التحول من الأمن إلى الخوف والتقاتل، ومن الرفاه والرخاء إلى العوز والحاجة والفقر، من يلتحق بتلك الأعمال يجب فضحه وفضح من ارسله ويقف خلفه، فالكويت تقع تماما ـ وكما ذكرنا في مقالات سابقة ـ ضمن الدول المستهدفة بالتدمير والتخريب.

***

إن صناعة الدساتير (الدائمة والجامدة) وتعديلها تختلف تماما عن صناعة القوانين والتشريعات المرنة التي يمكن إلغاؤها وتعديلها بسهولة، فالدساتير وتعديلاتها يجب ان تمثل رغبات المجتمع بأكمله ومصلحته الحاضرة والمستقبلية وأن تكون صالحة لكل متغيرات الزمن وليس لرغبات اغلبية قد تتحول الى اقلية في اي انتخابات لاحقة وتأتي بعدها اكثرية جديدة ستعدل الدستور على هواها ورغبتها طبقا لذلك العرف الذي لم نر له مثيلا في الديموقراطيات المتقدمة، حيث ان وصول الجمهوريين بأغلبية ساحقة في الكونغرس الأميركي على سبيل المثال لا يعطيهم الحق في تعديل الدستور للمزيد من المحافظة او التشدد الديني لذا نطلب من الأحبة النواب الداعين إلى تعديل المادة 79 من الدستور ان يعيدوا النظر في مقترحهم منعا لإحراج القيادة السياسية، وان يسعهم ما وسع المئات من اعضاء البرلمانات الكويتية السابقة وجميعهم من المسلمين في دولة ملتزمة بشرع الله الا انها تأخذ كذلك بفقه الواقع ومستلزمات العصر كحال «جميع» الدول الاسلامية الاخرى خاصة أننا امام مشروع طموح بالتحول الى «مركز مالي» كبديل وحيد للنفط ولا يمكن تحقيق ذلك الحلم إذا ما فرضنا قيودا في الدستور الذي هو اقوى القوانين في مركز مالي يفترض ندرة القيود فيه.

***

آخر محطة:

(1) لجنة صياغة دستور 1923 المصري الذي هو اساس الدستور الكويتي مثلت فيها الاغلبية الوفدية بـ 3 مقاعد فقط واعطيت النسبة نفسها لجميع الاحزاب والشرائح الاجتماعية والدينية الاخرى، لذا ظهر بصورته المعتدلة الزاهية، وعليه يرى بعض كبار الخبراء الدستوريين العرب ضرورة الا تزيد نسبة تمثيل اي طرف في لجنة تأسيس الدستور (المصري، التونسي، الليبي، اليمني.. إلخ) عن (3)5% وان تصدر موافقاتها على مواد الدستور لا بالأغلبية البسيطة (51%) بل بالثلثين او الثلاثة ارباع او حتى الاربعة اخماس حتى يضمن التفاف الجميع حوله.

(2) (3)5% هي الزيادة القصوى للرواتب بدلا من 40% المقترحة حسب مقال مهم للخبير الاقتصادي فخري شهاب في جريدة «القبس».

احمد الصراف

بوابة العقل

ذكر لي صديق ووزير سياحة عربي، المثال التالي على مدى تخلف انظمة التعليم في دولنا، وخاصة ما تعلق باستخدام انظمة الاتصال والمعرفة الحديثة، وقال انه، ضمن جهوده لتطوير السياحة، قرر أن ينشئ موقعا إلكترونيا لوزارته يمكن للسائح عن طريقه الحصول على ما يريد من معلومات وإجراء حجوزات الفنادق والمطاعم بأسهل الطرق. وقال إنه تقدم بطلب لديوان المحاسبة بعنوان «البوابة الإلكترونية» للحصول على موافقتها على صرف المبلغ، وبعد تأخر وصول الموافقة قام شخصيا بالاتصال برئيس الديوان، فقال له هذا إن الطلب مرفوض لأن وزارة السياحة ليست بحاجة لـ «بوابة الكترونية»، فعدد العسكريين على مدخلها كاف!
وفي سياق التعلم والتعليم، وفي جلسة جمعتنا بالأستاذ فخري شهاب، الاقتصادي الكويتي الكبير، قبل بضع سنوات، ذكر لنا أنه عندما انتقل والده من العراق للعمل في البحرين أدخله والده مدرسة دينية تقليدية، وهي التي يكون فيها البواب والمالك والمدرس والناظر شخصاً واحداً، والمنهج مكون من مادة واحدة فقط، ويقول إن من ذكرياته أن الملا كان يكافئ التلميذ المجد بمنحه «شرف» التقاط القمل من شعر رأسه أو لحيته الكثة!
وقد أعادتني قصة الأستاذ فخري مع الملا لتجربتي الشخصية، فبالرغم من عقلية والدي المتفتحة، مقارنة بالكثيرين من جيله، وربما الفضل في ذلك لتعدد قراءاته وانفتاحه على الآخر، وهذا سبب معارضة المؤسسة الدينية لأي قراءة خارج ما يرغبون من الآخرين قراءته والاطلاع عليه! اقول بالرغم من تقدم فكر والدي، فإنه اضطر لأن يرسلني الى «الكُتّاب» أو الملا لتلقي الدروس الدينية، وكان ذلك قبل ستين عاما تقريبا، ولا تزال ذكريات تلك المرحلة التي لم تدم لأكثر من شهرين أو ثلاثة عالقة بذاكرتي، فلا أزال أتذكر هيئة الملا المخيفة والمبهدلة، وإصراره على مشاركتي في لفافة الخبز المدهونة بالزبدة والسكر التي كنت آخذها معي. كما أتذكر الحصير الخشن الذي كنا نجلس عليه والذي كانت آثاره، بعد طول جلوس، تنحفر في أقدامنا، كما كانت قطعة القماش المهترئة فوق رؤوسنا تمرر اشعة الشمس الحارة أكثر مما تحجب. وبالرغم من أن الذهاب الى الملا كان يمنعنا من التسكع، كصبية أشقياء، في الشارع، فإن وجودنا عنده كان عبثا ما بعده عبث. ولو قارنا الوضع بعد 60 عاما، في ضوء ما ورد من مصائب في ملف القبس عن التعليم، وبعد صرف مليارات الدولارات، فإن الوضع، نسبيا، لم يتقدم كثيرا، والفضل للعقليات التي كبست على انفاس كل مبدع وفنان ومحب للحرية. وبالمناسبة، توجد في أفغانستان وباكستان اليوم أكثر من 150 ألف مدرسة طبق الأصل عن المدرسة «النموذجية» التي كنت أدرس فيها وأنا في السادسة من عمري، وهي مدارس لم تفرخ غير جيش طالباني وقادة افغان، وعليك تخيل ما سيكون عليه حال عالمنا الإسلامي بعد نصف قرن!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أبعدوا الفتنة

حذّرت في هذه الزاوية، ولأكثر من مرة، من الفتنة الطائفية، وبيّنت ضرورة وأدها في مهدها قبل ان تستفحل، ودعوت جميع الاطراف الى الابتعاد عن الطرح الطائفي، لكن هذه الدعوة لا تعني سكوتنا عمن يستمر في طرحه وتأجيجه للمشاعر الطائفية، فالسكوت يؤدي الى مزيد من التفكك في المجتمع الكويتي الصغير.. ومناقشة هذا المفتن ووقفه عند حده يقتلان الفتنة قبل ان تكبر.
عندما تكلمنا عن ترخيص الحسينيات.. قالوا انها مرخصة! وسكتنا مع علمنا بان كل حسينية مرخصة قد يقابلها عشر حسينيات غير مرخصة، لكن الخوف من اثارة الفتنة أسكتنا.
وعندما طالبنا باشراف الحكومة على ما يجري في الحسينيات، كما هي الحال في المساجد، قالوا لنا ان الحسينيات ليست دور عبادة! و(تلطمنا على شحم ولحم) مع علمنا بأن معظم المجالس الحسينية تقام فيها، لكنها الفتنة لعن الله من ايقظها!
وفي المجالس البرلمانية السابقة طالبوا بمحاكم تحكم لهم وفقا للمذهب الجعفري، فقلنا هذا حق لهم، وتفضل الوزير السلفي احمد باقر، وزير العدل آنذاك، بتسهيل هذا الامر، وهكذا كنا دائما نسعى الى درء الفتنة وما ينتج عنها من سكوت عما نراه ونشاهده حرصاً على وحدة المجتمع.
اليوم تطالب هذه المجموعة بمنع وزارة البلدية من الاشراف على المقبرة بحجة انها مقبرة للطائفة.
والمتابع لتصريحات ممثليهم في مجلس الامة يجدها استفزازية لا داعي لها.. ونبرة التحدي والتهديد والوعيد هي المسيطرة..!
انني ادعو اخواني.. وجيراني.. وشركائي.. واصدقائي.. العقلاء من ابناء الطائفة الى مراعاة مصلحة الكويت ومجتمعها الصغير الذي يكفيه تشرذماً وتفككا اليوم.. ادعوهم الى وقف هذه المطالبات التي لن تنتهي ولن تقف عند حد، نحن في دولة قانون ودولة مؤسسات وهذه البلاد بنيت وتأسست على ثوابت منذ اكثر من ثلاثمائة سنة، ومن اراد تغييرها فسيتعب ويتعبنا معه فرأفة ورحمة بالكويت.