محمد الوشيحي

أبناء عمنا… ولا فخر

الخبر، كما نشرته هذه الصحيفة التي بين يديك: “سيناريست يهودي يتهم الممثل ميل غيبسون بمعاداة السامية”. ليش يا أخانا اليهودي؟ لأنني أعطيته سيناريو فيلم يتحدث عن بطولة أحد اليهود فرفض غيبسون الفيلم، لذا فهو معاد للسامية لاشك.
هذا هو السبب فقط، وهو سبب مقنع كما ترى، عندك اعتراض؟ وبالطبع سيضغط اللوبي اليهودي على أعصاب غيبسون، فيعقد الأخير مؤتمراً صحافياً يبرر فيه رفضه ويكرر حجته: “السيناريو ضعيف ولا يرقى إلى إخراجه كفيلم”، فترد الجماعات اليهودية عليه وهي تمسح دموع المظلومية: “إلى متى ستستمر في معاداة السامية” فيقسم غيبسون برأس أمه إنه لا يعاديها، فتقسم الجماعات برأس أمه هو إنه يعاديها، ويدور السجال على حل شعره وعلى صفحات الصحف وشاشات الفضائيات، فيذعن غيبسون في النهاية ويوافق مذموماً مدحورا، وبلا منة، رغماً عن أنفه، أو غصباً عن نخرتو، كما يقول ربعنا السودانيون.
ويقولون: “السينما الأميركية حرة”، وأقول: “السينما الأميركية هرة… تتحكحك على أقدام اليهود وأصحاب رؤوس الأموال”. وتنمو الصحافة الأميركية والسينما الأميركية والسياسة الأميركية ورقابها تحت سيف “معاداة السامية”.
وفي الكويت يوقفك شاب في مركز تسوق: “لو سمحت اكتب عن مديري الذي يتربص بي ويبحث عن أدنى سبب لمعاقبتي”، فترد عليه وأنت تقرأ آية الكرسي في سرك: “كان الله في عونك” فيستفسر: “إذاً متى ستكتب عنه؟” فتنفخ إجابتك في وجهه: “أنا أكتب في الشأن العام يا عزيزي، وقضيتك هذه قضية خاصة”، فيعلق بغضب: “قل إنك لا تكتب إلا ما يشتهيه ملّاك الصحيفة”! وقبل أن يرتكز حاجباك دهشة وغضباً يطلق عليك رصاصته الثانية: “للأسف، كنت أحترمك”، فترفع عينيك إلى السماء، بنظرة لا يفهمها إلا خالقك، وتغمغم، أيضاً في سرك: “خذ احترامك لي ومعه خمسة دنانير وابتعد عني قبل أن أفجر موكبك”. وتحدث نفسك: “هل أنا مضطر إلى تذكيره بما كتبته ضد ناشر الجريدة؟”.
وتذهب للمشاركة في عزاء، فيوقفك رجل عليه من سمات الحكمة ما يبز لقمان: “لماذا لا تتحدث في برنامجك التلفزيوني عن تلك الإدارة التي لا توفر أماكن كافية لوقوف سيارات المراجعين… يا أخي تكسرت سياراتنا من الرصيف! وأنا أظن أن وكيل الوزارة يمتلك محلاً لتصليح السيارات” فترد عليه وأنت تنتزع ابتسامة ترد بها عليه ولك فيها مآرب أخرى: “وقد يكون الوزير شريكه. مُحتَمل”، فيجيبك بجدية سوداء: “أقسم بالله إنني لا أستبعد ذلك. هذه حكومة عصابات”، فتنتبه إلى أن الأمر لا مجال فيه للمزاح، فتعلق: “طبعاً طبعاً، كان الله في عون سياراتكم! سأرى ما يمكنني فعله”، وما يمكنك فعله هو أن تنسى السيارة وصاحبها والرصيف مسرح الجريمة… وتمضي أنت وتمضي أيامك، فيقابلك صاحبك ذو السيارة مرة أخرى ويذكّرك بنفسه وبالموضوع، فتسحب غصة ترهق بلعومك، وتعتذر بأدب “هناك مواضيع أكثر أهمية وإلحاحاً من سيارات المراجعين، منها سياسات هذه الإدارة، رغم أهمية سيارتك بالتأكيد”، تقول هذا الكلام بدلاً من أن تقول “سحقاً لك ولسيارتك”، فيرد عليك وهو يضرب كفاً بكف: “تظهر معادن الرجال في المواقف الصعبة، وأنت، يا للأسف، ظهر معدنك الحقيقي، ويبدو أن الوكيل تمكن من إسكاتك”. فتهز رأسك بابتسامة ملعونة وتسكت بعد أن تأكدت أن العرب أبناء عم اليهود.

سامي النصف

في مصر 25 = 52!

  ما يحدث هذه الأيام أي بعد ثورة 25 يناير يتطابق تماما مع ما حدث بعد ثورة (انقلاب) 52 حيث خرجت الملايين آنذاك تؤيد التحالف الذي قام بين العسكر والإخوان قبل افتراقهما، حيث تم استثناء الاخوان من قانون العزل السياسي وكان الشهيد سيد قطب أول من سمى الانقلاب بالثورة وطالب بالشدة واعتماد الشرعية الثورية لا الشرعية الدستورية في محاربة أحزاب ما قبل الثورة واعتماد مبدأ الحزب الثوري الواحد لا الأحزاب وكتب في 10/9/1952 في روز اليوسف بعد صدور حكم الإعدام الظالم على مصطفى البقري ورفاقه «ان يموت 10 أو 20 خير من أن تفنى الثورة» وقد استخدمت القوانين الاستثنائية كالغدر والتطهير والعزل فيما بعد ضد الاخوان في عامي 54 و65 وذهب ضحيتها من طالب بها.. وما اشبه اليوم بالبارحة.

***

ومن متشابهات ثورتي 25 يناير ويوليو 52 الرغبة المحمومة في الاستئثار بالسلطة ورفض مشاركة الآخرين واستخدام المظاهرات الشعبية والاعتصامات في ميدان التحرير للوصول الى الهدف، وخلق دستور جديد يخدم احد الاطراف، ويشبه تعدي رجال مرشح الأحلام حازم أبو إسماعيل هذه الأيام على مجلس رئاسة الدولة، بتعدي مرشح بيع الأحلام آنذاك جمال عبدالناصر على مجلس رئاسة الدولة وضرب الدكتور الجليل عبدالرزاق السنهوري من قبل المرتزقة والمأجورين عام 54 وكانت تلك بداية الديكتاتورية التي دمرت الاخضر واليابس.

***

ومن المقاربات بين الثورتين تدهور الحالة الاقتصادية ومعها سعر صرف الجنيه المصري الذي كان يعادل 3.5 دولارات، ونفاد احتياطي النقد الأجنبي والذي نتج عنه التحول من الاقتصاد الحر إلى الاقتصاد المقيد وبدء الطوابير الطويلة للحصول على ادنى مستلزمات الحياة كالخبز والرز والبيض والفراخ وهي طوابير مذلة للكرامة لم تكن موجودة في عهد ما قبل ثورة 52 السعيد، وما تلاها من عمليات تأميم لكل شيء، والتي نتج عنها تفشي الفساد وتجارة الشنطة.

***

ولم ير من كان يعيش في العام الأول بعد ثورة 52 بعد ما هو قادم من مآس وحروب وكوارث وانشطار اراضيه (انفصال السودان التي كانت جزءا من مصر) وتقلص الحريات العامة تدريجيا حتى ضاقت السجون بالمعتقلين وانتشر زوار الفجر ممن يحصون ويحاسبون كل مواطن مصري على انفاسه وكلماته، واستبدلت الانظمة القمعية التي جعلت خلق حياة ديموقراطية كريمة الهدف الرابع من أهداف الثورة الستة إخفاقاتها في الداخل بحروب وعمليات تأزيم متواصلة مع القوى الكبرى في الخارج وهناك احتمال كبير لعودة التأزيم مع الخارج (محاربة الشيطان الأكبر) مع وصول بعض المتشددين للحكم في مصر وما يصاحبها بالتبعية من استخدام سياسة اليد الحديدية في الداخل، حيث… لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.

***

آخر محطة:

1 ـ العزيزة مصر اشبه هذه الأيام بطائرة قام ركابها بعزل قبطانها الطيار حسني مبارك ثم اختلفوا وهم بالجو على أي «من المرشحين سيرسلونه بدلا منه لكابينة القيادة وأحد الإشكالات القائمة ان أغلب المرشحين لا يملكون التأهيل والخبرة اللازمة للوصول بالطائرة إلى مطار الأمان خاصة ان في الأفق عواصف واعاصير ومطبات قوية تحتاج إلى قائد طائرة محنك للخروج منها بأقل قدر من الأضرار.

2 ـ من الإشكالات الأخرى أن القلة القليلة ذات الخبرة المؤهلة لقيادة الطائرة بشكل آمن أمثال المرشحين سليمان وشفيق مهددة بالعزل بسبب تشريعات غير دستورية تم تفصيلها من قبل «ترزية» القوانين على مقاسهم بالضبط، إشكال آخر هو أنه وأثناء اختلاف الركاب وتجمهرهم بدأ الوقود اللازم لاستمرار تحليق الطائرة (ونعني احتياط العملات الأجنبية لبلد يستورد كل شيء) ينفد بسرعة دون أن يعيره أحد أي اهتمام.. وكان الله في عون الطائرة وركابها مما هو قادم.

احمد الصراف

من هو المجرم الحقيقي؟

سألني «كويتي عتيج»: يا أخي ليش ما تكتب عن «الأجانب»، شوف كيف أخذوا الوظائف وما تركوا شيئا لأبنائنا في القطاع الخاص؟ ليش ما تكتب عن احتكارهم الأنشطة التجارية وفتح المطاعم وتحقيق الثروات، وتحويل أرباحهم للخارج على حساب اقتصادنا الوطني؟ فقلت له: لو كان فيك وفي أولادك خير لما استطاع هذا الوافد، الذي تسميه بالأجنبي أن ينجح ويحقق ما لم تستطع أنت وأبناؤك تحقيقه، فهو موجود لأن هناك حاجة له، وهو ناجح لأنه يقوم بما ترفض وابنك وابنتك القيام به. واستدركت قائلا: الذنب ليس ذنبك في كل الأحوال بل ذنب حكوماتك، وجهلة المشرفين على التعليم، وأخيرا ذنب البالي من «عاداتك وتقاليدك»، التي كرهت فيك العمل اليدوي، ورتبت درجات وفئات عديدة من المجتمع من خلال قربها أو بعدها عن الأعمال اليدوية، لأن العمل باليد بنظر الكثيرين مهين، ومن يكسب قوته من الزراعة أو الصناعة وضيع، ولا يحبذ الانتساب له، فالاصالة تكمن في القدرة على الغزو وسلب ونهب ممتلكات الآخرين، وسبي نسائهم وبناتهم! وبالتالي فإن التزايد الخطير في أعداد غير المواطنين في اي دولة خليجية، وما تواجهه اقتصاداتها من تحديات خطيرة، وهنا لا نتكلم عن الهوية الوطنية لكل دولة، فهذا ليس من اهتماماتنا بعد أن اصبح العالم قرية صغيرة، يجب أن يكون من منطلق أخلاقي وأمني وليس اقتصاديا، فقد فشلنا في استغلال طاقة هؤلاء وخبراتهم، ورحبنا بوجودهم لملء شقق عماراتنا واستهلاك ما في متاجر تجارنا وجمعياتنا من مواد ولشراء سيارات وأجهزة وكلائنا؟ فتعداد السكان البسيط لدول الخليج، وتواضع مهارات أفراده، مع وجود فوائض نقدية كبيرة، حتمت قدوم الغير الينا، كما كان الكثير من الكويتيين يذهبون للهند وغيرها للعمل فيها، وهذه الظاهرة بالرغم من سلبيتها ممكن أن تكون إيجابية لو كانت هناك خطط تنموية جدية، ولو كانت هناك نية لتغيير «العقليات» التي اعتقدت بوجود تسعة أعشار الرزق في التجارة، وحتى هذه لم يفلح المواطن كثيرا فيها، بل سلم العمل للشريك الوافد وجلس في الظل بانتظار المقسوم. كما أن تنمية الإنسان لم تكن يوما لا ضمن أولويات ولا أخرويات اية حكومة خليجية.
نعود لموضوع الأمس ونقول ان الحادث الخطير الذي تعرض له مقيم يحترم نفسه على يد نائب، وهو في حالة غير طبيعية، وتعسف وزارة الداخلية ضده بوقوفها إلى جانب النائب وحبس المقيم «المعتدى» عليه في زنزانة قذرة بعيدا عن اسرته لأكثر من 12 ساعة، لأن نائبا أراد ذلك، أمر مستهجن جدا وقبيح بكل المقاييس، فكيف يقبل المشرعون وهم يسنون قوانين غير ذات أهمية، بالتقاعس عن حفظ حق وكرامة إنسان، اي إنسان شريف، في وجه الظلم؟ وكيف يمكن خلق استقرار اقتصادي واجتماعي لأكثر من %55 من السكان إن أرسلنا لهم رسالة بأن لا حقوق لهم ولا كرامة متى ما أراد شخص لا يمتلك شيئا غير وضعه السياسي المؤقت الانتقام منهم أو ابتزازهم؟ وهل يجوز أن يحدث ذلك في مجلس ثلاثة ارباعه من النواب المتدينين، من دون اتخاذ إجراء ما لحفظ كرامة البشر؟
***
نبارك لأتباع الكنائس الشرقية بعيد الفصح المجيد، ونتمنى أن نحتفل به في السنة المقبلة ونحن أكثر محبة بعضنا لبعض.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

غباء في الخليج

في السياسة.. لا توجد خصومة دائمة.. ولا ولاء دائم.. بل مصالح دائمة!
هذه القاعدة تعمل بها كل دول العالم التي تسعى إلى مصلحة شعوبها.. الا في الخليج عندنا!
قامت الثورات في عدد من الدول العربية ضد القمع وتقييد الحريات والحكم الدكتاتوري الفردي، وبعد سقوط انظمة البطش والظلم جاءت الشعوب ومارست الحرية والديموقرطية لاول مرة، واجلست التيار الاسلامي على سدة الحكم.
فشعرت هذه الشعوب بكرامتها المهدرة وقد استعادتها، واختارت من تعتقد انه يحمل برنامج انقاذ لها ولاجيالها، بعد ان جربت افكاراً دخيلة دهراً من الزمان ولم تجد منها الا مزيدا من الكبت وتقييد الحريات، ومزيدا من الانحلال الاخلاقي وانهيار المبادئ.
إذاً، أصبحنا امام واقع جديد، واقع التيارات الاسلامية تتحكم فيه، وبالذات التيارات التي تتبنى فكر الاخوان المسلمين، كما هو في تونس والمغرب وليبيا ومصر واليمن، وقريبا باذن الله سوريا والجزائر! لذلك شاهدنا كل دول الغرب التي كانت متحفظة في اعلان مواقفها في بداية الثورات العربية.. نسمعها اليوم تثني على التجربة الديموقراطية في هذه الدول وتباركها.. الا في الخليج!
عندنا في دول مجلس التعاون ـــــ باستثناءات محدودة ـــــ شعرنا بامتعاض من هذا التحول وتخوفنا من انتقال العدوى، فبادرنا باعلان عدائنا لهذه التيارات.. ولهذا التيار الذي حكم بالذات، واعتبرناه اساس الشر والبلاء، وبدأنا بممارسات غريبة وغير منطقية لمواجهة هذه الحالة.. فنزعنا المواطنة عمن وجدنا عنده شبهة تبني فكر هذه الجماعة التي حكمت اكبر دولة عربية، واطلقنا العنان لاحد رجال الامن ليكيل التهم لاتباع هذا التيار في دول مجلس التعاون حتى قال احدهم انهم قادمون للحكم في الكويت عام 2013! وتم سجن كل من ينتمي إلى هذا التيار، ولو بالشبهة في بعض دولنا.. استعداء غريب لا اجد له تفسيرا الا انه تصرف غبي!
نعم، تصرف خالٍ من الحكمة، خصوصاً اننا دول صغيرة وظروفنا الامنية غير مستقرة، ومع هذا نعادي من تولى حكم معظم الدول العربية بارادة شعبية حرة وبممارسة ديموقراطية اثنى عليها الجميع! ان كان هذا التصرف لارضاء المعازيب في اوروبا واميركا فهؤلاء فهموا اللعبة واتبعوا مصالحهم واوجدوا قنوات اتصال قوية مع هذه التحولات.. اننا في الخليج في امسّ الحاجة الى علاقات عربية واسلامية متينة في وجود تيار طائفي يهدد دولنا ومدعوم من دولة كبرى وجارة. لذلك لا اجد تبريرا لهذه السياسة الخرقاء الا انه الغباء الذي لا داعي له!
***
نائب جديد.. شوهد «غير طبيعي» اقام مشكلة.. وبالمناسبة هذا النائب شوهد هكذا في اكثر من مناسبة.. وبالتصوير.. عندها تذكرت ان «الجابرية» مخطوفة!
طبعا اقصد طيارة «الجابرية»!