محمد الوشيحي

يا إخوان مصر… تحربشوا

الإخوان، الإخوان، الإخوان… الإخوان المسلمون من النوع الذي إذا تناول طبقاً من الأكل مسحه عن بكرة أبيه وأمه وبنيه، ولم يبقِ فيه شيئاً للأيتام وعابري السبيل. هم هكذا، وطريقتهم هكذا. سيطروا على تونس، واستحوذوا على ليبيا، و”كوّشوا” على مصر (جماعة الإخوان في مصر هي الجماعة القابضة، على وزن الشركات والمجموعة القابضة، فكل الأنهار تصب في بحرها)، ومن حقهم السيطرة والاستحواذ والتكويش، لكن خداع الناس ليس من حقهم.
وكنا في الكويت، وقد ذكرتُ هذا مراراً ومرارة، ننام ومَحافظ نقودنا تحت وسائدنا، خشية مرور أحد من الإخوان المسلمين، ونوصي أطفالنا: “إذا أعطاكم الإخوان (مصاصة) فلا تأخذوها، احذروا”، وكان الإخوان “خير مَن وطي الحصى” في استعمال أدوات الغمز والهمز واللمز، وهي أدوات صغيرة الحجم يمكن إخفاؤها في الجيب الداخلي للجاكيت. وكان الشعب يعاني الأمرّين والعلقمين فيرتفع صوته بالبكاء على أمواله التي طيّرتها عاصفة الفساد، وكان الإخوان بعد أن يتناولوا الكافيار في منتجعاتهم، ويخضبوا لحاهم بآخر تفتيحات العطورات الشرقية، يرفعون أصواتهم بالبكاء أيضاً، فيعلو بكاؤهم على بكائنا، فتمسح الحكومة دموعهم بأوراق البنكنوت! وكانوا وكنا، وكانوا وكنا، وكانوا وكنا…
ودارت الأيام، وجاء جمعان الحربش، العضو البارز في الإخوان وفي البرلمان، مدعوماً من بعض شبان الإخوان، فقلبوا المعادلة، فتغيرت نظرة الناس في الكويت للإخوان، وصار الإخوان إخواننا، وحل الليبراليون محلهم في التكتكة مع الحكومة، وفي الغمز واللمز والهمز، الفارق الوحيد هو في نوع العطورات المستخدمة، فـ”الإخوان الليبرال” يستخدمون العطورات الفرنسية لا الشرقية، ويقولون للحكومة بعد كل صفقة “ميرسي” بدلاً من “جزاكِ الله خيراً”.
وبالعودة إلى مصر وإخوانها الذين ما زالوا يرتدون القمصان ذات الجيوب المخفية، تعهد الإخوان هناك بعدم السيطرة على البرلمان، فنكصوا ونكثوا، وسيطروا على البرلمان، وتعهدوا بعدم خوض انتخابات الرئاسة، فنكصوا ونكثوا، وتعهدوا بعدم فرض رأيهم على التعديلات الدستورية، وهاهم في طور النكوص، وتعهدوا ونكصوا، وتعهدوا ونكصوا، وتعهدوا ونكصوا… وما زال المصريون ينامون ومحافظ نقودهم تحت وسائدهم، ويحذرون أطفالهم من “مصاصات” الإخوان، لذا ليس أمام إخوان مصر إلا أن “يتحربشوا”، كي يكسبوا ثقة الناس، ولو كنت أنا من إخوان مصر، ولو كنتُ عضواً في قيادة الجماعة، لاستعنت بالدكتور جمعان الحربش، كمستشار أجنبي، ولنفذت كل تعليماته، ولوقّعت على تعهد أمام الجماعة أضمن لهم فيه أنه خلال سنة واحدة، لا أكثر، سيوصي الآباء أطفالهم: “لا تأخذوا المصاصات إلا من الإخوان”.
فيا أيها الإخوان المسلمون المصريون، تحربشوا، واستفيدوا من تجربة فرعكم في الكويت، وأوصوا جميع أفرع جماعتكم في طول الوطن العربي وعرضه بالحربشة، مع التأكيد لهم على أن الشرط الأول للحربشة هو التخلص من “الآلة الحاسبة”، والشرط الثاني هو اليقين بأن “العيال كبرت” وأن الناس أصبحت تفهم ولا يمكن خداعها بسهولة.

حسن العيسى

حلبجة سورية

لم يعد من المقبول أن نردد مقولة: إن بقاء نظام الأسد هو “أهون الشرين”، فالمجزرة الأخيرة في “الحولة” تقطع بأن نظامه هو أسوأ الشرين، وليس هناك فرق بين ما حدث في “الحولة” وبين السابقة التاريخية في حلبجة العراق، فالجريمتان يمكن اعتبارهما من جرائم “جنو سايد”، أي القتل الجماعي الذي لا يفرق بين المدنيين والعسكريين والأطفال والنساء.
الصور التي نشرتها وسائل الإعلام تخبرنا بحجم وحشية النظام، هذا النظام الذي يدفع التهمة عن نفسه باتهام المقاومة الشعبية، فأين تكون مصلحة الجيش السوري الحر في مثل هذه الجريمة؟ بل لو كانت أصابع الاتهام تؤشر إلى مجرمي القاعدة فهنا أيضاً ليس لهؤلاء المهووسين دينياً أي مبرر أو دافع “للحلبجة” الأسدية.
الخوف المشروع أو غير المشروع من أن غياب نظام الأسد سيفتح الباب للحرب الأهلية بشكل عام، وستكون الأقليات الدينية هي أكبر ضحايا مثل تلك الحرب لم يعد مقبولاً لاستمرار المجازر، فسورية تحيا حرباً أهلية حقيقية، وإن كانت في بداياتها، وإن كانت بين طرفين غير متكافئين، فالنظام يملك الدبابات والطائرات، والطرف الآخر ليس لديه سوى الأسلحة الخفيفة، لكن لو انقلبت الأمور، وهذا لن يكون إلا بتدخل خارجي من حلف الناتو، فإنه يمكن تصور أن مقدار العنف الذي مارسه نظام الأسد سيكون له رد فعل بحجمه ومقداره من أهالي وأقارب ضحايا الأمس، وسيدفع الثمن في النهاية طوائف العلويين والمسيحيين وبقية “الموزاييك” السوري، والكثير منهم أبرياء من جرائم نظام يجعلهم حجة للاستمرار كما يشاء في الحكم.
هل يعد هذا عذراً لبقاء النظام الستاليني الأسدي إلى ما شاء الله! طبعاً لا، ولا كبيرة، فكلما امتد عمر النظام في الحكم سنشهد المزيد من “الحلبجات” السورية، لكن في الحلبجة السورية الضحايا لا ينتمون إلى أقلية كردية كما كان عراق صدام، وإنما للأكثرية السنية، ولنا أن نتصور في الغد حجم الشرور التي ستخرج من صندوق “بندورا” السوري.
تسليح المقاومة السورية ليس الحل، فهذه المقاومة غير متفقة بين العسكر (الجيش السوري الحر) وبين المثقفين المنفيين برئاسة المفكر برهان غليون، ولا يبدو أن للاثنين تصوراً مشتركاً للمستقبل السوري غير إزالة النظام، لكن بعد ذلك، ماذا سيكون الحل، ومن البديل؟ فسورية ليست تونس كمثال يحتذى به، وليست مصر وليست اليمن ولا ليبيا، هي قلب الوطن العربي بكل تناقضاته وطوائفه التاريخية، ولا يمكن أن نتخيل سورية وقد أصبحت صومالاً أو يمناً جديدين، فأي إصابة في هذا القلب ستمتد بلا شك إلى بقية الجسد العربي… الضغط على النظام من المجتمع الدولي يجب أن يتزايد، والمساعدات الإنسانية للضحايا يجب أن تتضاعف، ونستغرب هنا طول الحديث الرسمي والشعبي عن المساعدة للشعب السوري، بينما أبواب الفيزا مغلقة في وجوههم، لاعتبارات أمنية كما يبدو، لكن هذا لا يمنع من الاستثناء لاعتبارات إنسانية. يبقى الأمل أن تتوحد وجهات النظر في حل معقول للمستقبل السوري بعد تنحية النظام “الجملكي” (تعبير سعد الدين إبراهيم عن الجمهوريات التوريثية) ويمكن تصور أي نظام بديل بشرط ألا يحيل سورية إلى دولة دينية أو طائفية، وهذا صعب والطريق إليه طويل في منطقة تضج بتاريخ ممتد بالطوائف والإثنيات العرقية المتناحرة، لكن هذا هو حال “الأمة” العربية المتشظية إلى أمم وقبليات وطوائف ليس لها أول ولا آخر.

احمد الصراف

كرافتة القديس جون

يقول القارئ «محمد ق» إنه عمل في مطلع السبعينات في شركة نفط الكويت، وكان اتقان الانكليزية في تلك الأيام من ضروريات النجاح في العمل، وربما تغير الوضع الآن. ومن أجل ذلك قامت شركة النفط بتشجيع الموظفين على الالتحاق بمركز التدريب اللغوي في مدينة الأحمدي. ويقول إن أول مدرس لغة تصادف وجوده هناك كان، لحسن الحظ، انكليزيا، واسمه السيد جون، ولكنه كان قليل النشاط بسبب تقدمه في السن. وكان معروفا عنه اصراره على ارتداء ربطة العنق نفسها يوما بعد يوم، بصرف النظر عن لون البدلة أو القميص، وكانت الكرافتة، بسبب طول الاستعمال، شاحبة اللون ويبدو عليها القدم، كما كان منظره أحيانا وهو يرتديها مثار سخرية وانتقاد دائمين من جميع الطلبة. ويقول محمد انه كان يشعر بأنه كان يعلم بتعليقاتهم وسخريتهم، ولكنه كأي انكليزي، كان مهذبا وبارد الأعصاب، حتى وهو بربطة عنقه المهترئة تلك، وبالتالي لم يكن يكترث كثيرا لما كنا نقوله عنه. وفي أحد الأيام أخبرهم رئيس مركز التدريب أن عيد ميلاد المستر جون يصادف اليوم التالي، وأن عليهم ترتيب مفاجأة لطيفة له. وهكذا تم الاتفاق على مشاركة جميع طلبته في شراء هدية للمدرس الأرمل بتلك المناسبة، مع تحضير وجبة طعام خاصه به. وهكذا تم الاتفاق على شراء عدد من ربطات العنق الأنيقة له بألوان مختلفة، ومفاجأته بها! وفي فترة الغداء، قاموا بالطلب من المستر جون مشاركتهم الطعام في الكانتين، وهناك فاجأوا الرجل بغناء جماعي لأغنية عيد الميلاد المعتادة، وقدموا له الهدية بعدها، فشكرهم بتأثر واضح، ووضع الهدية جانبا من دون أن يفكر في فتحها. وفي صباح اليوم التالي حضر المستر جون الى الفصل، وابتسامة جميلة تملأ وجهه، ولكن من دون ان يكترث لوضع واحدة من ربطات العنق التي اهديت له، ولم يحاول أن «يجبر خاطر»، بل جاء مرتديا ربطته القديمة، وعندما لاحظ علامات التساؤل بادية على وجوه الجميع، قال إنه يقدر مشاعرنا ويشكرنا كثيرا على الهدية، وأنه سوف يحتفظ بتلك الربطات ما دام حيا، ولكن طلب اعفاءه من ارتداء اي منها، فربطته القديمة عزيزة عليه ولن يستبدلها بأخرى، فقد كانت آخر هدية حصل عليها من زوجته قبل أن تتوفى نتيجة مرض عضال، ووفاء منه لذكراها قرر الاحتفاظ بربطة العنق تلك وارتداءها ما بقي على قيد الحياة.
ويقول محمد إننا شعرنا جميعا يومها بالخجل من سابق أحكامنا على الرجل، وما أطلقناه عليه من أوصاف تتعلق بقلة الذوق والبخل، وأصبحنا منذ تلك اللحظة نطلق عليه اسم «القديس جون»!

أحمد الصراف

سامي النصف

فضائح النفط وروائحه الكريهة!

  الشكر الجزيل من الشعب الكويتي لأعضاء المجلس الاعلى للبترول السابقين الاخوة: موسى معرفي وعبدالرحمن الهارون وعبدالرحمن المحيلان وخالد بودي، على موقفهم الوطني الصلب من إلغاء عقد «الداو»، والشكر موصول للسيدين علي الهاجري وناصر المضف اللذين أبعدا من مجلس ادارة مؤسسة البترول لإصرارهما على محاسبة المتسببين في فضيحة «الداو»، وفي هذا السياق ومن خبرة لجان تحقيق الماضي، لن يتقدم أحد بالشهادة ضد مسؤول مازال قائما ع‍لى رأس عمله أو أمام لجنة تضم أحد المتسببين في تلك الكارثة التاريخية التي يصح أن يطلق عليها مسمى «فضيحة العصر»، لذا فليتم إيقاف المشتبه بهم عن ممارسة أعمالهم وليبعدوا عن لجان التحقيق التي يجب أن يحدد لها زمن معين لإنهاء أعمالها كي لا تسجل تلك الجريمة الكبرى.. ضد مجهول!

***

وكارثة أكبر أعلن عنها في صحف أمس المهندس والمسؤول النفطي السابق أحمد العربيد ونضيف لها ما هو أكبر منها، فقد ذكر العربيد أن الغاء مشروع حقول الشمال الاستراتيجي بسبب الغوغاء السياسية تسبب في خسارة الكويت لـ 70 مليار دولار (سبعين وعلى يمينها 9 أصفار)، وهناك كارثة أكبر تسبب فيها ذلك الالغاء وتهدد بوقف إنتاج النفط الكويتي، فقد كان أحد الاهداف الرئيسية من تطوير مكامن حقول الشمال عبر التقنيات الحديثة هو إما مضاعفة إنتاج النفط الكويتي أو جعل حصة الكويت تنتج من تلك الحقول لإراحة حقل برقان وحقول الجنوب التي تدهورت أحوالها، خاصة برقان لدرجة باتت تهدد الكميات المنتجة منها بعد أن اختلطت بالمياه ويعتزم مهندسون مختصون مقابلة القيادة السياسية في القادم من الايام للتحذير من تلك الكارثة القائمة والقادمة والتي يسكت عنها مسؤولو القطاع النفطي وتلك بذاتها جريمة كبرى أخرى في حق الشعب الكويتي وفي حق من ائتمنهم على تلك المراكز.

***

باتت معالم الفساد الشديد تتضح بفضيحة الداو، ففكرة المشاركة صحيحة، إلا أن هناك من خطط لجعل الكويت تبلع الموسى لأجل مصالحه الشخصية، فإن استمر عقد الداو وتم توقيعه حصل على رشاويه وعمولاته من قيمته المبالغ فيها، وان تم إلغاؤه حصل على عمولاته عبر ما سيتحصل عليه من مبلغ التعويض الضخم والذي يخدم هدفا آخر هو إرغام الدولة على التوقيع رغم الاجحاف الشديد بحق الطرف الكويتي تحت سيف بند الجزاءات والتعويضات.

***

ان هناك خطائين لا يعملون صحا واحدا وهناك أطراف متضادة، إلا أنها جميعا مذنبة في تلك القضية ومن تلك الاطراف:

1 – من فاوض وقبل بذلك العقد وأسعاره المبالغ فيها وشروطه المجحفة وشقه الجزائي غير المسبوق في مثل تلك العقود.

2 – من عارض الاتفاقية طالبا «الالغاء» لا «التعديل» من النواب وهو يعلم بذلك الشرط المجحف ثم سكت مع لحظة الالغاء ولم يطالب بمحاسبة أصحاب الفساد والرشاوى التي ادعى أنها سبب معارضته لذلك الاتفاق الحيوي، بل ورضى ببقاء المفاوضين في مواقعهم دون تحقيق أو محاسبة، وفي ذلك تناقض رهيب يحتاج للايضاح والمحاسبة.

3 – من لم يسع للوصول لاتفاق مع شراكة الداو «قبل» صدور الحكم فيما يسمى «بالاتفاق خارج المحكمة» وهو أمر شائع جدا في الغرب لتفادي الغرامات المغلظة.

4 – تعاقب القوانين في العادة المحرضين بمثل أو أكثر من الفاعلين، لذا فمن هدد وتوعد الحكومة آنذاك بالثبور وعظائم الامور والاستجوابات والإسقاط حتى استجابت لطلبه بإلغاء العقد هو في النهاية شريك أساسي لها في ذلك الإلغاء الذي بلغت كلفته ما يقارب 10 مليارات من غرامات وأرباح فائتة وتزداد الخسارة على المال العام مع كل ساعة وثانية تمر نبيع خلالها نفطنا بشكله الخام بأبخس الأثمان بدلا من تصنيعه وتكريره عبر تلك المشاركة وعبر مشروع المصفاة الرابعة.

***

آخر محطة:

(1) ولا يزال الفساد النفطي مستمرا ويحتاج الى قرار سريع بإيقافه، فالنفط الكويتي الناضب سريعا لا يملكه المسؤولون أو العاملون بالقطاع النفطي، بل كل الكويتيين، وإدارة القطاع النفطي تختلف تماما على سبيل المثال عن إدارة الاستثمار التي يمكن لقراراتها أن تتسبب في جني الأرباح عندما يخسر الآخرون، لذا تستحق البونص والمكافأة، أسعار النفط في الصعود أو النزول لا دخل للعاملين في القطاع النفطي بها، وعليه لا يجوز على الإطلاق أن يضاف لرواتب النفط التي تعادل 3 – 4 أضعاف رواتب قطاعات الدولة الاخرى رغم «تطابق» ظروف العمل وحجم الإنتاجية وهو ظلم فادح، 4 رواتب إضافية كل عام بحجة المشاركة في النجاح! واذا لم يكن هذا فسادا ما بعده فساد وتعديا صارخا على أموال الشعب الكويتي، فما هو الفساد وما هو التعدي إذن؟!

(2) نرجو من وزير النفط القادم الذي نرجو أن يأتي من خارج القطاع النفطي أن يوقف تلك الجريمة الشنعاء بحق المال العام ضمن خطة اصلاح لذلك القطاع الحيوي الذي فاحت روائحه بعقد الداو وعقد شل والبونصات والمكافآت وتجاوزات التعيينات، أو أن يعطي كل الكويتيين المحترقين بنيران الغلاء ومستلزمات الحياة (وهم الملاك الحقيقيون للنفط) اربعة رواتب زيادة كل عام على أن تشمل العاملين في الحكومة والقطاع الخاص والمتقاعدين.

(3) نمى الى علمنا أن مسؤولا نفطيا كبيرا وفي بحثه عن الشعبوية للتغطية على ما يعمله، أمر بصرف الرواتب الإضافية له وللعاملين، وبكلفة تجاوزت مئات الملايين من الدنانير دون الرجوع لمجلس الوزراء، فالنفط حسب مفهومه نفطه وله أن يتصرف في عوائده كما يشاء.

احمد الصراف

معجزة الغريبة

قد لا تلتفت له للوهلة الأولى، أو يسترعي انتباهك بشدة عندما تصادفه، ولكن ما أن تجلس معه أو تستمع الى أحد أعماله الفنية تكتشف كم هو كبير، وكم هي متضاربة ومتضادة تلك المشاعر الفياضة التي تتصارع في داخله، نتيجة تمازج وتداخل ثقافاته التي نشأ عليها، وتشرب منها حتى الثمالة، ورغبته في أن يعطي وطنه شيئا كبيرا، والتي خلقت منه فنانا مميزا، سيكون له دور كبير في تطوير الفن الموسيقي بشكل عام في الكويت، ويساهم في اضاءة شمعة كبيرة تساعد في تبديد الظلام الفكري والاسفاف الفني الذي يحيط بنا، هذا هو نواف الغريبة الذي قام بمساعدة كبيرة من بيت لوذان، رئة الفن والثقافة والأدب في الكويت، وبدعم من الرائعة الشيخة فرح الصباح، بإقامة أمسية أكثر من خيالية، ربما سننتظر كثيرا للاستمتاع بما يشابهها مرة ثانية. لقد نجح الغريبة ليس في امتاعنا بمعزوفاته الرائعة وفنه الرفيع، بل وفي جمع كل تلك المواهب الشابة في عمل موسيقي قل نظيره، أقول ذلك من دون مبالغة، فقد نجح في خلق توليفة موسيقية شاركت فيها مغنية الأوبرا أماني الحجي ونورا قاسم وفيفيان الشحروري ومنتصر الفارسي وهادي خميس وفيصل مرعي، الذين أمتعونا باصوات أكثر من واعدة، هذا اضافة إلى مبدعين آخرين من عازفي عود وأورغ وكمان وسكسافون وترمبيت، امتازوا جميعا بانسانيتهم الرائعة، ان بانتماءاتها أو بابداعاتها! لقد كان عطش الجمهور لمثل ذلك الفن واضحا، خاصة عندما مزج الغريبة اليامال الخليجي بالأوبرا الايطالية مع خلفية من آلة النفخ التي يستخدمها الأوبورجينيز، فأسمعنا مقطوعة جميلة ومبدعة في كل نغمة ولفتة.
شكرا للفنان الغريبة، ولكل من ساهم في ذلك العمل من أمثال القلاف، والقلاف الآخر، وسليق ومينا والقطان والقطان الآخر، وجومانا والسالم والفرج والبلوشي ومارينا وراشد والزنكي والوتيد وثاني وزهرة وغانم والسالم والفرج و«أوانا» وحاجي وجومانا، الذين أشعرونا جميعا وهم يغنون ويعزفون، كم تداخلت أنفاسهم مع فنهم وعشقهم اللامتناهي له. أما الغريبة، قائد تلك الأوركسترا الجميلة وواضع ألحان تلك الأمسية، فقد أبدع في مناجاة كل آلة موسيقية وقعت يداه عليها، ونجح باقتدار في وضع مقطوعات تحمل تأثيرات هندية وخليجية وأفريقية وأوروبية واسترالية أصلية في قالب دولي جميل. نعم، ما استمعنا له تلك الليلة في بيت لوذان أمر قد لا يتكرر مرة اخرى، ولكننا سنسعى وآخرون من محبي فن نواف الغريبة إلى أن تكون هناك حفلة ثانية وثالثة ورابعة، ففي كل أجواء الحرمان الفني التي نعيشها، إن نتيجة سطوة وتقدم القوى المتخلفة، أو بسبب تخلف القوى المتقدمة، لا يبقى لنا غير نواف وأمثاله، فشكرا كبيرة له، ولكل من عزف وغنى معه، وشكرا كبيرة أخرى لبيت لوذان، وكل رعاة تلك الأمسية.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

من الذي يستخف بعقولنا؟

كتب أحدهم ينتقد جمع التبرعات للشعب السوري المنكوب في الديوانيات، وليته انتقد الشكل القانوني للجمع، بل تجاوز انتقاده الى عرض صور للمجازر التي ارتكبها الجيش النظامي العلوي ضد الأطفال والنساء، حيث أعلن اكتشافه الفذ بان صورتين من الصور المعروضة ليستا للمجازر التي تعرض لها الشعب المنكوب، وعقد مؤتمرا صحفيا لاثبات ان النواب المجتمعين في ديوان النائب المحترم جمعان الحربش انما يدلسون ويستخفون بعقول الشعب الكويتي!
صاحبنا لم يجد ما يعبر به عن تعاطفه مع الشعب السوري الا انتقاد عرض صورتين في الديوانية، واحدة تبين انها ليست صورة طفل مضرج بدمائه، وانما هي لشاب حي يرزق في شوارع حولي! أقول لصاحبنا «هذا اللي الله قدرك عليه؟!». لم يشغل بالك الا عرض صورة امرأة يمنية منكوبة بدلاً من امرأة سورية ثكلى؟!
هل تعتقد ان جمع تبرعات لمدة ليلة أو ليلتين في ديوانية بالصليبيخات هدفه إلهاء كل الشعب الكويتي عن موضوع «الداو»؟ أليس هذا هو الاستخفاف بعقول أهل الكويت عندما تظن فيهم هذه السذاجة، حيث ينشغلون بديوانية الحربش وهايف والمسلم عن قضية الداو التي تتصدر عناوين الصحف يومياً؟!
إذا نزع الله الرحمة من قلبك فلا تحسدهم على ما أنعم الله به عليهم من رحمة تمتلئ بها قلوبهم، لكن ما ألومك وين تجيك الرحمة؟!
***
المتسبب في تحميل الكويت هذه الخسائر يجب ان يعاقب ويأخذ جزاءه! هذه هي القاعدة التي يجب ان نتفق عليها جميعاً أثناء تناول موضوع «الداو».
الخلاف من هو المتسبب؟! هل هو الوزير السابق؟ أم أعضاء المجلس الأعلى للبترول؟ أم الحكومة السابقة؟ أم البرلمان السابق؟ أم الصحافة التي دفعت في اتجاه الالغاء؟ أسئلة اعتقد ان الاجابة عنها تحتم علينا الانتظار لحين ظهور نتائج التحقيق!
***
كيف حال المواطن السوري الذي يعيش تحت قصف المدافع وبين اشلاء أهله ودمائهم ويشعر بان أميركا لا تريد اسقاط النظام المجرم، كما ان روسيا والصين تدعمان هذا النظام؟!
اللهم اني أعوذ بك من قهر الرجال.

محمد الوشيحي

بس… ملينا سياسة

عاصفة، زوبعة، إعصار، أوكما قال وائل كفوري وهو يقنع معشوقته بالمبيت عنده وعدم الخروج في أجواء مجنونة: “ليل ورعد وبرد وريح، دنيا برّا مجنونة”، ويصرخ بائع الصحف عند الإشارة: “اقرأ آخر الأخبار، آخر المصائب، آخر الكوارث”، فتتوقف على عجل، وترمي في يده قطعة النقود، وتخطف الصحيفة، ولا تنتظر إلى أن تصل إلى البيت لتقرأها، لتشاهد على الصفحة الأولى وباللون الأحمر القاني: أغنية “بس ملينا سياسة”، تفجّر الكويت. تفتح باب بيتك بسرعة مرتبكة، وتفتح “يوتيوب” لتشاهد القنبلة المتفجرة، فإذا هي تنقل رأياً شخصياً سمعته أذناك أكثر من مليون مرة مما تعدون، رأيٌ اختفت ألوانه لشدة استخدامه وتكراره، فتصمت، ولا تدري هل تشتم الصحف التي “هوّلت” الموضوع، أم تحمد الله أن القنبلة كانت صوتية ولم تُمت أحداً. شعرياً، أي لو تناولنا الأغنية من جانب الشعر، لكتبنا بالقلم الشيني: “قصيدة فقيرة تشكو العَوَز وقلة الحيلة، ثيابها ممزقة، حافية القدمين، جيوبها ممزقة، فلا صورة بلاغية فيها، ولا كناية، ولا تشبيه، ولا تورية، ولا ولا ولا، عظمٌ ليس فيه ما يؤكل، دع عنك النكهة”، لكن هذا النوع من القصائد، كما يبدو لي، يُراد منه مخاطبة الصغار قبل الكبار، ثم إن هذه القصيدة لن تشارك، بالتأكيد، في مسابقة “شاعر العرب”، وأظن أن كاتبها يعلم تحسس الناس حتى من الذبابة، وتشككهم في أسباب تحليقها ولونها وحجمها، لذا حرص “الشاعر” على أن تكون القصيدة مباشرة لا تحتمل التأويل ولا تفسير الأحلام. ومع كل هذا، كان لا بد أن يقع في المحظور، فهو في الكويت، والكويت بلد المحاذير و”المحاظير”، فقائل قال: “اصلبوا هذه الأغنية واقطعوا أيديها وأرجلها من خلاف”، وقائل: “احلقوا شعرها وانفوها إلى سرنديب”، وقائل متسامح: “العفو عند المقدرة، فقط طلقوها من زوجها واحرموها حضانة أطفالها”، ووو، وارتفع الغبار من حوافر خيل قبيلة “الأغلبية البرلمانية” وأنصارها، ورفعوا البيارق الحمر، وأعلنوا الجهاد، ظناً منهم أنهم المقصودون والمُخاطَبون (بفتح الطاء)، ليتبين لاحقاً أن القصيدة ظهرت في “الحقبة السياسية السابقة”، أي عندما كانت الأغلبية أقلية! والأكثر من ذلك أن القصيدة تتحدث عن الرشاوى، أو الرشى باللغة الفصحى، ولا أظن الشاعر يلمّح إلى أن الرئيس السعدون كان يدفع رشوة لعباس الشعبي ليمنحه مناقصة، ولا أظن أن ترهل البنية التحتية الواضح في التصوير يتحمل مسؤوليته النائب جمعان الحربش! كانت الرسالة واضحة، والمعنيون بالفساد تظهر وجوههم بتفاصيل ملامحها وإن لم تُذكر أسماؤهم، وأجزم أنها مفصلة بالمقاس على جسم الحكومة السابقة و”نوابها” في البرلمان. الأدهى من ذلك، وزيادة في الإبهار و”البهار”، تم تداول أحاديث تزعم أن الأغنية عنصرية تهاجم القبائل، بعد أن ظهرت صورة رجل يقود جملاً، وهو ما دعا صاحب الشركة المنتجة، خالد الروضان، إلى الاتصال بي: “أبا سلمان، سمعت بأنك هاجمت الأغنية باعتبارها تسخر من القبائل بسبب صورة الجمل، فهل هذا صحيح؟”، فكانت إجابتي مباشرة كقصيدة “بس ملينا سياسة”: “معاذ الله، أولاً أنت لست ممن يعانون مرض العنصرية، ثانياً نحن لسنا ممن (يحسبون كل صيحة عليهم) لنفسر كل شيء بأنه ضدنا، فالحلال بيّن والحرام بيّن”، فعلّق: “على أية حال، لقطة الجمل ترمز إلى بطء مسيرنا”. سيداتي سادتي، لكم أقول: انزعوا عنكم لباس الحرب، وعليكم بعصير الليمون، ففيه شفاؤكم بإذن الله… ويا خالد الروضان، واصل مسيرتك لا كبا بك حصانك، وإن اختلفنا معك، أحياناً، في لون الحصان.

احمد الصراف

فيلم هندي في النويصيب

عندما تولى جولياني عمادة نيويورك نجح في تحويل مدينته لأكثر مدن العالم الكبرى أمانا، وكل ذلك، وفق قوله، هو اهتمامه بمكافحة الجرائم والمخالفات الصغيرة، بدلا من قضايا القتل والسلب والنهب، فمجرمو اليوم الصغار هم مجرمو غد الكبار!
نشر في الصحف قبل أسبوعين تقريبا خبر عن جريمة صغيرة ولكن «توليفتها» وتداخل عناصرها اعتبرت بنظري مثالا لما أصبح يرتكب من إجرام بشكل واسع، ومع هذا لا أحد يود الالتفات لهذا النوع من المخالفات على الرغم مما تنطوي عليه من خطورة أمنية كبيرة، وسبب عدم الالتفات يعود إلى أن ارتكابها يناسب قطاعاً كبيراً من المواطنين، وغيرهم من خليجيين، وما يتم كشفه من هذه الجرائم ليس سوى رأس جبل الجليد المخفي.
يقول الخبر إن سيارة يقودها كويتي ومعه رجل آخر، حاولا المرور من مركز حدود النويصيب باتجاه السعودية في سيارة ذات زجاج داكن، ولكن رجل الأمن انتبه لوجود شخص ثالث في المقعد الخلفي، وتبين وجود امرأة منقبة تختفي خلف الزجاج المظلل! وهنا طلب العسكري منها الذهاب لداخل المركز لمطابقة شخصيتها مع صورة هويتها، وهناك تبين أنها تحمل هوية امرأة أخرى، فعادت للسيارة التي قام سائقها، بدلا من العودة، بمحاولة المرور من نقطة الحدود مستعينا بالزجاج الداكن في إخفاء المرأة مرة أخرى، غير أن الأمر كشف وأحيلوا جميعا لمخفر النويصيب، وهناك نجحت المرأة المنقبة، او سهل لها، الهرب من المخفر! وفي اليوم التالي جاءت امرأة للمخفر وادعت انها الهاربة وأنها التي كانت في السيارة في اليوم السابق، ولكن عند مواجهتها بالمسؤولة عن مطابقة الوجوه في مركز الحدود قالت انها ليست المرأة نفسها التي كشفت عن وجهها في اليوم السابق. وتبين فوق ذلك أن التي انتحلت شخصيتها مطلوبة وممنوع سفرها، ولا يزال التحقيق جاريا مع جميع من شاركوا في هذا الفيلم الهندي، هذا إذا لم يتدخل نواب الصحوة والنخوة لإطلاق سراح المتهمين، وكل ذلك يحدث لأن وزارة الداخلية عاجزة عن تطبيق قانون منع المنقبة، التي قد تكون رجلا او امرأة، أو مطلوبا لقوى الأمن، من قيادة السيارة، ولعجزها كذلك عن تطبيق قرار منع تظليل زجاج السيارات، وكل ذلك إكراما لقلة سخيفة لا تعبأ بسلامة وطن ولا أمن مواطن.
نورد هذه الحادثة مثالا ليس فقط لما يحدث على الحدود البرية من مخالفات، نتيجة للتهاون في تطبيق القانون، بل وأيضا لما يتعرض له رجال الأمن من ضغوط يومية وهم يؤدون عملهم.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

تعادل

تعويض “داو” حديث طاغٍ لا يمكن تجاهله، والجميع يتخلى عن المسؤولية ويرميها على من حوله من أصدقاء أو أعداء، ولا أحد يطل علينا بشجاعة ويعلن مسؤوليته، لا أحد إطلاقاً، وكأن المليارَي دولار التي خسرتها الكويت لم تكن نتيجة أخطاء بل قضاء وقدر.
عندما سعى القطاع النفطي إلى عقد صفقات نفطية لتطوير عائدات مصدر دخلنا الزائل والوحيد، فإن هذا الأمر من صميم اختصاصهم، وطبعاً فإنه قابل للصواب والخطأ، وقد تدارسوا الموضوع سنواتٍ لتحقيق صفقة “الداو”، وقبل النهاية بأيام أشهر “الشعبي” بمعية صالح الملا والسلف وصحيفة أسوأ وزير نفط سيوفهم تجاه الصفقة لإيقافها رغم التحذيرات من وزير النفط وغيره، وهنا أكرر أن الشرط الجزائي خطأ كبير أقدم عليه القطاع النفطي، ولكن لا يجوز أبداً، وبعد علم الجميع بالمعطيات، أن يشترط النواب الإلغاء أو الاستجواب ليأتوا اليوم ليبرروا بأنهم لم يعلموا بالشرط الجزائي!
أما العلّة الكبرى، وهي تعكس واقع البلد، فكانت من حكومة سمو الشيخ ناصر المحمد الذي رضخ للتهديد تفادياً لمنصة في قاعة “عبدالله السالم” لا تنقص المرء شيئاً حين يصعد إليها، بل هي دليل امتلاك رئيس الوزراء القدرة على المواجهة، وهي من أبسط متطلبات المنصب.
نهج الخوف هو المستمر إلى اليوم في الحكومة ومن أي نائب، فها هو وزير الداخلية يرضخ لرغبات أعداء الحرية، ووزير الشؤون يرضخ لعصابة الرياضة، ووزير المالية السابق يرضخ للكوادر والزيادات، واللاحق كذلك، كلهم يرضخون دون سياسة واضحة يدافعون عنها، حتى وإن هدد من هدد.
الأساسيات التي يجب أن يعيها مجلس الأمة، قبل غيره، هي أن في الكويت قطاعات تعمل وفق اختصاصها، والتدخل في شؤونها من غير اطلاع أو مستشارين أكفاء، سيؤدي قطعاً إلى خسارة الملايين بل المليارات في بعض الأحيان، وعلى ما أتذكر فإن النائب مسلم البراك مثلاً أرهق وزراء المالية بملف الخطوط الجوية الكويتية، وعلى الرغم من نجاحه في إقصاء بعض الوزراء فإن حال “الكويتية” من سيئ إلى أسوأ، وهو يلخص واقع الحال، فالصوت العالي والحديث عن ملفات الفساد دون تقديم البديل الصالح لن يؤديا إلا إلى تردٍّ أكبر، وهو ما حدث بالضبط في ملف الـ”كي داو”.
لست خبيراً نفطيا كي أقيم جدوى صفقة الـ”كي داو” من عدمها، لكن ما أعلمه جيدا هو أن موافقة القطاع النفطي على شرط جزائي بهذه الضخامة خطأ كبير، والتهديد النيابي من “الشعبي” و”السلف” وصالح الملا بالإلغاء أو الاستجواب وتجاهل رأي المختصين خطأ كبير، والخضوع الحكومي للتهديد والتراجع لكي لا يصعد الرئيس السابق للمنصة خطأ كبير، والانصياع لصحيفة أسوأ وزير نفط في تاريخ الكويت خطأ كبير، وكلها أخطاء كلفت الدولة أكثر من الكوادر والزيادات والإيداعات مجتمعة، ولم تعلن مسؤولية أحد!
درس اليوم كلف الكويت مليارَي دولار تقريباً… لكن هل سيجدي نفعاً؟
فالدرس ينص بوضوح على أن تواجه الحكومة أياً كان في سبيل الدفاع عن قطاعاتها، ولا تخشى فقدان كرسي على حساب فقدان أموال الدولة، وينص أيضاً على ألا ننجرف كمواطنين لصراخ وتهديد النواب ونصفق لهم بمجرد رشاقة خطابهم وقوته، وينص كذلك على أن يتحلى نوابنا بالحكمة والعقلانية وليس العداء تجاه الحكومة في أي قرار من صميم اختصاصها، ويركز أيضاً على ألا نأخذ الحكمة من صحيفة شخص سُرقت ناقلاتنا في عهده، فمن انتُهكت أموال الدولة في عهده لن يعرف كيف يحافظ عليها أبداً.

خارج نطاق التغطية:
أخطر ما قيل في استجواب الشمالي الخميس الماضي هو ما ذكره الشمالي نفسه حين قال: “وصلنا لنقطة التعادل بين الإيرادات والمصروفات”، لكل قارئ إذا سمعت عن أي نائب يقترح هبات وعطايا ومزايا مالية إضافية فتأكد أنه يكرهك أنت ووطنك، خلص الكلام.

سامي النصف

الإصلاح هو الحصانة الوحيدة ضد الحكومة الشعبية

  لم يقف أحد ضد مشاريع الأحزاب والدائرة الواحدة الرامية للوصول إلى الحكومة البرلمانية الشعبية كما وقفنا عبر الأقوال والمقال لسنوات طوال وآخرها ضمن برنامج «مواجهة» الجمعة الماضي في قناة الوطن، ونقول ان كل عمليات اصلاح متأخرة وكل بطء في محاربة الفساد يعملان كمعول هدم في جدار الحكومات التقليدية المتعاقبة ويدفعان للإسراع بمشروع الحكومة الشعبية، وعليه فقد أتى حكم «الداو» ليعطي الحكومة القائمة الفرصة الذهبية لمشروع الاصلاح الذي طال انتظاره والذي سيجعل الشعب الكويتي يصطف خلف حكومته ويصبح حصنها الحصين ضد الاستجوابات والأزمات والأجندات الداخلية منها والخارجية.

***

إن معطيات الحياة المرفهة بالكويت تدفع «منطقيا» لوقوف الناس خلف حكومتها الانسانية وغير القمعية، الا ان حقائق الحياة نفسها تظهر ان جزء من الشعب مازال يتأثر بأطروحات هذا السياسي او ذاك ويمتثل لأوامره وغوغائيته وأكاذيبه نكاية بالحكومة التي لو حرصت عبر عمليات الاصلاح ومحاربة الفساد لكسب الأكثرية الشعبية بدلا من التركيز على الأكثرية النيابية التي بدأت تفقدها، لتحقق لها أمران أولهما عاجل وهو ان الناس ستنتقد في الدواوين والمنتديات من سيعرقل أعمال الحكومة بالأزمات والاستجوابات متى ما رأت أفعالا لا أقوالا تظهر رغبة حقيقية في الاصلاح والتغيير، الثاني آجل، حيث سيصوت الناس في اي انتخابات قادمة مع المرشحين الحكماء والعقلاء القريبين بالتبعية من الحكومة الاصلاحية ويبعدون ويسقطون المؤججين والمحرضين ضدها.

***

أولى خطوات الاصلاح الحقيقي التي سيلحظها سريعا مجتمعنا الكويتي الصغير، هي القيام بعمليات تطهير واسعة تشمل القيادات الفاسدة المزمنة في الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية وحتى تشارك فيها الحكومة جزئيا كحال شركة الخليج للاستثمار، ففي الإبعاد كسب لقلوب وعقول وأفئدة الشعب الكويتي الذي كلّ وملّ وهو يرى الفساد ولا يرى اصلاحا بالمقابل رغم كل الأقاويل، ولا عجب ان يصوّت الناخبون لأكثر المرشحين علوا بالصوت ضد الحكومة، ولو غيّرت الحكومة خارطة طريقها لغيّر الناخبون خارطة طريق تصويتهم بالتبعية.

***

إن تحقيق الاصلاح وإنهاء خدمات المتجاوزين عن طريق تشريعات تصدرها الكتل في مجلس الأمة سيعني انقياد الناس لتلك الكتل دون ان يلومهم احد، وانصرافهم عن الحكومة القائمة ودعمهم لمشروع حكومة شعبية يشكلها المجلس (ظاهرها رحمة وباطنها عذاب)، اما اذا وصلت الحكومة الى النتيجة الإصلاحية نفسها عبر خطوات تقوم بها طواعية فسيعطي الناس ثقتهم كاملة بالحكومة ورئيسها فلماذا لا تصدر الحكومة قرارات تطهير واصلاح «عاجلة» تلقى الرضا والإعجاب من الجميع؟!

***

آخر محطة:

(1) للمعلومة: أكثر ما يضايق المواطنين ويثير حنقهم على الحكومات المتعاقبة هو البيروقراطية وعدم الانجاز الحكومي الذي يمكن علاجه والقضاء عليه لو طلب من الوزراء والوكلاء النزول نصف ساعة اسبوعيا لأدوار المراجعين في وزاراتهم لمعرفة أسباب الشكوى وعلاجها وتوازيا مع الاستعانة بالأنظمة الإدارية الموجودة لدى الدول الخليجية الشقيقة التي استفادت من أنظمتنا في الماضي وليس عيبا ان نستفيد من أنظمتهم في الحاضر.

(2) للمعلومة: نمى الى علمنا ان احدى الشركات التي تساهم فيها الكويت ودول خليجية أخرى يتسلم مسؤولها «المزمن» راتبين معا أولهما كرئيس تنفيذي والثاني كمدير عام، وسبب السكوت عنه رغم الخسائر المليارية التي منيت بها الشركة التي يديرها «كفو» هو «تضبيطه» لأعضاء مجلس الإدارة وتشغيل أبنائهم و«تطفيشه» بالمقابل للشباب الكويتي، ولنا عودة للموضوع.

(3) بودنا أن يبقى د.نايف الحجرف وزيرا للمالية بالأصالة بحكم تخصصه وكفاءته، وان يتم تعيين سيدة وزيرة للتربية والتعليم العالي.