علي محمود خاجه

أحد يفهّمهم بس

الشيعي يعتقد أن الخليفة الرابع أحق من الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه بالخلافة، ويعتقد أن الخلافة أمر إلهي وليس باختيار المسلمين، ولا يعترف بأي حديث يتحدث عن العشرة المبشرين بالجنة، ويؤمن بأن الأئمة الاثني عشر يسبقهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وابنته فاطمة الزهراء عليها السلام معصومون من الخطأ، وبأن الإمام محمد المهدي هو المهدي المنتظر، وبأن الصحابة فيهم الطيب وفيهم السيئ، ويقرأ حديث الثقلين كالتالي: “إني تارك فيكم الثقلين… كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا من بعدي”، وكل هذه المعتقدات متأصلة في كتب الشيعة ومراجعهم، وهي معتقدات لن تتزعزع أو تتغير إرضاء لأي طائفة أخرى.
السني يعتقد أن الخلافة ذهبت لمن يستحقها وبتسلسل منطقي، ويؤمن بأن هناك عشرة مبشرين بالجنة ولا تجوز الإساءة إليهم أو التقليل من شأنهم أو تخطيئهم بكبائر الأمور، وإن انقسم الصحابة حول أمر ما فلا يجوز الإساءة إلى قسم منهم، بل يجب تقدير اجتهادهم وإن أخطؤوا، ويعتقد بالمهدي المنتظر، ولكنه لم يولد بعد، ويقرأ حديث الثقلين كالتالي: “إني تارك فيكم الثقلين… كتاب الله وسنتي، ما إن تمسكتما بهما لن تضلوا من بعدي”، وكل هذه المعتقدات متأصلة في كتب السنّة ومراجعهم، وهي معتقدات لن تتزعزع أو تتغير إرضاء لطائفة أخرى.
بعض المسيحيين يؤمنون بأن سيدنا عيسى عليه السلام هو ابن الله، ويعتقدون أن سيدنا محمد عليه وآله أفضل الصلاة والسلام ليس بنبي أصلا، وأن سيدنا عيسى عليه السلام صُلب وقام من الموت في اليوم الثالث، وهي أيضا معتقدات متأصلة في كتب المسيحية، ولن تتزعزع إرضاء لطائفة أو دين آخر.
وهناك من لا يؤمن بالله أصلا، ويقول إن الكون هو وليد المصادفة، وآخرون لا يؤمنون بالقيامة، وإن آمنوا بوجود خالق، ولا بالجنة والنار، وغيرهم ممن يعبد البقر، أو النار، أو يعيش يومه دون اكتراث أصلا.
كل هذه النماذج تعيش بيننا بنسب متفاوتة وليس من المنطقي أو المعقول أبدا السعي إلى توحيدهم في معتقد واحد، فلا الشيعي سيعتقد بأحقية الخليفة الأول، ولا السني سيؤمن بأحقية الخليفة الرابع، ولا المسيحي سيعتقد بما جاء به الإسلام.
إن ما يجمعنا في هذا الوطن هو القانون، والحقوق والواجبات لا المعتقدات، وأي سعي إلى التعدي على معتقد بحجة مراقبة ما يطرحه هو انتهاك للدستور القائم على أساس الحقوق والواجبات وحرية الاعتقاد.
فما الذي نبحث عنه حين مراقبة معتقدات الناس؟ أقولها بيقين بأننا لن نجد سوى ما يؤمنون به، والذي يختلف مع عقائدنا، وما نؤمن به، بل قد ينسف اعتقاده مذاهبنا ودياناتنا، وتلك هي طبيعة العقائد.
لننصرف عن هذا التخلف الذي نعيشه، والتصيد على معتقدات الغير، فلو كانت تتفق معنا لما كانت معتقداً آخر أصلا، ولنركز على بناء الدولة التي أصبحت في عداد الدول المؤقتة بسبب هذه الرجعية والصراع السخيف الذي نعيشه.

سامي النصف

أخطاء الأكثرية وأخطاء الأقلية

نبدأ ببديهية أن الأكثرية حالها كحال الأقلية البرلمانية جميع أعضائها مواطنون كويتيون يفترض أن توجعهم قلوبهم على ما آل إليه حال البلد بسبب النزاعات والصراعات «السخيفة» التي لا تنتهي والتي تبحث لها عن مسميات ومسببات لإبقائها مشتعلة في بلد الصفيح الساخن الذي لا يبرد والذي لا تتجاوز مساحته المأهولة 30 كم شمالا وجنوبا ولا يحتوي كحال أمم الأرض الأخرى المتصالحة مع نفسها على مئات الأعراق والأديان والطوائف والمساحات الشاسعة ذات الجبال والصحاري والوديان والتي يمتلئ ماضيها ـ بعكس شعبنا ـ بالقتال والمذابح والحروب.

*****

ولا يعلم شعبنا الصابر أسباب الاستقصاد والأحقاد المستمرة بين الكتل البرلمانية المختلفة خاصة إذا ما كان هدفهم جميعا خدمة شعب الكويت الذي انتخبهم للعمل معا والإنجاز ومحاولة اللحاق بركب الدول المجاورة، التي تزداد تقدما علينا مع كل يوم يمر والتي كلما زارها الكويتي ذهل مما يرى وعاد يتذمر ويتحسر على حاله ثم… ينتخب بعد ذلك وبذكاء شديد من تسبب في ذلك التخلف!

وتظهر الحقائق الجلية أن الأقلية البرلمانية قد أخطأت في بعض ما قامت به، إلا أن تصحيح ذلك الخطأ لا يأتي بتكراره وتقليده في المجلس القائم من قبل الأقلية الحالية، أو عبر ما قاله أحد نواب الأقلية الحالية في مقابلة تلفزيونية وفحواه أننا كأقلية مادمنا نتعرض للتهميش من قبل الأكثرية فسنواصل تقديم الاستجوابات الكيدية للجهات الحكومية.

*****

ونطلب من الأكثرية التي أخطأت عندما كانت أقلية في المجلس السابق حتى أوصلتها بعض أخطائها للمحاكم هذه الأيام، ألا تستمر في الخطأ كأكثرية عن طريق تهميش الأقلية والحجر على آرائها ومقترحاتها وهي من يمثل الشعب الكويتي كذلك، والمرجو في هذا السياق من نواب أفاضل جدد لم يشاركوا في تخندقات وخناقات المجلس السابق أمثال الكابتن عمار العجمي وم.أحمد لاري ود.محمد الهطلاني ود.محمد الكندري ورياض العدساني ود.أحمد العازمي ود.نايف العجمي وشايع الشايع ود.عبدالحميد دشتي ود.عبدالله الطريجي ود.خالد شخير ود.عبيد الوسمي وغيرهم، أن يبادروا لعقد لقاء تاريخي سيحسب لهم يجمع بين الأكثرية والأقلية لبدء صفحة جديدة تطوي صفحة الماضي وتتفق على أولويات تناقشها الكتل مع الحكومة لتحقيق الإنجاز ودون ذلك سيحل المجلس قريبا إذا ما استمرت عمليات المناكفات والاستجوابات الكيدية ولن يرحم الشعب الكويتي والتاريخ معه من يقدم أحقاده ونزعاته الشخصية ونزاعاته مع الآخرين على مصلحة الكويت وشعبها.

*****

آخر محطة: كدلالة على أن الكتل المختلفة قد استمرأت الخلاف لأجل الخلاف، حقيقة إن بادرة تغيير بلاغ اقتحام المجلس لا قيمة قانونية لها على الاطلاق حيث إن الجهاز القضائي المختص هو المعني بتكييف عملية اقتحام مبنى مجلس الأمة وتقرير العقوبة المناسبة له وليس مكتب المجلس على الاطلاق.

احمد الصراف

الخنوع والخضوع المذل

رأت السلطة في منتصف السبعينات تقريباً، ومع زيادة مواردها النقدية، أن التيار الوطني، الأقرب لليبرالية، يشكل خطراً على أمنها، وان عليها تغيير بعض التوازنات وطريقة ممارسة الديموقراطية، وهنا اتجه أحد وزراء السلطة الى تجنيس فئات معينة لمصلحته والحكم، لما عرف عن الفئة من ولاء لمن يكرم وفادتها! ورأت شخصية قوية أخرى أن من الأفضل التحالف مع القوى الدينية، داخل البرلمان وخارجه، لما عرف عنها أيضا من ولاء للسلطة، بموجب نصوص دينية! ما لم يدركه الأول ولا الثاني في حينه أن الركون لولاء المجموعة الأولى، اعتمادا على مشاعر أو علاقات اجتماعية وتاريخية، أمر غير مضمون مع تطور بيئة هؤلاء وحصول أبنائهم وأحفادهم على تعليم أفضل. من كان فداوياً، أو موالياً فقد مات، وأخذ معه إخلاصه لولي نعمته، وجاء بعده من لا تعني الكلمة له شيئاً، وهو بالتالي غير مدين بولائه لأحد! أما الطرف القوي الآخر فقد اخطأ بثقته المفرطة بالجماعات المتدينة، واخطأ في الاعتقاد بصلاح مقولة تنسب لمسؤول سعودي من أن «الدين طير يقنص به»! فهذه السياسة قد تكون مناسبة لمجتمع سلطوي، يؤمن بالسيف والمنسف، ولكنها ليست بالضرورة صالحة لبلد كالكويت، التي لم تعتد كثيرا لا على السيف ولا على «المنسف»، فهؤلاء الحلفاء، الموغلون في تدينهم، ولو ظاهريا، يمكن الاستعانة بهم لتحقيق أهداف معينة، ولكن ولاءهم الأبدي غير مضمون، ويصبح الأمر أكثر صعوبة عند الرغبة في التخلص منهم، فهذا عادة ما يتطلب استخدام القوة، وهذا ما فعله «ابن سعود» مع «الإخوان» عندما بدأ تذمرهم من إصلاحاته، فعمل فيهم «السيف» وبعدها «المنسف» فيمن تبقى منهم. وحدث ما يقارب ذلك في قطر قبل سنوات مع احدى القبائل. أما في الكويت فالأمر، كما يبدو، ليس بهذه السهولة بعد أن كبر «الإخوان» وطالت مخالبهم وقويت معهم أنياب «السلف»، وأصبحوا يشكلون ليس فقط عبئا على من سبق أن «أنعم» عليهم وقربهم ليستعين بهم في «وقت الشدة»، بل أصبحوا يشكلون خطراً على النظام نفسه، ولهجة خطاب المعارضة السياسي في المجلس السابق، والأغلبية في المجلس الحالي، خير دليل، فهؤلاء سيستمرون في المطالبة بالمكاسب وهم يرون تراخي السلطة واستمرار تنازلاتها، واصبحوا بالتالي يشكلون العبء الأكبر عليها، هذا عدا أنهم يشكلون خطراً على النظام برمته، وتصريحات ضاحي خلفان لم يجف حبرها بعد، وبالتالي فإن ما ورد على لسان بعض «قيادييهم» من كتاب من أن لا رابط سياسيا بينهم وبين التنظيم العالمي للحركة لا يعدو أن يكون هراء في هراء!
* * *
ملاحظة: جاء قرار وزير الأوقاف، أو بالأحرى السلطة، الخضوع لمطالب النائب هايف بوقف تسجيل خطب الجمعة، وفتح مكبرات الصوت وزيادة ساعات فتح المساجد، دليلا آخر على مدى عجز حكومتنا وهوان حالها! فلا يمكن أن تكون على حق عندما منعت، وليست على حق الآن عندما أجازت، وهي حتما ستعود للمنع مع اشتداد تجاوزات الخطباء.

أحمد الصراف