احمد الصراف

حماماتنا والنظافة

كتب الزميل خالد القشطيني في «الشرق الأوسط» (12/20) ان هناك معايير عدة للحكم من خلالها على تقدم أو تخلف أمة ما. وقال كذلك ان «خبيرة مطاعم» اخبرته بان أفضل طريقة لمعرفة مستوى مطعم لم تأكل فيه من قبل، ليس في التمعن في ديكوراته وتفحص اثاثه أو قائمة طعامه وجمال موقعه، فهي أمور، على الرغم من أهميتها، لا تعني شيئاً ان كان «مرحاض» المطعم غير نظيف، وبالتالي عندما ترتاد مطعما عليك بالذهاب فورا للمرحاض وفحصه!
ويقول القشطيني انه يشعر بالأسف لوضع دورات المياه في مساجد بريطانيا، فهي في حالة رثة بشكل عام، وتعكس مستوى شعوبنا الاسلامية، فالجماعة يهتمون ويحرصون على ان تكون حمامات المساجد بعكس اتجاه الكعبة، ولكن ليس لمستوى نظافتها ومناسبتها للاستخدام من أهمية لديهم، علماً بان المسلمين يقولون ان دينهم يؤكد اكثر من أي دين آخر، على النظافة!
وأتذكر انني قبل سنوات كنت في رحلة من دبي الى بوسطن، عبر مطار فرانكفورت، وتصادف جلوسي بجانب مسافر ألماني يقصد وجهتي نفسها. وفي مطار فرانكفورت ذهبنا سويا للحمام، وكان هناك شخص «أوروبي» القسمات، على غير العادة، متقدم في السن، يقوم بمسح أرضية المرحاض، وكانت تبدو عليه علامات الضيق و«يتحلطم» بالألمانية، وهنا رأيت، في المرآة ابتسامة عريضة ترتسم على وجه رفيقي في السفر، وعندما خرجنا من الحمام، سألني ان كنت أود معرفة ما كان يقوله ذلك العامل، الذي تبين انه من ألمانيا الشرقية، فأجبت بنعم، فقال انه كان يدعو ربه ان يريحه من العمل في فترة الظهيرة، وهو وقت وصول طائرات عدة من الشرق الأوسط، لتصادف وصولها مع موعد الصلاة، حيث يهرع الكثير من المسلمين للحمام للوضوء، وما ينتج عن ذلك من «طرطشة» للماء في أرجائه! وقال رفيقي، الخبير في الشؤون العربية، ان ذلك العامل المسكين لم يكن يعرف ان تغيير «شفت» أو وقت عمله لم يكن ليغير شيئاً، فهناك أربع صلوات أخرى!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

محنة صالح

يقول القارئ صالح .ع، انه يشعر في هذه الأيام بأنه محاط بــ«وحوش قبلية انتخابية» لا يستطيع ازاءها فعل شيء، فهو يرفض الاستسلام لإغراءاتها، فوجوده ضمن منطقة انتخابية يفرض عليه نهجا لا يتفق وتفكيره وتفسيره لمعنى المواطنة، حتى لو كانت نتائج «الفرعيات» في مصلحة قبيلته وعائلته، ماديا وسياسيا، لأنه يعتقد أن في ممارستها حجر على اصحاب الفكر المبدع، وما أكثرهم، ولن ينجح فيها غير من يعد بمال أكثر أو «واسطة حكومية» أفضل! وقال صالح انه يعاني وغيره الكثيرون من الوضع، ليس لأنه يحرمهم من الفوز بالمنصب النيابي، بل لمخرجاته السيئة، ولمخالفته للقانون أساسا. وقال انه نجح في اقناع والده بتبني وجهة نظره، ولكن في قلبه حرقة، وعاجز عن فعل شيء ويطالبني بالكتابة عن الموضوع!
مع بداية الحرب العربية اليهودية في 1948، وتأسيس دولة إسرائيل، روجت وسائل إعلامهم انهم سيغتصبون اي امرأة عربية تقع في ايديهم، وقيل ان الخوف من هذا المصير دفع مجموعة من الفلسطينيين الى ترك وطنهم والهجرة، ولسان حالها يقول: «الأرض ولا العرض»، أي أن تذهب الأرض ولا يذهب «الشرف»! ولكن مع ضياع الوطن تبين ان كل شيء آخر ضاع معه! لسنا هنا في مجال تصديق أو تكذيب هذه الرواية، ولكن نذكرها كمثال يمكن التعلم منه في وضعنا الحالي. فالوقوف بجانب المصلحة الشخصية، أو تفضيل مصلحة القبيلة على مصلحة الوطن سينتج عنه في النهاية، لا محالة، فقدان الوطن، وبفقده سنخسر جميعا كل شيء، وهذا سيحدث لأن كل القبائل، ومعهم بقية الطوائف والأحزاب الدينية، يتقاتلون على الامتيازات والمنح نفسها، وهذا التكالب والتقاتل، في ظل موارد الدولة المحدودة، والتي تزداد شحا مع الوقت، كفيلان بتخريب كل شيء، وإن خرب الوطن خربت القبيلة!
ما أود قوله كذلك لصديقي صالح هو أنني سبق ان مررت، منذ عقود، بالمشاعر نفسها التي يمر بها الآن، فاعتراضه الآن على الانتخابات الفرعية، يذكرني باختلافي، أو معارضتي لتقاليد طائفتي، فالرفض، خاصة في البداية، لم يكن سهلا، وكنت أتساءل دائما: ما هو الأفضل أن أكون مواطنا، وبامتيازات لا تختلف عما لغيري، أم أكون طائفيا وبامتيازات أفضل من غيري؟ وكان الجواب بالنسبة لي واضحا، وهو ما جعلني مختلفا، بعكس ما كانت عليه الحال مع الغالبية، ولا يزال، فهذه الأغلبية، عندنا وعنده، ترى أن معزة الوطن مستمدة من معزة الطائفة او القبيلة، بينما يجب أن يكون العكس هو السائد والصحيح. وقد خسرت الكثير في البداية بسبب عدم طائفيتي، ولكني لم أندم قط على اختياري! وعليه، أنصح صالح واخواته وأهله بمقاومة الفرعيات ورفض تغليب مصلحة القبيلة على مصلحة الوطن، ولا ادعي أن هذا سهل، ولكنه الأمل الوحيد في بقاء وطننا الصغير، فبلاه نحن لا شيء، واسأل المحروم ما يعنيه الوطن!

أحمد الصراف

سامي النصف

لديموقراطية أفضل.. نعم للفرعيات والاستفتاءات

تقوم ديموقراطيات كثيرة في العالم بإجراء الانتخابات التشريعية على مرحلتين للتأكد من أنه لا يصل إلى البرلمان الا من يحظى بعدد كبير من الأصوات، أمر كهذا يمكن ان نحققه فيما لو دعينا الى انتخابات «فرعية» قبل الانتخابات العامة لا تقوم على «الفئوية أو الطائفية» التي حرّمها الشرع وجرّمها القانون بل تصفية سياسية مشروعة تشمل كل من يرغب في الدخول بها على ان يتم اختيار العشرين الأوائل فقط على سبيل المثال لدخول الانتخابات العامة وتحجب الأصوات عمن لا يشارك فيها أو من لا يحصد ما يظهر رغبة الناس في انتخابه، والأمر للخبراء الدستوريين ليعطوا الرأي فيه.

*****

هدف خيّر كهذا يمكن الوصول إليه بطريقة أخرى وهي التركيز على المرشحين «الجادين» فقط وعدم إضاعة الأصوات على من لا يستحق الوصول للمجلس أو من يعلم انه لا أمل له على الاطلاق في ذلك الوصول فتركيز الأصوات يعني الوصول بأصوات وافرة تثبت تمثيل النائب الحقيقي للأمة وهو أمر يدعونا ـ من ثاني ـ للدعوة لسحب من تم انزاله بقصد تشتيت الأصوات الذي ينتهي كل مرة بنتائج كوارثية تؤدي الى عكس ما يراد منها فيضاف الى خسارة المال على المرشحين «القبيضة» فوز الخصوم ويا لها من معادلة انتخابية كويتية.. ذكية!

*****

أمر ثالث يؤدي إلى نفس الغرض اي وصول الحكماء الأمناء الأقوياء والأكفاء الى المجلس وهو اجراء استفتاءات واستطلاعات رأي محايدة معلنة تصاحب الحملات الانتخابية وتتوقف يوم الانتخاب وهو أمر تقوم به جهات مختصة في الدول المتقدمة، ويمكن لجامعة الكويت او بعض جمعيات النفع العام ان تقوم به تحت اشراف الدولة، استطلاعات الرأي ليس فيها انتقاص من أحد وتساعد على الانسحاب المشرف لمن لا فرصة لهم في الفوز وترك الساحة للمتنافسين الجادين خاصة بعد ان أصبحت أرقام النتائج وسيلة للتنابز والتشهير.

*****

آخر محطة:

(1) بودنا لو قامت جهة مختصة بعمل دورات تأهيل وتدريب على العمل البرلماني اختيارية للمرشحين يحاضر فيها دكاترة مختصون ووزراء ونواب سابقون، لو تم هذا الأمر الهام والذي لا غنى للبلد والسلطة التشريعية عنه لأعطيت صوتي فقط لمن ثبت حضوره لمثل تلك الدورات التي نحن في أمسّ الحاجة إليها والتي تعقد مثلها في جميع برلمانات الدول المتقدمة ولحجبت صوتي بالمقابل عمن لا يحضرها حتى لو كان نائبا سابقا أمضى سنوات عديدة في المجلس، حيث ثبت ان خبرة بعض نوابنا الكوارثية الطويلة هي عبارة عن سنة سيئة مضروبة في عدد سنوات ممارسته العمل النيابي.

(2) نحتاج وبحق الى فحوصات طبية نفسية واجبة للتأكد من أهلية بعض المرشحين للترشح.

احمد الصراف

جاكلين الكويتية

كان المجتمع حتى وقت قريب يستنكف من التحدث عن مجهولي الوالدين، وينكر حتى وجودهم، وكأنه يعتقد بأننا نعيش في «إمارة افلاطونية»، ولكن مع الوقت وتغير البالي من العادات والتقاليد، اصبح هناك من لا يتردد في الحديث عنهم بشكل طبيعي، ثم الدفاع عن حقوقهم في مرحلة تالية، ومن بعدها الطلب من السلطات تسهيل إجراءات تبنيهم، والاحتجاج على تلكؤها في الاستجابة السريعة لطلباتهم. وقد اطلعتني قارئة على موقع إلكتروني لزوجين كويتيين رائعين، لم يكتفيا، وهما في مقتبل العمر، بتبني، أو احتضان، صبي من هؤلاء، بل قاما بنقل تجربتهما الجميلة إلى وسائل الإعلام، ولقيت تجربتهما تجاوبا وصدى كبيرين، وغير متوقعين، في موضوع كان بالأمس «عيبا». كما غيّر حديثهما للإعلام وما نشراه في موقعهما الإلكتروني نظرة الكثيرين الى هذه القضية، وجعلتها اقرب لإنسانيتهما. كما خطا الزوجان خطوة جريئة اخرى، حيث قاما بتصوير تجربتهما مع طفلهما الجديد على فيلم فيديو، وبثا كل ذلك، مع كلماتهما الحنونة، على وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، التي زارها الآلاف، وهذا النجاح شجع الكثيرين، سواء ممن لديهم أبناء او حرموا منهم، وايضا المطلقات والأرامل، وحتى العازبات، في التفكير جديا في تبنّي طفل من ابناء دور الرعاية الاجتماعية، طالما أن القوانين والأنظمة لا تعارض ذلك، بعد أن تبيّن لهم ما يمكن أن يضيفه التبني من متعة نفسية وجمال وخدمة كبيرة للمجتمع ككل!
وقد تصادف تسلمي لرسالة القارئة عن التبني مع قراءتي لفصل ممتع من كتاب Audition، المتعلق بسيرة حياة الإعلامية الأميركية الأشهر بربارة والترز، والذي تتحدث فيه عن تجربتها في التبني، وكيف قلبت ابنتها جاكي حياتها، وجعلتها إنسانة مختلفة، وأكثر عطفا وحنانا على الآخرين، وهي تجربة تستحق الاطلاع.
لمشاهدة موقع «أم وأبو حمودي»، والإطلاع على تجربتهما، يمكن النقر على الرابط التالي:
  http://www.myfosteringlife.blogspot.com

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

مُو مِنْ رَبعنا

مشكلة الجماعات السياسية أن عامة الناس لا يدركون أهمية الانضباط والالتزام في أداء المنتمين لها، حيث ان ما يميز الجماعات بعضها عن بعض هو هذا الانضباط بين الافراد.
والحركة الدستورية الاسلامية احدى هذه الجماعات التي تتميز بحرصها على التزام أفرادها بأبجديات العمل ومستلزماته. لكن لكل قاعدة شواذ! فأحياناً تضطر الجماعة أو الحزب أو التكتل الى تطبيق ضوابط على بعض قياداته، ولو ادى ذلك الى فصله من هذا التنظيم أو هذا الحزب، كما حدث مع د. اسماعيل الشطي ود. محمد البصيري في الحركة الدستورية الاسلامية، وهما كانا من القيادات التي لها شأن في وقتها الا ان ذلك لم يشفع لهما عندما رأيا رأياً بخلاف مبدأ اتخذته الجماعة واعتمدته.
اليوم تبدأ الحملة الانتخابية بعد ان اعتمدت الحركة الدستورية أسماء مرشحيها لهذه المنافسة الديموقراطية، وبعد أن أعلنت هذه الأسماء، نُفاجأ كما فُوجئ معنا الآخرون بأسماء من داخل الحركة تذهب الى ادارة الانتخابات وتسجل ترشحها، مما اوقع الحركة في حرج شديد أمام مؤيديها وخصومها على حد سواء. طبعا لم يكن هناك بُد من مطالبتهم بالعدول عن هذه الخطوة، خاصة انهم طلبوا في فترة سابقة الاذن بالترشح، لكن آلية الاختيار التي طبقت استبعدتهم من الترشح واختارت غيرهم. لذلك، اصبح الالتزام بالقرار أمراً حتمياً، وإلا لما كان لهذا الكيان أي تأثير واعتبار لدى الاخرين. اليوم تواجه «حدس» هذه الظاهرة في الدائرة الثانية بشكل واضح، وأريد أن أؤكد ان الحركة لن تقبل من الأفراد مهما كانت مبرراتهم إحراجها والتشكيك في مصداقيتها عند الاخرين! لذلك كان قرار «حدس» لهؤلاء ان لا دعم ولا تأييد ولا تعاون، خصوصاً ان نزولهم أفقد الحركة ورقة التفاوض الانتخابي مع القوى الاخرى بالدائرة!
ولئن قالت الحركة عن اسماعيل الشطي والبصيري انهما «مو من ربعنا»، حيث تم فصلهما لاحقا، فمن باب اولى ان تقول الشيء نفسه عن هؤلاء الخارجين عن خط الجماعة لكن من يصدق؟!
***
• التزم بعض النواب السابقين بتعهداته باحترام القانون وعدم دخوله في الانتخابات الفرعية، الا ان الاطراف المقابلة لم تلتزم بتعهداتها بمحاربة الرشوة وشراء الضمائر!
***
• بعض المرشحين يفتخر بمواقفه في مجلس الامة! «ولو نقبت وبحثت وفليت مواقفه فلي ما لقيت ولا موقف يشرف صاحبه»، حيث كان انبطاحياً بزاوية مستقيمة طوال عضويته!
***
• مرشح عليه 35 قضية ومعظمها مخلة بالشرف والامانة.. وينك يا شفافية!

محمد الوشيحي

2011 أوّاه

سيدة السنوات هي بلا منازع. كالعاشقة جاءت إلى عشيقها محملة بكل أنوثتها، وغادرته وفي قلبها غصة، وفي جسمها بقايا عطاء. الوقت لم يسعفها لتنثر كل ما لديها بين أحضانه. جاءت بعد 2010، السنة البليدة الكئيبة المظلمة الرطبة، ففتحت النوافذ وابتسمت في الضوء، وارتدت قميص حبيبها على جسدها العاري فكساها إلى نصف فخذيها، وربطت شعرها خلف رأسها، وأعادت تنظيف الصالة، ونثرت في الزوايا الزهور، ورشت العطور، وفتحت المذياع على صوت أم زياد: “تك تك تك يا أم سليمان، تك تك تك جوزك وين كان، تك تك تك كان في الحقلة، عم يزرع خوخ ورمان”، وراحت خطواتها تتكتك وتتقافز وتتراقص كعصفورة الحقل… حافية القدمين. 2011، آثار أقدامها وبقايا عطرها وصدى ضحكاتها، لن تزول… لن تموت. سيدة السنوات هي بلا منازع. دخلَت إلى قاعة الحفل دون أن ينتبه إليها أحد فصمت الضجيج، وأصدرت الأعين أوامرها إلى الرموش بنبرة قائد عسكري “ثاااابت”، فثبتت الرموش، وانسحبت الجهات الأربع، وباتت هي الجهة الوحيدة. كانت 2011 فاتنة الحفل، أو “فتنة الحفل” كما قال شاعر الجنون فهد عافت، في قصيدته التي صنفها البعض “أفضل قصائد الغزل في عصرنا الحالي” عندما وصف معشوقته وهي ترقص “ارقصي بين حد الذنب والمغفرة، وارحلي في سكونك واسكني في الرحيل / وارجفي كنّك* الماء فززته احْجرة، واثبتي كنّك الفضة بعين البخيل/ وانحني مثل غصنٍ في طرفْه اثمرة، واوقفي مثل فزعات ابدويٍّ أصيل / وإلفحي** علمينا كيف تقدر مَرَة، تزرع الليل صبح وتزرع الصبح ليل”! الله الله الله عليك يا عافت. 2011 أوّاه، وقفتُ أمامها كمصور محترف يجيد التقاط الصور، الثابتة منها والمتحركة، تراجعتُ خطوتين لأنتقي الزاوية الأجمل، وانحنيت إلى الخلف لأقيس المسافة الأفضل، فاحترت (أو كما في الفصحى… حرت)، قبل أن أرمي كاميرتي على الأرض وأركلها بكل طيشي، وأصفق على إيقاع خُطاها… وبالطبع، لا يمكن للمصور التقاط الصور ويداه تصفقان. 2011، مزّق العرب قميصها من دبر، لفرط حسنها، فمزقت هي قمصان الطغاة، وأسقطت تيجانهم، وأطفأت نيرانهم… وهربت تضحك بغواية. 2011، غادرتنا قبل أن نهز فناجين قهوتها، وغابت… ولا نامت أعين 2010 وما قبلها. * * * * كنّك: كأنك… والشاعر، لمن لا يتحدث الخليجية، يطلب من تلك الصبية أن ترتجف في رقصتها كما يرتجف الماء الذي رُميت فيه حصاة. ** إلفحي: هزي شعرك بقوة (طريقة رقص قديمة ما زالت موجودة)… وضعت الهمزة في كلمة إلفحي مضطراً لتوضيح طريقة النطق.

احمد الصراف

مبدعوهم ومشعوذونا

يوصف جي غرينبرغ بأنه واحد من أذكى الأشخاص الذين عرفتهم البشرية في السنوات الـ 200 الأخيرة، فقد وضع حتى الآن خمس سيمفونيات كاملة، وهو لم يتجاوز 12 من عمره. يقول جي عن نفسه إن الموسيقى تملأ رأسه، ويتخلص من إلحاحها بكتابتها، وهو لا يعرف كيف يعمل عقله ومن أين يأتيه الإلهام، ولكنه يعرف أن المقطوعة تأتيه كاملة، وكأن أوركسترا تعزفها في عقله! ويعتقد أحد خبراء الموسيقى بأن جي لا يقل في عبقريته عن مندلسون وموزارت.
نشأ جي في اسرة عادية لا علاقة لها بالموسيقى، ولا تعرف عنها شيئاً. وتقول أمه انه بدأ، وهو في الثانية من العمر، بكتابة نوتات موسيقية، وكان يرسم آلاتها، ويطلب من امه شراءها له، وعندما أخذته إلى متجر الآلات الموسيقية أمسك بآلة «شيللو»، وبدأ العزف عليها بطريقة متقنة، بالرغم من أنه لم يشاهد ما يماثلها اصلا. وفي سن الثالثة بدأ جي بكتابة مقطوعات موسيقية، وكان الوحي يأتيه في أي مكان أو أي لحظة! موهبته، والذي لم يتجاوز العاشرة، دفعت ولاية نيويورك للصرف على دراسته من خلال منحة، وكان يحضر فصول الموسيقى مع من يكبروه بعشر سنوات، وقريبا سيسمع العالم أكثر عن هذا الصبي الموهوب الذي لا يتردد العظماء وكبار رجال الدولة في الوقوف له والتصفيق بحرارة لموهبته العظيمة. ولو كان جي غرينبرغ كويتيا لما تردد أهله في عرضه على الدجالين ومفسري الأوهام، لإخراج شيطان الموسيقى منه، أو ربما كانوا سيلجأون لكيّه، أو حتى عرضه على مشعوذ يقوم بضربه لإخراج الجن منه، وسيموت تحت الضرب، كما حصل مع مشعوذ شهير تسبب ضربه لمريض بوفاة المسكين تحت يده، ولكن الدجال نفذ من عقوبة السجن التي صدرت بحقه، بفضل وقوف «سلفه وتلفه» وراءه وامامه، وربما على جانبيه.
وبهذه المناسبة أخبرني صديق بأنه تسلم من مدرسة ابنته رسالة تطلب منه التوقيع عليها، بما يفيد موافقته على تدريسها الموسيقى! عاشت التربية وعاش المليفي وزيرا أبديا لها، وعاش التخلف، ومات كل من عارض ذلك، وبالامكان الاستماع للمعجزة جي، من خلال الرابط: http://wimp.com/musicprodigy

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

مو بس حسينية

أعرف الكثير من الناخبين الشيعة الذين سيصوّتون في المجلس المقبل لمرشحين ظلوا أكثر من عقد من الزمان في مجلس الأمة، والسبب الأساسي لتصويتهم هو أن هؤلاء المرشحين والنواب السابقين قاموا بالآتي:
– ساهموا في إنشاء مساجد وحسينيات للشيعة.
– دافعوا عن معتقدات الشيعة في ظل هجوم البعض عليها من نواب أو غيرهم.
– طالبوا بيوم العاشر من محرم كعطلة رسمية.
– حاربوا المناهج الدراسية التي تتعرض لعقيدة الشيعة.
كلام إن كان يعجبنا أم لا فهو يقال ويتردد، وإن كان يقنعنا أم لا فهو معيار بالنسبة إلى الكثيرين ممن يساهمون بشكل مباشر في إيصال بعض المرشحين إلى المجلس.
دعونا نناقشه برويّة: فأما أول الأسباب وهو مساهمة النواب في إنشاء مساجد وحسينيات للشيعة، فهو دور غير منوط بالمشرع أصلاً، بل أمر تنظيمي خصوصاً في ما يتعلق بالمساجد، فإن كانت الغاية إنشاء المساجد فمن الأولى تكثيف الوجود في المجلس البلدي وليس “الأمة”.
وبالنسبة إلى الأمر الثالث، وهو المطالبة بيوم العاشر من محرم كعطلة رسمية، فعلى الرغم من تقديري واعتزازي بهذه الذكرى الصادقة لثورة الحق والدرس الخالد مدى الحياة لكيفية رفض الظلم، فإنني لا أتفق مع جعله عطلة رسمية، فمن يرغب في تخليد هذه الذكرى بحضوره مجالس العزاء فليأخذ من رصيد إجازاته ويذهب.
أما الأمران الثاني والرابع، وهما مربط الفرس في اعتقادي أكثر من غيرهما، واللذان يركزان على معتقدات الشيعة وعقيدتهم، فأنا أقر هنا بأن لدينا أزمة رأي ديني واحد في الكويت، ومن خالفه يجب أن يُلقى في جهنم الدنيا وجهنم الآخرة، بل إن الأمر في بعض الأحيان يصل إلى العناد حتى في الدين نكاية بالمذهب الآخر.
وقبل الخوض في هذا الأمر يجب أن أؤكد أن معظم من يكررون رغبتهم في وجود من يدافع عن معتقداتهم في المجلس يجهلون الدستور الذي يحكمهم، فالدستور كرر في أكثر من نص حرية الاعتقاد، بمعنى أن من يتعدى على اعتقاد أي مواطن وعقيدته بل حتى بالنسبة إلى المقيم، فنحن لسنا بحاجة إلى نائب يدافع عنه بل كل ما علينا فعله هو اللجوء إلى القضاء الذي سيحكم فوراً بردع كل من يتعدى على العقائد.
أما في قضية المناهج الدراسية، فإن الأمر يتطلب اختيار من يعارض الحكومة لا من يواليها، فالمناهج شأن تديره الحكومة، وإن تعدت على العقائد أو وضعت شيئاً يتعدى على العقائد خوفا من النواب، فهو ما يعني أنها إما أن تكون جبانة وإما لا تؤمن بحرية العقيدة، وهما سببان كفيلان بإزاحتها.
إن من وضع الدستور قبل خمسين عاما آمن بحرية الاعتقاد رغم عدم وجود أي نائب شيعي في لجنة الدستور، وهو ما يعني أن واضعي الدستور دافعوا عن المعتقدات لأنهم كانوا يمثلون الكويتيين وليسوا “ممثلين على” بعض فئات أهل الكويت ومذاهبهم، بأنهم من يحمونهم ويصونونهم.
الكويت ليست حسينية أو مسجداً أو رأياً واحداً فقط، وهذا يعني أننا يجب ألا نختار أبداً من يرسم شكل الكويت على هذه الأسس، وهم كثر للأسف.

ضمن نطاق التغطية:
نواب التيار المدني قصّروا في الدفاع عن الحريات والمعتقدات برأيي، ولو أنهم قاموا بدور بسيط إلا أنه غير كافٍ أبداً، وبحاجة إلى المزيد من التحركات دون خشية لأي حسابات سياسية أو مناطقية، فهم صناع القرار وهم قادة الرأي السياسي.

سامي النصف

إياكم وتصويت الغل والكراهية والمناكفة!

  ما يصلح الدول هو المرشح ذو الكفاءة والأفكار الموجبة المعمرة، وما يفسدها ويخربها هو المرشح ذو الافكار السوداوية السالبة المدمرة، فبدلا من الحديث الهادي الراقي حول افكاره وخططه المستقبلية التي تنهض بالبلد يقوم المرشح السوداوي بالطرح الكاذب والمدغدغ متهما «جميع» الحكومات الكويتية ودون دليل بالتآمر على الدستور والكراهية المطلقة وهو بفكره اللاديموقراطي واللادستوري بالطبع منقذ البلاد والعباد وحامي حمى الديموقراطية والدستور.

***

لذا علينا الحذر الشديد من التصويت السلبي كتصويت الغل والكراهية وفش الخلق، ففي سبيل الصغائر والمناكفات والانقسامات المجتمعية السخيفة نقوم بالتصويت لهذا الطرف او ذاك بحجة انه برد أكبادنا وشفى غليلنا ـ الذي نفترض بالطبع مرضه ـ وألقم الآخرين حجرا، والآخرون الذين انتصر عليهم المخادع الذي صوتنا له هم شركاؤنا في الوطن من شيعة وسنة، حضر وقبائل، فأي انتصار نحتفل به عبر التصويت لهذا النوع من المرشحين؟!

***

فما الذي يمكن ان يعطيه مرشحو التعصب والكراهية وإفشاء الاحقاد عدا التأزم المتواصل وضرب الوحدة الوطنية وإشغالنا عن اخطار الخارج بخلق مشاكل الداخل التي لا تنتهي والتي تعطل التنمية بالتبعية، ان الحكمة والفطنة والوعي الوطني يفترضان بنا البعد كل البعد عن هذا النوع من المرشحين واختيار من يعني وصوله للبرلمان توحيد الكلمة لا تفريقها، ومن سيبني بسيرته العطرة الكويت ويحافظ على أموالها، لا من ستمتلئ مسيرته بالصفقات المشبوهة والمشاريع المستقبلية المريبة.

***

إن الانتخابات قادمة سريعا وسنرمم بأيدينا مسارنا الديموقراطي والسياسي القادم، لذا لنرسل عبر تصويتنا الواعي رسالة قوية ساطعة كالشمس في رابعة النهار تقول لمن يريد اللعب بعقولنا وعواطفنا «كفى» فلسنا سذجا او خدجا كي ننساق لأكاذيبك ونملأ جيوبك من اموالنا العامة، و«كفى» فلن نفتح الباب هذه المرة لفرسان «المناخ» السياسي الكاذب كما فتحناها سابقا لفرسان «المناخ» الاقتصادي كي لا نكرر انهيار البلد عام 82.. الخيار في يدنا فلا نلوم إلا انفسنا بعد يوم 2/2/2012 إن أخطأنا الاختيار، وما اكبر التحديات القادمة للكويت!

***

آخر محطة: السباق لم يعد قائما على 50 كرسيا أخضر، بل ان (6)8 كراسي خضراء في كل دائرة انتخابية قد تم ملؤها ولم يبق إلا القليل مما يتم التنافس حوله حسب آراء بعض المتابعين والمراقبين، لذا نرجو ان يكسر التحرك الجماهيري الواعي كل التوقعات وان نرى تغييرا حقيقيا في المجلس القادم كي يكثر فيه الحكماء والعقلاء والأكفاء والأمناء فلم اعرف بلدا عبر التاريخ قد دمر او ضاع بسبب وفرة الحكمة والعقل فيه!

احمد الصراف

ما أشبه الليلة بالبارحة

لست من المعجبين بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فقد فقدت ككثيرين غيري الثقة به، ولا أدري كيف وثقنا به اصلا مع هزيمة 1967، وفشله بعدها في ادخال الديموقراطية لوطنه، مما أدى، بوعي أو من دونه، إلى ترسيخ الدكتاتورية في مصر وبقية البلاد العربية لعقود طويلة تالية. ولكن كانت للرجل فضائله التي لا يمكن انكارها، ومنها عداؤه لطموحات «الاخوان المسلمين»، بالرغم مما أشيع عن مساعدتهم له في انقلاب 23 يوليو 1952. كما عرفت عنه ليبراليته النسبية، خصوصا في ما يتعلق بحقوق المرأة، ونظافة يده!
انتشر على الانترنت تسجيل لخطبة لناصر يقول فيها: «.. في سنة 1953 كنا نريد فعلا مخلصين ان احنا نتعاون مع «الاخوان المسلمين» على أن يسيروا في الطريق الصحيح، وقابلت مرشد الاخوان وقعد وطلب مطالب، طلب ايه؟ أول حاجة قالي يجب أن تقيم الحجاب في مصر، وخلي كل واحدة تمشي في الشارع تلبس طرحة! ( قطعة قماش توضع على الرأس). أنا قلت له اذا الواحد قال هذا الكلام فكأننا عدنا لأيام الحاكم بأمر الله الذي كان يمنع الناس تمشي بالنهار وتمشي بالليل، وان أنا برأيي أن كل واحد في بيته هو الذي ينفذ هذا الكلام! فقال لا، باعتبارك أنت الحاكم المسؤول، فقلت له يا استاذ بنتك في كلية الطب ومش لابسة طرحة، ما لبستهاش طرحة ليه؟ اذا كنت أنت مش قادر تلبس بنت واحدة، اللي هي بنتك الطرحة، عايزني أنا انزل البس عشرة مليون طُرح في البلد؟».
وما ورد على لسان ناصر قبل أكثر من 50 عاما، ورد ما يماثله على لسان رئيس المجلس الانتقالي في ليبيا، فور سقوط نظام القذافي! كما بشرهم بأنه سيسمح بتعدد الزوجات. وورد ما يماثل ذلك على لسان زعماء حركة النهضة، «فرع الاخوان» في تونس، وتقريبا على لسان كل مرشح دخل الانتخابات المصرية الأخيرة، ممثلا لحزبي «الاخوان» و«السلف»، ومن لف لفهم، وأنهم سيعملون على تشجيع، ان لم يكن فرض الحجاب، وكأن ارتداءه يأتي قبل أي أمر آخر في الحياة، وسبب اهتمامهم بهذه المسائل بسيط، فالتصدي لقضايا الاقتصاد والبطالة والاسكان والفساد أكثر صعوبة بكثير، ولم يعرف ابدا عن اي من الاحزب الدينية اهتمامها بغير الحجاب والنقاب وطول اللحية وشكلها وعرض الزبيبة ومكانها، وبناء مساجد ومضايقة غير المسلمين وهلمجّرا! فمنذ 83 عاما لم يصدر عن حركة الاخوان، الأقدم والأكثر تنظيما على الساحة، أي «منافستو» متكامل وواضح يبين الطريقة التي سيديرون بها البلاد، متى ما حكموها، فاذا كان هذا حال أقدم الحركات وأكثرها ثراء نقدا وعددا، فما هو حال البقية؟

أحمد الصراف