علي محمود خاجه

ما أقدر

الدستور الكويتي أقر واضعوه بإمكانية تعديله بعد خمس سنوات من إقراره، وقد نص صراحة بأن أي تعديل عليه يكون في سبيل المزيد من الحريات، وهو ما يعني بشكل واضح أن أساس الدستور هو الحرية ولا يجوز تعديله إلا في سبيل تعزيزها.
طيب، قبل شهرين تقريبا تداعت كل القوى السياسية غير الموالية لشخص الرئيس السابق أو لنهجه، أقول إنها تداعت للمطالبة بحكومة جديدة برئيس جديد، فاختلط الفاسد بالصالح والوطني بالسلطوي والفرعي بالنزيه، والمختلس بالمحافظ على المال العام، والمؤمن بالحرية وهي أساس الدستور بمن لا يريد إلا حريته، كلهم اجتمعوا معا لتغيير الرئيس ونهجه، وكل عاقل بإمكانه أن يستوعب أن الفاسد والسلطوي والفرعي والمختلس ومن لا يؤمن بالحريات والطائفي، رغبتهم لن تكون أبدا مصلحة الكويت، فإن من يسعى إلى الكويت مستحيل أن تكون تلك ممارساته في حقها. رحل رئيس الوزراء ورحلت حكومته وحُلّ المجلس، إذن القضية العادلة التي جمعت السيئ بالطيب انتهت، ولا مبرر أبدا من استمرار وقوف البعض مع السيئ أبدا، ولأني أفضل ذكر الأسماء كي لا تختلط الأمور على البعض، فلا داعي أبدا للوقوف مع مرشحي كتلة التنمية والإصلاح أو مع صاحب الوسيلة أو مع “حدس” أو مع خريجي الانتخابات الفرعية الذين قاطعوها اليوم، وهم مخرجاتها في السابق، فهم جميعا إما أنهم ساهموا في كسر القانون وإما التعدي على المال العام وإما تقليص الحرية التي استند إليها الدستور.
لقد حاول هؤلاء طوال فترة وجودهم في المجلس الانتقاص من دستور دولة الكويت وتنقيحه في اتجاه لا يوافق نصوصه، فهم من منعوا المفكرين من دخول البلاد، وهم من يطالب بإلغاء أي وسيلة إعلامية تنتقدهم، وهم من يريدون تحويل الكويت إلى مأتم كبير لا يسمع فيه سوى كلام الموت وعذاب القبر، وهم أيضا من تعدوا على الأموال العامة ومقدراتنا، وهم أيضا من زوّروا إرادة الناس فوصلوا إلى مقاعدهم بطريقة غير شرعية.
نعم لقد شارك هؤلاء جميعهم أو بعضهم في فترات سابقة في بعض القضايا المستحقة كتقليص الدوائر الانتخابية واستجواب علي الجراح وإقرار القوانين الرياضية، لكن هذا لا يعني مطلقا أن الكويت التي سعى إليها الآباء والأجداد، وهي كويت الحرية والثقافة والفن والسياحة والريادة والديمقراطية، هي غايتهم أو همهم.
اليوم تم حل المجلس وليس من المنطقي أن نقلص سقف مطالبنا المرتكزة على الحرية والدستور كي تتماشى مع رغباتهم وأهوائهم غير الدستورية، فلا تعتبروا جمعان الحربش بطلاً لأن ديوانه شهد شرارة رحيل المحمد، ولا تعتبروا الخنّة بطلاً لأنه حبس مع المقتحمين، ولا تعتبروا الطاحوس بطلاً لأنه ملأ الكويت بصراخه لرحيل الرئيس السابق.
فهم وغيرهم لم يؤمنوا بدستورنا الحقيقي المنادي بالحرية، بل إن حتى شعارهم “نهج” لم ينص على بنود هذا النهج سوى رحيل الحكومة برئيسها، وقد تحقق ذلك وباتوا اليوم ينادون بنهجهم المزعوم كأسلمة القوانين، وهو ما يتعارض مع الدستور لأنه يقلص الدستور لدين واحد وهو تقليص للحرية.
لن أستطيع أن أقف معهم أو حتى أصمت عن أحد منهم، فهم لا يؤمنون بدستورنا، وليس من المقبول أبدا دعمنا لهم لمجرد أنهم كانوا شرسين في معارضتهم لرحيل الحكومة ورئيسها.

خارج نطاق التغطية:
صوت كويتي واع وموضوعي وصادق نسمعه مساء غد بافتتاح مقر د. أسيل العوضي الساعة السابعة والنصف في السرة على الدائري الرابع.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *