احمد الصراف

نظرة شديد الشديدة

يرى أنتوني شديد، وهو مراسل صحفي أميركي مميز، ومن اصل لبناني، في مقال نشر في «الأنترناشيونال هيرالد تريبيون» قبل أيام، بعد أن عاد من زيارة سرية لسوريا، أن الحركات الإسلامية قد تجذرت في المجتمعات العربية، وأصبحت هويتها الأساسية، بعد أن دمّرت الأنظمة العربية، وبالذات التي تدعي الليبرالية، باحتكارها للسلطة، كل مقومات الليبرالية الحقيقية. وقال ان هذه التنظيمات، وخاصة «الاخوان المسلمين»، الذين تمتد جذورهم لعشرينات القرن الماضي، نموا بشكل كبير، بعد أن عجزت السلطات في القضاء عليهم، رغم الترهيب والسجن والقتل، لتحصنهم بالمساجد والملتقيات الأخرى، ونموهم في محيطها، وهو الأمر غير المتوافر لغيرهم، وبالتالي صار الإسلام هو البديل لليبرالية الطغاة وادعاءاتهم المبتذلة! ويعتقد شديد أن وصول الإسلاميين للسلطة شبه مؤكد، ولكن إن سمحوا بتكوين أحزاب ليبرالية، فإن تقدم المجتمعات العربية، تعليما وثقافة، سيرفع من مستوياتها المعيشية ويؤدي في نهاية الأمر، وإن بعد سنوات مخاض طويلة، لتكوين احزاب بإمكانها بلورة مفاهيم ليبرالية، وإقناع المواطن بمفاهيمها المتقدمة ومفاهيم الحرية والديموقراطية الحقة. ويعتقد شديد اننا يجب أن نعطي الحركات الدينية وقتها والا نرتعب من فكرة وصولها للسلطة! انتهى.
كلام واقعي، وشبه متفائل في ظاهره، وأعتقد أن لا مناص من الإيمان به، فليس هناك من بديل، فسيصل هؤلاء حتما للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع، وسيرتكبون أخطاء كالجبال حجما وسيفشلون فشلا لا مناص منه، وهذه هي الطريقة الوحيدة لكشفهم وتعريتهم للجماهير الجاهلة بحقيقتهم، وحقيقة الوهم الذي عاشوه على مدى عقود بأن لدى الإسلاميين النظام البديل والعلاج لكل قضايانا وأمراضنا! أما الذين يعتقدون بأن الدول العربية ستصل لما وصلته تركيا في عهد أردوغان، فهم واهمون، فتركيا اليوم هي ابنة تركيا الأمس والغد العلمانية، وعندما تؤمن الأحزاب الدينية المقبلة للسلطة بمفاهيم الحرية التي يؤمن بها الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا، فإننا وقتها سنكون بخير، ولن نحتاج لدروس من احد، والأمر الوحيد المطمئن هو أن الأحزاب الدينية «العربية» التي تفتقد لقاعدة العلمانية التي لدى تركيا، ستفشل كما فشل نظام ملالي إيران وإخوان السودان وحماس غزة، فلا مجال في عالم اليوم للدكتاتوريات، ولو كانت دينية!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

أجيال آل وشيح

كل ما شيّدَته وزارة التربية في سنين هدمته في ليلة.
كنت قد جمعت الأجيال القادمة من "آل وشيح" (آل وشيح أسرة كآل وندسور، إلا أن الأخيرة كانت تحكم الجزيرة العربية في فترة ما، في حين كانت الأولى مطاردة في أطراف الجزيرة تلك، وفي فترة "الما" تلك… المسرح واحد لكن الأدوار تختلف)، المهم أنني جمعت ما استطاعت يداي جمعه من ذخيرة آل وشيح ورصيدها، وابتعدت بهم عن ذويهم، ورحت أغرز سمومي في عقولهم…
قلت لهم وأنا أشير إلى مصافي الشعيبة النفطية: نفطكم تفرَّق دمه على "المؤلفة جيوبهم".
وقلت: لا يفسد الفاسد حين يفسد إلا بدعم من "المفسود بهم" أنفسهم.
وشرحت لهم معاني بعض المفردات بعد أن تم تحريفها…
– العقلاء: مجموعة من "المؤلفة جيوبهم" أذلاء للسلطة أشداء على الشعب.
– المعارضة الجديدة: مصطلح اخترعه أنصار الحكومة المتنكرون.
– الدستور: سيف انتُزِعَ من يد الشعب ليُضربَ به.
– وزارة الخارجية: غادرها محمد الصباح بعد أن تحوّلت إلى مكتب نقل يوصل البضاعة من الباب إلى الباب.
– الحكومة الحالية: عم اليتيم الذي أكل ماله.
– اللجان البرلمانية الرئيسية في برلماننا هذا: لحية عم اليتيم التي تُظهرُه وَرِعاً زاهداً.
– مكتب البرلمان: مسبحة عم اليتيم.
– ساحة الإرادة: آخر قطعة خبز يابسة في يد اليتيم الجائع، يريد عمه انتزاعَها منه.
– الاستجوابات: يتم فيها تقاسم أموال اليتيم.
– القضاء: لا راد له.
– الطائفية: مثل المرجوحة، أنت تجلس على طرفها ذاك، وأنا أجلس على طرفها هذا. أنت تضغط لأرتفع أنا، وأنا أضغط لترتفع أنت… إن تَرَكَ أحدنا اللعبة وقع الآخر.
– متدينو السلطة: لو لم يجدوا جملة "طاعة ولي الأمر" لاخترعوها.
– استاد جابر: شاهد على هذا العصر.
– علي الراشد: وزير في هذا العصر.
وواصلت مهمتي مع أجيالنا القادمة، أنزع ما تحقنهم به المدارس ووسائل الإعلام وأضع بدلاً منه سمومي، ولم أُرجعهم إلى ذويهم إلا بعد أن أيقنت أن أرقامهم في السجن المركزي محفوظة… مسألة وقت ليس إلا.

سامي النصف

أبو الأيتام وسلطان القلوب

  العزاء الحار لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وللأسرة المالكة الكريمة، وللشعب السعودي كافة بوفاة فقيد المملكة والعرب والمسلمين الراحل الكبير سلطان بن عبدالعزيز الذي اشتهر عنه حبه الشديد لأعمال الخير حتى جاز معها تسميته بـ «أبو الأيتام وسلطان القلوب»، فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

***

ولأبي خالد مواقف تاريخية لا تنسى في نصرة الحق الكويتي وتسخيره كل الموارد البشرية والمادية لعودة الكويتيين الى أرضهم وبيوتهم (فإما تعود الكويت وإما تذهب المملكة معها) وقد سجل التاريخ للمملكة الشقيقة وقيادتها الحبيبة إصرارها على جعل جيشها في مقدمة الجيوش المحررة للكويت وأولها وصولا إلى عاصمتها.

***

وقد اعتدنا لقاء الراحل الكبير كل عام في رمضان ابان أدائنا مناسك العمرة ضمن الوفد الشعبي الذي يختاره ويقوده الأخ الفاضل عبدالعزيز البابطين، وكنا لا نلقى سموه إلا هاشا باشا لا تفارق الابتسامة محياه، ومن مزاياه تخصيصه الساعات الطوال للقاء الوفد يشرح خلالها ما يجري في المنطقة من أحداث ولا ينهي اللقاء إلا بإظهار حرصه الشديد على وحدة المصير بين البلدين الشقيقين ونقل تحياته الحميمة للقيادة وللشعب الكويتي.

***

ومازلنا نذكر روايته المؤثرة عن كيفية بدء فكرة إنشاء مؤسستيه العملاقتين المختصة أولاهما بأعمال الخير العامة والثانية بأعمال الإغاثة العاجلة، حيث يروي سموه أنه شاهد على إحدى المحطات بعض اللاجئين الافارقة وهم يأكلون من خشاش الأرض فلم يشعر إلا والدمع يسيل من مقلتيه، وقد قرر في حينها إرسال الدعم الغذائي والطبي لذلك البلد، وأن يبدأ بتخصيص جل أمواله لأعمال الخير والإغاثة من ذلك اليوم.

***

وقد ساهم اعتناء سموه بالجيش السعودي في حسمه السريع لحرب المتسللين جنوب البلاد أو ما اصطلح على تسميته بحرب الحوثيين، رغم وعورة التضاريس التي تسببت قبل ذلك في هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان والولايات المتحدة في فيتنام بعد سنوات طوال من الحرب، ويوجد على الـ«يوتيوب» صور معبرة لزيارة الراحل الكبير لجرحى تلك الحرب من أبناء القوات المسلحة السعودية، حيث يظهر أبو خالد تواضعه الجم، وذلك عبر حرصه ع‍لى تقبيل رأس كل جريح من جنود وضباط، وهو مشهد إنساني ندر أن تشهد مثله في الدول الأخرى.

***

آخر محطة: سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز هو كذلك الأب الروحي للخطوط الجوية السعودية، حيث يحرص على تحديث أساطيلها وتطوير أدائها ويستقدم كل عام وفدا من وكالة الطيران ـ الاتحاد الأميركي لفحص أدائها ومستوى سلامة الطيران فيها وتقديم تقرير مباشر لسموه بعد انتهاء عمليات الرقابة والتفتيش.

احمد الصراف

أين الحقيقة يا وزير التربية؟

ورد في وسائل الإعلام أن ديوان الخدمة المدنية أرسل كتابا للتعليم العالي يتعلق بوقوع خطأ جسيم في معهد الفنون المسرحية، لتعيين عميده 12 من حملة شهادات «الدكتوراه بالمراسلة» في قسم «وهمي»! وأن هؤلاء يتقاضون 3500 دينار شهريا من دون القيام بأي عمل! ونشرت الصحف صورة عن كتاب الديوان الرسمي لوزير التعليم!
الخبر مؤلم وفضيحة كبيرة بكل المقاييس، إن صح، وفضيحة أكبر واشد ألما إن كان عكس ذلك، وقبل الكتابة عن الموضوع قمت بالاتصال بالسيد فهد السليم، عميد المعهد المعني بالفضيحة، فأكد لي عدم صحة الخبر، وأن الديوان مخطئ تماما، وأنه بصدد توضيح الأمر للجهة المعنية! وزيادة في الاطمئنان أجريت اتصالات عدة تأكد لي بعدها أن المسألة برمتها تدعو حقا للشفقة ولا تخرج عن أن تكون مؤشرا، بين مؤشرات عدة أخرى، على مدى انهيار القيم في المجتمع وتدهور الأوضاع الإدارية والأخلاقية بسبب الوضع السياسي المزري الذي نعيشه، فالذين اتهموا بحمل شهادات دكتوراه بالمراسلة، شهاداتهم جميعا، او على الأقل التي اطلعت عليها، معتمدة من وزارة التعليم العالي، وبعضهم يعمل بشهادته المعتمدة من الجهات الرسمية منذ سنوات، ويتقاضون رواتب أقل بكثير مما ورد ذكره في كتاب الديوان، ومنهم من عمل بوظيفته بموافقة ديوان الخدمة، أي الجهة نفسها التي احتجت على توظيفهم، وبالتالي فإن تعيينهم في المعهد لم يخرج عن القواعد والأصول الإدارية، وهنا يشكل خطاب الديوان فضيحة نضعها بتصرف وزير التربية والتعليم العالي، معتمدين على صحة ضميره، طالبين منه بحث الأمر في مجلس الوزراء لكي نرى، ولو لمرة واحدة، محاسبة حقيقية لمن اساء لشرف وأمانة وسمعة غيره، عامدا متعمدا.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

القذافي عبرة للكل

نهاية القذافي يجب ان يستفاد منها.. والمستفيد ليس فقط حاكم سوريا أو حاكم اليمن.. بل يجب ان يستفيد منها كل الحكام العرب بشكل خاص وكل حاكم آخر لا يحكم بالعدل والاحسان. ما يجري في العالم العربي ربيعان: ربيع للشعوب كي تزيل الجاثوم من على صدرها وتتنفس الحرية.. وربيع لبعض الحكام كي يثبتوا للعالم رضا شعوبهم عليهم لأنهم يحكمون بالعدل.
القذافي لم يكن بالسوء الذي به اليوم بعض حكام العرب، على الأقل في ظاهره، لذلك على من هو أسوأ منه ان يبادر ليس باصلاحات.. فزمن الاصلاحات منهم قد ولى، ولكن بالتنازل عن الحكم ونقل السلطة سلمياً الى من يراه الشعب قبل خراب البصرة. وأعتقد ان حكام المغرب والجزائر والعراق وإيران لن يكونوا بعيدين عن انتفاضة شعوبهم على الأوضاع المزرية في تلك الدول.

***
أعجبتني مقالة الزميل غسان العتيبي اليوم (أمس السبت) في القبس عن «غباء السياسة الأميركية»، وفعلاً بدأت أميركا تتخبط في سياستها بالمنطقة، بعد ان اثبتت أحداث الربيع العربي انها سياسة خاطئة أدت الى مزيد من الكره لأميركا التي ظهرت لشعوب العالم الثالث بانها في الحقيقة راعية للأنظمة الدكتاتورية، وان على الشعوب ان ارادت حريتها ان تعتمد على نفسها، وأكبر دليل على غباء هذه السياسة ما نراه عندنا في الخليج من طريقة تعامل الأميركان مع أحداث المنطقة، ولعل أحداث البحرين تؤكد ما ذهبت اليه.

***
قرار ايقاف خطيبين عن الخطابة يوم الجمعة حتى ينتهي التحقيق في ما اثير حولهما، قد يكون قراراً مقبولاً على مضض، لكن ان يكون القرار نتيجة تهديد نائب طائفي أو رمز لطائفة فهذا غير مقبول تماماً لانها ستكون سابقة لكل من هب ودب لاصدار تهديداته، ونحن نعرف جيداً ان الطرف الآخر غير عاجز عن التهديد، وليذهب الوطن إلى الجحيم! وكم كنت أتمنى ان يكون الايقاف بعد انتهاء التحقيق لا قبله.
وبالمناسبة.. اعتقد انه قد حان الوقت لوضع تصور واضح للجميع يحدد المقبول وغير المقبول في الحديث والخطابة والنشر عن الأمور الدينية حتى لا نأتي كل يوم وندخل في مشكلة بين السنة والشيعة، هذا التحديد لا يحدده صالح عاشور ومحمد هايف ولا يحدده صلاح الخميس والمهري، بل تحدده وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شريطة ألا يكون القرار خاضعا لهواجس نائب أو شيخ معمم.

سامي النصف

كلمة حق في وزير رحل!

  مرة أخرى تفقد الكويت طاقة نادرة من طاقاتها وعقلا نيرا من عقولها الخيرة ـ وما أندرها ـ بسبب المناكفات السياسية التي لا تنتهي، فالشيخ د.محمد الصباح خريج جامعة هارفارد وهي إحدى أكبر وأشهر الجامعات في العالم، كما أنه تلميذ نجيب في مدرسة سمو الشيخ صباح الأحمد الديبلوماسية، حيث عمل بشكل لصيق مع سموه لسنوات عديدة.

***

وبترك أبوصباح موقعه تفقد الكويت مدافعا شرسا عن حقوقها في المحافل العربية والدولية، ولاتزال صورته وهو يتصدى لبذاءات الصدامي عزة الدوري ابان القمة الاسلامية التي عقدت في الشقيقة قطر، راسخة في الأذهان، والحاجة هذه الأيام أكثر وأكبر لجهده وقراءته الصحيحة للأحداث وسط المتغيرات الإقليمية والدولية القائمة.

***

وقد استطاع الشيخ د.محمد الصباح أن يبني شبكة علاقات عربية ودولية متميزة خدمت الكويت بشكل كبير ابان تفجر بعض الأزمات كحال صداقته المتميزة مع القائمين على الخارجية الأميركية والأوروبية والعربية والخليجية وتحديدا العراقية، وستحتاج الكويت الى سنوات طوال لتعويض التراكم الكمي الذي خلقه الوزير الكفؤ الذي استقال.

***

وتميز أبوصباح بالعديد من الخصائص الشخصية الطيبة والنادرة، فلا يختلف اثنان على مقدار أدبه وتهذيبه، وصفاء سريرته وطهارة يده، كما أنه مرجع حقيقي في تاريخ الكويت وخبير مختص في علم الأنساب والقبائل والعوائل، فلا يقابله مواطن إلا وسرد له معلومات لصيقة عن أجداده وآبائه وأقاربه، إضافة الى حرصه الشديد على تطوير ذاته ومتابعة المتغيرات أولا بأول وإبداء الرأي السديد حولها.

***

إن الاستقصاد المتكرر على «الهوية» كما نرى ونسمع والذي حذرنا منه مرارا وتكرارا في السابق قد تسبب في فقداننا لكثير من الكفاءات الكويتية النادرة التي لا تعوض وقد يكون آخرها الشيخ د.محمد الصباح الذي نعلم علم اليقين انه لا تنقصه الحجة والبيان للرد على منتقديه أو مستجوبيه، وقد آن الأوان لإبعاد المسؤولين عن دفع ثمن المماحكات والأزمات السياسية التي لا تنتهي، فالكويت لا تستحق وبحق ما يجري لها.

***

إن استقصاد الوزراء «الشيوخ» بالاستجوابات لشخوصهم لا بسبب أخطائهم بعد أن تكتل النواب الآخرون حول وزرائهم، قضية محزنة للغاية، فليس هذا جزاء أسرة حاكمة فريدة لم يعرف عنها إلا الحب والود الشديد لشعبها حيث لم تلطخ يديها عبر تاريخها الطويل بدمه كحال كثير من الأنظمة الأخرى، بل سبقت عصرها بأخذها بالخيار الديموقراطي وتوزيع الثروة توزيعا عادلا بين الناس، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!

***

آخر محطة: في ربيع هذا العام منحت جامعة كليرمونت الأميركية الشهيرة شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون للشيخ د.محمد الصباح الذي ألقى كلمة رائعة قال ضمنها إن الشهادة التي تم منحها له يستحقها قبله بلده الكويت الذي أصبح جسرا للصداقة والود بين الأمم.. نرجو كما ذكر الوزير علي الراشد أن تكون الفترة الحالية استراحة محارب للشيخ د.محمد الصباح، فالكويت في أمس الحاجة لعلمه وجهده ولا تطول السفرة يا بوصباح.

احمد الصراف

نهاية أغنى وأغبى رجل في التاريخ

تساءلت في مقال نشر قبل أكثر من سنة تقريبا عن سر انفراد ليبيا بكونها الدولة الغنية الوحيدة في العالم، وربما في التاريخ، التي لم يكن فيها عدد يتناسب ودخلها من أصحاب الثروات، محليا وخارجيا. كما لم تشتهر ليبيا، بالرغم من ثرائها النقدي، بأي استثمارات عالمية حقيقية، غير حالات قليلة ومتواضعة مقارنة بمثيلاتها من الدول النفطية. ولو استبعدنا مغامرات عقيدها المجنونة في تشاد وغيرها وتمويله لعدد من حركات العصيان والمقاومة هنا وهناك، وما دفعه للسكوت عن تتويج نفسه «ملكا لملوك أفريقيا»، وما بذله من جهد للتغاضي عن تعيين نفسه «عميدا» للزعماء العرب، فاننا نجد أن ليبيا خلت، نسبيا، من قصص الفساد المالي التي اشتهرت بها نظيراتها النفطية، وبالتالي لم تعرف القطط السمان ولا استثمارات ضخمة، ولكن ما ان أطيح بالقذافي حتى انكشف السر، واذا بنا أمام الرجل الأغنى في العالم بسلطة غير محدودة وقدرة على صرف اكثر من 160 مليار دولار اميركي عدا ونقدا من دون أي خوف من مساءلة أو حساب، ومع كل هذا الثراء كان العقيد «شخبوطيا» بامتياز، وكان غباؤه بحجم ثرائه، فقد احتفظ بكل تلك الثروة وكأنه سيعيش الى الأبد وهو يراها تكبر يوما بعد يوم، أو ربما اعتقد أنه لن يموت أو سيأخذها معه الى القبر. فبالرغم مما أشيع عنه من صرف على ملذاته الشخصية، فان حياته كانت تتسم بقدر من التقشف، هذا بصرف النظر عما كان يصرفه أبناؤه على ملذاتهم ومغامراتهم العاطفية في الخارج، والذي لم يكن يقارن بتصرفات أمثالهم، أو يتناسب وثراء أبيهم، فحياة العقيد «الأخوت» كانت بسيطة ومزيفة في الوقت نفسه، فصلعته كان يغطيها بباروكة، وأكثر احذيته كانت بكعب مرتفع، الا أن اصراره على العيش في خيمة كان صادقا، وعلامة على جهله بكيفية الاستمتاع بالحياة، وهذا انسحب على نفسيته ومنعه بالتالي عن فهم كيفية الصرف على شعبه الذي حكمه بالارهاب لأكثر من أربعة عقود. وهكذا عمل جاهدا على الاحتفاظ بكل تلك الثروة، التي ربما أضاع مثلها على أخطائه وهفواته وجرائمه وحرسه ومخابراته وجيشه الوهمي، وشيئا منها على عائلته، ورفض الصرف على أي مشاريع حيوية وحرم على شعبه كل شيء تقريبا، حتى النهر العظيم الذي تكلم عنه على مدى ثلاثين عاما، لم يسبق للكثيرين أن شاهدوا له صورة أو لقطة واحدة، هذا بالرغم من أنه كلف ليبيا ملياري دولار.
مات الغني الغبي كالجرذ، وهو الذي وصف شعبه بالجرذان، وهذه عادة نهاية الطغاة، وعاش الشهور الستة الأخيرة من حياته مطاردا مشردا بعيدا عن أهله، ولم تذرف دمعة حزن حقيقية واحدة على مقتله، من غير أهله ربما، الذي فشل في تربيتهم كما فشل في قيادته واستثمار ثروة بلاده، واصراره على كتابه الأخضر الأكثر تفاهة منه، فهل يتعظ الآخرون من الدرس ويدركون أن من الاستحالة أن يتغلب أي فرد كان أو عائلة أو حزب أو جماعة على شعب كامل، مهما طال الزمن؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

النقاب الذي غير حياته

يقول صديقي النطاسي الماهر إن النقاب لعب دورا أساسيا في حياته، وحدث ذلك قبل ثلاثين عاما، وقبل أن يصبح قضية خلافية بفضل جماعات التجهم والكبت، ومنهم صاحب «الكبت»! يقول إنه كان في غرفة العمليات في دولة أوروبية، حيث كان يتدرب، وكان عليه ارتداء الأردية المعقمة والواقية، ومنها قفازات الجراحة، وعدم لمس شيء بعدها قبل المباشرة في العملية، وتطلب هذا قيام ممرضة بمساعدته في شد اربطة ردائه من الخلف وتثبيت القناع، او النقاب، على وجهه. ويقول إنه عندما استدارت لتكملة عملها، وكانت مثله مغطاة بالأردية من رأسها حتى أخمص قدميها، إلا جزءا صغيرا جدا حول عينيها، لاحظ انها تمتلك اجمل زوجين من العيون رآهما في حياته! وعلى الرغم من رهبة المكان والموقف فإنه شعر وقتها بأن العينين اسرتاه، ودارت في رأسه وقتها أفكار عدة، ولكنه أزاحها جانبا وانكب على عمله المقدس، الذي شغله تماما، وما ان انتهى حتى عاد بريق عينيها ليشغله مرة أخرى، ولكنها اختفت فجأة كما ظهرت!
تفاصيل القصة كثيرة وطويلة ولكنها انتهت بلقاء صديقي بمن خلبت عيناها لبه لتصبح تلك المنقبة بالكمامة الطبية شريكة حياته وأم ابنائه، وليستمر افتتانه بعينيها.
ما أراد صديقي الطبيب الشهير قوله إن كل تلك الأردية الطبية التي كانت تغطي كامل جسم تلك الممرضة، والقناع الذي أخفى تقاطيع وجهها، لم يمنعه، وهو الذي يمارس اشرف المهن، من ان يقع في هيامها، وبالتالي فما يضعه البعض من اقنعة أو يرتديه من ملابس.
الأمر لا يتعلق بنقاب أو رداء أو برقع أو حتى قناع حديدي بل بالتربية والتنشئة السليمة التي يوفرها الوالدان والمجتمع والمدرسة لهذه الفتاة أو ذلك الشاب، وليس أدل على صحة ذلك من نوعية الجرائم الجنسية، والاعتداءات الجنسية وحالات اغتصاب الاطفال والخدم، التي تقع في مناطق محددة مقارنة بغيرها أقل تشددا في موضوع الرداء!

أحمد الصراف

سامي النصف

رسائل غرام

  يظهر التاريخ الحديث أن الشيوعيين «المسالمين» ما إن يصلوا إلى الحكم حتى يتحولوا إلى وحوش كاسرة تقتل وتقمع وتسرق من يدعون الدفاع عنهم من الضعفاء، رغم تلك الحقيقة المرة إلا أنني أجد نفسي متعاطفا إنسانيا مع من تعرض منهم للقمع والسجن ومن هؤلاء المهندس المعماري الماركسي المصري فوزي حبشي وزوجته ثريا، الذي اعتقل في عهد الملك فاروق ثم نجيب ثم عبدالناصر ثم السادات وأخيرا مبارك وزار كل معتقلات مصر من الهايكستب أيام الانجليز حتى ابوزعبل وليمان طره.

* * *

يذكر المهندس فوزي حبشي في كتابه «معتقل كل العصور» روايات اعتقاله التي اختص بها دون زوجته، عدا عهد عبدالناصر حين سجن الاثنين عدة سنوات تاركين اطفالهما الثلاثة دون رعاية ويتضمن الكتاب رسائل الغرام بين الزوجين ويذكر الكاتب انهما وصلا الآن الى العقد التاسع من عمرهما ولازالا في حالة حب وعشق وانهما لا يندمان على سيرة حياتهما وكفاحهما وعذابهما، ومن الطرائف ان زوجته ثريا قامت في صباحية يوم زواجهما منتصف الأربعينيات بترؤس اجتماع لخليتها الشيوعية في بيتهما بحجة ان القلم السياسي لن يشك قط في ذلك الاجتماع.

وفي كتاب لن أذكر اسمه او اسم مؤلفه لأسباب متعلقة بالفقرة التالية يضمنه المؤلف رسائل غرام تمت في الثلاثينيات بين عبدالستار الهلالي وام كلثوم قام على اثرها بطلبها لبيت الطاعة مما اثار ضجة كبرى في مصر، ونتج عن القضايا بينهما سجنه وقتله ابان اعتقاله وقد اتهم اهله الراحلة ام كلثوم بأنها من يقف خلف حادث خنقه كما اتهمت لاحقا بقتل المطربة اسمهان، أهل الهلالي كشفوا انه لم يكن مغرما بالراحلة الكبيرة كما يذكر في الرسائل حيث ان زوجته كانت اجمل نساء مصر قاطبة وان السبب الحقيقي هو رغبته الشديدة في الانتقام لقيام ام كلثوم بالتندر واطلاق النكت على الصعايدة.

* * *

ولأن الحب ليس حراما وخاصة ممن هم في مقتبل العمر إبان زمن الرومانسية الجميل، نجد ضمن الكتاب رسائل لشخصية كويتية أطال الله في عمرها لحبيبته المصرية ليلى أو «لي لي» مكتوبة بخط جميل على ورق مطبوع عليه اسمه، ضمن تلك الرسائل واحدة مؤرخة في 12/3/1959 يعتذر لها عن قلة الرسائل بسبب الرقابة على البريد في مصر، كما يعتذر عن قلة الاتصالات بسبب فرض الأمن العام في الكويت الرقابة على الهواتف بعد ثورة العراق وما سيحصل لهما من تشنيع إذا ما سمع ـ صاحبنا ـ تلك المكالمات، ويشرح في رسالة اخرى مدى وحدته بسبب سفر العائلة الى لبنان وسفر ابوسعدون وصالح واحمد، وينهي الرسالة بنقل السلام لوالدتها ولبدرية ولمن يعز عليها.. الرسائل يمكن لها ان تكون بالطبع لكويتية تحمل ذلك الاسم مقيمة في مصر آنذاك!

آخر محطة: نقلت في مقال الأحد الماضي ما كتبته جريدة «الفجر» من ان الشيخ زايد، رحمه الله، منح الرئيس مبارك 120 مليون دولار ثمنا لوقوفه مع الحق الكويتي، وقد أتت عدة ردود من قراء اعزاء توصلت بعدها وبعد البحث والتحري والتقصي لحقيقة واضحة وهي أن المبلغ دخل لحساب الدولة في مصر لا حساب مبارك دعما للجيش المصري كحال الدعم الخليجي والليبي الذي تلقاه الرئيس عبدالناصر بعد هزيمة عام 67، وما الذي نتوقع من مصداقية جريدة يديرها التلميذ النجيب لـ.. غوبلز العرب هيكل..؟!

مبارك الدويلة

استقالة.. غير عادية

استقالة وزير الخارجية في هذا الوقت بالذات ليست استقالة عادية، فهي تعني الكثير.. والكثير جداً! فهي استقالة نائب رئيس مجلس الوزراء وليس وزيراً عادياً، كما انها استقالة وزير سيادي لوزارة سيادية وهي الخارجية، ونحن نعلم اهمية سياستنا الخارجية هذه الايام في ظل تدهور غير مسبوق في علاقتنا بالجيران. كما انها استقالة ابن الاسرة الحاكمة، وليس وزيراً شعبياً، اضف الى ان اسمه كان مطروحاً كمرشح قوي لرئاسة مجلس الوزراء بدلاً من سمو رئيس مجلس الوزراء الحالي.. والاهم من كل ذلك توقيتها! نعم، اتضح لنا أن توقيتها فرض على الشيخ محمد لانه كان متحمساً لحضور المجلس الوزاري للجامعة العربية، وكان اول من دعا إلى عقد اجتماع لهذا المجلس لمناقشة الوضع في سوريا، لكن تطوراً ما للاحداث هنا حال دون سفره، وهي تطورات لم يكن يتوقعها، ولعل ما نشرته القبس بالامس يكون صحيحا، وهو انه لم يجب الى طلبه عندما طالب الحكومة بمعلومات عن اسئلة النائب البراك حتى لا يكون هو «ممشاشة الزفر»!
الاستقالة غير عادية لانها جاءت قبل بداية دور انعقاد ساخن بأيام قليلة.. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هو توقيت مدبر؟ هل هي مؤامرة لاخراج المنافسين من دائرة الصراع واحداً تلو الآخر؟! ام هي عملية كشف ظهر لرئيس الحكومة كي يبقى وحيداً في الساحة يصارع خصومه من دون مساندة وعون من اقرب الناس اليه؟! اسئلة تحتاج الى اجابة.. ويا خبر اليوم بفلوس.. بكره ببلاش.
***
(الزبدة)
الصراع بين ابناء البيت الواحد.. اصبح ظاهراً والله يستر.