سامي النصف

الاستجواب المطلق.. فساد مطلق!

  لم يكن الآباء المؤسسون للدستور أئمة معصومين أو أولياء صالحين أو ملائكة منزلين كي يكشف عنهم حجاب المستقبل ويعلموا ان هناك من سيرفع دستورهم دون إذنهم إلى منزلة الكتب المقدسة التي لا يجوز التعديل أو التغيير فيها، بل أوضح هؤلاء الآباء الأفاضل انهم بشر يصيبون ويخطئون وان على الأبناء أن يجربوا الدستور ثم تعديله بما يحفظ مصلحة الوطن والمواطنين.

* * *

أثبتت التجربة البرلمانية بما لا يقبل الشك ان الاستجواب قد تحول في الأغلب والأعم الى أداة فساد وإفساد وانه يوجه في العادة الى الوزراء الأكفاء والأمناء بقصد إبعادهم ومنع الوطن من الاستفادة من قدراتهم، وان الاستجوابات تبعد عن المتجاوزين من المسؤولين ممن بقوا سنوات طوال على كراسيهم تحت سمع وبصر محترفي الاستجوابات من النواب ممن لم يحركوا ساكنا وتلك حقيقة يعلم بها حتى الطفل الصغير.

* * *

والسبب في تلك الظاهرة الفريدة ان الوزير الكفؤ الأمين لا يمرر الطلبات والخدمات والتجاوزات والواسطات، لذا يحق في العادة استجوابه وبهدلته على أمور لا ذنب له فيها وبالتعاون في كثير من الأحيان مع الأطقم الفاسدة في وزارته، بينما لا يستجوب الوزير المتجاوز ضمن تلك المعادلة كونه يمرر كل ما يطلبه النواب بحق أو باطل!

ويتساءل البعض جهلا أو غفلة: ما الذي يخيف المسؤول من الاستجواب مادام ليست لديه تجاوزات؟! والجواب له أسباب عدة منها: ان الإنجاز والأمانة والكفاءة قد لا تكون مرتبطة بالقدرة على الكلام والبيان، فحتى نبي الله موسى عليه السلام دعا ربه أن يفك عقدة لسانه حتى يفهم قومه قوله، ولم يكن مخطئا أو متجاوزا، والحقائق الجلية تظهر ان اكثر حكام الكويت وحكام الخليج انجازا هم أقلهم قدرة على الحديث المسترسل وفي المقابل فأكثر حكام العرب تدميرا وقمعا وقتلا كحال صدام والقذافي هم الأكثر قدرة على الكلام المدغدغ.

* * *

ومن تلك الأسباب الطابع الكرنفالي للاستجواب الذي تنفرد به الديموقراطية الكويتية في غياب «لجنة القيم» البرلمانية التي تحاسب وتعاقب النائب المستوجب حال تحويله الاستجواب الى حفلة ردح وشتم وإساءة للمسؤول الذي له عائلة وأبناء وأصدقاء، وأمام الكاميرات والفضائيات ومندوبي الصحف التي تنقل وبشكل فريد لا مثيل له في الديموقراطيات الأخرى كل كلمة و«شتيمة» و«تهمة» تقال وتلصق بالمسؤول.

* * *

على من يدعي المحاربة الحقيقية للفساد في البلد أن يدعم تعديل متطلبات الاستجواب كي تتحول من أداة فساد يخشاها الأمناء، كما هو الحال القائمة الى أدة إصلاح يخشاها المتجاوزون.. ومن ذلك:

أ ـ وضع حد أدنى لمن يقدم الاستجواب وليكن 5 نواب فالقضية العامة والحقة ستحصد دعم الكثيرين، اما الاستجواب الكيدي والشخصي فلن يدعمه أحد.

ب ـ يجب ان يحصل الاستجواب بشكل روتيني على دعم اللجنة التشريعية أو مكتب المجلس للتأكد من عدم كيديته وصحة بياناته.

جـ ـ النظر كقاعدة عامة في جعل الاستجوابات سرية لمنع المزايدات المدمرة والتكسب الانتخابي الذي يجعل النائب لا يحكم ضميره بل يستمع لجمهور الهتيفة والشجيعة الذين يحشدهم النائب المستوجب.

* * *

آخر محطة:

(1) حقيقة، ان إجادة الحكي لا تعني الأمانة والصدق، وخدمة الوطن لا تشمل فقط الوزراء، بل النواب ايضا، فهناك من هم شعلة نشاط في أعمال المجلس واجتماعات اللجان ممن لم يعرف عنهم قط تقديم الاستجوابات أو توجيه الإساءات للآخرين.

(2) أين المنطق في تحميل وزير النفط مسؤولية وقوع حادث في احدى المصافي؟ المسؤولية والمحاسبة واجبة لو لم يأمر الوزير بالتحقيق والمحاسبة وعدا ذلك سنحتاج كل يوم الى تعيين 10 وزراء بدلا من كل وزير نستغني عنه نتيجة وقوع خطأ في وزارته، فالوزارات يعمل فيها بشر خطاءون لا.. ملائكة!

احمد الصراف

نهاية العالم

يبدو أن هناك من يستمتع بأخبار وتنبؤات نهاية العالم وانفجار الكون او الكرة الأرضية وفناء البشر، وربما لهذا كثر المنجمون والمتنبئون، ومن هؤلاء الواعظ الأميركي الشهير ويليام ميللر، الذي ظهر في منتصف القرن 19 وذكر أن النهاية ستكون ما بين 21 مارس 1843 وسنة بعدها، ودفع ذلك الكثير من أتباعه وقتها للتنازل عن ممتلكاتهم! ثم جاء بات روبرتسون «الواعظ الأشهر» والأكثر تطرفا وخبالا في أميركا، وادعى في 1976 بأن نهاية العالم ستكون ما بين اكتوبر ونوفمبر 1982، ونتيجة لمكانته آمن الكثيرون بنبوءته الخرقاء. ثم جاء هيفن غيت، عضو جماعة دينية تؤمن بأن الأرض سيعاد تكوينها وفقا لعقيدتهم، وان الجسم البشري مجرد وعاء يهدف للوصول بهم الى الحياة الأخرى، وقام و38 عضوا آخر من الجماعة بالانتحار جماعيا في 19 و20 مارس عام 1997 حتى يتمكنوا من الوصول الى الحياة الثانية. ثم جاءت مشكلة عام 2000، وتنبأ البعض بأن نهاية العالم ستكون في اليوم الأول منها، حيث ستؤدي اخطاء الكمبيوتر الرهيبة الى تحطم الطائرات وانفجار المفاعلات النووية وتعطل الأجهزة الطبية وبلوغ نهاية الحياة! وسبق للعراف الفرنسي نوستر داموس أن كتب في هذا الموضوع بالذات، وقال ان نهاية العالم ستكون في آخر 1999.
وطبقا لما ورد على لسان المنجم الفرنسي كاميل فلامريون، فإن الحياة على الأرض ستفنى على يد المذنب «هالي»، الذي يتكون من غاز السيانوجين السام، حيث ستمر الأرض عبر الذيل وينهي الغاز الحياة، وهذا دفع البعض الى تخزين ادوية وأجهزة للوقاية من خطر الغاز السام. ثم جاء هارولد كامبينغ، المذيع الأميركي الشهير، وقال ان النهاية ستكون في 21 مايو 2011، وقد عرضه ذلك لسخرية شديدة، ولكن لم يمنعه من العودة والتنبؤ بأن النهاية ستكون في 21 أكتوبر 2011! وتطمينا للجميع فإنني أؤكد هنا خطأ هذا الدجال، وغيره، وأن شيئا لن يحدث، وإن حدثت فلن يكون هناك أحد ليسخر مني. وكل عام والجميع بخير.

أحمد الصراف