سامي النصف

مجلس منقسم بين مستلم ومقتحم!

  ونحن في موسم الأمطار هذه الأيام نتذكر ان الفيضانات والسيول العارمة التي تكتسح كل ما هو قائم امامها من ثوابت هي نتيجة لقطرات مطر صغيرة تتجمع قليلا قليلا فتتحول من بشائر خير في بدايتها الى كوارث كبرى في نهايتها يذهب ضحيتها الافراد والبنيان و.. الأوطان.

***

في الشقيقة الكبرى مصر بات الجميع يتفق على أن نهج التجمع في الميادين الذي غير الأمور في بدايته للأفضل، تحول إلى سيل جارف يضر ولا ينفع بعكس ما حدث في الربيع الأوروبي الذي خرج الناس فيه سريعا من الشوارع والميادين الى المزارع والمصانع، فازدهرت الأعمال وانتعش الاقتصاد وتكالب السائحون والمستثمرون على تلك البلدان، فاستمرار تجمع ميدان التحرير قضى تماما على السياحة والاستثمار وأغلق المصانع وخرب المزارع ولم ينتج عن حراك الملايين من المتظاهرين صنع ابرة واحدة او قطف ثمرة فاكهة كي يتم تصديرها والاستفادة من مردودها المالي.

***

ومن ميدان التحرير المصري إلى ساحة الإرادة الكويتية وتجمع شعبي وإسلامي وليبرالي تسبب في استقالة الحكومة وهو امر مقبول ان انتهى عند هذا الحد وعادت الناس الى أعمالها، اما اذا بدأ البعض بتكرار ما حدث في مصر واستغل حماس الشباب ليخرجه عند كل مطلب أو تباين في الرأي في المرحلة القادمة فذلك هو الدمار الأكبر الذي جربه قبلنا لبنان في تجمعات قوى 8 و14 آذار وعاد عنه بعد ان دمر الزرع والضرع وعاث في الاقتصاد والتنمية فسادا.

***

وللمعلومة فقط، أتباع القوى السياسية في مصر ولبنان ليسوا مخيرين في عملية النزول للساحات من عدمه بل هناك دائما سلاحا الترهيب والترغيب فالأبواب تدق والباصات تجهز والتهديدات تبطن والأموال توزع يمينا ويسارا ونرجو الا نصل مستقبلا لأمر كهذا كما نرجو الا تستخدم ساحة الارادة لإطلاق رصاصة الرحمة على مشروع كويت المركز المالي والسياحي بعد أن أوقفت التشريعات المشاريع التنموية «الخاصة» الكبرى التي يفترض أن تكون مقصد السائحين والمستثمرين، وتم تدمير «الكويتية» التي يفترض أن تنقلهم بتشريعات خاطئة أخرى.

***

آخر محطة:

 (1) برلمان منقسم بين مستلم ومقتحم يفضل حله والعودة لصناديق الاقتراع.

(2) وأن يحل المجلس من السلطة خير من ان يحل من الساحة.

احمد الصراف

أولاد فريجنا (2-2)

وضع صغار ومتواضعي الثراء والإمكانات والمؤهلات من ابناء عمومة المستنير كان مختلفا عن وضع البقية، فقد كانوا في جميع الأحوال الأكثر خسارة من الوضع الذي وضعهم فيه المستنير، وبالتالي كانوا الأكثر صخبا واعتراضا في قبول «العقد الاجتماعي»، وبالتالي السعي الى إلغائه، أو على الأقل تغيير بنوده، بعد أن تبين صعوبة أو استحالة إلغائه تماما، وفي سبيل تضييق الهوة بين ثرائهم وثراء غيرهم، من المسيطرين على مقدرات مدينتهم، أو مقارنة أوضاعهم باعضاء أسر المدن الست الأخرى، لم يكن أمام هؤلاء غير السعي الى طرق غير «تقليدية» للحصول على جزء من كعكة الثروة الكبيرة، وهكذا فعل البعض في ذلك بشكل كبير، خاصة عندما مرت البلاد بظروف أمنية قاهرة، جعلت من المستحيل تفعيل بنود «العقد»، كما لجأ آخرون اقل خبرة وذكاء الى غير الشرعي من الأساليب لتكوين الثراء، فتورطوا، ولم يكن في «العقد الاجتماعي» ما يكفي لتوفير غير الحد الأدنى من الحماية لهم، وهذا ما زاد من تذمره بشكل عام، خاصة مع زيادة الدخل والثراء الكبير الذي كان يحققه السكان بشكل عام، واستمرار تدني دخل ابناء عمومة «المستنير»، ودفعهم للسعي أكثر من مرة الى الالتفاف على بنود العقد لتحقيق المزيد من السلطة والامتيازات الاجتماعية، ونجحوا في ذلك أكثر من مرة، وهذا أدى في أحوال عدة الى تفريغ بعض بنود «العقد الاجتماعي» من محتواها السياسي، ولم يصل الأمر الى التعدي السافر عليها إلا بعد استمرار زيادة الدخل الناتج عن ارتفاع سعر المعدن الثمين، الذي كان في بطن المناطق الخالية من تلك المدينة، واستمرار بقاء أوضاع ابناء العمومة المالية والسياسية كما هي عليه، مع زيادة طموح الأذكياء منهم للوصول، وكل هذا خلق حالة من التذمر من جهة والريبة بنوايا أحد طرفي العقد من جهة اخرى، خاصة بعد انكشاف عمليات تلاعب وتسريب لثروات أكبر من المعتاد بكثير، وبطرق لم ينص عليها في العقد الاجتماعي! كما فرض حتى بتقديم اي تفسير أو تبرير مقبول لقيامه بمثل تلك التسريبات الكبيرة، إلا أن لسان حاله يقول انه حرم من ثروة، ومن ثراء كان يوما ملكاً له بكامله، فكيف لا يكون له ولو جزءا بسيطا منه! ولكن الطرف الآخر يقول، في الوقت الذي يقر فيه بهذه الحقيقة، إن الزمن قد تغير و«بنود العقد» واضحة وجلية، ولا تتطرق لهذه الجزئية لا من بعيد ولا من قريب، ويضيف انه حتى مع الايمان بهذه «الأحقية»، رغم عدم النص عليها، فلمن يكون الدفع من «يقبض» وكيف ومتى واين؟ وبالتالي من الأفضل إبقاء العقد كما هو! ولكن طرفا ثالثا أكثر حكمة ورجاحة عقل ربما يرى أن من الأفضل تعديل بعض بنود العقد الاجتماعي، بحيث يسمح بمشاركة أوسع لأبناء عمومة المستنير في ثروة البلاد، مع تغليظ، أو توضيح الأحكام الخاصة بمحاسبة أبناء عمومة المستنير على تصرفاتهم، عند ارتكابهم ما يخالف، وإقرارهم الثابت والدائم بأن الأمة هي مصدر كل السلطات! وإلى أن يتم ذلك ستبقى الأمور بين مد وجذب بين الطرفين، ربما إلى الأبد، وليس هذا في مصلحة أحد، أو ينجح طرف في التغلب على الطرف الآخر، وهنا سيعم الجميع الخراب ويحترق كل شيء.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

من الذي ورّط النظام؟

في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، اشار سمو الامير الى انه لن يحل الحكومة ولن يحل مجلس الامة!
قال سموه ذلك بناء على معطيات ومعلومات تم توفيرها له من اجهزته المختصة، هذه الاجهزة اعطت صورة مخالفة للحقيقة، ورسمت واقعا مغايراً للواقع السياسي والحراك السياسي الذي تعيشه البلاد منذ اشهر عدة من التأزيم.
الاجهزة قللت من دور المعارضة السياسية وامتدادها الشعبي وتأثيرها في الناس، وهوّلت من قوة موقف الحكومة ودعم الشارع الكويتي لها، ولعل اقرب مثال ما صدر من ضيف برنامج «تو الليل»، الذي اذيع بعد حشد ساحة الارادة يوم الاثنين الماضي، والذي شهد خروج كل الكويت بكل اطيافها دعما للمعارضة، ثم يقول الضيف: الاغلبية الصامتة سجلت موقفها في حشد الله يحفظك يا كويت!
اقول انه بعد ان تبين لسموه ضعف موقف الحكومة، وتماسك المعارضة، وتأكد ان اجهزة الدولة المعنية كانت تعطي خلافا للواقع، لم يتردد عندها سموه من اتخاذ الموقف الصحيح، لان سموه لا يفكر كما يفكر الانسان العادي، بل يفكر بمصلحة الكويت العليا مهما كانت تداعيات القرار الذي سيتخذه!
بقي ان نتمنى ع‍لى سموه ان يتفضل بحل مجلس الامة لسبب وجيه، وهو ان الحكومة المقبلة مهما غيّرت من شخص رئيسها، فإن وجود اغلبية لها في البرلمان سيجعلها تمارس نهجاً مشبوهاً! فالاغلبية التي بيدها مشبوهة ومحالة للنيابة بتهم فساد ورشى، لذلك اي قرار مهما كان وفق الاطر الديموقراطية سيكون في نفوس الناس قرارا مشيناً! حل البرلمان يزيل الاحتقان ويقطع الطريق على المؤزمين، ويفضح من يدعي الاصلاح ومن يرعى الفساد.
الاخوة في مكتب مجلس الامة ورطوا انفسهم عندما تخيلوا ان تقديم شكوى الاقتحام سيحرج البعض ويعرقل ممارستهم لدورهم السياسي! وقد قلنا مراراً وتكراراً ان المعارضة السياسية عندها من الادوات ما لا يتوافر لخصومها، وانها متحللة من بعض القيود التي تقيد بعض خصومها، لذلك نجحت المعارضة في قلب الطاولة وجعلت من الشكوى قضية تجتمع حولها كل الكويت في حشد غير مسبوق، قدرته شخصياً بمائة الف كويتي من دون مبالغة!
الاسلاميون.. حجة من لا حجة له! انت ضد الحكومة: اتهمهم انهم مع النظام وداعمون.
انت ضد المعارضة: اتهمهم انهم المحرك الرئيسي للمعارضة ووقودها! هذا حالنا في الكويت منذ سنوات مع خصومنا، يذكروني بزين العابدين، وحسني مبارك، وبشار، عندما قالوا قبل سقوطهم ان الاسلاميين هم وراء الثورات التي تحدث في بلدانهم، في محاولة لتحريك الغرب ضد الثورة، والجميع يعلم ان الاسلاميين جزء من نسيج المجتمع، وان من قام بالثورات هو الشعب بكل فئاته، لكن عندما تستقر الامور ويعطى الشعب حق التعبير والاختيار فإنه بلا شك سيختار تيار الفطرة تيار الدين.
ختاماً.. هناك فئة في المجتمع اعتمد عليها رئيس الحكومة المنحلة واعتمدت عليه، وكادت مواقفها ان توجد شرخا في المجتمع الكويتي الصغير، اتمنى لهذه الفئة ان تكون كويتية اكثر من السابق، وان تضع يدها بيد بقية فئات الشعب الكويتي لإعادة بناء الديرة الخربانة، وان نصرخ جميعا بصوت واحد: كلنا للكويت.. والكويت لنا.

حسن العيسى

حدكم

نسأل القوى الإسلامية المعارضة، وعلى رأسها حدس (الإخوان المسلمون في الكويت): ماذا تريدون من معارضة السلطة السياسية الآن، وما حقيقة نواياكم في النهاية؟
نحن معكم وقبلكم في معارضة الحكومة الغارقة في ملفات الفساد وإفساد النواب وكل المجتمع الكويتي، ولا أحد يختلف معكم في أن هذه الحكومة (وجل الحكومات التي سبقتها منذ نهاية الستينيات حتى اليوم) لم تملك يوماً ما أي برنامج سياسي أو اقتصادي تنموي، وكل مؤشرات التنمية الحقيقية تسير سلباً، والناس تم إغراقهم في لعبة الكوادر والرشاوى الشعبية.
وفي خلاصة الأمر كلها حكومات تمشي على البركة وعبقريتها في حل المشاكل الآنية يمكن أن توجز في كلمتين “دهان السير” ولا شيء بعد ذلك، و”دعوا القرعة ترعى لمستقبل البلد”.
هذه حقائق أولية ندركها ويعرفها أي صغير في الحضانة الكويتية، لكن أنتم في المعارضة الإسلامية (ويمكن لكم حصة الأسد في حشد شباب الاعتصامات)، أكرر، ماذا تريدون في النهاية، فإصلاح النظام وإزاحة الحكومة مسألة يمكن حلها بالحشود الجماهيرية، ويمكن حلها من خلال الدستور والقوانين الحالية، أما أن تحشروا لنا والناس منتشون في ربيعهم مسألة “وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية” فلنقل لكم إنكم خرجتم عن السكة، وسنرفض مثل هذا الطرح جملة وتفصيلاً، فمعنا مسلمون ومؤمنون، ومعنا مسلمون ولكن ربما غير مؤمنين، والدستور والقوانين (التي تنقبت وتحجبت) يفترض أنها تقرر حرية العقيدة دون خلاف، ومثلما لكم حرية عقيدتكم في الإيمان، لغيركم عقيدته في عدم الإيمان، والمطالبة بتطبيق الشريعة تفرض علينا فقهكم ورؤيتكم للدين، وليس هذا من حقكم، وإن قلتم إن 99.9 في المئة من الشعب الكويتي مسلم، والكويت بلد إسلامي، فإنه، حتى هذا “النكرة” الـ 1 في المئة له حق في عقيدة عدم الاعتقاد، ورفض أي إملاء قانوني بالقهر على سند أنه أخلاقي ديني! فلا إكراه في الدين.
حين دسستم “تطبيق الشريعة” في بيانكم استطردتم بعدها في عبارات تتسول مشاعر خلق الله الدينية، وتحدثتم عن تطبيق القانون على الجميع وإعادة الثقة، ووقف الإعلام الفاسد (ولا أعرف ما علاقة الشرع بصحافة القرن الـ21 التكنولوجية وفسادها) وضرب النواب، وأيضاً لا أفهم الرابط بين الأمرين، فضرب النواب ومحاسبة “الإعلام الفاسد” وشراء ذمم عدد من نواب الشعب كلها قضايا يمكن أن يحسمها حكم القانون، متى خلصت النوايا في التطبيق وكانت هناك إرادة جادة في إعمال حكم القانون دون إملاءات سياسية، بمعنى استلحاق السلطة التنفيذية لبقية السلطات. فلماذا الزج بالشريعة الإسلامية وتكرار شعارات أكل عليها الدهر وشرب، وهي يمكن أن تصب الزيت على المشاعر الطائفية المتأججة؟
إذا نظرنا إلى الشريعة على أنها هوية للناس، فلا خلاف معكم، ولكن أن تفرضوا قوانين بخلافات فقهية وتناحرات دينية وطائفية على مدى تاريخ طويل وتجاوزتها الحضارة الإنسانية اليوم، على أساس أنها شرع الله، فهذا ما يجب على القوى الحية أن ترفضه بشجاعة بداية، ولا يجوز أن يكون ثوب الشيخ ناصر محمد قميص عثمان لفرض الدولة الدينية في ما بعد، فالقوانين الجزائية الجسدية في الفقه الإسلامي من جلد وقطع أطراف المدانين، وغياب الإجراء القانوني الواجب (دو بروسس) لضمان حريات وحقوق الإنسان تناقض الحد الأدنى من المعايير التي ترسخت في اتفاقيات وشرائع البشرية، وإذا كان نموذج تطبيق الشريعة في السعودية مثالكم، فالمملكة لها خصوصيتها التاريخية، ولا نجتمع معها في تلك الخصوصية في نشأة الدولة وظرفها التاريخي، ولو اتحد معها عرقياً الكثير من قبائلنا وأسرنا.
ومازال ذلك الكابوس يقض مضاجعنا بعد أن أوقفت الشرطة الدينية في المملكة رجلاً وزوجته المنقبة ونهرتها لأن عينيها تثيران الفتنة وعليها تغطيتهما، وحين حاول زوجها المسكين الدفاع عن زوجته حكم عليه بالسجن والجلد على دفعات مختلفة…! إذا كان مثل هذا هو حلم وأماني النائب محمد هايف أو الطبطبائي فإن تكبيل وتعمية العيون الجميلة بعدسات سوداء تحجب ضياء الكون ونور العقل هو فيلم مفزع بالنسبة إلي على الأقل، ولأي فرد يؤمن بحرية الإنسان وحرية اختياره.
اتركوا الملالي الحامضين جانباً، فهم على سذاجة أطروحاتهم وخطورتها إلا أنهم صريحون وواضحون مع أنفسهم، لكن ماذا عنكم يا إخوان حدس… توقعنا أن تجددوا في مثال حزب النهضة بتونس والشيخ راشد الغنوشي الذي لم يتردد في طرحه الواضح بالدولة المدنية كنقيض الدولة الدينية، إن ما تروجونه الآن في حرب المزايدات الدينية، قد توه بوصلة شبه الحداثة في مركبكم.
كلمة أخيرة، إن كنتم تريدون الإصلاح وتنمية البشر، وضمان حقوقهم فنحن معكم، أما إذا كنتم تريدون إزاحة شيوخنا حتى تأتوا بمشايخكم… فلنقل لكم… حدكم.

احمد الصراف

أولاد فريجنا (1 – 2)

مات «أبو عود» بعد أن جاوز المائة بكثير، وعاش حياة حافلة بالانجازات، تاركا سبعة أبناء ذكوراً، وثروة هائلة لم يمتلك مثلها أحد من قبل! ولمنع وقوع صراع بين الأبناء، قام باستثمار كامل ثروته قبل وفاته في سبعة مشاريع، كل واحد عبارة عن مدينة كاملة الخدمات والتجهيزات، وكانت تلك المدن أكبر ارث تركه إنسان لأبنائه في تاريخ البشر! مرّ قرن، وتلاه آخر، وبضعة عقود، مات أثناءها الأبناء السبعة واحدا بعد الآخر تاركين ذرية كبيرة وراءهم، وهكذا مع الوقت وصل عدد الأحفاد في كل فرع إلى الآلاف، ومعهم كبرت الثروات اكثر، خاصة بعد أن تم اكتشاف نوع نادر من المعدن الثمين في باطن المناطق الخالية من تلك المدن، واتاح هذا للجميع العيش برخاء وغنى، ما بعده ولا قبله غنى! ثم جاء يوم قرر فيه «مستنير» من أحفاد أحفاد «أبو عود»، وبموجب الحق الشرعي الذي يخوله بالتصرف بما يملك، نيابة عن نفسه وأسرته، قرر التنازل عن ثروته، وثروة اخوته، وما يمتلك من حقوق و«امتيازات» معدنية لسكان مدينته الصغيرة! أثار ذلك في حينه حنق اخوته، وابناء عمومته عليه وأوغر صدورهم، ولكن لم يكن أمامهم من خيار غير الرضوخ للأمر على مضض، فحقه الشرعي في ما فعل واضح، كما أن شخصيته القوية والآسرة منعت الجميع من عصيان أمره. لم تقف الأمور عند ذلك الحد، بل تطورت بعد أن وجد المستنير أن من الضروري أن يكون هناك «عقد اجتماعي» ينظم العلاقة بينه، ككبير القوم، وبين بقية سكان مدينته، وهكذا جرى ما يشبه العملية الانتخابية لاختيار من يقوم بصياغة «العقد الاجتماعي»، الذي نص في نهاية الأمر على تخلي المستنير عن حقه التاريخي في إدارة تركته، وتخويل جميع السكان «المختارين» بأمر الإدارة، فهو أولى وأدرى بشؤون مدينتهم، ونال «العقد» رضا وقبول الجميع، مع تردد قلة رأت أن بنوده في غير مصلحتها، خاصة وهي ترى الثراء والقوة اللتين يتمتع بهما اقرانهم وابناء عمومتهم، الذين ورثوا بقية المدن الست الأخرى!
تقلبت الأمور، بين مد وجذب، بعد موت «المستنير» عندما حاول اخوته وابناء عمومته إلغاء العقد الاجتماعي، أو على الأقل تفسير بنوده لمصلحتهم، ولكن الظروف لم تكن تسعفهم كثيرا، خاصة أن المخاطر الكبيرة التي كانت تحيق بتلك المدينة الصغيرة، داخليا وخارجيا، كانت تتطلب دائما تكاتف ذرية المستنير وابناء عمومتهم، وبقية السكان، ولم يكن هناك ما ينظم ذلك التكاتف واستمرار التعاون والاتحاد والتعاضد غير بنود ذلك «العقد الاجتماعي»، التي كانت تترسخ مع الزمن بالرغم من كل محاولات تعديل أو تبديل كل أو بعض بنوده. وبالرغم من جدية محاولات البعض ممن جاء بعد المستنير لإلغاء أو تجميد العقد الاجتماعي، فان رجاحة العقل منعتهم من تكرار المحاولة، فالخيار كان دائما إما كل شيء، مع خطر قيام فوضى عارمة، أو بعض الشيء، مع رخاء وسلام، وكان الأخير الثاني هو الأرجح في غالب الأحيان، وإن على مضض. (نكمل غدا).

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

لذلك…

لأنني لم أعد أطيق اليوم شكل وطني الذي استشرى فيه الفساد والطائفية واللاقانون والتعدي على الحرية والثقافة والفكر الحر.
لأنني لم أعد أتحمل أبدا أن أرى كل الأقطار المجاورة تتفوق على وطني في مختلف المجالات، فواحدة ستستضيف كأس العالم وأنا لا أستطيع استضافة كأس الخليج، وأخرى أصبحت تنافس على عجائب الدنيا السبع الجديدة وأنا كل إنجازاتي عمارة، وثالثة أصبحت تفوقني بالحرية على الرغم من محاربتها لي في الماضي بسبب ما كنت أتمتع به من حرية.
لأنني لم أعد قادرا على محاسبة اللص في وطني الذي سرق أموالي عندما اشتدت المحنة، وأخذ يخصصها في شتمي والتفرقة بين أهلي وإخوتي من أبناء الكويت.
لأنني أرى الطرح الفئوي والقبلي والطائفي يؤيد ويشجع ويصفق له من الحكومة، ويقبله الكثير من الناس، فأصبحت كلمات مثل “طرثوث” و”صفوي” مصطلحات رائجة في وطني.
لأنني بتّ أجد من يزوّر إرادة الناس ويشارك في فرعية أو يظهر على الشاشات ليقول بفخر إنه ينقل الأصوات ويزوّر الانتخابات دون حياء أو وجل، وهو من يكسب وينال لقب ممثل للأمة دون حسيب أو مطبق للقانون.
لأنني أرى الحكومة لا تدير أموالي بشكل جيد؛ فتتنازل عن السرقات وتوزع العطايا والكوادر والمنح، وتسيء استخدام ثروات الدولة.
لأنني علمت أن المشرّع في بلدي تقاضى أموالا من جيبي، ولم يحاسبه أحد، وحينما أراد بعض المشرعين الشرفاء التحقيق في هذا الأمر رفضت الحكومة ذلك.
لأنني بتّ أرى أهل وطني يضربون بلا سبب إلا لأنهم عبروا عن رأيهم، وقد يأتيني أو يأتيكم الدور اليوم أو غداً.
لكل ذلك سأشارك اليوم في ساحة الإرادة وأعلن رفضي وأقول سيتغير الواقع المرير وسأكون من الساعين إلى التغيير.
أعلم جيدا أن هناك أناسا ونوابا في ساحة الإرادة ليسوا بأفضل حال من الحكومة السيئة، ولكني لن أقف معهم، ولن أهتف لهم، فالساحة ساحتي صنعتها أنا وإخوتي لنيل المرأة حقها السياسي، ولتقليص الدوائر الانتخابية، وسنكمل المشوار اليوم، فنحن الأساس وهم الزائلون.
أكررها: الدستور هو مسطرتي لا دين ولا عائلة ولا قبيلة ولا جنس، وهو نظام الدولة وسأتمسك به، وسأحارب من يتعدى عليه.
سأطالب وأنادي وأعمل بالشكل الذي كفله لي الدستور لتغيير الواقع السيئ، وسأعمل على انتزاع حقي في اللجوء المباشر إلى المحكمة الدستورية إن رأيت أحدا يتعدى على دستور وطني من الحكومة وما يسمى بالمعارضة.

سامي النصف

على أعتاب الفوضى

  في منتصف التسعينيات كتب العبقري زبغنيو بريجنسكي كتابه «الفوضى»، ذكر فيه ان بدايات القرن الحادي والعشرين ستشهد فوضى عارمة تشمل دول منطقة الشرق الاوسط والخليج العربي وانها ستخلق ظاهرة «خصوم بلا وجوه» اي جموع تتخاصم مع جموع دون قيادات معروفة، وهو ما يحدث هذه الايام في المنطقة، لذا فالحذر الحذر من ان تمتد الفوضى العارمة الينا فيستبدل امننا بخوف ورفاهنا بعوز وحاجة.

***

نفهم تماما موقف شباب المعارضة ممن قفزوا فوق التخندقات الفئوية والقبلية والطائفية، وهو امر يحسب لهم، ما نوده من هؤلاء الشباب الا يقيدوا انفسهم بالاستماع للرأي «الواحد» بل عليهم ان يستضيفوا ويستمعوا الى من يمثلون الرأي الآخر، فللحقيقة اوجه عدة ومن ينصحكم بغير هذا يخدعكم ويروج لديكتاتورية «مستترة» ستتحول في يوم ما الى ديكتاتورية سافرة معلنة أنتم اول ضحاياها.

***

أمر آخر يجب ان يعيه الاحبة من الشباب وهو ان الغايات مهما حسنت وصحت فلا يقبل ان يتم الوصول اليها بالطريق الخطأ، لذا فعليهم اظهار احترامهم الشديد للقانون ورجال الأمن وان يحرصوا على الحفاظ على منشآت الدولة ودخول البيوت من ابوابها الشرعية، وغير ذلك يعني الفوضى العارمة التي ستكتسح الجميع، لا فرق حينها بين حكومة ومعارضة، والتي سيكون الخاسر الاكبر فيها انتم.. الشباب!

***

اخطاء الحكومة فردية ومن ثم تزول بزوال الفرد وهو امر سهل، اما اخطاء المعارضة هذه الايام فهي للاسف الشديد مؤسسية ينتج عنها ثقافات سالبة خطيرة جدا تبقى بقاء الدهر كعدم الاحتكام لنتائج التصويت وهو صلب العملية الدستورية والديموقراطية في كل الدول، والخروج للشارع والقفز على القانون وضرب هيبة الدولة ومهاجمة المنشآت العامة وعدم الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه.. الخ، ما نفعله اليوم هو خارطة طريق لاجيالنا المقبلة، فهل انصفناهم بهذه الخارطة؟!

***

عدد البرلمانات في العالم اكثر بكثير من عدد الدول الذي يقارب المائتين حيث نجد على سبيل المثال 50 برلمانا في الولايات المتحدة وحدها اي بعدد ولاياتها، مئات البرلمانات تلك تقوم كل يوم بأعمالها دون ان يقوم احد باقتحامها وهذا هو الاساس والاصل، لذا فمن المخجل جدا جعل حادثة فردية حدثت قبل عقود او قرون قاعدة يقتدى بها.. والله عيب!

***

آخر محطة:

1 – مرة اخرى نذكر بان الشد والمناكفة لن يوصلا سفينة الكويت التي تقلنا جميعا من شيب وشبان، حكومة ومعارضة، الى بر الامان، وان استهداف الناطور ـ اي ناطور ـ بدلا من العنب، امر لا حكمة فيه.

2 – ومرة اخرى نتساءل: من يقول ان نفس الاسلوب لن يتكرر مع الناطور الذي يليه والذي يليه والذي يليه ومن ثم يبقى شعبنا وبلدنا على صفيح ساخن حتى يقضي الله امرا كان مفعولا؟! ونعود حينها للحكمة الشهيرة: انما أكلت يوم اكل الثور الابيض.

احمد الصراف

الخيار الصعب

سألني صديق عن سبب امتناعي عن الكتابة عن التطورات السياسية الأخيرة، فقلت له انني لست بالكاتب السياسي، كما أن غيابي المستمر عن البلاد لا يتيح لي معرفة ما يحدث عن كثب، والكتابة عنه بصدق! ولكن يبدو أن الأمور وصلت لمرحلة خانقة، ومفصلية في العلاقة بين السلطة وبعض القوى السياسية، ووجهة نظر طرف يجب أن ترجح في النهاية على الآخر، لأهمية الوصول لحل نهائي، فاما أن «الأمة مصدر السلطات»، أو أننا يضحك بعضنا على بعض، ولا يجوز بالتالي الطمطمة على الموضوع والسعي للحلول الوسط، لكي يبقى الاحتقان وتبقى المشكلة. ولكن الخيارات هنا ليست سهلة، ولا أملك شخصيا غير الشعور بالارتباك، بسبب المشاعر المختلطة التي تجيش في صدري، فمن جانب هناك اتهامات نيابية خطيرة، لم تثبت صحتها بعد، ولكن مدعومة بمستندات، تتعلق بصدور أوامر للبنك المركزي، لتحويل عشرات ملايين الدنانير، بعملات مختلفة، لحسابات شخصية أو لمصلحة سمو رئيس الوزراء، لتغطية مصاريف زيارات رسمية، ولكن مبالغها غير عادية بأي مقياس! وهو الاتهام الذي يقال انه كان سبب استقالة وزير الخارجية، الشيخ محمد الصباح، بعد أن اكتشف أن التحويلات تمت بغير علمه! كما أن هناك ما هو أخطر من ذلك بكثير ويتعلق باتهامات بتضخم حسابات ما يقارب ربع حراس المال العام، ومشرعي القوانين ومراقبي أعمال الحكومة، من أعضاء مجلس الأمة، وهي القضية التي فجّرتها القبس في حينه! وقد دفع كل ذلك نواباً لاستجواب رئيس الوزراء، ولكن الاستجواب لم ير النور بفضل «تكتيكات» الحكومة، ووقوف الأغلبية مع الرئيس، علما بان هذه الأغلبية تحققت بفضل أصوات نواب «متهمين»، لهم مصلحة مباشرة في سقوط الاستجواب، وبعضهم محال للنيابة، وهذا جعل الأمور تتطور بشكل خطير، خاصة بعد قيام مجموعة من الغوغاء والنواب النوائب باقتحام بيت الأمة واتلاف بعض محتوياته! المشكلة هنا أن الفريق الساعي لاستجواب الرئيس، وكشف حقيقة التحويلات والرشى ليس بكل تلك النزاهة، أو على الأقل غالبية اعضاء هذا الفريق، سواء سياسيا أو ماليا! فمنهم من شارك في انتخابات فرعية قبلية مجرمة قانونا، ومنهم من اعترف بقبضه عشرات الآلاف، في حالات سابقة، ومنهم من توسط للافراج عن متهمين، ومن قام بتوظيف من لا يستحق، كما ساهموا جميعا في جريمة تبديد المال العام، بتأييدهم لزيادات الرواتب الأخيرة الخيالية، كم أن عددا منهم شارك في «جريمة» اقتحام مجلس الأمة، هذا بخلاف ما عرف من تطرف ديني وقبلي مقيت من الكثير منهم، وانتصار هؤلاء على السلطة سيقلب الكويت الى جحيم! فهل نهرب من الرمضاء لكي نستجير بالنار؟
الحل الوحيد، بنظرنا، يكمن في حل مجلسي الأمة والوزراء، وتسليم النيابة ملفات كل التهم، وابعاد كل من حامت الشكوك حولهم من القيادة، ولتقل الأمة بعدها كلمتها.
وإلى مقال الغد، الرمزي!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

محرقة

كلهم دون استثناء، كل من أيد هذه الحكومة بالقول أو بالعمل دخلَ المحرقة برجليه… الوزراء والنواب والتجار والبسطاء والشعراء وشيوخ القبائل ووجهاء العوائل والممثلون، ووو، كلهم دخلوا، أو أُدخِلوا، في الفرن وراحوا في الكازوزة، باستثناء “موضي علف”، فهو، أو فهي، ضد الحرق.
حتى الكتّاب والصحف والفضائيات الذين كانوا يمشون “على الحدود” ويدّعون معارضتهم الحكومة، كشفت أضواء النيران موقفهم، وشوهت الحروق وجوههم وأتلفت ملامحهم.
قالوا: كل الوزراء؟ حتى محمد العفاسي؟ قلنا: هذا بالذات حروقه بليغة لن ينجو منها… قالوا: وعبد الوهاب الهارون؟ قلنا: يرقد في مستشفى البابطين للحروق السياسية… بدهشة كرروا: عبد الوهاب الهارون عضو التحالف الوطني؟ وبتأكيد أجبنا: نعم، شاهدناه يحترق ويتقلب على جمر النار، بل إنه أكثر الضحايا احتراقاً، هو ود. هلال الساير… قالوا: وماذا عن د. محمد البصيري وأحمد المليفي وعلي الراشد؟ قلنا: مغطاة أجسامهم بـ”كريمات الحروق” والشاش الأبيض، لا تظهر إلا عيونهم، حالاتهم ميئوس منها، هؤلاء الثلاثة تحديداً “في الدرك الأسفل من الفرن”… قالوا: وبقية الوزراء “الشعبيين”؟ قلنا: حطب نار، لا يشغلون حيزاً في الفرن، أعواد صغيرة يابسة سرعان ما احترقت و”تجمّرت”… قالوا: طيب والشيخ أحمد الحمود؟ قلنا: يتطلب علاجه نقله بسرعة إلى ألمانيا، وقد يموت “سياسياً” قبل أن يصل إليها، ولا تطيلوا الحديث عن أحمد الحمود الذي هرول بأقصى سرعة له في اتجاه أكبر الأفران وأكثرها “وجيجاً” ورمى حقائب أرصدته كلها قبل أن يقفز وراءها في قعر الفرن الأكبر…
لا حول ولا قوة إلا بالله، قالوا، ثم أضافوا: طيب والشيخ حمد جابر العلي الذي لم يجف بعد حبر توزيره؟ قلنا: في بداية الاحتراق، وسيتفحم بسرعة، هو من هذا النوع الذي يتفحم بسرعة، حاله كحال صغار الوزراء الشعبيين، فلا رصيد له يشفع، ولا ذكرى سيئة ولا طيبة تقيه الحرائق وتحافظ على جلده لفترة أطول، فقد كان سفيراً، والسفراء في بلادي، غالباً، لا يجيدون إلا ترديد “العلاقة بين البلدين متينة”، ونظنه في لحظات احتراقه يردد: “الأفران بين البلدين متينة”.
***
إلى هؤلاء الشبان والشابات الذين واللواتي ما فتئوا يهاتفونني وغيري من الكتّاب والنواب: “لدي مستند يكشف تلاعباً خطيراً، قمت بتصويره… مشروع سرقة، أو مشروع ظلم، أو مشروع فساد أو أو أو، وأتمنى وأده قبل أن يكبر ويشتد عوده”.
إلى هؤلاء كلهم أقول: لولاكم وأمثالكم لماتت الكويت. أنتم وأمثالكم من يتعهد الكويت وهي على فراش المرض، ويسند رأسها على زنده ليطعمها دواءها، في الوقت الذي يستغل فيه اللصوص مرضها ويتزاحمون على “كبتها”.
هل أقول لكم “شكراً”؟ وهل يُشكر الابن لبرّه بأمه؟ صدقاً لا أعلم ماذا أقول… فقط سأردد ما تقوله أمكم الكويت: الحمد لله.

سامي النصف

ماذا لو عقد مؤتمر جدة «قبل» الغزو؟!

كلما دخلت ديوانية هذه الايام استمعت لسؤال مهم هو «احنا وين رايحين؟» وعليه قررت كتابة هذا المقال لعل وعسى أن ننجح في الاجابة عن هذا السؤال المهم وأن نساهم عبر تلك الاجابة في تغيير المسار قبل وقوع الضرر لا بعده.

***

أول الأمور التي نلحظها في بلدنا أننا لا نتعلم قط من أخطائنا، بل نكررها، ولا نستمع للرأي السديد، بل نسارع في الأغلب الأعم الى نقضه وتسخيفه والتشكيك في نوايا قائله، لا نوقف في العادة مسارنا الخاطئ مهما نبهنا الآخرون منه حتى نسقط في الحفر المميتة أو المؤلمة جدا والتي ما ان نخرج منها حتى.. نعاود المسار الخاطئ «من تاني».

***

وأستذكر شخصيا تكفيرنا وطنيا عام 86 عندما طالبنا آنذاك بإحضار قوات أميركية لحماية البلد من الحرب المستعرة على حدودنا الشمالية بين العراق وإيران، وتكفيرنا وطنيا مرة أخرى بعدها بعشرين عاما عندما انفردنا تقريبا عام 2006 بمعارضة التحول الى الدوائر الخمس.

وقلنا حينها إنها ستزيد ما يشتكى منه ولن تقلله، والعجيب أن من يشتكي هذه الايام من مخرجات البرلمان الحالي، أي برلمان الدوائر الخمس، ويعتبرها الأسوأ في تاريخ الكويت هو من صرح على رؤوس الاشهاد في حينه بأن التحول سيوقف الرشاوى والفساد النيابي والطائفية والفئوية ولم يقبل في حينه الاستماع للرأي الآخر (خوش ديموقراطية) وقد عاد البعض لتسويق وترويج مشروع الدائرة الواحدة غير الدستوري وتكفير معارضيهم في الرأي وهذه هي الديموقراطية في أجل صورها ولاّ.. بلاش!

***

من يفخر باجتماع جدة أكتوبر 90، هل لنا أن نسأله لماذا لم يعقد ذلك المؤتمر «قبل» الغزو لا «بعده»؟! فلو تنازلت القوى المتباينة والمتنافرة آنذاك بدلا من المناكفة لما أطمعنا الطامع بنا ولما ـ ربما ـ حدث الغزو، إن تعلم درس الغزو الأليم يفرض على القوى الحكومية والمعارضة التنازل قليلا هذه المرة لأجل الكويت ومستقبل شعبها واللقاء دون شروط مسبقة «قبل» وقوع الضرر لا «بعده»، فقد امتلأت رؤوس الكويتيين بـ «الفلعات» من كثرة السقوط بالحفر المتكررة التي انفردنا بها دون الآخرين.. وصرنا بسببها بحق «طماشة للخلق».

***

آخر محطة: (1) سجن الشباب والإضرار بمستقبلهم خطأ، وإطلاق سراحهم وكأن اقتحام المجلس النيابي أمر عادي يحدث كل يوم، خطأ، الحل هو حجزهم ثم أخذ التعهد منهم بعدم العودة لذلك الخطأ الكبير وحفظ القضايا مسجلة ضدهم بعد الاعتذار للشعب الكويتي عن اقتحام بيته!

(2) الرجاء من الفضائيات الموالية والفضائيات المعارضة أن تكون القدوة للشباب الغر عبر عدم التخندق وضرورة استضافة من يمثل الرأي والرأي الآخر في برامجها الحوارية.

(3) والرجاء من قوى المعارضة وقوى الحكومة إرشاد أتباعهم لمبدأ القبول بالآراء المختلفة وحقيقة عدم وجود احتكار للحقيقة، ثم التركيز على استخدام الحوار ـ لا العنف والعصيان ـ لحل المشاكل فتلك أسس المجتمع الديموقراطي الذي نحلم به، ودون ذلك فلا ديموقراطية لدينا مهما قلنا وطننا، وادعينا بدءها منذ 50 عاما.